هل للنظام العسكري الجزائري يد في انقلاب « بوركينا فاسو »؟
عبدالقادر كتــرة
أجمعت دول العالم على التنديد بـ « الانقلاب العسكري » في بوركينا فاسو، بعد يوم من إعلان جنود أنهم استولوا على السلطة في الدولة الواقعة في غرب إفريقيا.
وتوالت الإدانات الإقليمية والدولية بعد إعلان مجموعة من العسكريين في بوركينا فاسو الإطاحة بالرئيس « روك كابوري » وتعليق العمل بالدستور وحل الحكومة والبرلمان وإغلاق الحدود.
ونددت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا « إيكواس »، يوم الاثنين 24 يناير 2022، بما وصفته « محاولة انقلاب في بوركينا فاسو، ولفتت إلى أنها تحمّل العسكريين المسؤولية عن سلامة الرئيس روك كابوري الذي لا يعرف مكان وجوده.
وقالت المجموعة في بيان: « المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا تتابع بقلق بالغ تطور الوضع السياسي والأمني في بوركينا فاسو ».
من جهته، أعرب رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي عن إدانته « للمحاولة الانقلابية » في بوركينا فاسو، مطالبا الجيش بضمان سلامة الرئيس وأعضاء حكومته.
وشجب الأمين العام للأمم المتحدة « أنطونيو غوتيريش » بما سماه « وباء الانقلابات » الذي يشهده العالم، مشيرا إلى أنه يتابع بقلق عميق تطورات الوضع في بوركينا فاسو، وأعرب، الاثنين 24 يناير 2022، في بيان عن « قلقه بشكل خاص على مصير الرئيس وسلامته… في أعقاب الانقلاب الذي نفذته وحدات من القوات المسلحة في 23 يناير الجاري.
وقال البيان إن غوتيريش « يدين بشدة أي محاولة للاستيلاء على الحكم بقوة السلاح، ويدعو قادة الانقلاب إلى إلقاء أسلحتهم وضمان السلامة الجسدية لرئيس بوركينا فاسو وحماية مؤسساتها ».
وأدان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم الثلاثاء 25 يناير 2022، ما وصفه بـ « الانقلاب العسكري » في بوركينا فاسو، بعد يوم من إعلان جنود أنهم استولوا على السلطة في الدولة الواقعة في غرب إفريقيا.
وقال ماكرون للصحفيين خلال رحلة إلى وسط فرنسا إن باريس تتفق « بوضوح وكالعادة » مع المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا « في إدانة هذا الانقلاب العسكري ».
وصرح الرئيس الفرنسي بأن رئيس بوركينا فاسو روش مارك كريستيان كابوري « انتخب مرتين من قبل شعبه في انتخابات ديمقراطية »، مضيفا: « قيل لي إنه ليس في خطر التعرض لأذى جسدي ».
وقال ماكرون إن هذا التطور « هو الأحدث في سلسلة من الانقلابات العسكرية التي تثير القلق للغاية في وقت يجب أن تكون فيه الأولوية في المنطقة لمحاربة الإرهاب الإسلامي ».
من جهتها، عبرت الخارجية الأميركية عن القلق العميق بشأن الأحداث في بوركينا فاسو، داعية الجيش إلى تهدئة الموقف والامتناع عن إلحاق الأذى بالرئيس وأعضاء حكومته المحتجزين.
وحثت الخارجية الأميركية على إعادة الحكومة التي يقودها المدنيون والنظام الدستوري، ودعت العسكريين إلى التراجع والعودة إلى ثكناتهم وتبديد مخاوفهم عبر الحوار.
في السياق نفسه، حسب ما أوردته مختلف وكالات الأنباء، قال مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي « جوزيب بوريل » في بيان « نعلم الآن أن الرئيس كابوري يخضع لسيطرة الجيش »، واصفا الوضع بأنه « مقلق للغاية ».
وأضاف بوريل أنه « يدعو جميع الجهات الفاعلة إلى الهدوء وضبط النفس، كما يدعو إلى إطلاق سراح الرئيس روك كابوري وأعضاء مؤسسات الدولة على الفور ».
وظهر على شاشة التلفزيون مجموعة من العسكريين بالزي الرسمي يتوسطهم ضابط برتبة نقيب، تلا بيانا موقعا باسم المقدم هنري سانداوغو داميبا رئيس « الحركة الوطنية للحماية والاستعادة ».
وقال البيان إن المجلس العسكري قرر حل الحكومة والبرلمان وعلق العمل بالدستور، كما قرر إغلاق حدود البلاد ابتداء من فجر الثلاثاء، وفرض حظر تجول ليلي في سائر أنحاء البلاد . ووعد البيان بأن تعود البلاد إلى النظام الدستوري في غضون « فترة زمنية معقولة »، دون تفاصيل.
وأتى هذا الإعلان بعدما قالت مصادر أمنية إن عسكريين احتجزوا الرئيس كابوري في ثكنة للجيش، بعدما تمردت على سلطته، منذ يوم الأحد 23 يناير 2022، وحدات عسكرية في أنحاء عدة من البلاد تتهمه بالعجز في مواجهة « الهجمات الجهادية » المتزايدة.
في المقابل، ندد حزب كابوري « الحركة الشعبية من أجل التقدم » في بيان بمحاولة « اغتيال فاشلة » لرئيس الدولة، وبـ »نهب المنزل الخاص لرئيس الدولة » و »بمحاولة اغتيال وزير » لم يحدد اسمه.
لكن موقف النظام العسكري الجزائري جاء مخالفا للإجماع الدولي كما لو كان ينتظر هذا الانقلاب في بلد مجاور على غرار ما وقع في دولة مالي والنيجر، الأمر الذي يطرح أكثر من سؤال، خاصة وأن الإعلام الجزائري « ثمَّنَ » الانقلابات السابقة و « يُثمِّن » ما يقع في « بوركينا فاسو » حيث عنونت جريدة « الخبر » الجزائرية الناطقة باسم جنرالات ثكنة بن عكنون مقالا لها ب « نحو نجاح « المحاولة الانقلابية » في بوركينافاسو » نشرته يوم الاثنين 24 يناير 2022 .
وجاء في المقال « يبدو أن الأمور تتجه نحو نجاح محاولة الانقلاب في بوركينافاسو بعدما أعلنت وكالات أنباء تقديم الرئيس، روش مارك كريستيان كابوري، استقالته ».
وكالة الأنباء الجزائرية أشارت في مقال لها لتبرير الانقلاب » أن التحركات في الثكنات، تأتي غداة مظاهرات جديدة غاضبة نظمها السكان احتجاجا على عجز السلطات عن مواجهة أعمال العنف التي تقوم بها الجماعات المسلحة التي تجتاح بوركينا فاسو منذ 2015″.
واستطردت : »أن السلطات في بوركينا فاسو اعتقلت أكثر من 10 جنود في وقت سابق من هذا الشهر، للاشتباه في تآمرهم ضد الحكومة. وجاءت الاعتقالات في أعقاب تغيير داخل قيادة الجيش في ديسمبر الماضي، اعتبره بعض المحللين « محاولة من الرئيس كابوري لتعزيز موقفه داخل القوات المسلحة ».
وذكرت بأن « بوركينا فاسو دخلت ، على غرار مالي والنيجر المجاورتين، في دوامة عنف نسبت إلى جماعات مسلحة تابعة لتنظيم « القاعدة » و »داعش » الإرهابيين، وتتكرر الهجمات التي تستهدف مدنيين وعسكريين بشكل متزايد وتتركز غالبيتها في شمال وشرق البلاد. »
ولقي حوالي 2000 شخص مصرعهم، حسب وكالة الأنباء الجزائرية، فيما أجبرت أعمال العنف التي تقوم بها الجماعات المسلحة حوالي 1.5 مليون شخص على الفرار من منازلهم في السنوات الأخيرة، وفق وكالة الطوارئ الوطنية « كوناسور ».
Aucun commentaire