موقع معركة بورد 2 أكتوبر 1955, من سمع ليس كمن رأى
موقعة بورد 2 أكتوبر1955.
السبت 6 ماي 2023,زيارة للموقع.
من رأى ليس كمن سمع.
على بعد نصف ساعة بالسيارة من أجدير(إقليم تازة) تقع قرية بورد الوديعة الهادئة, و على هضبة مقابلة للوادي المحاذي للقرية إختار المحتل المجرم أن يجثم بكلكله على أهل البلد. و لأن الأرض كانت مستباحة ,اقتطع منها ما شاء مستوليا على مساحة شاسعة.
حضّر كلّ شيء لينهَب الخيرات و يُرهب الإرادات في مأمن من ردّات الفعل :حفرالخنادق و المخابيء و الأنفاق وشيّد مَراقب على الجهات الأربع للموقع.
ظنّ المستعمرون أنها مانعتهم حصونهم من قبضة الرجال لكن حين اتُّخذ قرار الانتصار لم تنفع لا الحصون الإسمنتية و لا الأسقف الفولاذية.و لمّا نادى المنادي ذات ثاني أكتوبر 1955، حيّ على الجهاد حيّ على الفلاح, تأبط الرجال عزائمهم و عنفوانهم و بضع قطع من سلاح لا يكفي حتى ثلثهم وتوجّهوا برباطة جأش نحو » البيرو » رمز الطغيان و عنوان البطش.
هكذا تمكّنت ثلة من المؤمنين بنصر الله و بعدالة قضيتهم من جعل كل المنشئات و التحصينات و الاحتياطات التي أعدت لسنوات تفقد الفاعلية في هجمة ليلية.
إلى هنا قد تبدو الأمورعادية, أو تكاد تكون كذلك, مقارنة بمعارك أخرى في بقاع أُخَر.
لكن هنا الأمر مختلف : يكفي أن تزور المكان و تتعرف على الجغرافيا لتعرف قيمة التاريخ الذي كتبه المقاومون بأخفاف بالية و أرجل حافية و سواعد متوضئة.
الموقِع المستهدَف يعلو هضبة, و قد اختير بعناية ليبقى جوارُه مكشوفا لمراكز المراقبة المغروسة في الجهات الأربع.
أمّا المهاجمون فقد جاؤوا من بعيد بعيد. تكفي فقط الإشارة إلى أن الوصول إلى الموقع بالسيارة, من أحد الدواوير المهاجمة غير المجاورة (إخوانا على سبيل المثال), يتطلب ساعة أو أكثر, فما بالك بقطع المسافة على الأقدام. أقدام أغلبها حافية ناذرا ما دخَلتْ أحذية و لم تنعم حين جدّ الجِدُّ لا بحماية الجِزم العسكرية و لا براحة الأحذية الرياضية.
وأما المسار الذي أخذته رحلة تباشيرالتحرير فيُعرف بصعوبة التضاريس و وعورة المسالك, و خرائط « جوجل إرث » خيرُ شاهد على ذلك.
هكذا إذاً تَحرّك صانعو ملحمة « بيرُو بورْدْ » اللّيلية في منطقة جبليّة بلا خوف ولا وجل يُسلِمُهُم فيها جَبلٌ إلى جبلٍ. ولأن في الحركة بركة, فقد بارك الله المسعى وحمى تلك القلوب المؤمنة الحاملة, في أغلبها, لكتابه . قدّر النصر المبين على الأعداء المعتدين ففرّ, عبر الأنفاق, كالجُرذان قائدهم القبطان .
أثناء التجّول على أنقاض الموقع تكاد العين تدمَع : كم كنّا نقرأ و نسمع عن هذه الملحمة الإجزنائية لكن حضورنا إلى عين المكان جعلنا نوقنُ أنّهم يتعاملون معَ التاريخ بانتقائية . ومهما حاول المرء تصنّع الحياد فلن يستسيغ هذا التنكّر المشين للجهاد. هنا يقف كلّ زائر على حجم التضحية و الاستبسال و على فضيحة التنكّر و الإهمال.
لا لافتة في المدخل و لا إشارة في الجِوار وغياب تام لأي تشويرعلى طول الطريق بين تازة و أجدير رغم وجود شيء إسمه المندوبية السامية لقدماء المُقاومين وأعضاء جيش الّتحرير.
بينما استرخص الأبطال الأشاوس الأرواح, إستغْلى مهندسو الإهمال حتّى الألواح. يضِنّون بفُتات ميزانية لتوفيرمجرّد ألواح, إسمنتية كانت أو معدنية, تُغرسُ على قارعة الطّريق لتدلّ النّاس على مكان الواقعة.
تغادر المكان وفي الحلق غصّة . تتزاحم بداخلك مشاعر الفخر و الاعتزاز و السخط و الاشمئزاز . تنتابك الرغبة بإخبار أوّل من تصادفه في طريقك عن قصّة قطعة من تاريخك, قصة اختلط فيها استبسال الأبطال بالاستسهال و الإهمال الذي طال .
تريد أن تحكي عن أحاسيسك و انطباعاتك غير آبه بكمّ المطبوعات التي صدرت في الموضوع. فقد كُتبت مقالات ومذكّرات إدعى كتّابها لأنفسهم و لذويهم البطولات. من نُصدّق و من نُكذّب؟ من يمتلك الحَرفَ يمكن أن يصدُق أو يُحرِّف ما دام يعرف أنّ البقيّة أغلبها أميّ أو قد مات.
وجدة, 10 ماي 2023.
1 Comment
لسم الله الرحمن الرحيم وصلى وسلم على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. طريق تازة اكنول عين الحمراء اجدير بورد تسمى بكزناية الغربيةقبيلة الابظال الدين ابتلو ابتلاء حسن رحم الله الشهداء.هده المنظقةمع الأسف همشت ولم تعضاء الاهميت أغلب الساكنة هجرو إلى أوروبا أنا ابن المنطقة عيشت بعض الوقت في تلك الجبال الوعيرة ونشكر جزيل الشكر لصاحب المقال