معارك سبتة في حرب تطوان(1860)
رمضان مصباح
الرواية الاسبانية:
كرونولوجيا عامة:
*عبور القوات الى المغرب.
*تجميع القوات بمحاذاة أسوار سبتة.
*معارك حول « السرايو ».
*أشغال ومعارك في مدخل الطريق الى تطوان.
*الزحف على تطوان:1يناير -6فبراير1860.
*القوات في تطوان:7فبراير-22مارس1860.
*الزحف الى طنجة:23-27مارس1860
« أيها الجنود:
اننا على أهبة الشروع في مهمة نبيلة؛ لقد تم تحقير العلم الاسباني من طرف المغاربة. ان الملكة والوطن ،ثقة في شجاعتكم، ينتظران منكم أن تظهروا لهذا الشعب النصف همجي ،أنه من غير المسموح به إهانة الأمة الاسبانية ،والافلات من العقاب.
ان الحملة التي نحن بصددها ستكون صعبة وشاقة ؛ فعدونا شجاع ومتعصب ،لكنكم ستفوقونه شجاعة؛ و بفضل ما تتميزون به ،عن هذه الحشود الهمجية، من تكوين عسكري ،وانضباط، ستكون لكم الغلبة بسهولة؛ رغم كثرتهم العددية التي ستواجهونها في ساحات المعارك.
لكن اياكم والانقياد كثيرا لشجاعتكم ولامبالاتكم ،ولا تحاولوا القيام بأكثر مما يأمركم به قائدكم؛ حتى لا تقعوا في المطبات التي يضعها في طريقكم عدو شديد الحيلة ،وعلى دراية بالبلاد.
في المفاجآت ، وهي واردة بكثرة في حرب من هذا النوع ،خصوصا بالليل ، اصدروا عن حضور البديهة ،والثقة الكاملة في قائدكم ،في جميع الظروف.
ان الارتباك ولاضطراب هما العدوان اللذان عليكما خشيتهما أكثر.
أيها الجنود: أظهروا أنكم أهل للثقة التي وضعتها فيكم الملكة والوطن ؛وأظهروا للعالم الذي يرقبكم ، أن الجندي الاسباني ،هو اليوم نفسه الذي دافع ،في أزمنة أخرى، عن عرش ملكه ،ووحدة وطنه ؛وثأر للإهانات التي أصابت شرف أمته.
اننا نحارب من أجل قضية عادلة ، ومن أجل الحضارة في مواجهة التوحش.
ان اله المعارك سيبارك أسلحتنا ، وسيقودنا صوب النصر. »
القيادة العليا بقادس:18نونبر1859
الجنرال الرئيسي: ليوبولد أودونيلLEOPOLD O’DONNEL
العبور:
في انتظار عبور بقية القوات الاسبانية الى سبتة وتخومها ؛تحددت مهمة الفيلق الأول في احتلال ما يلزم من الأراضي لنزول القوات ،وتحصينها بخنادق مؤقتة .
تمركزت قيادة هذه العملية في « السيرايو » . المسجد المتواجد في خط الاتصال بالمدينة ،كان محتلا من طرف احدى الشركات.
انطلقت أشغال الطريق في 20نونبر ،رغم الجو المطير .
تولت حماية العمال أربع فرق من فيلق غرناطة ؛حيث تواصل اطلاقها للنيران في اتجاه المغاربة؛ وقد حيَّدت منهم أربعة عشر نفرا.
في 21 نونبر أقامت مفرزة « لاسوساف » مقرها بالمرتفعات المحاذية ل »السيرايو » ؛بعد أن طهرتها من الأعداء.
صباح 22نونبر تسللت مجموعات كثيرة من الأعداء ما بين » كازا دل رينيقادو » والتلال المتخللة للغابة ؛وشرعت في اطلاق النيران على قناصة « تالافيرا » ،المكلفين بحراسة الأشغال.
أبان المغاربة عن اقدام كبير ،طوال الليل ؛وفي الصباح بلغ قتلى الاسبان 7 والجرحى39 ،منهم ثلاثة ضباط.
يوم24نونبر ،حوالي الثانية بعد منتصف النهار –بعد صبيحة هادئة- ظهر العدو من جديد ؛نازلا من شعاب « أنجرة » . تكلف فيلق « قاسيت » ،هذا اليوم، بحراسة الأشغال .
بعد قتال طويل سقط فيه 30جريحا اسبانيا ؛التحمت الفرق بالمغاربة ب: »البايونيط » وتمكنت من ابعادهم دون تدخل المدفعية.
استغل المغاربة ليلة24و25نونبر لتجميع قواتهم بالجبال .
في العاشرة صباحا شرع العدو في التحرك ؛وفي نفس الوقت أعلن مركز الحراسة بجبل « الهاشو » عن اقتراب قوة مغربية كبيرة – حوالي2000 مقاتل-قادمة عبر طريق تطوان .
تأكدنا من أن هذه القوة الداعمة كانت تحت امرة شريف وزان الحاج عبد الرحمن.
حوالي منتصف النهار اندلعت المواجهات ،فأسرعت الفرقتان المتبقيتان من فيلق مدريد الى دعم رفاقهم.
كان القتال شرسا ، فقد فيه الاسبان 399 بين قتيل وجريح .
الجنرال « اشاغو » الذي أصيب بجرح في يده ،سلم القيادة للجنرال « قاسيت ».
لقد تكبدت فرق « ألكنترة » ومدريد ،لوحدهما، خسارة 250جنديا،بين قتيل وجريح.
من الصعب تحديد عدد المغاربة الذين شاركوا في المواجهات؛ فاذا كانوا هم أكدوا على الرقم300 -رقم يبدو دون الحقيقة – فان الاسبانيين يرفعون العدد الى 8000جندي.
في28نونبر رست بالميناء فرقتان من الفيلق الثاني ،وعلى رأسهما المارشال « أودونيل ». خيمت الفرقتان ما بين « الأوتيرو » و »السرايو ».في مساء نفس اليوم ،أنجز الجنرال استكشافا بمدخل طريق تطوان.
في 30 نونبر باشر العدو هجوما ؛فحوالي الساعة الواحدة ظهرت فرقه بمرتفعات أنجرة. استنفر الفيلقُ الأول الاسباني وحداته ؛اتجه البرغدير « ساندوفال « جهة مقدمة الميمنة ،بفرقتي « بوربون » وقناصة « تالافيرا ».
ركز هجوم العدو بصفة خاصة على الميسرة ،حيث الجنرال « لاسوساي » على رأس قوات مدريد وكاتا لونيا.
بعد اقتتال مرير ،دون تحقيق نتائج مهمة، ودفع المغاربة، على طول الخط ،وصولا الى أنجرة؛ عادت الفرق الاسبانية الى مواقعها.
شاركت في هذه المعارك تسعة فرق. بلغ عدد القتلى والجرحى الاسبان 326 ؛في حين خسر العدو300.
كانت هذه أولى المواجهات التي يديرها المارشال شخصيا ؛ وقد بهرت نتائجها الجنود الاسبان ،كما غمرته هو نفسه بالسعادة ؛مستحضرا الثقة التي وضعتها البلاد فيه.
بعد هذا الانكسار لزم المغاربة جبالهم ،ولم يظهروا الا يوم 9دجنبر.
قدرت مصادرنا عددهم في 10000من المشاة و200من الفرسان.
انتشر خبر حضور تعزيزات عسكرية قدرت ب:3000فارس على رأسها شخصية مهمة ،تولت قيادة المواجهات ؛عرفنا أن الأمر يتعلق بالأمير مولاي العباس ؛وقد شاهدناه راكبا فرسا مطهمة ،يحف به الفرسان رافعين الأعلام.
للمرة الأولى في هذه المعارك عمد المغاربة الى خطة جديدة؛ فبدل مهاجمة المقدمة الاسبانية ومحاولة اختراقها ،اتجهوا صوب وسطها ،انطلاقا من أحراش غابوية اتخذوها مكمنا. لقد كان القصد شطر القوات الاسبانية .
بلغت خسائر الاسبان 372 بين قتيل وجريح.
*على مدى يومين لم يظهر أثر للعدو؛ وقد استغل الاسبان هذا الهدوء لمواصلة شق الطريق صوب تطوان ، تحت حراسة مشددة؛ ولإعادة تنظيم الفيالق والفرق.
