وزارة التربية الوطنية تعمل في « سرية » لإعدام اللغة العربية و فرنسة التعليم بالمغرب
وزارة التربية الوطنية تعمل في « سرية »
لإعدام اللغة العربية و فرنسة التعليم بالمغرب
بقلم : عبد المجيد التجدادي
tajdadid@gmail.com
بعد مرور وزراء على وزارة التربية الوطنية عبّروا صراحة عن مواقف سيئة تجاه اللغة العربية (أحمد اخشيشن و رشيد بلمختار) ، و مباشرة في عهد الوزير محمد حصاد القادم إليها من وزارة الداخلية ، و في ظل هذه الحكومة التي يرأسها السيد سعد الدين العثماني الأمين العام لحزب العدالة و التنمية الذي كنا نأمل من حزبه أن يحصن ما تبقى من جذور و سمات هويتنا المغربية ، و بعد وضع الرؤية الاستراتيجية للتربية و التكوين التي كنا نأمل منها أن تضع حدا لحالة الشد و الجذب التي طبعت تاريخ التربية و التعليم بالمغرب ..؛ بعد كل هذا تشهد عملية « فرنسة » التعليم الثانوي الإعدادي و التأهيلي تسريعا غير مسبوق في إطار التنزيل التعسفي لما يعرف بالمسالك الدولية (خيار فرنسية) .
غير أن المثير للدهشة و القلق هذه المرة ، هو أن عملية الفرنسة هذه تتم في جل المديريات الإقليمية للمملكة وفق منطق جديد تغيب فيه روح المسؤولية و ما يرتبط بها من محاسبة : فالأكاديميات و المديريات التي اعتمدت هذا القرار التعسفي بالإعدام النهائي للتعليم العام من كلا السلكين الثانوي الإعدادي و الثانوي التأهيلي ، و تعويضه بالمسلك الدولي (خيار فرنسية) تعمل على تنزيل هذا « القرار » في غياب أية وثيقة إدارية رسمية يمكن البناء عليها في إطار قواعد العمل الإداري . فليس هناك أية وثيقة لا وزارية و لا أكاديمية و لا مديرية !!!… لقد أصبح مدراء و أساتذة المؤسسات التعليمية المعنية يعملون وفق منطق التعليمات عبر الهواتف و الرسائل الهاتفية القصيرة التي يصدرها لهم موظفون من مصالح إدارية مختلفة ؛ حتى إذا سألتهم عن مراسلة أو مذكرة (وثيقة رسمية مكتوبة) في هذا الشأن ، لا تجد أي جواب غير : « اِفعل ما تؤمر ، فهذا ما قيل لنا » !..
من أمر بذلك ؟ لا أحد يعلم !!!…
و مما يزيد من حيرتنا و دهشتنا إزاء هذا الوضع غير الطبيعي لعمل أجهزة الوزارة الوصية ، أن سؤالين بهذا الشأن ما يزالان معلقين بدون رد منذ بداية هذا الموسم (2018/207) : السؤالان معا وضعهما برلمانيان عن حزب العدالة و التنمية أحدهما في مجلس المستشارين و الآخر في مجلس النواب . فما السر وراء تجاهل وزير التربية الوطنية للجواب عن هذين السؤالين المطروحين من قبل ممثلي الشعب ؟ !!.. و ما هذه الإهانة في حق مؤسسة دستورية !!!…
خلاصة القول : فكأنه وُضع « سرّا » (من وضعه و باتفاق مع من ؟ لا أحد يعلم) قيد التنفيذ مشروعٌ للفرنسة على مدى ثلاث سنوات : هدفه إعدام التعليم العام و تعويضه بالمسلك الدولي خيار فرنسية . بدأ تنفيذ هذا المسلك في الأولى إعدادي خلال هذا الموسم 2018/2017 ، و سيشمل الثانية إعدادي و الجذع مشترك خلال موسم 2019/2018 ، ثم سيعمم على كامل التعليم الثانوي بسلكيه خلال موسم 2020/2019 حيث سيجتاز تلاميذ الثالثة إعدادي امتحانا جهويا هو الأول من نوعه باللغة الفرنسية ، و سيجتاز تلاميذ الثانية بكالوريا امتحانا وطنيا هو الأول من نوعه باللغة الفرنسية كذلك !!!…
هذا الإجراء التعسفي خارج كل الأطر التشريعية و التنظيمية : سيستفيد منه حتما ثلة من تلاميذ المراكز الحضرية الذين سبقت لهم الدراسة في مؤسسات تعليمية خاصة في الابتدائي ..؛ غير أنه سيكون مجزرة تربوية تعليمية « دامية » في حق تلاميذ المناطق الهشة و المهمشة الذين درسوا في مؤسسات ابتدائية عمومية . و في هذا تكريس للفوارق الاجتماعية و المجالية التي تشهدها البلاد : فيزداد أبناء المحظوظين حظوة و أبناء المحرومين حرمانا ..، و يُحطم بذلك أحد سلالم الترقي الاجتماعي التي كان (و ما يزال) يعول عليها فقراء المغرب .
و لنا موعد بعد موسمين دراسيين من الآن لكي نقف على حجم الكارثة في نتائج تلاميذ الثالثة إعدادي مسلك دولي و الثانية بكالوريا مسلك دولي ؛ فنرى كيف تجهض أحلام أبناء الفقراء في مواصلة مسارهم الدراسي .
Aucun commentaire