أهمية تطوير مهارات الاستماع عند المتعلم
أهمية تطوير مهارات الاستماع عند المتعلم
للاستماع أهمية كبيرة في حياة الإنسان؛ لذا نجد دائما أن حاسة السمع تسبق حاسة البصر في آي الذكر الحكيم، ففي قوله تعالى : ﴿ولا تَقْف ما ليس لك به علْم، إِن السمع والْبصر والْفؤَاد كلُّ أُولئِك كَان عنْهُ مسؤُولا﴾[1] ولأهمية الاستماع نجد الله تعالى قد كرر ذكر السمع في القرآن الكريم في 27 موضعا . وإذا كانت فنون اللغة العربية تتجسد في: الاستماع ، التحدث ، القراءة ، والكتابة فإن الاستماع يتصدر هذه الفنون ويحتل أهمية بالغة ليس لذاته فحسب؛ بل ولأثره على باقي الفنون، حيث إنه يؤثر تأثيرا بالغا في تعلم الحديث والقراءة والكتابة، ويعد فن الاستماع الأكثر ممارسة في الحياة، لكن على الرغم من أهميته إلا أنه لا يحظى بالعناية اللازمة في الميدان التعليمي؛ والمسؤولية هنا لا تلقى على الأستاذ وحده؛ بل على المجتمع والأسرة التي لا تأخذ على عاتقها تدريب الطفل منذ صغره على مهارات الاستماع الجيد، ولا تشركه في مجالسها، وتعرضه للكثير من الإحراج كلما سولت له نفسه مجالسة الكبار، مما أدى إلى وجود جيل غير واع بفن الاستماع .
و في ضوء هذا الواقع لا مناص من وضع منهج لتعليم وتعلم » مهارات الاستماع » بحيث تكون لها أهدافها المحددة ومحتواها الخاص وطرائق وأساليب تدريسها وتقويمها، وأن يحتوي هذا المنهج على مجموعة من البرامج التي تختلف من مستوى دراسي لآخر ومن مرحلة تعليمية لأخرى حسب طبيعة المتعلمين، ومستويات نموهم وحاجاتهم. وهذا المنهج ببرامجه يستلزم مدرسا واعيا ، وعلى درجة عالية من الإعداد الثقافي والأكاديمي والمهني، وأن يكون واعيا بأهمية فن الاستماع وطبيعته ومهاراته، وأن يكون قادرا على تعليمها والتدريب عليها.
فما مفهوم الاستماع ؟وما طبيعته وأهدافه ومهاراته؟ وما مشاكل تدريسه وطرائق تطويره ؟
أولا: مفاهيم أساسية(السمع، الاستماع، الإنصات، الإصغاء)
السمع لغةً: « حس الأذن، مصدر سمع سمعا وسماعا، وهو ما وقر في الأذن من شيء تسمعه . تقول: سَـمَّعه الخبـر وأَسْمَعه إياه ورجل سمّاع: إذا كان كثير الاستماع لما يقال وينطـق بـه »[2]
السمع هو:استقبال الصوت عن طريق الأذن ، والاستقبال لا يصاحبه تركيز ووعي ،فأنت تسمع صوت السيارة أو صوت التلفاز وأنت منشغل في عمل ما،والسمع عملية وظيفية تشير إلى صلاحية الأذن لاستقبال الأصوات،ولا يحتاج إلى مهارات خاصة،ولا يحتاج إلى تعليم لأنه فطري وليس مكتسبا.
فالسمع هو مجرد استقبال الأذن لذبذبات صوتية من مصدر معين دون إعارتها انتباها
مقصودا، وهو تّلقي الأصوات بلا قصد ولا إرادة فهم أو تحليل . ومثاله في كتاب الله العزيز في قوله تعالى:﴿وإِذا سمعُوا اللَّغو أَعرضُوا عْنهُ﴾[3]
أما الاستماع فهو تلقي الأصوات بقصد وإرادة فهم وتحليل ، وهو عملية يستدعي من المستمع انتباها مقصودا لما تتلقاه الأذن من الأصوات. قال الله تعالى: ﴿ وإِذْ صرفَنا إِليك نَفَرًا من الْجِن يستَمعُون الْقرآن﴾ [4] وبالنسبة للإنصات فهو: « تركيز الانتباه على ما يسمعه الإنسان من أجل هدف محدد أو غرض يراد تحقيقه ». أوهو: » ترك الأشغال والسكوت، والتفرغ للاستماع. والفرق بين الإنصات والاستماع فرق في الدرجة وليس في طبيعة الأداء لأن الإنصات استماع مستمر، أما الاستماع قد يكون متقطعا كالاستماع لخطيب يتابعه المستمع بعض الوقت ثم ينصرف عنه بذهنه ثم يعاود الاستماع. والإنصات أعلى درجات الاستماع ويلازمه الفهم والانتباه والتحليل ولا ينقطع لأي عامل من العوامل لوجود العزيمة القوية لدى المنصت. والإنصات يتضمن الاستماع، وليس كل استماع يتضمن إنصاتا، فالإنصات استماع مستمر غير متقطع ومما يدل على ذلك قوله تعالى: ﴿وإِذا قرِئَ الْقرآنُ فاسَتمعُوْا لَهُ وأَنصُتوْا لعلَّكم ترحمُون ﴾[5] فالمطلوب عند الاستماع إلى القرآن هو مداومة الاستماع.