ما أن انتبه العدو الى معاودة أشغال الطريق حتى شرع في الهجوم لعرقلتها. ركز على القناصة المتواجدين في المراكز المتقدمة؛ مما دفع الكولونيل « خوسي استريميرا » الى المسارعة بفرقه لاسنداهم.
اضطر العمال الى توقيف الأشغال وحمل السلاح.
تمكن الكولونيل من تعطيل تقدم المغاربة ؛لكن سرعان ما عاودوا الظهور في أحراش غابوية شديدة الكثافة، على بعد طلقة مسدس .
*لاحظ المارشال « أودونيل » تقهقر قوات الجنرال « بريم » ،في مواجهة عدو يتقدم بسرعة وبأعداد متزايدة؛ فاستعان بقوات « ايليو » الاحتياطية ؛موجها إياها صوب جناحي العدو ،مع تعليمات للبرغادير « قاسيت » لدعم ميمنة الجنرال « بريم » بثلاث فرق ؛وفي نفس الوقت نشر في المرتفعات ستارا من مدافع الجبال .
بعد تقدم الجنرال « قاسيت » لدعم فرق غرانادا ، مسنودا بمدافع الجبال ،لاحت بوادر النصر ،فاندفع الجنود الى الالتحام المباشر بالعدو .
واصل العدو طلقات مدافعه الى ساعة متأخرة من الليل .فقد الاسبان 76 جنديا.
أصيب الكولونيل « جونمولان » بطلقة في راسه أردته صريعا ؛كما أصيب القبطان « كوي » مساعد المارشال بطلقة في ساقه.
قدرت قوات العدو في هذا الاقتتال ب4000 جندي ؛سقط منهم 400 بين قتيل وجريح.
لكن صموده ، مواصلا اطلاق مدفعيته ،جعله يحسب النصر له في هذا اليوم؛ حسب ما أوردته جريدة :GIBRALTAR CHRONICLE
*في صباح15 دجنبر ،حوالي التاسعة أقام المرشال صلاة للترحم على أرواح من قضى في المواجهات السابقة. أقامت الفرق صلاتها في مواقعها القتالية.
ما أن قاربت الصلاة من النهاية حتى سمع طلق كثيف للعدو استهدف ميمنة القوات .
اندلعت مواجهات عنيفة وكثيفة شاركت فيها كل القوات الاسبانية ،بما فيها مدافع السفن.
اضطر المغاربة الى التراجع ،وقد فقدوا أكبر عدد من القتلى والجرحى منذ اندلاع المواجهات.
بعد استكشاف عام اقتنع المارشال بالتقهقر العام لقوات العدو.
أجمعت التقديرات الاسبانية على مشاركة 15000من المشاة المغاربة وألف من الخيالة.
تأكدت قيادة الأمير مولاي العباس للمعارك؛ كما شارك فيها القائد بنعودة عامل منطقة الغرب ،على رأس عدد كبير من الفرسان.
وشارك من القبائل: أنجرة، ودراس، بنو كرفط، وبعض الفرق من الريفيين ،على رأسهم القائد عباس كيشاط.
علمنا من المصادر المغربية أن المغاربة تكبدوا 23 قتيلا، في هذه المواجهات و38 جريحا.
وقدروا قتل 32 اسبانيا وجرح 126.
في مقابل هذا قدر الاسبان أنهم حيَّدوا 1500 جندي مغربي ؛أما خسائرهم ،حسب المعطيات الرسمية فقد بلغت 200 ما بين قتيل وجريح.
خاتمة:
ينتهي التقرير – بعد تفصيل لما تتالى من مواجهات ،خلفت خسائر كبيرة لدى الجانبين ؛ومكنت بمشقة من مواصلة شق طريق تطوان – بالتأكيد على أن الإنجاز القتالي المغربي ،في صد الهجوم الاسباني ،اتسم بالإقدام المبهر والصبر الكبير ؛مخلفا انطباعات اعجاب قوية في النفوس ؛لا يعدلها سوى الصبر الرائع للإسبان بدورهم.
المرجع:
A. JOLY.
Avec la collaboration de M. Xicluna et L. Mercier.
ARCHIVES MAROCAINES
1janvier 1905
Aucun commentaire