مسرحية المعادلة صعبة
تقديم عام
مسرحية المعادلة صعبة
تجربة متميزة في الكتابة الدرامية تؤسس لاتجاه تقاطعي بين تيارات المسرح التمثيلي والذهني/ القرائي …تحاول اقتحام عنف الواقع المعيش وتشكيل منظومة الزمن تشكيلا توليفيا يمتزج فيه الخطي بالارتدادي بالحلزوني ثم الاستلقاء بين أحضان الاحتفاء بأركان المكان في انفتاحيته وانغلاقيته وفي دافعيته الاختيارية والإجبارية مع توسيع مسافة التوتر بين الذات الحقيقية والذات المثلى لفسح المجال أمام اختراقات اللغة وتدرجاتها في حيز النمو الموالي لاذكاء طاقة التفهم والامتلاك النصي رغم تعدد مستويات اشتغالاته عبر تفاعلات عناصر فسيفساء كيمياء اللغة ومحلولات التصوير المشهدي والمادة الصلبة المكونة لهيكل التجريد الملحم بالاحتكام إلى التاريخ واستلهام الأسطورة وتوظيف القناع الموشى بحريرالتخييل المطرز بالإحالات والهوامش والعلاقات المسكوت عنها القادحة لفتيل التحليق والاشتطاط بزند تنويرات المألوف و الغريب والعجيب والخيالي لزخم حدث الهجرة إلى أغوار الماضي المضيئ وبراري النفس المحبطة التواقة للحظة التغيير…إن مسرحية « المعادلة صعبة » تقع في ثلاثة فصول عبارة عن ملحمة تاريخية تعكس صراعا انطولوجيا بين الماء والإنسان والشموخ وميلودراما اجتماعية تصور تباعدات النفس وتجاذباتها نحوا لأعلى والأدنى نحو التسامي والتدني نحو العمران والخراب نحو الرضا والنهم…في ظل تناقضات الواقع وتصادماته التي لاتنتهي…
1- الفصل الأول:
– المكان: غابة أندلسية.
– الزمان: زمن الفتح الأندلسي.
– الشخوص: المتوسط، المحيط، الأطلس، الأرض، التاريخ، الجغرافية، الحضارة، الظبية، كبير الغزال، النورس، النسر.
الفضاء المشهدي: حوار الماء والشموخ
– المتوسط
طاب صباحك رباط الخيل…هللي لفارسك القائد…
جردي سيف التاريخ…وادحري قراصنة البحر المزبد…
شكلي بموجك العتي…عرائس الماضي الأمجد…خلفي للورى شهنامة العمران…بهرا متا الفكر العتيد…
مدي يديك للمحيط…واغرفي من الخير المتمدد…
انعمي بأمن حارس الثغور الموحد… ثم احضني المتوسط…واهب الخصب مزهر الغد
– المحيط:/
نفسي بين يديك سيدتي…خصب وقفر…وأنت ملهمتي صاحبة نهي وأمر…روحي ظامئة سيدتي وأنت النبع والذكر…
عقلي مهووس…وقد ولت شوارب مخضبة بالشيب
أنت أم حكيم ولافخر…اشهدي سيدتي عصرا بعد عصر…سافري في ظلال التاريخ عمرا بعد عمرثم افتحي بنت زياد مصرا بعد مصر…
– الأطلس:
– عيناك ساحل وخلجان، تطلان في المدى، على هرقل الحضارة.
المحيط:
– تاريخك يطوق الطر يس كسكين لرمانة ناضرة الأفنان.
– الأطلس:
– بل كحارس حدود لمركب تعاقد مع الفلتان.
– المحيط:
– عمرانك يضاهي بابل الحدائق،آشور القناديل،أهرام الفراعنة.
-الأطلس:
أنت عروس زفت لعلي بابا،مهرها المصباح السحري.
– المحيط:
شروقك سيدتي بساط سندباد البحري.
*- المشهد الأول:
( الأرض يتحلق حولها التاريخ والجغرافية والحضارة لتأسر سمعهم بحكاية عجيبة)
– الراوي:
الآن يا سادة يا كرام تبدأ الرحلة:
– ( الجماعة):أسمعينا…أسمعينا…ياأماه.
