Home»Enseignement»التوجيه التربوي ليس وحده محددا للنجاح المدرسي

التوجيه التربوي ليس وحده محددا للنجاح المدرسي

0
Shares
PinterestGoogle+

التوجيه التربوي ليس وحده محددا للنجاح المدرسي

بقلم: نهاري امبارك، مفتش في التوجيه التربوي، مكناس.

تعتبر قرارات مجالس التوجيه، في نهاية عتبات التوجيه، نتاج مجهودات الفرقاء التربويين والإداريين عبر سيرورة زمنية تلتقي خلالها الأنشطة التربوية والمدرسية والاجتماعية والثقافية.
ولتحضير التلاميذ للتعبير عن رغباتهم، يرتكز العمل التربوي خلال السنة الدراسية على مجوعة من الاختبارات والامتحانات، حسب المستوى الدراسي، كما يتم تزويدهم بمعلومات حول أنواع الدراسة المتاحة لهم والمواد المقررة والآفاق المستقبلية، بهدف مساعدتهم على اختيار نوع الدراسة المناسب لميولاتهم الشخصية وقدراتهم المعرفية.

§ فما هي المؤشرات المعتمدة لتوجيه تلميذ(ة) إلى شعبة دراسية معينة؟

§ وفي أي شروط يمكن للتلميذ الموجه أن يساير دون تعثر؟
من المعلوم أن قرارات مجالس التوجيه تتأسس، على النتائج المدرسية الدورية والسنوية الناتجة عن المراقبة المستمرة والامتحان الموحد المحلي والامتحان الموحد الجهوي بمستوى الثالثة ثانوي إعدادي، وعن المراقبة المستمرة فقط بسلك الجذوع المشتركة والسنة الأولى من سلك البكالوريا، كما تتأسس على رغبات التلاميذ التي يعبرون عنها بواسطة بطاقة الرغبات والترشيح بعد التشاور مع أولياء أمرهم ومدرسيهم والمستشار في التوجيه التربوي.
والمطلوب من التلاميذ من خلال جميع التوجيهات الشفوية والمكتوبة القيام باختيارات ملائمة لقدراتهم المعرفية والجسمية مع متطلبات وخصائص الشعب التي يرغبون فيها. والملاحظ، خصوصا بمستوى السنة الثالثة ثانوي إعدادي، ترددات كثيرة لدى التلاميذ، ناجمة عن عدم قدرتهم على التعامل، في نفس الآن، مع نقط المراقبة المستمرة ونقط الامتحان الموحد المحلي، هذه النقط التي تختلف وتتباعد إلى حد ما.

وبناء على ما سبق، فالقرار النهائي للتلميذ يتأسس على مدى توفقه في وضع تطابق بين قدراته المعرفية والجسمية ومتطلبات الجذوع المشتركة، أو الشعب الدراسية بالسنة الأولى من سلك البكالوريا أوالمسالك الدراسية بالسنة الثانية من سلك البكالوريا.
وتأتي أغلب قرارات مجالس التوجية مزكية رغبات التلاميذ الحاصلين على عتبات الانتقال والتوجيه إلى المستوى الموالي ، رغم بعض الصعوبات المتجلية في التعامل مع ثلاث نقط مختلفة بالسنة الثالثة ثانوي إعدادي، التي يبدو المدرسون عاجزين أمام تفسيرات اختلافها.

وهكذا يتبين أن الخاصية الأساسية لقرارات مجالس التوجيه أنها تتخذ" هنا والآن" أي في مكان وزمان محددين حاليا، وعلى أساس مؤشرات ومعطيات راهنة. هذه الخاصية تمكن من استنتاج أن النجاح في الأقسام الموالية لا ترتبط فقط بفعالية التوجيه ومدى ملاءمة نوع الدراسة لمميزات التلميذ، ولكن بالتلميذ نفسه وبالمحيط التربوي والمدرسي والاجتماعي و… الذي يتفاعل فيه لاحقا.

