رسائل القاهرة 4 – : نهر النيل … يكتبها من القاهرة ( عزيز باكوش )
يكتبها : عزيز باكوش
مازلت أذكر أن سقف أحلامي ذات شباب كان يتمثل في زيارة مصر أولا قبل تركيا أو باريس ، و كان الوقوف أمام الأهرامات الثلاث وتمثال أبو الهول سقف الأمنيات ، إضافة إلى ارتشاف نكهة الفراعنة بعد زيارة القرية الفرعونية بمنطقة الجيزة التاريخية التي تضم أهم المآثر الفرعونية التي تعود لحضارة امتدت لخمسة لآلاف سنة ، ثم احتساء فنجاني المضبوط بمقهى الفيشاوي المعروف لدى المصريين ومحركات البحث على الشبكة والمواقع بمقهى نجيب محفوظ أولوية في سيكولوجيا السفر وأدبيات الرحلة خارج المملكة المغربية
.
ولم يكن آنئذ نهر النيل يكتسي مرتبة أقل ، اليوم ، وأنا أقف أمام نهر النيل هذا النهر التاريخي العظيم الذي يتدفق من شمال شرق إفريقيا، أستشعر هذا الحلم الجميل . وأحدث نفسي بصوت مسموع . أنت في بلد الأهرامات يا صاحبي ، وبعد أيام ستقف مشدوها أمام الأهرامات الثلاث ومهيبا بجوار أبو الهول ، وأمام عينيك سيتدفق يا عزيز مياه أطولَ نهرٍ في القارةِ الأفريقية وأَطولَ نهرٍ في العالم، حوالي 6,650 كلم ، رغم أن هناك بعض الأبحاثِ تشيرُ إلى أن نهر الأمازون أطولَ قليلًا. نهر يغطي مساره المائي إحدى عشر دولة إفريقية تسمى دولُ حوضِ النيل وهي: تنزانيا، أوغندا، رواندا، بوروندي، جمهورية الكونغو الديمقراطية، كينيا، إثيوبيا، إريتريا، جنوب السودان، جمهورية السودان ومِصر.
وهنا ، لابد من التذكير هنا أن نهر النيل هو المصدر الرئيسي للمياهِ في مِصر والسودان على وجْه الخصوص، حيث تَعتمدُ مصر على نهر النيل للحصول على حوالي 97% من مياهِ الري والشرب. ولازال المصريون يستشعرون بمرارة قبل أسابيع ،تصريح غير موفق لوزير خارجية الجزائر الذي انتصر في إحدى خرجاته الإعلامية، لدعم موقف اثيوبيا من أطروحة الجزائر وصنيعتها البوليزاريو ، مشيرا الى أن قضية ما يعرف بسد النهضة الإثيوبي ، مجرد ظلال لخلاف سياسي ، بينما هو الحقيقة خلافا لذلك ، قضية استراتيجية ،بل مشكل حياة أو موت ،وهي نقطة ارتكاز جوهري بالنسبة للشعب المصري تتعلق بالأمن القومي المصري.