وأخيرا هناك مفهوم الإصغاء الذي يحيل على التركيز وتفاعل القلب والمشاعر، قال تعالى: ﴿ إِن تتوبا إِلى اللَّه فَقد صَغت قُلوبُكما﴾ [6]
ثانيا : طبيعة عملية الاستماع
الاستماع عملية معقدة في طبيعتها فهي تشتمل على:
1) إدراك الرموز اللغوية المنطوقة عن طريق التمييز السمعي
2) فهم مدلول الرموز.
3) إدراك الوظيفة الاتصالية أو » الرسالة » المتضمنة في الرموز أو الكلام المنطوق.
4) تفاعل الخبرات المحمولة في هذه الرسالة مع خبرات المستمع وقيمه ومعاييره.
5) نقد هذه الخبرات وتقويمها والحكم عليها في ضوء المعايير الموضوعية المناسبة لذلك ثالثا : أهداف تدريس مهارات الاستماع
يمكن إجمال أهم أهداف تدريس مهارات الاستماع في ما يلي:
ü استيعاب مضمون المادة المسموعة
ü استخلاص الفكرة العامة للنص
ü ترتيب الأفكار حسب ورودها عند المتحدث
ü تلخيص مضمون ما استمع اليه
ü التنبؤ بالنتائج نتيجة الاستماع إلى المتحدث
ü تحليل الموضوع المستمع إليه وبيان جوانب القوة والضعف فيه
ü احترام المتكلم وعدم مقاطعته
ü استخلاص المعنى من نبرة الصوت
ü وصف المشاعر بعد الاستماع لحدث أو قصة.
ü مراعاة آداب الاستماع
رابعا: التمييز السمعي ومهاراته :
أ ـ التمييز السمعي:
يعتمد التعرف في القراءة على التمييز السمعي لأنه مهارة سابقة على التعرف ولازمة لحدوثه ويشبه التمييز السمعي التمييز البصري في كثير من الوجوه، فكلاهما يتضمن مقارنة العناصر المتشابهة والمتعارضة في المواد المسموعة أو المقروءة ، والفرق الأساسي بين المثيرات البصرية والمثيرات السمعية أن الأولى ذات أبعاد مكانية كالطول والارتفاع والعمق وأنها يمكن أن تدرك بحاستي البصر واللمس ويمكن أن تستمر وتخضع للفحص بهاتين الحاستين لمدة طويلة.
أما الثانية أي المثيرات السمعية فعلى النقيض من ذلك ، يعتبر المثير السمعي مؤقتا ولا يمكن فحصه إلا بالأذن ، وهاتان الخاصيتان للمثير السمعي وهما كونه مؤقتا ولا يدرك إلا بحاسة واحدة يجعلان من الصعب توضيحه وتأكيده للمتعلم ومع ذلك فإنه شرط أساسي للتحليل الصوتي اللازم للتعرف في القراءة.
و التمييز السمعي هو مهارة رئيسية تشتمل على عدة مهارات فرعية ومنها:
التذكر السمعي: وهو القدرة على تذكر الأصوات في نظام تتابعي معين وكذلك تمييز أصوات البداية والوسط والنهاية في الكلمة والقدرة على صهر الأصوات فيما بينها فيما يسمى ب » الدمج » وعلى إكمال الناقص من الكلمات أو الجملة فيما يسمى ب » الإغلاق«
ب ـ مهارات التمييز السمعي
الاستماع عملية مكتسبة وليست فطرية، وهذه العملية تحتاج للفهم والوعي والتحليل. فقد أثبتت الدراسات أن الاستماع فن ذو مهارات كثيرة وأنه عملية معقدة تحتاج إلى تدريب وعناية فائقة ، فما هي أهم مهارات التمييز السمعي؟
يشمل » التمييز السمعي » على المهارات الخاصة التالية :
ü تعرف الأصوات المختلفة في البيئة ( ضجيج ، بكاء ، غناء ، خرير…….)
