قيس سعيد وبطولات الصعاليك
نورالدين زاوش
لست أدري ما الذي جعل المسمى قيد حياته « قيس سعيد » بهذه البلادة المُفزعة وهذا الغباء المُرَوِّع؟ أبسبب أنه وضع يده النتنة في يد « تبون » الملطخة بدماء الجزائريين؛ فرجع معتوها مثله، لا يُؤْبه لكلامه ولا يُنظر لأفعاله؟ أم أن الْعَته فيه ركن أصيل وهذا أصلا ما جعله يضع يده في يد ذلك الأبله؟
قمة العجب أن يقرر رئيس دولة مغاربية مُسْلمة وجارة عدم تعزية جلالة الملك، حفظه الله وأطال عمره، في فقدان والدته، رحمها الله، وعدم تعزية الشعب المغربي في هذا المصاب الجلل الذي آلم جميع المغاربة؛ لكن العجب سرعان ما يزول حينما نعلم أن « الرجل » اشتراه « الكابرانات » بثمن بخس دراهم معدودات، حتى بات في أيديهم ليِّناً مِطْواعا يُفعل به الأفاعيل، ما علمنا به وما لم نعلم؛ لا شك أن المتنبي كان يقصد أمثال هذا الأحمق حينما قال قولته المشهورة:
لا تشتري العبد إلاّ والعصا معه *** إن العبيد لأنجاس مناكيد
تُذَكِّرني هذه الواقعة الأليمة بقصة البعوضة التي حطَّت على جذع نخلة باسقة، وقبل أن تغادرها قالت للنخلة: « تمسَّكي جيدا، فإني راحلة عنك »، فردت عليها النخلة: « والله ما شعرت بك حينما حططت، فكيف أشعر بك حينما ترحلين؟ »؛ وهو ما جسَّده عمليا أسد الدبلوماسية المغربية « ناصر بوريطة » حينما سألته صحافية سؤالا عريضا، على هامش القمة العربية التي أقيمت بالجزائر، عما إذا كانت هناك أية مبادرات دبلوماسية أو سياسية لرأب الصدع وتقريب وجهات النظر بين المغرب وتونس، فرد بردٍّ أسرع من البرق وأقوى من الرّعد: « لا »، ولم يزد عليها؛ وكأنه يقول بأن تونس في عهد « قيس سعيد » آخر انشغالات المملكة المغربية الشريفة وآخر اهتماماتها، وأنه لولا أسئلة الصحافيين والصحافيات لما تَذَكَّرنا أن فوق هذا الكوكب دولة تُدعى تونس.
قد يقول قائل، وحقَّ له ذلك، بأنه كان من الأجدى أن لا أُضَيِّع الوقت وأُهدر الجهد في كتابة مقال حول شخص تافه لا قيمة له ولا وزن؛ وحول مواقفه العوجاء وبطولاته العرجاء الأشبه ما تكون ببطولات الصعاليك؛ إلا أنني، للأسف الشديد، أو ربما للحظ الوافر، لا أنتمي للمدرسة التي تقول: « القافلة تسير والكلاب تنبح »؛ بل أنتمي للمدرسة التي ترفع شعار: « لا تدع الكلاب تنبح طول الوقت، أوقف القافلة بين الحين والحين وألقمها حجرا، ثم أتمم المسير في هدوء ».
نورالدين زاوش
عضو الأمانة العامة لحزب النهضة والفضيلة
Aucun commentaire