نهر النيل العظيم علامة تاريخية ضاربة في القِدم، إذ نشأت على ضفافه واحدة من أقدم الحضارات في العالم ، وهي حضارة الفراعنة التي يعود تاريخها إلى أكثر من 5,000 عام. حين كانت الزراعة هي النشاط الرئيسي المميز لها خصوصًا في السودان ومصر، ولهذا، فقد شكل فيضان النيل أهمية كبرى في الحياة المصرية القديمة والنوبية أيضًا. فعند الفراعنة ارتبط الفيضان بطقوس شبه مقدسة، فكانوا يقيمون احتفالات وفاء النيل ابتهاجًا بالفيضان. كما سجلوا هذه الاحتفالات في صورة نقوشٍ على جدران معابدهم ومقابرهم وعلى الأهرامات لبيانِ مدى تقديسهم للفيضان. أما في العصر الإسلامي فقد اهتم الولاةُ بالفيضان أيضًا، وصمموا «مقياس النيل» لقياس الفيضان بشكلٍ دقيق، ولا يزال هذا المقياس قائمًا إلى اليوم في «جزيرة الروضة» بالقاهرة. ويكيبيديا
لنهر النيلِ رافدانِ رئيسيان وهما: النيل الأبيض والنيل الأزرق. يُعد النيل الأبيضُ منبع النيلِ نفسِه أو المصدر الأبعد، أما النيل الأزرق فهو مصدر معظم كمية المياه في النهر، إذ يحتوي على 68% من المياه والطمي. النيل الأبيض أطولُ من النيلِ الأرزقِ وينبُع من منطقة البحيرات الكبرى بوسط إفريقيا. يتدفقُ النيل عبر الصحراء السودانية إلى مصر باتجاه الشمال ويمر في مدينةُ القاهرة الواقعة على دلتا النهر الكبيرة (دلتا النيل)، ثم يعبر النهر مدينتي دمياط ورشيد ويصب أخيرًا في البحر الأبيض المتوسط. يعيش اليوم معظم سكان مدن مِصر على طول تلك الأجزاء ابتداءً من وادي النيل شمال أسوان.
وتذكر كتب التاريخ تعاقب المستكشفين الواحد تلو الآخر على اكتشاف منابع النيل ،وفشلت الحملات المختلفة في تحديد منبع النهر، إذ كانت هذه الرحلات محفوفة بالمخاطر. بدء من زيارة هيرودوت مدينة أسوان بمصر ووصل جنوبًا حتى الشلال الأول ، لكنه أخطأ تقول المصادر ذاتها ،عندما زعم أنَّ منابع النيل ربما كانت في الغرب بالقرب من بحيرة تشاد، ثم تلاه الإمبراطور نيرون الذي أرسل بعثات لاستكشاف منابع النيل الأبيض، لكنها عادت أدراجها بعد أنْ تبيَّن أنَّ المُضي قدمًا ينطوي على مخاطر عديدة.
كما أورد الجغرافيون العرب إفادات عن النيل ومنابعه بشيء من التفصيل في كتبهم ومنهم الإدريسي الذي ذكر أنَّ نهر النيل ينبع من بحيرة كبرى في الجنوب، والمؤرخ تقي الدين المقريزي والإمام أحمد بن محمد بن عبد السلام المنوفي ومحمد بن موسى الخوارزمي وعبدالله بن عبد العزيز البكري أول الجغرافيين المسلمين في بلاد المغرب والقزويني وغيرهم. وفق العديد من المراجع والمصادر التاريخية .
وعلى مر الأزمنة ،كان نهر النيل العظيم ولا يزال ملهما للعديد من الشعراء والكتاب والأدباء الذين أفردوا له قصائد ومقالات وفصولًا تضمنتها مراجعهم ومؤلفاتهم. ولا ننسى الخرافات والأساطير التي تم نسجها حول النيل منذ غابر الأزمان .لعل أشهرها خرافة عروس النيل عند الفراعنة، التي كانت تتزين ثم تُلقى في النيل قربانًا للإله حابي، ثم تتزوج بالإله في العالم الآخر.ويكيبيديا
في أواخر الثمانينات؛ شهدت دولُ حوض النيل جفافًا نتيجة لضُعف فيضان النيل، مما أدى إلى نقص المياه وحدوث مجاعة كبرى في كل من السودان وإثيوبيا، غير أنَّ مصر لم تعانِ من آثار تلك المشكلة، نظرًا لمخزون المياه الكبير في بحيرة ناصر خلف السد العالي. كان النيل ولا يزال مطمعًا للقوى الاستعمارية منذ القرن التاسع عشر، إذ وُقعت العديد من الاتفاقيات بين دول حوض النيل لتقسيم المياه وهي الاتفاقيات التي ترفُضها غالبية دُول حوض النيل وتعتبرها اتفاقيةً جائرة تعود لعهد الاستعمار.
Aucun commentaire