Home»Débats»حُكومَة الرِّيحْ والسْفَرْتَحْ

حُكومَة الرِّيحْ والسْفَرْتَحْ

1
Shares
PinterestGoogle+

حُكومَة الرِّيحْ والسْفَرْتَحْ
اللهم إنا لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه، أنت العدل لا راد لقضائك، فالطف بنا يا لطيف.
أما بعد، فأستسمح الأستاذ مصطفى العلوي صاحب الأسبوع الصحفي، عذرا، أن أقتبس عنوان مقالة له، كان قد كتبها نهاية تسعينيات القرن الماضي بمناسبة زيارته لمدينة تاوريرت شرق المغرب في إطار تقديم أحد إصداراته، لكن الرجل فاجأه الواقع المزري للمدينة آنذاك على عهد العامل محمد البوشيخي، والذي استفحل على يد من خلفه، فكتب مقالة عنوانها « تاوريرت، عمالة الريح والسفرتح »… فلما هممت بكتابة مقالة عن هذه الحكومة لم أجد بدا من اقتباس عنوان الأستاذ العلوي، وهو عنوان يستمد بلاغته وقيمته كونه منتوجا شعبيا، ففي التداول الشعبي يتم نعت الشيء الفارغ من أي معنى أو محتوى أو قيمة، كونه ريحا كما هو الحال بالنسبة للريح التي تبطل الوضوء وتستلزم الطهارة الصغرى، والسفرتح تأكيد لما قبله من معنى الهراء والعبث الذي لا طائل من ورائه، وفي هذا السياق تتواتر عدة أمثلة شعبية سوف نسوق بعضا منها داخل هذا الكلم إن شاء الله.

كنت قد عاهدت نفسي أن لا أنبس ببنت شفة تهم جهازا أجوف لا شعبية ولا مصداقية لقراراته، هذا إن افترضنا أن هذه الحكومة قائمة حقا وتتخذ قرارات بعيدا عن دار المخزن، والمخزن هنا كمفهوم سياسي بكل ما له من حمولة تاريخية، ثم عدلت عن هذه الفكرة ربما لتنشئتي التي جعلت مني شخصا لا يخاف أن يقول كلمة حق ولو أن عددا ممن يحيطون بي يعتبرون ذلك ضربا من التهور، فألتمس لهم العذر في الفراغ الفكري الذي صبغ عقولهم، وأنا بذلك أحمد الله تعالى الذي أنعم علي بنعمة الجهر بكلمة حق ولو أن لا شيء مطلق ولا قوة إلا بالله. فالله أحمد أنني عايشت عددا من الحكومات من موقع المتتبع المتواضع، المهتم بشأن هذا البلد كغيري ممن يتطلعون لغد أفضل يمسح دمعة من على خد أبنائنا الذين أضحى المستقبل أكثر عتمة أمامهم من ذي قبل، أسأل الله اللطف بعباده، وقد شهدت تعاقب عدد من الحكومات والتحول الذي آل إليه العراك السياسي الذي خاضته أجيال وقدمت ضريبة الاعتقال والدم حتى بلغ المغرب محطة كانوا فيها على موعد مع التاريخ، لكن سرعان ما خفت ذاك الشعاع في الأفق القصي، لأن الطغمة المهيمنة على دواليب الاقتصاد والسياسة والتي أوكل إليها تدبير الشأن العام أبت أن تفسح الطريق لضوء النهار كي يتسرب من نافذة الوطن، وعذرها، أي الطغمة، أنها لم تشارك يوما في صناعة تاريخ هذا البلد بل اقتنصت الفرص الضائعة واستحسنت الأرائك الوثيرة مثل أغنياء الحرب، أو كما يقول المثل الشعبي [مْنِينْ تَزْيَانْ الضْلِيلَة يـْﯖَيْلُوا فِيهَا لَكْلابْ]، من هنا تبقى هذه الحكومة شاذة عن سابقاتها حتى لا نقول أخواتها، لأن هناك من الحكومات من كانت لها بصمة حسنى على الوطن والمواطنين، أما هذه فتميزت ببصمة الزيادات في الأسعار، كل الأسعار، التي جعلت القدرة على مواكبتها من طرف المواطن العادي مستحيلة، بل تمادت الحكومة في الزيادات المتكررة لدرجة أضحت تهدد الوجود الاجتماعي للطبقة المتوسطة، وهذا يعني أن غياب طبقة متوسطة سوف يخلق خللا داخل بنية المجتمع، لأن الطبقة المتوسطة هي التي ظلت دوما تحافظ على ذلك التوازن المفروض حضوره الدائم بين القطبين، الميسورة والفقيرة، وظلت تفرز الأطر التي حملت على عاتقها الدفاع عن الطبقة الكادحة والقيام بدور المثقف العضوي بالمفهوم الغرامشي، لكن الهوة ظلت تتسع وهي الآن في مرحلة متقدمة من الانفلات، لأن حكومة كهذه يفترض بها مراعاة شروط التوازن، لكن فاقد الشيء لا يعطيه، فمن جهة عدم تجانس عناصر الحكومة، فهي عبارة عن موزاييك حزبي متعدد المشارب السياسوية، ومن جهة أخرى استحضار ما يتعرض له عناصرها من شتى صنوف الاحتجاج اليومي حد الرشق بالحجارة وإنزالات أمنية لضمان سلامة الوزراء كما لم يحدث من قبل حيث كان الوزراء يجوبون الأسواق ويأكلون الطعام  دون أن يعترض سبيلهم أحد، هذا دون أن يلوح في الأفق بصيص أمل لحل الأزمة، لأن الحكومة لا تعترف بوجود أزمة مجتمعية أمام جيوش المعطلين ونيران الغلاء وانسداد الأفق، فقد قضت أشهرها الأولى في صراعات حزبية تمخضت عنها ولادة قيصرية ثانية بدون حزب عريق له صولاته في الميدان، فزاد العناد وكان الحل « الزيادة في الطول »، بزيادة كم من الوزراء في النسخة الثانية سرى الحديث عن مراجعة لنظام الأجور والتقاعد وكلام غير موزون لرئيس الحكومة، باعتبار أن الموظف هو ذلك « الحيط لقصير » الذي يسهل السطو على راتبه…