– الأرض: سأحكي لكم يا أبنائي يا كرام حكاية طائر من الزمن الأندلسي تخلى عنه والداه وألقيا به في غابة الغزلان… ثبت فوق أرض الحكاية …وباض حدوثة وأزهر في بستان السرد أثرا وخبرا وآية …
– الراوي:
ركض الغزال… نام الغزال… متوسدا عش الخير والفطرة والجمال…ملتحفا مخملا مطرزا بالسليقة موشى بالحنو حد الكمال…محتضنا روح طائر يهفو بجناحين… ينبض نبضتين مكسرا طوق الوصاية مرتين:
– الظبية:
ماذا تصنع يا كبير الغزال في قيظ الشمس؟
– كبير الغزال:
إني أسلخ جلد الزمان بلا حزم ولا لسان.
– الظبية:
مالي أراك توشح هذا الطائر الوحيد؟
– كبير الغزال:
إيه، ياأم الخير…إني أوشحه بوسام التوحش وأخلصه من ألفة التخلي.
– الظبية:
بارك الله فيك و كثر من أمثالك… تريد أن تروضه على العدو و ممارسة الفكر السابر… تريد أن تدربه على نحت قوته من ولائم العشب وزبد البحر الثائر.
– كبيرا لغزال:
أجل،أجل ياأم الخير…
– الراوي:
حط الغمام… انقشع الغمام…زاد الود…احترم الوعد… عهد وعهد وعهد…
درج الطائر المغزل نسرا… فاتحا بجناحيه من القوط أندلسا…جزرا…جزرا…
– النورس:
إلى أين وجهتك يا زين الطيور؟
– النسر:
أنوي فتح الأندلس…وتحويل كنائسها إلى مساجد.
– النورس:
طوبى لك أيها الطائر الفاتح وسدد الله خطاك.
– النسر:
الحمد لله… والشكر لله… لم تعد الأجراس ترن… فهذا الآذان يخرق الأسماع ويرفع لأداء الصلاة…
– النورس:
يقولون انك غزوت هذه الجنة لتستغل خيراتها وتملي العين بتحفها المعمارية: فهذا قصر الحمراء، وتلك ساعة الأسود، وهذه صومعة الخيرالدا…
– النسر:
لا والله…إنني منذ أن حركت التاريخ بجناحي… ونفثت في هواء الأندلس من روح حضارتي، حتى قررت رفض التو حل في نوادي الميوعة…نعم لقد أبيت حمل الصليب…والدفاع عن حضارة النهب والاستعباد…
– النورس:
يقولون ياسيد الطيور أنك شيدت صرحا من حضارة…اتخذه الأوربيون عماد نهضتهم.
– النسر:
إي والله لقد أقمت فوق ملح العبارة… نشيد التوحيد والنضارة…شيدت إيوان بلقيس…نعم أنشأت ارم ذات العماد…
– النورس:
لقد كسرت بصنيعك عود زرياب… ومزقت أوتارالعدوية…لتنصت لترتيل الكتاب المسطور…وتسبح بحمد خالق الكتاب المنظور …
– النسر:
لقد عزفت سيمفونية الفكر المتنور…ولفظت حضارة العولمة…لقد دست حضارة السلطة …وافترست طرائد العنف والثروة …و انقضضت على المعرفة…
2- الفصل الثاني:
المكان: مركب مطاطي يمخر عباب المتوسط.
الزمان:ليل داكن من ليالي المجازفة وشراء الحلم بتحويشة العمر.
الشخوص: صاحب المركب، حارق،محرقة،وحارقة والبحر…
الفضاء المشهدي:
الراوي:
سامح ولا تصالح…فغيلان البحر تخشى ماءك المالح…
سامح ولا تصالح…مهما توجوك أميرا على الشطئان
نوتية على كل المراكب في الخلجان…
سامح ولا تصالح ولو عقدت قران اليم على الحيتان…
امتط صهوة موجك واثبت كحصان طروادة أمير الفرسان…يا باحثا عن وقود البطن…يا مشتريا أحلام الزمان بقطع من المجازفة والفلتان…
محرقة:
تضاءل اليقين عند التعتيم…تصفح القلب قفل باب المعنى عند طواحين الفنارات…
صاحب المركب:
الق بقدمك الأول…أنت عاجز عن قدح النار.