كيف ذلك؟

فباعتبار الفرد/ التلميذ كائنا اجتماعيا ينمو ويتطور ويتغير باستمرار على الصعيد النفسي والجسمي، وباعتمار المسار الدراسي صيرورة وسيرورة في الزمان والمكان، وباعتبار كذلك الوسط يتطور وينمو على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي، فإن النجاح المدرسي لاحقا غير مرتبط فقط برغبات التلميذ أوبقرارات مجالس التوجيه، وإنما يعود، حسب الواقع المعيش والدراسات المنجزة في هذا المضمار، إلى ضرورة توافر عدة شروء تتعدد بتعدد مجالات الحياة: تربويا ومدرسيا واجتماعيا واقتصاديا وثقافيا….
فعلى الصعيد النفسي، يعتبر الاستقرار النفسي إحدى الركائز الأساسية لكسب الفرد(التلميذ) الثقة في نفسه وتقوية عزيمته، ليوجه طاقاته الفكرية والجسمية نحو العمل والخلق والإبداع، وليطور إمكاناته الفكرية والجسمية ويشحذها ويوظفها في التحصيل والإنتاج الجيد. ومجرد أبسط حدث يقع، كان بالقسم أو بالفضاء المدرسي أو بوسطه الاجماعي، يؤدي بالتلميذ إلى اضطرابات نفسية، قد تكون خطيرة، فتؤثر سلبا على مردوديته المدرسية.
أما الوسط الأسري السليم فيلعب أدوارا إيجابية تسير بالتلميذ إلى أرقى درجات التحفيز على المثابرة والتحصيل الدراسي. وعلى العكس من ذلك، فإن أبسط حدث( خصام عابر بين الأبوين مثلا)، يمكن أن يسبب للتلميذ أزمات نفسية خطيرة، تؤثر فيه سلبا وتؤدي به إلى نتائج مدرسية سيئية، تشكل سبب فشل مدرسي ذريع.
وفي غياب صحة جسمية، بفعل أمراض عابرة أو مزمنة، ناتجة عن سوء تغذية أو تدهور صحي بشكل عام، فإن الطاقة الاستيعابية الفكرية للتلميذ ومجهودات التحصيل لديه، تختل أو تضعف إلى أن تضمحل، إن لم يعد التوازن الصحي إلى حالته الطبيعية، لتنهار قوى التلميذ وتشل قدراته التحصيلية والإنتاجية فيصبح مصيره الفشل.

ومن حيث الجانب الثقافي، فإن مجرد موقف أبوي التلميذ(ة)، بشكل عنيف دون قصد ومن غير شعور، من ممارسات معينة (لباس، كلام، لفظ، معاملات، سلوك، وجهة نظر…)، يمكن أن تسير بالتلميذ(ة) إلى اضطرابات نفسية، فتمرد، فانحلال خلقي، فتشتت الجهود واضمحلال الرغبة في العمل، فعدم التكيف و عدم الانسجام المدرسي ثم الرسوب والفشل.
أما من حيث الجانب التربوي البيداغوجي( البرامج، المناهج، الوسائل التعليمية، التقييم التربوي والامتحانات…)، فمن المؤكد أن ممارسة العملية التربوية بشكل يخالف الضوابط التربوية، تؤثر على المردودية المدرسية للتلميذ، كما تؤثر على سلوكه ومواظبته، باعتباره كائنا اجتماعيا يتفاعل داخل محيطه أخذا وعطاء.
وإذا لم ينسجم التلميذ مع المناخ التربوي ككل، وإذا لمس تنافرا بين طموحاته وخدمات التربية التي لم تتوافق وتمثلاته وأذواقه، ولم تلب رغباته وحاجياته، فإن هذه الوضعيات تؤدي به إلى النفور من الدراسة والحقد على الفاعلين التربويين والمنظومة التربوية والتكوينية، وتفجر لديه غضبا يتحول إلى عنف على نفسه ومحيطه التربوي والإداري، ليسير به الحال إلى الفشل الدراسي ومغادرة الأسلاك الدراسية.
أما من حيث الفعل التربوي، فإن الممارسات غير المسؤولة تؤدي بالتلميذ إلى الإحباط والفشل، ومن هذه الممارسات:

