إنهاء الأزمة بين الفلسطينيين تكمن في زوال كل الانتماءات إلا الانتماء للوطن
من المعلوم أنه لا يؤجج نار الفتنة في الوطن الواحد إلا ضيق الانتماءات مع وجود الانتماء الأكبر للوطن الواحد. فالانتماء للوطن الفلسطيني لا يسمح بغيره من الانتماءات التي هي مجرد وجهات نظر من أجل تحقيق الغاية والهدف وهما استرجاع الوطن السليب. ووجهات النظر قد تصيب وقد تخفق ، فهذا يرى استرجاع الوطن في التعامل مع أطروحات ما يسمى المجتمع الدولي وفق ما يسمى خرائط طرق تفضي إلى السلام مع العدو وتسترجع الحق الضائع ، وذاك يرى استرجاع الوطن بالطريقة نفسها التي ضاع بها ، وثالث يرى التوفيق بين المسارين : مسار السلام ومسار المقاومة. وقد تتفرع وجهات نظر فرعية عن هذه الوجهات الثلاث الرئيسة ، وقد تختلف وجهات النظر الفرعية اعتدالا وتطرفا حسب الظروف التي يفرضها واقع القضية . وقد نسجل التباين الكبير بين وجهات النظر المختلفة لأبناء الوطن الواحد ولكن أبدا لا يمكن أن نجد خلافا حول جوهر القضية وهو استرجاع الوطن ، لهذا كان من اللازم أن يأخذ الجميع بعامل الانتماء للوطن الذي يوحد عوض باقي العوامل التي تفرق . فمن السهل قد تهمة التعاون مع العدو لمن اختار مسار التفاوض ، كما أنه من السهل قد تهمة تعريض مصلحة الوطن العليا للخطر لمن اختار مسار المقاومة . والاتهام المتبادل بين الأطراف المختلفة بسبب اختلاف وجهات النظر لا يفيد القضية في شيء بل يجعل الكل محط اتهام ذلك أن الوطن قد يضيع بسبب التفاوض إذا كانت أسسه غير سليمة ، كما أنه قد يضيع بسبب المقاومة إذا كانت المقاومة غير مستوفية لشروط نجاحها. ولهذا السبب لا بد من تعليق الانتماءات الضيقة بسبب وجهات النظر المختلفة والتي يجمعها هدف واحد وهو استرجاع الوطن الضائع. ولا يمكن استرجاع الوطن كاملا غير منقوص إلا باسترجاع كل أبنائه غير منقوصين في الداخل والخارج . ولا بد من فتوى من أهل الحل والعقد تجرم استخدام تهمة التخوين بين أبناء الوطن الواحد إلا من ثبتت بالدليل القاطع في حقه الخيانة وأجازها أهل الحل والعقد بإجماع لا خلاف فيه.
ولا بد أن تتغير المسميات فالوطن ليس ضفة وقطاعا ، وإنما أطراف وطن تحت الاحتلال والحصار. والمواطنون ليسوا فتحا وحماسا بل إخوان مصيبتهم واحدة احتلال وحصار وشتات . وموتاهم كلهم شهداء مهما كانت ظروف استشهادهم فحقنة السم التي مات بها الشهيد ياسر عرفات لا تقل خطورة عن الصاروخ الذي مات به الشهيد أحمد ياسين . والأسير من فتح لا يختلف عن الأسير من حماس في سجون العدو. ولا مبرر لوجود سجون فيها سجان من فتح وسجين من حماس أو العكس . إن القضية الفلسطينية أكبر من وجهات نظر تفرضها الانتماءات الضيقة لهذا لا مندوحة عن تعليق الانتماءات الضيقة في هذه المرحلة بالذات أمام الانتماء الكبير للوطن الواحد. ولا بد أن يقتنع المجتمع الدولي ومعه العدو الغاصب أن ما يوحد الفلسطينيين هو هدف استرجاع الوطن ، وأنه لا عبرة بمسميات التشرذم بين الفلسطينيين التي يحلم هذا المجتمع الدولي أو العدو الصهيوني بركوبها للالتفاف على الهدف الأساس وهو استرجاع الوطن المغتصب والمقسم والمحاصر. إن التهويد انطلاقا من مستوى اللغة إلى مستويات أخطر سببه الخوض في الانتماءات الضيقة ، عوض هيمنة الانتماء الأكبر والأعظم على الجميع .
ولابد أن يعذر الجميع الجميع . وللجميع عذره وشأن الشعب الفلسطيني شأن أسرة خرج أفرادها في طلب شيء ضائع واختلفت اتجاهات بحثهم ، كما اختلفت وسائل البحث ومراكبه ، وعوض الانشغال بالبحث عن الضائع صار الانشغال بانتقاد سبل وطرائق ووسائل البحث حتى بلغ الأمر حد التخوين والتجريم والتجريح بين أفراد الأسرة الواحدة مع وجود الضائع الذي يئن ويقول يا أحبابي كفاكم أنا هنا في انتظاركم وكلكم في الوجهة الصحيحة هلموا إلي فكل الطرق تؤدي إلي . اللهم اجمع شمل الأهل في أرض مقدسك الشريف.
Aucun commentaire