ü تمييز الصفات المتعلقة بالأصوات مثل (هادئ مرتفع...)، تمييز أصوات البداية والنهاية(الاستماع إلى كلمات مثل: برتقال ،برقوق ،رمان ، نهر، نحل ، بصل ، ففي تنمية هذه المهارة قد يسأل الأستاذ عن الكلمات التي تبدأ بالباء،أو الكلمات التي تنتهي باللام) ومن صور التمييز السمعي:نطق الحروف والكلمات نطقا صحيحا،إكمال الفراغ في جمل منطوقة بكلمات ملائمة .
ü دمج الأصوات(التركيب) بحيث يكون المتعلم من الحروف التي سمعها كلمات مثل(زرع)
ü تحديد مصدر الصوت ( مثلا تحديد مصدر الأذان أو مصدر صوت الجرس…….)
ü استخلاص المعنى من خلال وضع عنوان مناسب لقصة استمع إليها،استخلاص الأفكار الرئيسة……….
ü ذكر كلمات تعبر عن صورة أو حدث معين وذلك بعد سماع قصة قصيرة
ü نطق الحروف والكلمات والجمل المسموعة نطقا صحيحا
ü إضافة كلمة إلى كلمات مقترحة شفهيا لتكوين جملة
ü وضع الكلمة في معان مختلفة بتغيير حركاتها ، يكون كلمة جديدة بتغيير الحرف الأخير من الكلمة المعطاة
ü القيام بحركة أو تمثيل الأداء حسب الكلمة المنطوقة ( مثلا تمثيل شخص يكتب أو يرسم …..)
ü تحديد الكلمات ذات الوزن المتشابه من خلال جملة تنطق له
ü تصنيف: وتركز هذه المهارة على الربط بين الكلمات والحقائق والمفاهيم طبقا لخاصية مشتركة مثل:الربط بين الأصوات والصور،استبعاد كلمة غير مناسبة من مجموعة كلمات مسموعة،الأسماء ،الأفعال ،الحروف.
ü استكمال بيت شعر بسيط بكلمة يتطابق وزنها مع وزن إحدى الكلمات في البيت
ü إعادة سرد قصة حكيت له
ü وصف الشخصيات التي ورد ذكرها في القصة
ü إجابة عن أسئلة تتعلق بتفاصيل قصة مسموعة أو موضوع معين مسموع
ü كتابة وصف لحدث أو مشهد مثير يقدم أمامه
ü تنفيذ عدة تعليمات شفهية / منطوقة
ü توجيه أسئلة إلى متحدث
ü تقيلد طريقة عرض الإعلانات الهادفة التي تعتمد على الرسائل الشفهية المنطوقة
ü تقويم المحتوى :هذه المهارة تتجاوز استقبال الرسالة إلى الحكم على صحة ما يسمعه مثل:تقويم الكلام المسموع من حيث الأسلوب ، دقة المعلومات،الحكم على صحة المادة …….
خامسا : سمات المستمع الجيد:
من سمات المستمع الجيد أن يكون قادرا على التفكير الاستنتاجي وعلى التنبؤ وحسن التوقع فهو يحتاج إلى بعض هذه المهارات عندما يتنبأ بنهاية قصة ، وعندما يميز ويحدد معلومات هامة وقضايا أساسية متضمنة في ثنايا الكلام ، وعندما يستخلص الخصائص الشخصية لمختلف شخصيات القصة المذاعة أو المتلفزة … والمستمع المالك لزمام هذه المهارة يستمع بأكثر مما تتلقاه أذنه، فبعض المتحدثين يشركون طاقاتهم السمعية والبصرية واللسانية وحركاتهم في الحديث، فانتباه المستمع إلى حركات المتكلم وقسمات وجهه ونظرات عينيه ونغمات صوته ووقفاته. كل ذلك يساعده على فهم معان لم يتفوه بها المتكلم صراحة.