· المعاملات العنيفة واللامسؤولة من طرف المدرسين أو الإداريين سواء داخل الفصول الدراسية أو بالفضاء التربوي عموما؛

· انعدام الديموقراطية وغياب مبادئ المساواة والعدل والإنصاف بين جميع التلاميذ وعلى حد سواء؛

· عدم سيادة مبدأ تكافؤ الفرص أمام جميع التلاميذ، ذكورا وإناثا، في الاستفادة من الخدمات التربوية، وفي الامتحانات والنقغ

· ابتزاز التلاميذ بشكل من الأشكال، وفرض ساعات إضافية مؤداة، يجعل التلاميذ يحقدون على وضعية التعلم؛
إن هذه العوامل، منفردة أو مجتمعة إلى حد ما، تشكل إحباطا للتلميذ وتثبط عزيمته وتؤدي به إلى الانفجار والغضب والسخط على الدراسة والتعلم، فينعت من طرف المدرسين والإداريين بالعنيف، وتلصق به أسوأ الصفات، وتبدأ معاناته مع الجميع، داخل القسم وفي الساحة وفي كل جنبات المؤسسة التعليمية، فتتخذ ضده إجراءات" تأديبية" بالرغم من براءته، الشيء الذي يؤدي به إلى النفور من الدراسة ثم الانقطاع ومغادرة الأسلاك الدراسية.

حتى الموقع الجغرافي للمؤسسة الثانوية التأهيلية التي التحق بها ، ومدى بعدها عن محل سكناه يؤثر في التلميذ. كما أن سمعة هذه المؤسسة والتلاميذ والأطر الإدارية والتربوية بها لها وقع على التلميذ، وتلعب أدوارا مهمة في النجاح والفشل المدرسي، وذلك حسب التصور الفكري وتمثلات التلميذ لكل العناصر المكونة للفضاء التربوي بشكل عام.

خاتمة:

يمكن استنتاج مما سبق عرضه، أن الشروط المتوفرة والظروف التي يعيشها التلميذ، وليس فقط قرار التوجيه، تؤثر إيجابا أو سلبا على المردودية المدرسية ومدى التوافق النفسي والمدرسي للتلميذ داخل وخارج المؤسسة التعليمية.

خلاصات:

بالرجوع إلى مختلف فقرات هذا العرض المتواضع، يمكن استخلاص ما يلي:

§ إن التوجيه التربوي ليس وحده محددا للنجاح المدرسي، وأن الفشل المدرسي لا يرجع بالأساس إلى التوجيه التربوي؛

§ إن نوع التحصيل الدراسي يرتبط بالوسط التربوي الذي يتفاعل فيه التلميذ؛
§ إن نجاح التلميذ في نوع الدراسة المتوجه إليها يشترط بالظروف المهيأة له : نفسيا وتربويا ومدرسيا واجتماعيا….

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

5 Comments

  1. أب
    10/01/2008 at 19:24

    الغائب الكبير في منظومتنا التربوية هما التخطيط و التوجيه في مفهومهما العام. فلا رؤية استراتيجية واضحة ترسم سياستنا التربوية وتحدد أهدافها وتتبع تنفيدها. ولاتوجيها قريبا من التلاميد مواكبا لتمدرسهم ،ومنصتا لمشاكلهم ، ومتفهما لميولاتهم ، ومبرزا لمؤهلاتهم.

  2. أب آخر
    11/01/2008 at 14:00

    – التوجيه والتخطيط دعامة أساسية ضمن منظومة التربية والتكوين وكل الأنظمة التربوية في العالم؛
    – الموجهون والمخططون يشتغلون، حسب الظروف والشروط والأدوات والوسائل المتوفرة، ينجزون المهام المنوطة بهم كسائر الموظفين، متجاوزين كل الصعوبات.

  3. مفتش
    11/01/2008 at 14:01

    اطلب من الزميل نهاري وفي واضحة النهار ان يعيد النظر في تعاطيه لموضوع التوجيه اذا كان فعلا يريد ان يساهم في نقاش فعال بمكن ان ينعكس ايجابيا على منظومتنا التربوية.
    فمن باب تخصصه و ممارسته اليومية « للتوجيه » لن يجد صعوبة تذكر للإستنتاجات التالية:
    1-ان النجاح هو الذي يحدد التوجيه في جميع عتبات التوجيه في هذا الوطن العزيز.
    2-غالبا تجد نفسك و الطاقم الاداري مجبرين لتوجيه تلميذ « ناجح رغم انف المجاس »فقط لملء مكان شاغر حددته الخريطة المدرسية بطرق لا يفهمها الا المشرفون على مخطط تهديم المنظومة التربوية.
    3-التلاميذ الذين يسائرون دراستهم و بمساعدة الدروس الخصوصية او اوليائهم او بعض الاساتذة الاجلاء الغيورين على هذا الوطن هم في غنى على ما يسمى « التوجيه » زورا بحيث لا يتطلب اخد قرار في حقهم اكثر من ثانية.
    4-ميكانزمات النجاح حاليا تشل التوجيه الى اشعار آخر.
    5-يمكن نجاح وبالتالي توجيه تلميذ نهاية الثالثة اعدادي بمعدل 20/07 وفصل صديق له بمؤسسة مجاورة بمعدل 20/09 او اكثر علما انهم خضعوا لنفس الامتحان النهائي.
    وفي الختام اطلب من الاخ المحترم نهاري ان يكون صادقا و يطرح للنقاش الاختلالات الحقيقية للتوجيه ابتداءا من فضح الايادي الخفية التي تحدد النتائح خارج المقاييس التربوية فأذا كان الميثاق يستبعد العمل بالكوطا و قوانين الامتحانات الاشهادية تطالب بالمعدل للحصول على الشواهد فما زالت الخريطة المدرسية »وهي أم الاختلالات التي يعرفها النظام التربوي »تتصرف بمنطق مكان شاغر=تلميذ ناجح او موجه بغض النظر عن النتيجة الدراسية.واكد للاخ ان هناك تلاميذ بالابتدائي وبالحجة والبرهان ينجحون بمعدل يقل عن 10/01(واحد على عشرة) فماذا ينتظر من هذا التلميذ و عندما يصل الى عتبة التوجيه و كان المكان شاغرا فسيجد نفسه بنفس المنطق « مكان شاغر=تلميذ ناجح » بالاعداي تم بالثاهيلي في جدع مشترك ما .واختم بالتحدي التالي لو قرر ت وزارة التربية الزام مجالس الاقسام و التوجيه بالقيام بمهامها دون الاكثرات بالتعليمات « الخفية و الملغومة » للخريطة المدرسية لتبين للجميع اين يكمن الخلل. اما « تخمن » الخريطة في نسبة للنجاح حسب معطيات غير تربوية فلن تكون النتائج الا غير تربوية ومنها نتائج التوجيه. واترك الوقت للاخ نهاري ليددق في نسب النحاح التي تعتمد المعدل بجهة مكناس و يقارنها مع نتائج « الخريطة ».

  4. نهاري امبارك
    12/01/2008 at 20:02

    حتى يكون الحوار صادقا وهادفا وحضاريا على كل متدخل أو محاور أن:
    1- يتفضل بالتعريف بنفسه؛
    2- يلتزم بفحوى الموضوں
    وكل الآراء أو المداخلات خارج هذا النطاق ترتبط فقط بصاحبها.
    وشكرا للجميع.

  5. سمية تلميذة
    21/01/2008 at 22:10

    اريد ان اقول لك يا استاذ المفتش المحترم ان لا تكون متشائما بل كن واقعيا و اريد ان اقول كدلك لا يمكن لاي تلميد ان ينجح بمعدل يقل عن واحد عتى عشرة

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *