قراءة في تداعيات انسحاب حزب الاستقلال من الحكومة
قرار المجلس الوطني لحزب الاستقلال الانسحاب من الحكومة يعتبر قرارا تاريخيا لأنه ولأول مرة يحدث أمر كهذا في المغرب. هذا القرار نزل كالصاعقة على حزب العدالة والتنمية تحت رئاسة السيد عبد الإله بن كيران والذي اجتمع في نفس اليوم مع جميع أعضاء الأمانة العامة لتدارس خلفيات قرار الاستقلاليين .
انسحاب حزب الاستقلال من الحكومة يبين مدى سوء تدبير التحالف الحكومي من طرف السيد عبد الإله بن كيران، وما وقع لا يلام به حزب الاستقلال بقدر ما يلام به حزب المصباح بتعنته واستفراده بتسيير الحكومة وإقصاء شركائه في اتخاذ القرار. إن ثمن تسيير هذه الحكومة للشأن الوطني سيدفعه الشعب غاليا، وما حدث اليوم إلا تحصيل حاصل، وما يمكن أن يحدث مستقبلا لا يعلمه أحد لذا، ونظرا لخطورة الأمر، فكل متتبعي الشأن السياسي بالمغرب ينتظرون تحكيم الملك كرئيس للدولة، لأنه الضامن لاستقرار البلد وبحكمته سوف يرجع الأمور إلى نصابها.
قرار المجلس الوطني لحزب الاستقلال الانسحاب من الحكومة يعتبر سابقة من نوعها في الشأن الحزبي بالنسبة للمغرب. فهو يفتح الباب على عدة احتمالات انطلاقا من تحليلات مختلفة. وإليكم قراءة في الموضوع :
فبناءا على الفصل 42 من الدستور الذي ينص على أن الملك رئيس الدولة وضامن دوامها واستمرارها والحكم الأسمى بين مؤسساتها، وبناءا على الفصل 47 حيث يعين الملك أعضاء الحكومة باقتراح من رئيسها، فإن جلالة الملك وبعد استشارة رئيس الحكومة سيتخذ الإجراءات اللازمة. كما أن لجوء حزب الاستقلال ، والذي يعتبر مكونا أساسيا في الحكومة، إلى جلالة الملك والطلب منه بتحكيم ملكي سيجعلنا أمام عدة خيارات. وفي نظري المتواضع هناك عدة سيناريوهات محتملة:
المعطى الأول : بعد كل ما وقع بين حزب الاستقلال وحزب العدالة والتنمية سوف يصعب لهما العمل في حكومة واحدة بل وقد تتوتر الأمور بينهما فتتأزم الأمور أكثر وتنشغل الحكومة في صراعاتها بدل الانكباب على أمور الدولة. لذا فسيناريو عودة حزب الاستقلال إلى الحكومة سيناريو سيئ وعقيم.
ثانيا :سيناريو ملء الفراغ : سيفتح بن كيران باب المشاورات مع أحزاب أخرى من أجل الوصول إلى أغلبية في البرلمان، وهنا يجب الأخذ بعين الاعتبار المعطى الآتي : أحزاب كحزب الأصالة والمعاصرة وحزب التجمع الوطني للأحرار صرحت في عدة محطات أنها لن تتحالف مع حزب المصباح. بقي إذن حزب الاتحاد الدستوري والذي أبدى في عدة مناسبات رغبته في الحصول على مناصب وزارية، لكن عدد نوابه يبقى غير كاف.
السيناريوالثالث : استقالة رئيس الحكومة، وحسب الفصل47 من الدستور، فإن الحكومة تعفى بأكملها من طرف الملك. في هذه الحالة سوف نتجه إلى انتخابات سابقة لأوانها وهو أمر مكلف للدولة ماديا في ظل الأزمة الاقتصادية التي يعيشها البلد.
وفي الأخير أترك للقارئ حرية التفكير واختيار سيناريو من بين السيناريوهات الثلاثة والتعليق عليه.
z_sefraoui@yahoo.fr
2 Comments
سئل يوما الدكتور المؤرخ عبد الله العروي كمفكر مغربي مشهود له بالكفاءة والالمام الكبير بالشؤون السياسية عن رأيه في دخول حزب الاتحاد الاشتراكي سنة 98 للحكومة فكان رده كالتالي ليس المهم كيف دخل الاتحاد للحكومة ولكن الاهم هو كيف سيخرج منها و الجميع رأى وعاين كيف هي حصيلة مشاركة الاتحاد وما نتج عنها من انقسامات وتشردم وكيف ان المواطنين الذين كانوا يعلقون عليه امالهم كيف خاب ظنهم سقت هاته المقدمة لاصل الى ان التجربة التي اعطت الاغلبية غير المريحة -بحكم طريقة الاقتراع- لحزب العدالة والتنمية كان محكوم عليها بالفشل النسبي لان التحالفات لم تكن مبنية على دراسات علمية وواقع سياسي مبني كذلك على حسابات القوة والمصلحة لقد اخطأ حزب العدالة قراءة المعادلة السياسية بتحالفه مع حزب الاستقلال التي كانت سياساته وبالا على المغاربة يأتمر باوامر االمخزن لانه اداة خرجت من رحم طبقة كان همها هو سيطرت ال فاس البرجوازية على دوالب تسيير حكومات لم ير منها المغاربة الا مزيدا من المعاناة فلا يهم اليوم كيف دخل هذا الحزب ولكن ماذا سيقول لمن ائتمنهم واعطاهم صوته من تبرير منطقي على هذا الانسحاب غير
لو كان الانسحاب أمرا جديا لما فكر الحزب في التحكيم الملكي* ماعرفناه عادة ان الحزب حر في اتخاذ الموقف الذي يريد : فهل احتاج حزب الاستقلال التحكيم الملكي عندما قرر التحالف أو الزواج مع العمل الحكومي. وعند قرار الانفصال او الانسحاب بدأ يكرر نغمة التحكيم الملكي. لكي يوهم الشعب في حالة اعتراض الملك أن مواصلة التدبير الحكومي استجابة للملك والمصالح العليا للحزب عفوا للوطن.