الدول الإسلامية والعربية تتحمل مسؤولية سكوتها على استمرار إبادة الصهاينة الجماعية للشعب الفلسطيني في قطاع غزة ، وجرائمهم في الضفة الغربية
الدول الإسلامية والعربية تتحمل مسؤولية سكوتها على استمرار إبادة الصهاينة الجماعية للشعب الفلسطيني في قطاع غزة ، وجرائمهم في الضفة الغربية
محمد شركي
بالرغم من صدور قرار مجلس الأمن بوقف الحرب في قطاع غزة ، وصدور أحكام محكمة العدل ، ومحكمة الجنايات الدوليتين اللتين أدانتا مجرمي الحرب الصهاينة ، وعلى رأسهم رئيس وزراء الكيان العنصري ، ووزير دفاعه ، فإن جرائم الإبادة الجماعية لم تتوقف، إذ لا زال الضحايا المدنيين يسقطون بالعشرات يوميا قتلى وجرحى . و بهذا صارت المشاهد الفظيعة لهذه الإبادة أمرا مألوفا في دول العالم التي تتفرج شعوبها على ما يحدث بلا مبالاة ، ولا تزيد مواقف شرائح منها عن تسيير مسيرات ومظاهرات لم تعد مؤثرة ، ولا ذات تأثير أو ضغط من أجل تخليص الشعب الفلسطيني في القطاع والضفة من ظلم المحتل الصهيوني المصرعلى اقتراف جرائمه بكل وحشية وهمجية .
ومعلوم أن ما سمي خطة الإدارة الأمريكية التي أعلنها الرئيس الأمريكي، لم تفصح بدقة ووضوح عن وقف نهائي للحرب الدائرة في غزة، بل موهت على ذلك تمويها من أجل فرض إرادة الكيان الصهيوني الذي يريد وقفا مؤقتا للحرب ريثما يسترجع رهائنه ثم يواصلها من أجل استئصال شأفة المقاومة كما يصرح قادته علنا ، وهذا ما جعل المقاومة الفلسطينية بكل فصائلها ترفض هذه الخطة المشبوهة ما لم يزل عنها الغبش ،إلا أن الإدارة الأمريكية تحاول أن توهم الرأي العام العالمي بأن الطرف الرافض لهذه الخطة هو المقاومة، وليس تعنت الكيان الصهيوني ، علما بأن هذه الإدارة ضالعة هي الأخرى في جرائم هذه الإبادة الجماعية بتسليحها الذي لم يتوقف للكيان الصهيوني ، فضلا عن مشاركتها الفعلية فيها هي ومعها إدارات أوروبية .
والوضع السائد اليوم في الدول الإسلامية والعربية، أنها تقف متفرجة على ما يحدث في القطاع والضفة من جرائم حرب ، علما بأن بعض الأنظمة فيها تقف بشكل أو بآخر مع الكيان الصهيوني ، وهي مع فكرة القضاء على المقاومة الفلسطينية ، كما أنها تستعجل ذلك من أجل إتمام ما سمي بصفقة القرن ، وهي صفقة لصالح المحتل الصهيوني مائة بالمائة ،والذي لن تقف أطماعه عند حدود التطبيع مع بعض الأنظمة العربية، بل ستبلغ أقصى مدى لها ، وهو ما ينذر بأخطار تتهدد شعوب دول إسلامية وعربية ، في أمنها وسلامها ، واقتصادها ، وفي هويتها .
ومما شجع أنظمة الدول الإسلامية والعربية على السكوت والتفرج على ما يحدث في فلسطين المحتلة هو أن حراك شعوبها المندد بجرائم الكيان الصهيوني باهت ، ولا يقلقها ، ولا يمثل ضغطا حقيقيا عليها من أجل اتخاذ مواقف جادة وإجرائية من أجل الضغط على الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة كي توقف هذه الحرب القذرة ، وبإمكانها أن تفعل لو شاءت ، ولكنها لا تريد ذلك ، وهي تسوف من أجل إفساح المجال للكيان الصهيوني كي يتمادى في طغيانه . وستبقى هذه الخرب عبر التاريخ وصمة عار على جبين العالم بأسره كغيرها من الوصمات المسجلة من قبل .
وما لم تغير الأنظمة الإسلامية والعربية موقفها من استمرار جرائم الإبادة الجماعية التي يصر على عدم وقفها الكيان الصهيوني العنصري الذي تؤيده في ذلك الإدارة الأمريكية والإدارات الأوروبية ، فإن الوضع في العالم الإسلامي والعربي ينذر بانفجار وشيك مصدره سخط وغليان شعوبه التي لم تعد تتحمل ما يحدث للشعب الفلسطيني ، وما يطاله من ظلم ،وإجرام ،وإبادة جماعية، وتجويع ،وتهجير قسري .
وإذا ما استخفت الأنظمة الإسلامية والعربية بسخط وغليان شعوبها أو أساءت تقدير خطورته ، فإن لحظة ندمها ولات حين مندم آتية لا محالة ، ولعلها على وشك الحصول ، لهذا عليها أن تعجل بموقف عملي إجرائي صريح وشجاع، يعبر عن رفضها لجرائم الإبادة الجماعية التي يجب أن تتوقف للتو ، وألا يقتصر هذا الموقف على الشجب اللفظي، كما كان الحال في المؤتمر الذي عقد بعد السابع من أكتوب الماضي ولم يسفر عن شيء يذكر.
ومعلوم أن الأنظمة الإسلامية والعربية تملك من وسائل الضغط المختلفة بما في ذلك الضغط الاقتصادي الفعال ما يعجل بوقف هذه الحرب في غزة بشكل نهائي ، وليس بصيغة الإدارة الأمريكية التي هي الصغية الصهيونية بحذافيرها .
ومن أجل حمل هذه الأنظمة الإسلامية والعربية على اتخاذ مثل هذا القرارالشجاع، يلزم شعوب البلاد الإسلامية والعربية ألا يقتصر هي الأخرى حراكها المندد بجرائم الإبادة الجماعية على شرائح منها دون أخرى تكون أوسع وأشمل ، وألا يظل حراكا باهتا، لا تعبأ به أنظمتها ، ولا تعيره أدنى اهتمام . وعلى هذه الشعوب أيضا أن تلتزم الالتزام التام والشامل بمقاطعة كل منتوجات الدول الداعمة للكيان الصهيونين فضلا عن مقاطعة منتوجاته ، وما أكثرها. وبهذا فقط يمكن أن تتغير الأحداث في قطاع غزة وفي الضفة الغربية ، وتسود معادلة غير المعادلة الحالية التي إن استمرت لن تنجو هذه الشعوب مما سيترتب عنها ، وستندم هي الأخرى ولات حين مندم ، وسيكون مصيرها غير محمود العواقب ، وستلعنها الأجيال القادمة ، ويسجل التاريخ هوانها، وذلها، وخنوعها ،ومعرتها .
وعلى الشعب الفلسطيني أن يزداد صمودا ومقاومة ،لأن النصر بات قاب قوسين أو أدنى منه بعون من الله عز وجل الذي لن يضيع جهاده ، وتضحياته.
Aucun commentaire