Home»Enseignement»واقع تدريس المواد العلمية بالمدرسة المغربية

واقع تدريس المواد العلمية بالمدرسة المغربية

0
Shares
PinterestGoogle+

واقع تدريس المواد العلمية

يكاد كل الباحثين يجمعون على أن التعليم هو بوابة المستقبل، وهو كذلك المنطلق لكل إصلاح مجتمعي وأساس نهضة المجتمعات، والسبيل لتقدم وسعادة الشعوب؛ وهو مرآة المستقبل الذي نطمح إليه وهو الاستثمار الأول الذي تتنافس فيه كل الأمم. وإذا كان عصرنا الحالي هو عصر التحديات الكبرى وبالخصوص في العلوم والتكنولوجيا ووسائل الاتصال. فإن المدرسة لم تعد منعزلة عن هذه التطورات المتلاحقة، بل لابد لها أن تستجيب لمتطلبات المجتمع وتعد له العتاد البشري الذي يليق به. فطفل اليوم هو رجل الغد الذي نريده أن يحمل المشعل. ومن هنا ندرك مدى أهمية التربية التي نلقنها لأطفالنا ونطرح التساؤل التالي: ما نوع المواد التي ينبغي تدريسها للطفل والتي تمكنه من الاندماج في ميدان العمل مستقبلا؟ أو بالأحرى ما نوع الكفايات التي يجب أن يتسلح بها رجال الغد؟ وبالطبع للإجابة عن هذه التساؤلات لابد من العودة إلى أوضاعنا الراهنة وتحديد الحاجيات وانطلاقا من ذلك يمكنا تسطير الغايات. ولا أكون مجازفا إذا قلت بأن الكفايات التكنولوجية تعتبر أهم المتطلبات التي تواجه مجتمعنا الذي ينام في مؤخرة الدول المتخلفة، فتعليمنا في الحضيض لأنه لم يستطع أن يسلح الأجيال المتلاحقة بسلاح العلم الذي يوصلنا إلى التقدم. صحيح أننا لا نريد أن نجعل من أطفالنا كلهم علماء لكن المطلوب هو التعرف على العالم من حولنا و استيعاب منهج العلوم في البحث والتقصي وأن يكون الطفل بعد تخرجه من المدرسة قادرا على الاعتماد على نفسه وبناء مستقبله من خلال سهولة اندماجه في سوق الشغل.

لكن معظم المدرسين غير واعين بأهمية العلوم ودورها؛ حيث يعتبرونها مادة مثل باقي المواد، أو مجموعة من المعارف والمعلومات ينبغي توصيلها وتعليمها للمتعلم؛ فأهمية العلوم ليست في كونها مجموعة من الحقائق تم التوصل إليها عن طريق الاختبار. بل تكمن في طريقة التفكير والبحث للتوصل إليها واكساب المتعلم هذه التقنيات وجعله مستقلا عن الآخرين من خلال تجاوزه للعوائق التي تعترضه، واثق بنفسه مستعد لمواجهة الحياة، متطلعا إلى المستقبل، ذا عقل مبدع وغير اتكالي يقنع بما توفره له المَدَنِيَّة الحديثة، بل يسعى أن يكون فاعلا فيها؛ فالعلوم بهذا المعنى لا تُطلب لذاتها فقط ولكن كذلك لما تنميه في المتعلم من ملكات يتعدى استعمالها ميدان العلوم الضيق إلى كل مناحي الحياة، وهذا لن يتأتى إلا من خلال عملية تعليمية تعلمية محكمة وجيدة تأخذ في أبعادها الكفايات المنهجية الممكن استعمالها فيما بعد المدرسة.

وإجمالا يمكن تلخيص أهمية تدريس المواد العلمية في الكفايات التي تسعى إلى تنميتها لدى المتعلم والتي تتجلى فيما يلي:

« انخراط المتعلم في التنمية الشاملة للبلد.

« حل المشكلات التي تواجهه في الحياة اليومية .

« تمكن المتعلم من المعارف المفاهيمية والنظرية والعلمية التي سيمارس عليها أنشطته العقلية المختلفة لجعلها وظيفية.

« اكتساب طرائق العمل ومنهجياته

« تقبل الرأي الآخر.

« التموقع في الفضاء والزمان.

« الانسجام بين النشطة اليدوية والبصرية.

« ربط الصلة بين المقاولة والمدرسة.

« اكتساب فكر نقدي بناء.

« اكتساب قيم إنسانية وجمالية.

« التمكن من آليات البحث.

« الاستقلالية في التفكير والممارسة.

« تنمية الوعي بالواجبات والحقوق.

« التمكن من التواصل بمختلف أشكاله وأساليبه.

« التمكن من تقنيات التحليل والتقدير والمعايرة والقياس وتقنيات ومعايير مراقبة الجودة و التقنيات المرتبطة بالتوقعات والاستشراف.

« استدماج أخلاقيات المهن والحرف والأخلاقيات المرتبطة بالتطور العلمي والتكنولوجي بارتباط مع منظومة القيم الدينية والحضارية وقيم المواطنة وحقوق الإنسان ومبدئها الكونية.

.لكن ألا تعيق الظروف الراهنة، التي يمر منها تعليمنا والإكراهات التي تواجه المدرس تحقيق ذلك؟
طبعا، إن الظرفية الحرجة التي يمر بها تعليمنا عموما، والتعليم في العالم القروي على وجه الخصوص تستدعي أكثر من وقفة تأمل؛ فالاكتضاض وما يرتبط به من سلبيات، أصبح ظاهرة شبه عامة في المدن والقرى؛ وبالمقابل تنتشر في البوادي ظاهرة الأقسام متعددة المستويات وظروف الاقتصادية والاجتماعية بالنسبة للأستاذ، وضعف البنية التحتية وهشاشة الأوضاع الاقتصادية بالنسبة للتلميذ…هذه المشاكل وغيرها كثير، توجب علينا جميعا التجند من أجل النهوض بأوضاع تعليمنا من أجل أن يتبوأ المكانة اللائقة به.

ولذلك لا بد أن نشخص الوضع الحالي بغية إيجاد الثغرات والسعي لإصلاحها جذريا وليس بشكل ترقيعي، ولا يمكن ذلك (في نظري) إلا من خلال طرح هذه التساؤلات:

-هل أجاب الإصلاح عن تطلعات المجتمع المغربي ؟

-هل وفرنا ما يكفي من الوسائل لأجل ذلك؟

-هل الموارد البشرية التي أوكلت لها مهمة الإصلاح مؤهلة بشكل جيد؟

-هل التزمنا بمعايير الجودة التي يتطلبها السوق (بما أننا ربطنا المدرسة بالمقاولة)

-هل هناك مقاولات فعلا يمكنها أن تستوعب هذا الكم الهائل من المتخرجين سنويا؟

-هل واكب هذا الإصلاح تقويم،يمكننا من الوقوف على التعثرات التي يمكن أن تقع أثناء تطبيق الميثاق؟
كل هذه التساؤلات لابد من أخذها بعين الاعتبار من أجل نهج تقويم ذاتي وموضوعي، نتمكن من خلاله من وصف الداء وإيجاد الدواء المناسب ولا أن ننتظر حتى يأتي تقرير آخر ليجلي الغبار عن واقعنا، وتوصيات أخرى تُفرض علينا من الخارج.

إن تحسين جودة تعليم المواد العلمية أصبح ضرورة ملحة، من أجل مواكبة التطورات المتلاحقة وإعداد الموارد البشرية المؤهلة التي يتطلبها عصرنا الحالي، والعصور القادمة، فما ذا أعددنا لذلك.

بقلم عزالدين عفوس

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. حمد حمو أستاذ العلوم
    20/08/2008 at 22:07

    في البداية أشكرك أخي لتفضلك بطرح موضوع ذو أهمية بالغة ولكن اسمح لي بالتعقيب التالي:
    اعتقدت في البداية أنك ستتناول الموضوع بطريقة تقنية أي الارتباط بمشاكل تدريس العلوم في المدرسة المغربية. لكن لاحظت أنك تناولته بطريقة عمومية لذلك أضيف ما يلي:
    – أخي الكريم أنا كاستاذ أعاني من:
    * مقررات طويلة جوفاء لاتتماشى مع المستوى الإدراكي للتلميذ سواء في الإبتدائي أو الإعدادي أو الثانوي ولو بدرجة أقل.
    * المدة الزمنية المخصصة للمواد العلمية غير كافية ( ساعتان في السبوع للطبيعيات والفزياء)
    * غياب الأدوات والوسائل الديداكتيكية. المختبرات مملوءة بكل شيء إلا ما يصلح.
    * أصدرت الوزارة الوصية مذكرة رقم 43 تلغي التدريس بنظام الأفواج في مستوى الأوليات إعدادي والثانيات إذا اقتضت الضرورة ( الدافع الحقيقي هو نقص أساتذة المواد العلمية). وهو أمر غير مقبول تقنيا وعلميا وتربويا إذا اعتبرنا أن المواد العلمية تنمي…( كلما ورد في مقالك القيم).
    * المواد العلمية المدكورة ىنفا لا يمتحن فيها التلميذ في الإختبار الالأكاديمي لنيل شهادة السلك الإعدادي.
    * أساتذة العلوم كانوا ومازالوا محرومين من متابعة الدروس الجامعية في كليات العلوم. هذه الإجراءات سمحت لإخوانهم في المواد الأخرى بنيل شواهد جامعية عليا حسنوا بها وضعيتهم المادية والإدارية وبقوا هم قابعين في نقطة البداية.
    * الذين كانوا يتوجهون إلى الشعب الغلمية كانوا من خيرة التلاميذ . ولم تكن مسيرتهم الدراسية سهلة ومع ذلك وضعوا في نفس الإطار وبنفس التعويضات وحرموا مما دكرت سابقا.
    هذا غيض من فيض وما خفي أعظم. كيف بالله ياأخي الكريم تريد أن يكون لأستاذ العلوم النفسية والإرادة على مقاومة هذه الظروف وتشجيع الناشئة للتوجه في مسار علمي؟؟؟؟
    تحية علمية وأسأل الله أن يرشد مسئولينا في قطاع التربة إلى الصواب. والسلام.
    *

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *