Home»International»النظام الثوري في القانون الدولي

النظام الثوري في القانون الدولي

0
Shares
PinterestGoogle+

 النظام الثوري في القانون الدولي

عبد الله لحسايني

باحث في العلاقات الدولية

لو ابتعدنا قليلا عن الصخب الذي يصدره الجدال القائم حول شرعية وعدم شرعية الثورة المصرية الثانية ، وتعمقنا في المشكلة التوصيفية للحدث، لاكتشفنا أن الأمر أعقد بكثير من الإجابة المباشرة وأنها – سواء الداعمة أو التخوينية – هي إجابات مثيرة للشفقة.

إذ أن مسألة شرعية أي نظام هي في حد ذاتها من المسائل التي يقف فيها القانون الدولي حائرا لسبب بسيط ، وهو أن القانون الذي يعتمد على العرف والسبق كمصدر تشريع و على الأمر الواقع كمصدر شرعية ، أجدر به أن يلقى في غياهب التناقض والتضارب .

وسنضرب للتقريب للأذهان مثالا قريبا، ألا وهو موضوع الإنفصال ، فرغم تشريع حق تقرير المصير في المواثيق الدولية ، إلا أنه مرفوض دوليا لكونه مصدر تهديد لوحدة كل دول العالم بلا استثناء. لكن يعتبر الإنفصال نتيجة الكفاح المسلح أمرا مشروعا ويمكن الاعتراف بالدول الناشئة عن الانفصال إذا أصبح أمرا واقعا ، وبمعنى أدق إذا نال رضى الجهات النافذة في العالم.

هذه الازدواجية في منح الشرعية في هذا المثال لها فائدتها في موضوعنا الأول. أي أنه لا يوجد قانون واضح يحدد شروط إعطاء الشرعية ومنعها لأن الأفراد الذين يطبق عليهم القانون هم أشخاص اعتباريين يتمتعون بالسيادة التي هي من الخطوط الحمر – أو بالأحرى كانت – وبالتالي لا يمكن فرض قوانين على الدول إلا تحت البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة أي حين يكون الأمن العالمي مهددا.. وهذا تعبير فضفاض كما يبدو

 فاكتساب صفة دولة ومنح الشرعية الدولية لدولة وليدة ليس بتلك الصرامة والقداسة التي يتوهمها الغير مطلع على حقيقة القانون الدولي، إذ لا يُشترط اعتراف الجميع بدولة ما ، كي تكتسب شرعيتها . فكل دولة وليدة أو نظام جديد لدولة سابقة هو دولة شرعية بالنسبة للدول التي تعترف بها ، وهي غير شرعية بالنسبة للتي لا تعترف بها . و آخر مثال فلسطين التي ضلت دولة شرعية قانونيا للبعض وغير شرعية للبعض الآخر إلى أن اعترفت بها الأمم المتحدة رغم أنها لم تلج المنضمة كعضو وهذا لا يطعن في صفتها كدولة لكون سويسرا أيضا ضلت خمسين سنة خارج المنظمة.

من خلال هذه المعطيات يتبين كم هي مثيرة للشفقة الإجابة السريعة والواثقة عن شرعية أو عدم شرعية نظام مصر الجديد …

إذ قبل أي حكم لابد من مرجع فيصل يفصل بين الشرعي واللاشرعي ، فإذا كان الأفراد يحتكمون إلى قانون وطني واضح لتحديد الشرعي من غيره والمخطئ من المصيب في نزاعاتهم ، فكيف يمكن تحكيم قانون دولي يتصف بالمواصفات السابق ذكرها أعلاه؟؟

فإذا اعتبرنا نظام 30 يونيو بمصر غير شرعي لأنه أتى بانقلاب عسكري ، سنكون كمن ينشأ قانونا يلتزم به مفاده أن كل نظام جاء وفق تدخل عسكري هو غير شرعي

وبتطبيق هذا القانون الجديد يكون نظام 25 يناير بمصر نظاما غير شرعي لأنه قدم بنفس المواصفات ، وكان تدخل الجيش السبب في تنازل مبارك عن الحكم ، وهذا النظام « الإنقلابي » الباطل،  أتى برئيس انتخب ديمقراطيا لكن في إطار نظام باطل. وكل ما بني على باطل هو باطل…

أي كمن يحتج بصحة صلاته رغم بطلان وضوئه…

وننزل تباعا إلى عهد الانقلابات السابقة حتى نلج دوامة بدء الخليقة من البيضة والدجاجة.

طبعا من نافلة القول القول بوجود أنصار لطرفي النظامين كما أن عدّ النسب المائوية هي من السفسطات حيث لا يوجد حاسم قانوني أو شرعي يحدد النسبة المائوية التي يحق لها قلب النظام ..

إن اختراع القواعد والقوانين وفق الرغبات وبعد ما تحصل الحوادث ، هو من أبرز الكوارث التي تجعل الكلام لغوا يحتاج لتثبيته على الواقع لسواعد وأسلحة ودماء.

لهذا يجب الاعتراف بالمشكل القانوني الذي يبث في الشرعية، و الركون إلى التوافق والتراضي كحل يقود السفينة المصرية ، لأن الشرعية الحقيقية هي التوافق، فلا أحد يمكنه تثبيث شرعية بمعزل عن الآخر، نعم مثلما اكتشفنا أنه لا توجد شرعية محسومة بدون وجود الجميع، لأنها شرعية اعتبارية نسبية تحتاج لمرجع هو الشعب كله ، وليست أصلا ومرجعا ثابثا. فلا مبرر للقيادة المنفردة كما لا مبررللتهديد بإغراق السفينة.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *