هل يعتبر غزو روسيا لأوكرانيا مؤشرا على بداية فصل جديد من تنافس القوى العظمى في العالم على إعادة كرّة الحركة الاستعمارية من جديد في هذا القرن ؟
ٍ
هل يعتبر غزو روسيا لأوكرانيا مؤشرا على بداية فصل جديد من تنافس القوى العظمى في العالم على إعادة كرّة الحركة الاستعمارية من جديد في هذا القرن ؟
محمد شركي
لقد انتهى تهديد روسيا لأوكرانيا بتوغل عسكري يوم أمس في الأقاليم الانفصالية فيها في الوقت الذي كانت الدبلوماسية الدولية جارية على قدم وساق من أجل تطويق الأزمة إلا أن ما حدث ينطبق عليه المثل القائل : » قطعت جهيزة قول كل خطيب « ، وهو مثل يضرب عند فوات أوان كل محاولة صلح فاشلة ، ولمن لا يعرف حكاية هذا المثل ، نذكّر بأن قوما في جاهلية العرب كانوا يتفاوضون على مقدار الدية التي يجب أن يدفعها أهل قاتل لمقتول إلا أن بعض أهل هذا الأخير أصابوا ثأرهم من القاتل ، فأقبلت عليهم امرأة تدعى جهيزة فأخبرتهم بما حدث ، وانتهى التفاوض .
ولقد كانت جهيزة الروس يوم أمس هو توقيع الرئيس الروسي إعلان استقلال الأقاليم الانفصالية لأوكرانيا ، في الوقت الذي كانت قواته قد توغلت في تلك الأقاليم ، وهي خطة كانت أجهزة المخابرات الغربية على علم بتفاصيلها مسبقا . ولا زالت حشود الجيش الروسي بأعداد كبيرة على طول الحدود مع أوكرانيا تنذر بالمزيد من الغزو كما تتوقع نفس المصادر المخابراتية الغربية .
وبمجرد حدوث الغزو الروسي، أعلن العالم الغربي من أقصى شرق المعمور في أستراليا إلى أقصى غربه في الولايات المتحدة عن عقده العزم الأكيد على اتخاذ تدابير عقابية صارمة في حق روسيا ، وهي تدابير ركزت بالدرجة الأولى على عقوبات ااقتصادية قاسية وفورية مع الإشارة إلى تدابير أخرى لم يكشف النقاب عنها بعد ، إلى جانب قرار عدم اعتراف دول العالم باستقلال الأقاليم الأوكرانية المنفصلة أو بتعبير أدق المفصولة بقوة السلاح الروسي .
وأمام هذا الأمر الواقع الذي وضع الرئيس الروسي العالم عموما والغربي خصوصا أمامه، تتبادر إلى الأذهان عدة تساؤلات أهمها هل من تداعيات وخيمة العواقب للغزو الروسي تتمثل في صدام مسلح بين القوى النووية من شأنه أن يزعزع الأمن والسلام في المعمور أم أن الأمر سيقف عند هذا الحد ، ويكون مصير الأقاليم الأوكرانية المفصولة كمصير شبه جزيرة القرم ؟ ومن تلك التساؤلات أيضا ألا تعتبر الخطوة الروسية مؤشرا على بداية عهد استعماري جديد على غرار العهد السابق خلال القرنين التاسع عشر والعشرين بحيث تتقاسم الدول العظمى مناطق نفوذ جديدة تحت ذريعة حماية أمنها القومي ، وحماية مصالحها الحيوية ، وهي مصالح مرتبطة أساسا بالموارد الطبيعية ؟
ومن التساؤلات أيضا هل سيتمخض عن الغزو الروسي لأوكرانيا عن ظهور نظام عالمي جديد يعاد فيه ترتيب الأوراق ، و يكشف النقاب عن قوى عالمية جديدة تكون هي صانعة القرار في المعمور ؟
ومن التساؤلات أيضا كيف سيكون الوضع في دول العالم الثالث ، في ظل صراع دول القوى العظمى ، وهل سيصدّر إليها هذا الصراع ، وتكون هي من يدفع ثمنه الباهظ ؟
الأجوبة عن هذه الأسئلة ستكشف عنها الأيام القليلة المقبلة ، وتكون جهيزة أو جهيزات قاطعة قول كل خطيب كما حدث يوم أمس ؟
Aucun commentaire