لعمامرة في حالة شرود
يبدو أن الجارة الشرقية لا يهدأ لها بالا إلا بإثارة الفتن , فحيثما حل ممثلوها تهب العواصف و تثور البراكين , حتى صاروا نذير شؤم و طيرة , والفتان الأكبر بعد الجنرالات و الرئيس المرهون لديهم – حسب تعبير الرئيس الفرنسي ماكرون – هو لعمامرة وزير الخارجية المصاب بفوبيا الصحراء المغربية والذي توقف به الزمن عند الحرب الباردة و مخلفاتها وكذا الموروث الاستعماري خاصة ما تعلق منه بالحدود , وطوح الزعامة و القوة الإقليمية و غيرها من المصطلحات التي تذكرنا بالمثل العربي الشهير » من ادعى ما ليس فيه كذبته شواهد الامتحان « . فتزكية النفس شيمة نهى عنها الله سبحانه وتعالى في قوله » فلا تزكوا أنفسكم » صدق الله العظيم
منذ عودة هذا المسئول المخضرم عبر صراحة عن شراهة لا متناهية للاصطياد في المياه العكرة فهو لا يترك مناسبة تمر بدون استفزاز مشاعر المغاربة بخبثه وسوء نواياه بإثارة قضية وحدتنا الترابية و حتى بدون مناسبة فهو خارج عن الموضوع دوما و يقحم عمدا وبسبق إسرار قضية الصحراء المغربية رغم عدم إدراجها في جدول الأعمال , و تدخله أثناء قمة دول عدم الانحياز الأخيرة خير شاهد على ذلك , وكنا سنشعر بمرارة هذا التطاول لولا الجواب الشافي لسفير المغرب لدى الأمم المتحدة السيد عمر هلال الذي رد له الصاع صاعين عندما فضح ازدواجية خطابه في حديثه عن حق الشعوب في تقرير مصيرها , وضرب له الدبلوماسي المغربي المثل بشعب القبائل الذي تتنكر الجزائر لمطلبه بهذا الحق وهو الأولى به من غيره , أما الصحراويون المغاربة فقد قرروا مصيرهم بإعلانهم عن وحدويتهم والتشبث بانتمائهم للوطن من خلال مشاركاتهم في الاستحقاقات الانتخابية و تسييرهم لشؤونهم المحلية في إطار الجهوية الموسعة على غرار باقي جهات المملكة , أما انفصاليو البوليساريو فهم شرذمة من المرتزقة تسيرها الجزائر حسب هواها و حسب مخططاتها الدنيئة التي تروم تقسيم المغرب و عزله عن عمقه الإفريقي لإغراض انتقامية ونوايا توسعيه تهدف الحصول على منفذ على المحيط الأطلسي , وهو حلم لن يتحقق طالما أن هناك إجماعا وطنيا مصيريا لا يقبل المساومة و لا التفاوض في شانه .
من شطحات لعمامرة الأخيرة وليس الآخرة التي تفتقت عنها عبقريته من خلال تصريحه لصحفية فرنسية بخصوص القمة العربية المرتقبة بالجزائر حيث ادعى أن جدول الأعمال سيتضمن مساندة الشعبين الفلسطيني و الصحراوي , قالها هكذا بدون أن يرف له جفن و بدون حياء , و أذكره هنا بقول الرسول (ص) » إذا لم تستح فاصنع ما شئت « .
حديث كهذا لا يصدر إلا عن جاهل بالأعراف الدبلوماسية و قواعد الأصول واللياقة , فلجامعة الدول العربية أجهزة تقريرية وناطق باسمها و من السابق لأوانه التصريح باستعادة سوريا لعضويتها داخل هذه المؤسسة و لا فرض جدول أعمال يتماشى مع سياسة الدولة المفترض احتضانها للقمة المقبلة ووفق أجندتها التي لن تزيد الصف العربي إلا تشتتا و انقساما , هذا في حالة انعقاد القمة لان تهيئ ظروف نجاحها مساره شاق و طويل . و القضية الفلسطينية ليست أصلا تجاريا, كما أن مغربية الصحراء كما قال صاحب الجلالة نصره الله لم ولن تطرح على طاولة المفاوضات ماضيا و حاضرا ومستقبلا.
فلست ادري كيف ستلتئم قمة عربية بالجزائر التي ساهمت في تمزيق الصف العربي بفعل سياستها الغير الحكيمة والتي تفتقد للمصداقية و التعقل , كيف لا وتسييرها موكول لطغمة عسكرية تبني سياستها على أساطير وأوهام وجود عدو خارجي – المغرب – للهروب للأمام بدل مواجهة المشاكل الداخلية التي تزداد تفاقما و تعقيدا , فقد سلكت كل السبل للإساءة لجارها القريب رغم يده الممدودة , فمن قطع العلاقات الدبلوماسية , وحظر الطيران فوق أجوائها , وقطع أنبوب الغاز المار عبر التراب المغربي مرورا بالاتهامات الباطلة و السيناريوهات المفبركة , تعددت الحماقات و الهدف واحد هو عرقلة المسيرة التنموية بالمغرب والزج بالمنطقة في أتون حرب مفتوحة على جميع الاحتمالات, و بالتالي إعلان حالة طوارئ ببلادهم لإسكات الأصوات الغاضبة المطالبة بدولة مدنية لا عسكرية , فالبحث عن مشجب يعلقون عليه نكساتهم في جميع الميادين هو غايتهم , والغاية تبرر الوسيلة .
وسط أجواء مشحونة مع الجوار و عرقلة قطار الاتحاد المغاربي و التدخل في شئون تونس وليبيا و موريتانيا و بين مصر وإثيوبيا لخلط الأوراق و بعثرة الجهود الدولية و الأممية الرامية لإيجاد تسوية سلمية للنزاعات الإقليمية والقارية , يأبى حكام الجزائر إلا إذكاء نار الفتن ما ظهر منها وما بطن . فكيف لهم بمثل هكذا أساليب و مراوغات أن يلعبوا دور توحيد المواقف و رأب الصدع ؟
ستحمل لنا الأيام القادمة أجوبة عن تساؤلات كهذه وحينها سيعلم لعمامرة ومن معه على أن اللعب عن الحبلين لن يجدي نفعا في خدمة القضايا العربية المصيرية , فالرجولة أفعال و ليست مجرد أقوال . و يبقى لعمامرة في حالة شرود و تسلل بينين.
Aucun commentaire