Home»Débats»أخنوش يفي بوعده!

أخنوش يفي بوعده!

0
Shares
PinterestGoogle+

اسماعيل الحلوتي


أعتقد جازما أنه لن يخالفني الرأي هنا إلا فئة قليلة من المحظوظين في كون حكومة عزيز أخنوش رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، التي تم الترويج لها في بداية الأمر فور الكشف عن تشكيلتها الأولى، على أنها « حكومة الكفاءات »، ليست أحسن حالا من سابقاتها وخاصة حكومتي البيجيدي السابقتين، من حيث التخبط في تدبير الأزمات وعدم القدرة على مواجهة غلاء الأسعار واجتراح الحلول المناسبة لعديد الملفات وعلى رأسها البطالة وإصلاح المنظومة التعليمية ومحاربة الريع والفساد، والقرارات الارتجالية الجائرة والإجهاز على ما تبقى من مكتسبات اجتماعية، كالتقاعد والإضراب وغيرهما.
حيث أنه لم يمض على تعيينها سوى بضعة شهور حتى اكتشف المغاربة زيف الشعارات التي رفعتها أحزاب التحالف الحكومي الثلاثي خلال الحملة الانتخابية، وخاصة منها شعار « تستاهل أحسن » لحزب « الحمامة » الذي تصدر نتائج الاستحقاقات الانتخابية ليوم 8 شتنبر 2021، واتضح لهم جليا أنهم أخطأوا الطريق عندما راهنوا على المليونير عزيز أخنوش، في إعادة الأمل إلى نفوسهم المنكسرة وإخراجهم من ذلك النفق المظلم، الذي ظلوا ضائعين في غياهبه على مدى عشر سنوات عجاف، تجرعوا خلالها كل ألوان الظلم والحيف في عهد حكومتي حزب العدالة والتنمية الإسلامي السابقتين برئاسة كل من عبد الإله ابن كيران وخلفه سعد الدين العثماني.
إذ على الرغم من ذلك الكم الهائل من الوعود التي قطعها أخنوش على نفسه إبان المعركة الانتخابية التي خاضها حزبه في شتنبر 2021، فإن الوعد الوحيد الذي نجح في تحقيقه هو ذلك المتعلق بإعادة التربية للمغاربة، الذي سبق له أن توعدهم به خلال لقاء تواصلي مع مغاربة العالم في حملة انتخابية سابقة لأوانها بالعاصمة الإيطالية روما في شهر دجنبر 2019، وهو مازال حينها وزيرا للفلاحة في حكومة العثماني. حيث أنه بدا في شريط فيديو وهو يتحدث بحماس كبير، قائلا: « باش نكونو واضحين ؤبلا مزايدات، راه مكاينش اللي يجي ويسب المؤسسات ديال الدولة، ؤمعندوش بلاصتو فالبلاد. اللي بغا بلادنا خاصو يحترم شعار الله الوطن الملك، والمؤسسات والديمقراطية… ماشي غير العدالة اللي دير خدمتها، لمغاربة حتى هما خصهم يديرو خدمتهم واللي ما مربيينش ؤناقصهم التربية نعاودوها ليهم  »
وبصرف النظر عما أثاره ذلك الوعيد الأهوج من ردود فعل غاضبة على منصات التواصل الاجتماعي، حيث اعتبره البعض نوعا من التحريض على الكراهية والاقتتال بين المغاربة وزرع الفتنة داخل المجتمع المغربي، وأعاد إلى ذاكرة البعض الآخر تلك الحقبة التاريخية من سنوات الجمر والرصاص حيث الترهيب ومصادرة الحريات وتكميم الأفواه، فضلا عما يشكله كلامه من تهديد مباشر للسلم الاجتماعي والتعايش بقوله: « سمحو ليا ماشي غير العدالة اللي خصها دير خدمتها، المغاربة حتى هما خصهم يديرو خدمتهم واللي ناقصاه التربية نعاودو التربية ديالو »
فإن رئيس الحكومة عزيز أخنوش لم يخلف وعده في إعادة التربية ليس فقط لمن يعانون على حد قوله من نقص في التربية، بل لجميع المغاربة بدون استثناء، علما أن الله سبحانه وتعالى قال في محكم كتابه العزيز، سورة فاطر الآية 18: « ولا تزر وازرة وزر أخرى ». لكن إعادة التربية في نظره لا تكمن في العمل على النهوض بالمنظومة التعليمية وإعادة النظر في البرامج والمناهج الدراسية، ولا بالتشجيع على القراءة الحرة والإكثار من الجامعات الشعبية والبرامج التثقيفية على القنوات التلفزيونية، وإنما بضرب قدرتهم الشرائية وحرمانهم من عديد الحقوق المشروعة.
حيث أن اخنوش عوض أن يهتم بتحسين ظروف عيش المواطنين، كرس معظم وقته واهتماماته لتنمية أرصدته المالية في الأبناك داخل المغرب وخارجه، من خلال شركاته والمشاركة في الصفقات الاستراتيجية الضخمة من قبيل تحلية مياه البحر في مدينة الدار البيضاء وغير ذلك من المصالح الشخصية، ضاربا عرض الحائط بما يؤاخذ عليه من « تضارب المصالح »، وتاركا المغاربة عرضة للتذمر والاستياء بفعل تصاعد موجة غلاء الأسعار بعد أن عرفت جميع المواد الأساسية والأكثر استهلاكا لدى عموم فئات المجتمع ارتفاعا قياسيا رهيبا، انهارت معه القدرة الشرائية للطبقات الفقيرة والمتوسطة على حد سواء، ناهيكم عن ارتفاع معدلات الفقر والبطالة التي بلغت لأول مرة 21 في المائة برسم سنة 2024، اتساع الفوارق الاجتماعية والمجالية وتفاقم معضلة الفساد، مما أدى إلى ارتفاع منسوب الاحتقان الاجتماعي وتزايد موجة الاحتجاجات المنددة بالغلاء الفاحش، وعدد الإضرابات المطالبة بتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في سائر القطاعات وخاصة قطاعات التعليم والصحة والعدل والجماعات وغيرها…
فأين نحن من تلك الوعود البراقة عن اعتزام حكومته سواء في نسختها الأولى أو الثانية اتخاذ مبادرات وإجراءات جريئة وهيكلية للحيلولة دون تواصل المس بالقدرة الشرائية، والكفيلة بمحاربة كل أشكال الريع والفساد والمضاربات، والحرص على تنفيذ كافة الالتزامات الاجتماعية وحماية مكتسبات التقاعد والاهتمام بالمتقاعدين؟ ومتى كان حرمان المواطن المغربي من استهلاك الأسماك والخضر والفواكه واللحوم الحمراء والبيضاء التي بلغت أعلى المستويات القياسية في تاريخ المغرب، يندرج في إطار « إعادة التربية »؟

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *