كنت أنتظر بشغف كبير اللقاء التلفزي الذي نظمته قناة « دوزيم »  في اطار برنامج  » مباشرة معكم » بين لأستاذ عبد الله العروي والعلماني نور الدين عيوش , حيث ادعى هذا الأخير في ندوة نظمتها جمعيته المشبوهة  » زاكورة  » وحضور مشبوه للكثير من الأطر الفكرية والذي دعا فيه الى التدريس بالدارجة والتنقيص من الحصص الدينية داخل مؤسساتنا التعليمية .

       اللقاء لم يكن في المستوى المطلوب, حيث عمل عيوش على التملق الى شخص عبد الله العروي معتبرا إياه أستاذا له ومرجعه الأساسي , تملق ربما أحرج السيد العروي وأدخله في نقاش بيزنطي , لم يأت بالكثير ولم يقنع جل المتتبعين ولم يكن في المستوى المرغوب.

      لست متمكنا في اللغة العربية ولا عارفا متمرسا , لكنني أعتبرها لغة الأم ولغة الأصل والأجداد ولغة القرآن الكريم ولغة الإسلام والمسلمين ولغة الصلاة ولغة التواصل بين كافة الناس داخل الوطن وبين أقطار العالم العربي ولغة العصر . لغة ذات مصداقية دولية متعارف عليها في جل أقطار العالم . لغة يتحدث بها الملايين من البشر ويصلي بها أكثر من مليار ونصف مسلم . لغة متينة تتوفر على قواعد وضوابط نحوية قل مثيل لها في اللغات الأجنبية الأخرى. لغة لا حدود لها ولا قيود عليها, كلما أبحرت فيها كلما أحسست بضعفك وحاجتك الى المزيد من التبحر. لغة صالت وجالت قبل مجيء الإسلام حيث كان شعراء الجاهلية يتفننون بها في  أشعارهم من مدح وهجاء ورثاء وغربة وحنين …. وكانوا يستعملون فصاحة لم يكن لها مثيل. لغة أجمعها القرآن الكريم وتحدى بها فصحاء قريش وقتها . لغة قابلة للتجديد والتحديث لما تتوفر عليه من قواعد نحوية وصرفية وإملائية ضابطة جامعة مانعة.

    عندما تحدث الأستاذ الفاضل السيد العروي عن ضرورة تبسيط اللغة العربية في مدارسنا التعليمية ,أظنه كان يحابي السيد عيوش الذي أحرجه بتملقه الرخيص.

 – ألا يعلم كل المتتبعين للمجال التربوي أن تراجع المستوى في ببلادنا يعود في الكثير من صوره الى اعتماد التدريس من العموم الى الخصوص ومن الكل الى الجزء,حيث  يحفظ التلميذ جملا دون أن يفهم مدلولاتها ودون أن يستطيع تفكيك منطوقاتها؟

 – ألا يعلم جل المتتبعين بأن التدريس في ما مضى كان يعتمد على تعلم الحروف ثم الكلمات ثم الجمل ,وكان يعتمد على ضبط القواعد النحوية والصرفية والإملائية لصياغتها في عمليات إعراب متقنة ومتينة تجعل من المتعلم ضابطا جامعا مانعا يستطيع الكتابة والقراءة بكل دقة وعناية.

 –  ألا يعلم كل من يرسل ابنه للدراسة بالمؤسسات الخاصة ,أنها أصبحت تعتمد على الكتب المدرسية القديمة التي درسنا بها ايام زمان لما تتضمنه من دقة وتعليم ينطلق من البسيط الى المركب ومن السهل الى المعقد ومن الخاص الى العام ؟

 – ألا يعلم كل من يدعو الى الدارجة بأننا نتلكم دارجات عدة ستفقرنا أكثر مما تجمعنا؟ وأن الدارجة دارجات ومصطلحات بعضها منقول من لغات أخرى حتى الأجنبية ,وبعضها رديء المستوى وشعبي لا يمكن التواصل به , وبعضها الآخر ظرفي ومتغير؟

 – ألم يفهم عيوش من أستاذه السيد العروي, أنه  نفذ صبره عندما تحدث عيوش عن اتصاله بخبراء مغاربة يمدونه بالمعطيات ليجيبه سيده قائلا »لهم ميولات إيديولوجية ويبحثون عن عمل لأنفسهم »

    يتعجب المرء عندما تجد مثل هؤلاء ينظرون لنا ويقررون في مستقبلنا مع أنهم لا يملكون من الخبرة ومن الدراية ما يكفي . منظرون صوريون ومتتبعون انتهازيون , حضروا بعد أن باعوا ضمائرهم وروجوا لدعاية لا أظن أنها ستلقى دعما رسميا , رغم هذه المحاولات اليائسة والتي قد يكون الهدف من ورائها الترويج والدعاية لهم أكثر منها لمشروع لا يفقهون في كينونته إلا التسمية والمغالطة.

   صحيح نحن في حاجة الى وقفة وتأمل ودراسة مستفيضة, لكن من طرف ذوي الخيرة والوطنية والحب لبلدهم والخوف على مستقبله , لا من دعاة الفجور…..