حارق:
خاب مقام الخطاب في المرافعة عن الجياع…خاب مقام الخطاب عن الذين بدون مأوى…
محرق:
خاب الحديث المعسول في إسعاد المدبلمين…خابت الوعود الكاذبة عن إعمارقلوب المحرومين من الشهادات بالياسمين…
محرقة:
تسمر القانون حول نار التنفيذ…صنع فراغا متواطئا مسكوتا عنه…تجسد في مرايا الواقع…
حارقة:
تقنعت العدالة في كواليس الإعلام…تعرض كرنفالا متوترا في الأعياد والمواسم…
حارق:
لقد صاغوا في ركح أرتو اتفاقا بنوده دمى من سياسة… خرائط طريق تتحرك على مسرح السراب دون كياسة…
محرقة:
لقد أرادوا تمتيعنا بفرجة البيع …والاستسلام…
حارقة:
العولمة تلبس سادتنا حريرا…تنسج منه قطبية واحدة…
محرقة:
العولمة تصادر إرادتنا…لنباع كالعبيد… ونجلد بسياط المديونية…
حارق:
لقد تحولت مزارع المتعولمين إلى شقق للاستجمام… للانتفاع بسقط المتاع…
صاحب المركب:
لله درك يابلد الزلاقة وأنوال.. .لله درك يابلد الخامس وعبد الكريم…لله درك يا بلد السدود والإنسان الكسيب….لقد غدا الوجود فيك كقميص حفرت على صفحته البيضاء…ورابطة عنقه الشمطاء …مكواة ملساء…أخاديد توهم بجدته.
مشهد الوصول:
حارق:
البحر يهديك ابتسامة زرقاء…والموج يقشر طلاء السطح من الداخل…
حارقة
لقد أوشكنا على ارتياد قارة الحمد…ومعانقة جنان الفكر…
صاحب المركب:
سأمدد الشراع على الدسر… لارتاد سوق السعي…
محرقة:
الريح المتنسمة بالتغيير…توجه مركبنا صوب الجزيرة…
حارقة:
كل شيء عجيب إلا وجه مئذنة تنتظر الصلاة… ولا صلاة…
محرقة:
الجزيرة الخضراء حبلى بالفراغ… والموج يملأ الثغل بالتاريخ والحضارة…
حارقة:
النوارس كما النحل تتحلق حول المراكب العائدة…
تماما كبهلوان في سرك رائدة…أو قصاص يبيع التعبير الجميل في ساحة جامع الفنا.
صاحب المركب:
الريح تقوست كعجوز يتوكأ على الزمان…أو جبل ثابت في لجة التحول…
محرقة:
الريح تبذر التغيير… وتخصب التواصل…
حارق:
يم تاريخنا زلال ماؤه يحضن نضارة الحضارة كأبيض البيض…يحضن أصفر الامتداد…
حارقة:
الريح توابل والماء ملح… والجزيرة مأدبة مدعو وها التاريخ والحضارة.
محرقة:
الحظر يولد الرؤيا… والتاريخ مبتدؤه ومنتهاه حكمة.
حارق:
الأرض أم…مختبر للعواطف…قلعة للعقيدة…
محرقة:
الجزيرة كفالت يقتحم الاستطلاع فضوليا ثم يعود محملا بتيه لاشاطئ له.
حارقة:
تماما كسجين يرتاد المنفى بريئا ثم يعود جانيا.
البحر:
حط النورس… نط النورس…طار النورس…محلقا بجناحين… محدثا صرختين…
صاحب المركب:
صرخة جنين تدشن فصل الحياة نكهة…تدوي براءة كينبوع ماء أطلق فوهة…
البحر:
أو صرخة موج يزأر ريحا…يشيد هديره عرينا… شظايا مائه طيف من يقين… لمسة الإلهية ألوانها المد والجزر.
صاحب المركب:
أشكالها الشروق والغروب روعة روعة…
محرقة: ها قد وصلنا يا حارق…اهبط لنحضن الحضارة…لنودع الفقر و التهميش…لنعيش ماتبقى من العمر.
حارق:
لا، والله سأظل متحصنا بقلاع الماء عزمة… كصمود محمد(ص) في وجه قريش. ماألذ وليمة معانقة الأرض.. دعيني يا محرقة أقطف من مأدبة حب الوطن…
حارقة:
إخالك مخبولا يا حارق أنسيت انكسار الكرامة… وخدش الشهامة…أنسيت انسداد الأفق…وثقب الجورب…أنسيت السؤال وتورم القدم…أنسيت…أنسيت….
محرقة:
تعالى يا حارق… تنسم هواء الحرية…اقطف فاكهة الديمقراطية…تدثر بغطاء حقوق الإنسان…
حارقة:
ودع ياحارق أيام الفاقة…شبب حياتك ببذخ الحضارة… هنا كل شيء يعوضون عليه…يعوضون على البطالة…
يعوضون على الشيخوخة…يعوضون على الحياة…يعوضون على الممات…
حارق:
ذهبوا عند من له ذهب…تركوك يا ابن أمي كوحيد القرن في ساحة التروس…نزف…ملاحقة…وصخب…ذهبوا عند من له ذهب…ثم مزقوا جسد الأرض…إربا من سياسة…إربا من رياسة…إربا من حدود…إربا من مشترك الجدود…
لفحات الهجرة سياط عولمة على جسد الأمة لهب…نفخات دومينو تتهاوى على إيقاعها نخب…آثار مكواة على قميص التشرذم تزف التعدد في مآتم السخرية على الأنبياء…أخطبوطا يبتلع الأمان من شواطئ كاترينا … ويعمر مدنا خربها النظام بالاقتتال والتمذهب فلا عجب…
حارقة:
دعك من الخطاب…دعك من انزياحات اللغة…دعك من التسامي الجميل…كن يا حارق واقعيا…تعقل…اصنع الغد بعرق سعي الحاضر…
محرقة:
تأهل يا حارق في بلد التكنولوجيات…تمهن في معامل الكونجتريا…لقد أوهمونا يا ابن أمي ردحا من الزمن…بأن استيراد التقنية هو سبيل اللحاق بالركب…
حارق:
حفاة القدم…لا حفاة القلب… يسوقون النغم…ولا يسوقون الغنم…نحن رعاة من كلا الشعر نرعى…في مساقط مياه الحضارة نروى…نعلق الجياد فوق الكعبة نشفى…نحن رعاة أورقنا في الصحراء دينا وعلما…ندون الجراح بمداد الشعر…نضيء غرة التاريخ بالفتح…نسجل الوقائع بشظف العيش…نتباهى بانكشاف المعنى…بوضوح الرؤيا…نحن لا نلهث لنيل غنائم الأورو في بورصات مواكب الأمم…
محرقة:
كيف تبحث عن المكان يا حارق ووجهك مكان؟ حيثما يممت وجهك فتم وطنك…
حارقة:
إذن، صممت يا حارق على العودة… على احتضان أركان الأرض…كما اللحم بالعظم…
حارق:
أجل، ياحارقة فالرجوع إلى الأصل أصل…
الجماعة
خذ الثبات
من شموخ الأطلس أعلى القمم
خذي التواضع
من سنابل القمح بعد الديم
الغربة تولد القوة
التعلق بالأرض بذر للفتوة
الموج العاتي: كسر وصد
الممانعة جزر ومـــــــــــد
صرخة…
تدوي الوجود
النخوة في أرض الجدود
والهجرة مخرج من
النفق المسدود…
3- الفصل الثالث
المكان:الأندلس بين الأمس واليوم.
الزمان:زمن الوصل والهجر.
الشخوص:تيار خفض التوتر:شقي، شقية
: تيار القوة من أجل النمو:سعيد، سعيدة، الحكيمة.
1
– المشهد الأول:
الراوي:
حكم المسلمون يا سادة يا كرام بالأندلس العروس ثمانية قرون أو يزيد… القرون تتوالى بين الفتح والتأسيس والسقوط…المنجزات تتابع منجزة منجزة…
الوصل استحال هجرا والهجر اليوم أصبح وصلا… فانقدح زند الحكاية:
– شقي:
أهنئك على زواجك من كونزاليز ياشقية ، بالرفاء والبنين، وكثرة الأورو ، لقد ضمنت موطئ قدم في إسبانيا…أجل لقد ضمنت التجنس والإقامة…
– شقية:
مبروك عليك زواجك من كولداميير، لقد أصبت رأس الحكمة … فلا بديل عن الزواج لتأمين الإقامة…ودع الفقر ياشقي… ثم استعد لاستقبال مولودك الجديد…
– شقي:
أصحيح ماعلمت ياشقية؟ …لقد علمت أنك حامل من المسيحي…
– شقية:
أجل…أجل… يا شقي…فأنا محتارة من تسمية مولودي الجديد…بماذا تنصحني يا شقي…
– شقي:
لا يهم الاسم يا شقية…المهم هو الاندماج…درجات محرار التقبل… تقبل الحضارة الإسرائيلية…فأنت تعلمين تمام العلم تعطل القلب الفلسطيني…لقد عجز عن ضخ الدماء الصهيونية في العروق العربية…
– شقية:
أظن أن الأمر هين بالنسبة لمولودي المرتقب…الكل منبهر حتى الاستلاب بالحضارة المسيحية… أما سمعت ارتداد بعض المسلمين…مقابل وثائق الإقامة…مقابل بضع أور وات
– شقي:
اذن استعدي يا شقية لصراع الحضارات…ل: 1
1 من سبتبرآخر يحدث في بيتك…يقع بين أعضاء أسرتك … يحدث في حيك… يحدث في مدينتك.
– شقية: آه، ما أشد الألم…إنه كالركض بالأرجل…
-شقي: لعله المخاض…لقد جاءك عسيرا…هوني عليك فلقد اعتدت على الشقاء.
– شقية: لعله الوضع…خذني إلى أقرب مصحة للولادة…لعل الفرج ينزل…وأمر الولادة يهون…
2- المشهد الثاني:
شقية:آه…الوجع يكاد يفقدني صوابي…الصبي يرفض الخروج…
– الحكيمة:لاعليك…لقد اقتربت ساعة الخلاص…تجلدي…فالصبر مفتاح الفرج.
– شقية:ألا تسمعين تصويت الجنين…كأن به احتجاجا…رفضا لإطلاق صرخة الحياة…
– الحكيمة: أنت طفل لا كالأطفال…عصي عن الخروج…اقترب من نور الحياة..تعالى وتشمم عطر الحرية…لاتخش فعل الوأد … لا تخش ظلمة العار… لا تخش مذلة الإملاق…أقبل وانعم بعهد الحقوق… تعالى وتمتع بأعياد الطفولة.
– عصية: أنا ملك من رب العالمين…مبعث الحنان والرقة في كل الأسر…جامعة الشمل…امتداد الفرع للأصل…تريدينني أن أخرج للتفكك الأسري… تريدينني أن أخرج للإحساس بالفقد والشعور بالتخلي…أتريدينني يا حكيمتي أن أترشح للجنوح في زمن التطليق والهدر المدرسي.
-حكيمة: صدقت يابنيتي… صدقت. وأنت ياعصي. لماذا ترفض الخروج؟
-عصي:
أنا لا أحتمل فراق حضن الأم تماما كطائر توطنت نفسه على عش الأمان…أنا لا أطيق مغادرة البيئة السليمة…ألله على الهواء النقي…ألله على الغذاء السليم…
– عصية: صدقت ياعصي…كل شيء في الخارج ملوث…الماء ملوث …الهواء ملوث…التراب ملوث…بل حتى الفكر والقلب تلوثا…
– شقية: وماذنبنا نحن..؟
الأقوياء يشعلون الحروب ليبيعوا السلاح ويحلوا أزماتهم بإعادة الإعمار …
عصي: أتريدونني أن أخرج والتاريخ يسرع…قاطرة الشرعية تكاد تصدمني…قارعة الطريق خالية من المارة…من الحقوقيين…انظر تلك علامة الاستقواء…وهذه علامة صراع الحضارات…وتلك علامة العولمة…وهذه علامة الفوضى الخلاقة…المرور غير مسموح…لن ينفعني شرطي السير في زمن » الحريك »
-عصية: ظننت يا أخي أن التاريخ يبطئ…فنهاية الإنسان كجرف هار…سلم القيم تكسر…نحن في عصر جاهلية القرن العشرين…الحضارات تتصارع …الحقوق توأد… التنمية… التعايش… السلم غدت مفردات لمنظومة العار.
– عصي: تقولين التنمية …كه..كه…كه. العالم جلاد يضرب بسوط المنفعة براءة الأطفال… ينهب وقت لعبهم…يغتني على حساب تمدرسهم…يحول عرقهم إلى سبائك الذهب وسندات أمان للبورصات…كل شيء يباع…الطفولة تباع…المبادئ تباع… الجنسية تباع……حتى الدين أصبح يباع للحصول على وثائق الإقامة.
عصية
تريدوننا أن نخرج وقد أصبح التاريخ عميلا…والديمغرافية محالا…والجغرافية رحالا…الصراع عنيف وكيد القوي محو للضعيف
عصي
سجل ياعالم
في بيان الخطب ومرافعات الحقوقيين
أن المهاجرين يتاجر بهم…
متاجرة بالدم…مساومة بالموقف…سلخا للجلد…
عصية
لقد تعسكر نظام القول…وانشق الطود عن الحول…
لقد استعيرت ثقافة التفكيك والهدم…وغدا الولاء تصفيقا
لقد أصبح جسد المهاجر في فوهة التمزيق…
-عصي وعصية:
نحن أطفال البراءة
نرفض الخروج
إلى عالم الدناءة
ظلم…
حروب…
تلوث…
ومباءة.
دمرتم الحضاره
اغتلتم النضاره
دنستم الطهارة
بنيتم عالما
من الرداءة
شرعيتكم
حقوقكم
تنميتكم
مجرد عباءة…
Aucun commentaire