الصفقة قضية والبائع فلسطيني والمشتري صهيوني والسمسار عربي
الآلام أنواع، وأشدها قسوة على النفس أن يقرأ الإنسان على موقع فلسطيني
كدنيا الوطن مقالات تجاوز فيها الحقد الفلسطيني بين أهله حدود الحقد
المفروض أن يوجد بينهم وبين عدوهم. لقد أنسى الفلسطينيين حقدهم على بعضهم
الحقد على عدوهم الصهيوني. سمعت بالشماتة ولم أسمع بشماتة الفلسطيني بأخيه
وهو تحت نيران طيران العدو المباغت. سمعت بالتعصب ولم أسمع بالتعصب
الطائفي للفلسطينيين. سمعت باختلال المنطق ولم أسمع بمثل اختلال منطق
الفلسطينيين، وبيان ذلك أن السلطة انتخبت، والحكومة انتخبت يا حسرتاه،
فإذا بالسلطة تعزل الحكومة، والحكومة تنفي وجود السلطة. ولو كان المنطق
سليما لتدخل من انتخب السلطة والحكومة لعزلهما معا لأن الذي انتخبهما معا
فعل ذلك على أساس أنهما وجهان لعملة واحدة، ولا ينفصل وجها عملة إلا
بتمزيق الورقة المالية في منطق العقلاء. أما منطق إخواننا الفلسطينيين
فيريد فصل وجهي العملة دون تمزيق الورقة وهو ما لا يحدث إلا إذا جرت
السفينة على اليابسة، وطارت السلاحف في الفضاء . ومع أن نفس التهم متبادلة
بين السلطة والحكومة فلا السلطة والحكومة خدمت القضية بل صارت القضية صفقة
بيع البائع فيها فلسطيني بغض الطرف عن سلطويته أو حكوميته والمشتري فيها
صهيوني والسمسار عربي.
فمصلحة العدو أن يظفر بالصفقة ولاخلافه،سلطة ولا حكومة ولا سمسرة، وكل همه
أن يحصل البيع.والخلاف داخل الطرف البائع لم يثن السمسار عن
سمسرته.والسمسار يتخذ من خلاف الطرف البائع ذريعة لشراء صمت الشعوب
العربية ذلك أنه إذا ما هبت هذه الشعوب غاضبة ضد العدوان قال لها حكامها
بلسان الحال والمقال ما دخلك في صراع داخل البيت الفلسطيني ؟ انتظري حتى
يحسم البيت الفلسطيني خلافه ، ويختار طريقة الصفقة بين تطبيع أو مقاومة ،
والمشكلة أن صفقة التطبيع تهمة ، وصفقة المقاومة تهمة أيضا ، والسماسرة في
الحالتين غايتهم واحدة ما دامت الغاية تبرر الوسيلة، والخسارة في النهاية
واحدة وهي خسارة القضية.
Aucun commentaire