وهنا تحضرني حكاية شعبية حدثت زمن بلاد المخزن وبلاد السيبة تحولت إلى مثل شعبي يتداول إلى أيامنا هذه، مفاد الحكاية أن محلة من عسكر المخزن حلت بإحدى المدن المغربية خلال إحدى الحركات (سكون على الراء)، فأخذ رجال المخزن يجوبون أزقة المدينة يجمعون المؤونة من بيض ودجاج وسمن ودقيق وما إلى ذلك من بين يدي البسطاء، فطرقوا باب امرأة عجوز أمروها أن تحضر ما بحوزتها من طعام فردت بالرفض لأن ليس لها ما تعطيهم إياه، فنهرها أحد المخازنية قائلا، لابد أن تدفعي شيئا لتموين المحلة المخزنية، فردت العجوز، وكان اسمها كيرانة، بكلام بسيط لكنه غاية في الحكمة، قالت [كَيْتِي فْلَمْحَلَّة للِّي تْمُونْهَا كِيرَانَة]…

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

7 Comments

  1. خالد سلي
    28/01/2014 at 00:03

    إشتقنا لكتاباتك bon courage

  2. ابو عبد الحمان
    28/01/2014 at 21:39

    مقال موفق من حيث المحتوى و الشكل ، و هو يعبر بصدق عن مشاعرنا تجاه حكومتنا التي لا ترى أبعد من أنفها . فحتى العميان و الطرشان يدركون بأننا نسير نحو الهاوية ، و لا عجب في ذلك . فماذا ننتظر من  » جربوع عرج  » ؟؟؟؟؟و مذا ننتظر ممن أراد  » التبوريد » على مصالح المقهورين ؟؟؟؟؟؟؟؟

  3. عيوني
    29/01/2014 at 13:32

    سبحان الله هناك من يلبس نظارات سوداء فيرى كل انجاز أسود . السي حماس متى كانت الشرعية حبيسة لمن بدأ الأول في النضال ثم هل ما يعيشه المغرب من أزمات هو وليد اللحظة أم وليد وصنيعة حكومات سابقة بمن فيها من تدافع عن « إنجازاتها » ألم يبيعوا كل أثاث المنزل بعدما كانوا يملأون الدنيا صراخا. ثم لماذا لفظ الشعب الاحزاب التي تدافع عنها ولجأ إلى العدالة والتنمية . نعم هناك قصور في هذه الحكومة ولكن ليس بالشكل الذي تصوره فهم على الأقل لم يظهر عليهم ثراء يمكنهم من شراء مزرعات وشقق بأوربا أم  » وعينُ الرِّضا عن كلَّ عيبٍ كليلة ٌ, وَلَكِنَّ عَينَ السُّخْطِ تُبْدي المَسَاوِيَا. السي حماس حين تكون الخلفيات ذات حمولة مخالفة فغالبا ما تكون ردات الفعل لا ترى إلا الجانب السلبي.فمقالك سيدي لم يتناول بعض المنجزات لهذه الحكومة ولا الإكراهات التي تعيشها بلادنا ولم تكن وليدة اليوم ولا العراقيل التي بدأت ووزراء العدالة والتنمية لم يعتدلوا بعد في p .حكومة السي اليوسفي لمدة سنتين PJD أماكنهم في الوقت الذي ساند حزب

  4. عبدو
    29/01/2014 at 15:53

    مقال ممتاز يعكس حقيقة هده الحكومةالتي ابتلينا بها فلها السلبيات ما يفوق % 95 والواقع يشهد على دالك والمصيبة انها تفقه فقط في تسيير جمعية خيرية ومراجعة نواقض الوضوء والصراخ في البرلمان لاحظ كيف يتعامل بن كيران مع الاسئلةوباستعلاء على كل التاريخ يسجل على انها اكفس حكومة عرفها المغرب

  5. متتبع
    29/01/2014 at 18:33

    يمكن لينا نختارور عنوان وحداخر للمقالة :  » حكومة الريح و الشيح و الزبردك « 

  6. mowatin
    30/01/2014 at 00:44

    مقال جيد يجس تخبط الحكومة الحالية التي عجزت عن الثروات التي يملكها رؤوس الفساد فلم تجد على حد قولك الحيط القصير الا جيوب الكادحين والمعطلين والاساتذة ووووو وعلى حد قول المثل «  »البيض لعائشة والزقاق لدحمان والفاهم يفهم واود اضافة مثل اخر للسيد حماس لكنه يهتم بالتراث المثل ينطبق على الحكومة «  »الناس تحقر الناس وانا نحقر عائشة اختي

  7. عبد الرحيم
    04/02/2014 at 19:40

    الله يعطيك الصحة

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *