كانت حقوق الطفل موضوع هذه الأنشطة الفنية الثقافية التي قدمتها متعلمات ومتعلمو ثانوية مولاي يوسف، مساء الجمعة سادس يناير 2012، فبعد أن استفتح السيد مدير ثانوية مولاي يوسف الإعدادية هذه الأنشطة بكلمة، رحبّ فيها بالحضور، وتمنى لهم قضاء أوقات ممتعة مفيدة، جوّدت، تلميذة آيات بينات من الذكر الحكيم، ثم ألقى تلميذان (تلميذ وتلميذة) عرضا مشتركا، شرحا فيه حقوق الطفل: حق الحياة، وحق التعلم، وحق الرعاية، وحق التعبير…كما عرّفت التلميذة المشاركة في هذا العرض معنى الطفل.
ثم أنشدت مجموعة من التلميذات أنشودة دينية، تحث على عبادة الله تعالى، والتحلي بالأخلاق الفاضلة، وتلتها مسرحية مثل أدوارها تلاميذ ثانوية مولاي إسماعيل التأهيلية، وهي مسرحية أضحكت الحاضرين كثيرا، فرغم انعدام الوسائل الضرورية لفن المسرح، استطاع هؤلاء أن يضحكوا المتعلمين، بإماءاتهم، ولغتهم، ومواقفهم الساخرة، ولم يخرج مضمون المسرحية عن الموضوع، الذي هو حق الطفل في التعلم، فقد عالجت هذه المسرحية مشكلة عدم تسجيل الأطفال في  « كناش » الحالة المدنية، الأمر الذي يحرمهم من حق التعلم، ولم تخل المسرحية من تنديد ضمني بجريمة الرشوة، إذ أظهرت المسرحية أن تسجيل هذا الطفل في الحالة المدنية اقتضى دفع 300 درهم رشوة، وقد أظهرت فصول هذه المسرحية المرأة في صورة مشرفة، إذ كانت الأم حاثة للرجل على تسجيل الابن، بل جعلتها المسرحية تسترد ما انتزع من زوجها رشوة لتسجيل الابن في الحالة المدنية.
وقد تخللت فصول هذه المسرحية، عرض قدمته تلميذة من القسم الثاني الإعدادي، عرّفت فيه بالجمعيات المهتمة بشؤون الطفل، حيث ذكرت اهتمامات هذه الجميعات، ومواقعها الإلكترونية، ودعت التلميذة في ختام عرضها المتعلمين للاتصال بهذه الجمعيات إذا اقتضى الأمر ذلك. كما أنشد تلميذ قصيدة تبين أهمية الطفولة في المجتمع، الذي ينبغي أن يرعى هذه الفئة، لأنها عماد المستقبل. وقد كانت قراءة التلميذ قراءة شعرية بما تحمل الكلمة من معنى، أثارت المتعلمين، وأنصتوا له إنصاتا تاما، بينما أنشد تلميذ آخر قصيدة ترثي أما فقدت في حادثة سير، وهي قصيدة تصوّر مآسي هذا الابن الذي ماتت أمه في حادثة سير، إذ موت الأم يعني موت الحنان والعطف والحب والرحمة والشفقة…وعسى أن تكون هذه القصيدة رسالة من طفل إلى كل السائقين لاحترام حقوق الناس في الحياة، فكم من متهور يتّم أطفالا، وحكم على حياتهم بالتيه والتشرّد.
ولم ينس متعلمو ثانوية مولاي يوسف الإعدادية أطفال فلسطين، إذ عبروا في أنشودة ومسرحية قصيرة، عن الحقوق التي يحرم منها أطفال فلسطين، فقد تساءل الممثلون على لسان أطفال فلسطين: أين أبي؟؟ أين جدي؟؟ إشارة إلى القتل الممنهج الذي تمارسه إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني الأعزل.
وقد أبدع ثلاثة تلاميذ في مسرحية قصيرة، موضوعها حق الطفل في التعلم، إذ ارتجت جدران القاعة بتصفيقات الحاضرين استحسانا لهذا العرض، الذي عالج مشكلة وعي الآباء لهدف التعليم، المحصور عند بعضهم في الربح المادي العاجل، إذ لم يقبل الأب تسجيل ابنه في المدرسة إلا بعد أن أخبرته الزوجة أن الطفل إذا تعلم سيجني من ذلك ربحا ماديا، فقبل الأب فورا، لكن بشرط أن تقتسم أجرة ابنه معه بالمناصفة (fifty-fifty).
وانتهت الأنشطة بإبداع فني خاص جدّا، يتعلق الأمر بموسيقى صامتة لا آلة فيها سوى الشفتين واللسان والحلق والأنف، إذ أتحف متعلمٌ الحاضرين بموسيقى صامتة، تحكم في إيقاعها أيما تحكم. وقد كانت هذه الأنشطة جميعها من المتعلم إلى المتعلم، فلم يتدخل السادة المدرسون والسيدات المدرسات في تقديم هذا النشاط إلا عن طريق التأطير والتوجيه قبل عرض الأنشطة، فحتى تقديم مواد هذه الأمسية أسند إلى تلميذة، ولم يتكلف أستاذ أو أستاذة بذلك.
و غير خاف أن لهذه الأنشطة أدوارا تربوية وترفيهية، على المستوى القريب والبعيد، فالمدرسة هي النواة الأولى التي أنتجت – ومازلت- طاقات فنية وفكرية، ذاع صيتها، والمدرسة لا يمكن أن تكتشف مواهب المتعلمين، ولا يمكن أن تنميها إلا عن طريق هذه الأنشطة، وهي إلى ذلك تُخْرِج المتعلمين من رتابة الدروس اليومية، وتلقيهم في رحاب جو المرح واللعب، الذي هو خاصية من خصائص هذه المرحلة العمرية.
وأملي أن يكون موضوع الأنشطة المقبلة خاصا بواجبات المتعلمين نحو مدرستهم وآبائهم ومربيهم ومجتمعهم بصفة عامة، إذ كثيرا ما نتحدث عن الحقوق، وننسى أو نتناسى الواجبات، ولعلّ أولى الواجبات التي ينبغي أن يلتزم بها المتعلمون، هي الاجتهاد والانضباط واحترام المربين.

.