متى تكشفون عن أبطال فضيحة التذاكر؟!
اسماعيل الحلوتي
مر إلى حدود أيام الأسبوع الأخير من الشهر الفضيل رمضان حوالي أربعة شهور بالتمام والكمال على تفجر فضيحة التلاعب بتذاكر مونديال قطر 22 دون أن يلوح في الأفق ما يبشر بقرب نهاية التحقيقات، وهي المدة التي قضت خلالها محاكم المملكة المغربية أحكاما بخصوص عدة ملفات في المرحلة الابتدائية ثم في المرحلة الاستئنافية، كما هو الشأن مثلا بالنسبة للطفلة سناء من مدينة تيفلت التي تعرضت لاغتصاب جماعي، وغيرها من القضايا الأخرى.
فيما لازال المواطنون ينتظرون من رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم فوزي لقجع الوفاء بما قطعه على نفسه من وعود حول الكشف عن نتائج التحقيقات التي قامت بها جامعته، والإعلان عن هوية الأبطال المتورطين وحتى المتواطئين معهم في الفضيحة السالف ذكرها، التي أسالت الكثير من المداد على صفحات الجرائد الورقية والإلكترونية وأثارت عاصفة من ردود الأفعال الغاضبة في الشارع وعلى منصات التواصل الاجتماعي، وتقديمهم إلى العدالة لتقول كلمتها الفصل. خاصة أنه سبق وتوعد بإنهاء نشاطاتهم الرياضية في الجامعة في حالة ما إذا ثبت ضلوعهم في فضيحة بيع التذاكر في السوق السوداء، والحال أنه كان من المفترض أن توزع بالمجان على الجماهير المغربية، مما حرم الكثيرين منهم من متابعة مباراة منتخبهم الوطني في نصف نهائي كأس العالم. فمتى يا ترى تنتهي هذه التحقيقات الهتشكوكية؟
ذلك أن رئيس الجامعة كان قد أكد في وقت مضى عبر ندوة صحفية بأنه حريص على نشر نتائج تلك التحقيقات في أجل أقصاه العاشر من شهر يناير 2023 متوعدا المخلين بواجبهم من المسؤولين والإداريين بالطرد النهائي من الجامعة ومتابعة البعض منهم قضائيا. كما لم يفته الإعلان عن تكوين لجنة من أعضاء اللجان المستقلة التابعة للجامعة، للتحقيق في حيثيات الفضيحة وإصدار القرارات المناسبة في اجتماع ثان للمكتب المديري يوم 16 يناير 2023، ضد كل من تأكد تورطه في هذا العمل المشين، الذي يمس في العمق بسمعة كرة القدم الوطنية والمشرفين على تدبير شؤونها.
وتأتي عودتنا إلى هذه الفضيحة النكراء التي تجاوزت أصداؤها الحدود المغربية، وأزكمت رائحتها أنوف كبار المسؤولين في العالم، بمناسبة الخرجة الإعلامية الأخيرة لرئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام محمد الغلوسي، الذي غاظه كثيرا مثله مثل السواد الأعظم من المغاربة وخاصة منهم المهتمين بالشأن الرياضي، أن يظل التكتم على المفسدين سائدا في بلادنا، حيث قال: « يبدو أن الحكومة تراهن وبعض الأشخاص على عامل الزمن لنسيان هذه الفضيحة وطي ملفها، مخافة أن تزحزح عرش شبهات فساد في قطاع الرياضة » وأضاف بأنه من غير المستبعد أن يكون هؤلاء المفسدون دخلوا في تهديد بعضهم البعض برفع الغطاء عن « المستور »، وبالتالي تكون هذه التهديدات سببا رئيسيا في تأخير الكشف عن الحقيقة وتعطيل مجرى القانون. وربما تكون هناك جهات نافذة تريد التريث وعدم التسرع إلى حين إيجاد الوقت المناسب في اختيار أكباش فداء، ليتواصل التستر عن الحيتان الكبرى، تاركة لها مجال العوم في بحرها الغارق بالريع والفساد، من أجل بناء أمجادها ومراكمة ثرواتها على حساب المغفلين من القوم.
ويشار كذلك في هذا الصدد إلى أن ذات الناشط الحقوقي « الغلوسي » لم يقف عند هذا الحد، بل دعا إلى ضرورة التعجيل بالاستجابة لمطالب المواطنين والكف عن التمادي في التسويف والمماطلة، بالإعلان عن نتائج الأبحاث القضائية وتحريك المتابعات في حق المتورطين، حرصا على تفعيل المقتضى الدستوري « ربط المسؤولية بالمحسبة » وتحقيق مبدأ عدم الإفلات من العقاب، واتخاذ ما يلزم من إجراءات صارمة ضدهم، للحد من مثل هذه المظاهر التي تسيء إلى سمعة البلاد وتخدش صورتها أمام أنظار العالم، ولاسيما أن الفضيحة وقعت خلال مباراة دور نصف النهائي الذي جمع بين أسود المغرب وديوك فرنسا في العرس الكروي العالمي بالعاصمة القطرية الدوحة.
إنه لمن المخجل وغير اللائق برجل ظل الكثير من المغاربة يحترمونه ويقدرونه على ما يبذله من جهود مضنية ويقوم به من مبادرات بدعم ملكي في محاولة تطوير كرة القدم المغربية والنهوض بالبنيات التحتية، أن يعود مرة أخرى ليس للكشف عن أسماء المتورطين في فضيحة الاسترزاق بتذاكر مونديال قطر 22، بل ليقول لنا على هامش اجتماع المكتب المديري للجامعة المنعقد يوم الإثنين 20 مارس 2023 في مركب محمد السادس لكرة القدم بمدينة سلا، بنغمة المنتصر بأن تقرير الفضيحة إياها سيكون جاهزا في غضون الأيام القليلة المقبلة…
والأفظع من ذلك أنه لم يتردد في دعوة أسرة كرة القدم الوطنية إلى الانخراط في ملف ترشح المملكة المغربية بمعية كل من إسبانيا والبرتغال في ملف ثلاثي مشترك، لاحتضان فعاليات كأس العالم 2030، ناسيا أن فضيحة التذاكر ستظل وصمة عار في جبين الكرة المغربية، ما لم يتم التعجيل بالحسم فيها ومتابعة أبطالها قضائيا.
Aucun commentaire