سادسا: مشكلات تدريس الاستماع
1. ضعف السمع أو عدم الميل للدراسة عند التلاميذ
2. أن تكون مادة الاستماع أعلى من مستوى المتعلمين
3. ضعف قدرة الأستاذ على مراعاة الفروق الفردية بين التلاميذ
4. قلة استخدام الوسائل التعليمية المناسبة
5. تدني الكفايات التدريسية لمهارة الاستماع لدى أستاذ اللغة ( الأسلوب، المادة العلمية)
6. قلة حصص الاستماع في الجدول الدراسي.
سابعا: علاقة الاستماع بفنون اللغة
أ ـ علاقة الاستماع بالتحدث:
مهارة الاستماع أولى المهارات اللغوية اكتساباً،من خلال الاستماع يتعلم الطفل اللغة قبل القراءة والكتابة،وتزداد ثروته اللغوية،والطفل الاصم لا يستطيع الكلام (صم بكم)،تعطل الاستماع يؤدي الى تعطل التحدث القدرة على الاستماع تؤثر في التحصيل،فمن لم يستمع جيدا لن يتحدث جيدا ،ولن يقرأ،ويكتب جيدا.
تعد مهارة الاستماع وسيلة المتعلم الوحيدة إلى التمييز السمعي وفهم المسموع وللاتصال بينه وبين محيطه ، ولهذه المهارة السبق في عملية اكتساب مهارة التحدث والقراءة والكتابة، فالسمع أول حاسة يستقبل بها الجنين العالم الخارجي عند ولادته وحتى قبل الولادة. قال الله تعالى : ﴿ والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون﴾[7]
يعتبر الاستماع مفتاح الفهم والإقناع والاستماع له دور في إكساب الفرد لغة الحديث،
فالطفل منذ نعومة أظافره يتعلم نطق الكلمات عن طريق استماعه لها من أفراد الأسرة المحيطين به، ومن حكايات الأم له قبل النوم ، فللاستماع دور كبير في تطور لغة الطفل وتنميتها، وتمتاز مهارة الاستماع بأنها دقيقة مقارنة بباقي المهارات اللغوية ،وذلك لأن المستمع يستحضر ذهنه في موقف الاستماع ، وإذا شرد لا يمكنه استحضار كلام المتحدث لأنه لم يعه، و من هنا قيل : أساء سمعا فأساء إجابة .
ومن أهم ما يحسب لابن خلدون الْتفاتُه إلى أن وسيلة اكتساب الملكة اللسانية هي السمع، وهو ما يفهم من قوله: « إن السمع أبو الملكات اللسانية »[8]
والظاهر لنا جليا أن الرجل قد أعطى السمع الأولـوية في امتلاك ناصـية العلم،معتبرا إياه أبا لجميع الملكات؛ذلك أن الله وهب الإنسان لسانـا واحدا، ولكنه وهبه أذنين…والحكمة في ذلك هي أن يسمع ضعف ما يتكلم.
فالاستماع شرط أساسي للنمو اللغوي بصفة عامة وبدونه لا توجد اللغة بمعناها الاصطلاحي لدى الإنسان. كما أن للاستماع مهارات كثيرة من الأهمية والتعقيد بحيث لا يمكن ترك تنميتها للصدفة لأنها لا تنمو بطريقة تلقائية دون تعليم وتدريب.
ب ـ علاقة الاستماع بالقراءة:
تجدر الإشارة ابتداء إلى أن الاستماع عملية معقدة ، فهي أكثر تعقيدا من « القراءة » فالقارئ قد يستعين في فهمه » للمادة المقروءة » بالصور أو الرسوم، وقد يعاود قراءة الجملة أو الفقرة التي استعصى عليه فهمها حتى يحقق غرضه من القراءة ، وأما في الاستماع فإن على المستمع أن يتابع المتكلم متابعة سريعة تحقيقا للفهم أو التحليل والتفسير والنقد والتقويم..وهذه عمليات عقلية معقدة لا تتيسر إلا لمن أُوتي حظا موفورا من التعليم والتدريب على فن الاستماع ومهارته المتنوعة، ولا يتسنى ذلك إلا إذا كان المستمع قد تدرب تدريبا كافيا على الاستماع الهادف، وأصبح قادرا على تنظيم قدراته للاستماع، والانتباه لما يقوله المتكلم. ومن الملاحظ أن إهمال الاستماع، وعدم تنميته والتدرب عليه عند بعض الأطفال سببا من أسباب ضعفهم في القراءة، لذا نجد أن الكلمات الأكثر سهولة في القراءة هي الكلمات التي سمعها الطفل وتكلم بها من قبل.
إن القراءة والاستماع عمليتان متشابهتان، فكلاهما يشمل استقبال الأفكار من الآخرين، فالقراءة تتطلب النظر والفهم والاستماع يتطلب الإنصات والفهم. ففي الاستماع نجد معلما،
أو تلميذا يقرأ وسائر التلاميذ يتابعونه عن طريق الاستماع، وفي القراءة الجهرية نجد تلميذا أو معلما يقرأ والباقي يستمع وهذا يؤكد أن تقدم الاستماع يؤدي إلى تقدم في القراءة، وذلك لاعتمادهم على مهارات: التعرف، والفهم، والتفاعل، والنقد، والقدرة على استخدام الخبرات في الحياة.
و لا شك أن القدرة على الاستماع الجيد والسليم للغة المتحدث تزود الطفل بالمعاني ونظم الكلام، كما أن استعداد الطفل لتعلم القراءة السليمة والنجاح فيها يتوقف أيضا على مدى ما اختزنه في ذاكرته من خبرة سمعية سابقة للكلمات ، والجمل ، والأساليب….
يرى بعض المربين أن الاستماع الجيد نوع من أنواع القراءة، لأنه وسيلة إلى الفهم والاتصال
اللغوي بين المتكلم والسامع. فإذا كانت القراءة الصامتة قراءة بالعين والقراءة الجهرية قراءة
بالعين واللسان؛ فإن الاستماع قراءة بالأذن، وهو مسوغ وجود نوع من القراءة تعرف بالقراءة الاستماعية و إن كان هذا النوع من القراءة لا يظهر في المستويات الدنيا رغم أهميته.
ج ـ علاقة الاستماع بالكتابة:
الكتابة وسيلة مهمة من وسائل الاتصال بين البشر؛ فعن طريقها يستطيع الإنسان أن ينقل
مشاعره، وأن يبرز ما لديه، ويسجل ما يود تسجيله من حوادث ووقائع.
ولا شك أن التلميذ الذي يتقن الاستماع جيدا يستطيع التمييز بين الحروف والأصوات ومخارج الكلمات مما يكسبه مهارات فن الكتابة الصحيحة، ويزيد من ثروته اللغوية فينعكس ذلك على أدائه التعبيري ، فينقل إلينا نتاج أعماله الفكرية كتابة.
ويمكن ملاحظة أهمية الاستماع في تطور فن الكتابة من خلال حصة الإملاء، فالاستماع والإصغاء بدقة لمخارج الكلمات من المعلم؛ تساعد على كتابة الكلمات كتابة صحيحة خالية من الخطأ، ليتمكن التلميذ من مهارة التمييز السمعي لمخارج الكلمات والحروف والتشابه بينهما. ومما سبق يتضح بأن هناك علاقة وثيقة بين القراءة والكتابة والتحدث والاستماع لاعتمادهما على أهم حاستين السمع والبصر وهما المصدران الأساسيان في تكوين معرفة الإنسان.
ثامنا: تنمية مهارات الاستماع عند المتعلم:
قد يسجل المدرس سلسلة من الأصوات المتنوعة ثم يطلب من التلاميذ التعرف عليها وقد تكون مجموعة من الألفاظ المتقاربة في أصواتها ونطقها ثم يطلب منهم التمييز بينها وقد يعطي المدرس رسالة شفهية مقتضبة لتلميذ في المستوى الأول ليبلغها بدوره إلى التلميذ المجاور له... وهكذا تتكرر العملية إلى آخر تلميذ في الفصل ثم يقوم المدرس بمراجعة ما وصل من الرسالة إلى التلميذ الأخير وقد يقرأ المدرس وصفا لإنسان أو حيوان أو حادثة أو منظر من مناظر الطبيعة ثم يطلب من كل تلميذ أن يرسم هذا الوصف حسب فهمه له وقد يقرأ الأستاذ فقرة أو خبرا أو قصة أو وصفا لشيء ما. ثم يتوقف فجأة قبل نهاية كلمة أو في منتصف جملة أو في نقطة حرجة من الفقرة ثم يطلب من التلاميذ إكمال الناقص مستعينين بالسياق وقد يكون هذا حديثا مسجلا يوقفه الأستاذ في نقطة حرجة ثم يطلب من التلاميذ إكمال باقي الحديث، وقد يطلب من التلاميذ الاستماع إلى برنامج مذاع أو متلفز ثم يتناولونه بعد ذلك بالتحليل والتفسير والنقد والتقويم .
Aucun commentaire