مصالح الضرائب في المغرب فيها الخصام وهي الخصم والحكم
مصالح الضرائب في المغرب فيها الخصام وهي الخصم والحكم
محمد شركي
يستحيل استحالة مطلقة أن تجد مواطنا مغربيا واحدا لا يشكو مما يعتبره ظلم مصالح الضرائب . والسر في ذلك أن هذه المصالح عبارة عن عالم مبهم لا يكشف عما يروج فيه ، ولا يطلع المواطن على كيفية احتساب الضرائب التي يفرضها عليه، كما أنه لا توجد جهة تراقب ما يجري في هذه المصالح المستغلقة على المواطن ، و هي جهة من المفروض أن تسد مسد ما يسمى حماية المستهلك . وإذا ما كانت الدولة المغربية تفرض نوعا من الرقابة على أمور شتى منها مراقبة أسعار المواد الاستهلاكية ،وعلى وجه الخصوص الأساسية منها كالدقيق والخبز والزيت والسكر واللحم ، علما بأن مواد أخرى تعتبر أساسية أيضا كالخضروات والأسماك … ولكنها لا تخضع للمراقبة، وأثمانها إنما يحددها العرض والطلب ،فإنها لا تراقب ما يجبى من المواطنين من ضرائب مختلفة تحدد قيمتها مصالح الضرائب وحدها، ولا يعرف المواطنون كيف حسبت ضرائبهم، بل يتوصلون بإشعارات بالأداء في مدد محددة يفضي كل تأخير عنها إلى تناسل قيمة الضرائب بطريقة غير مفهومة أيضا . وقد لا يتوصل المواطن بإشعار بأداء ما عليه من ضرائب ، ومع ذلك يعاقب بغرامات مع أنه لا يتحمل مسؤولية تأخر الأداء لعدم توصل بإشعار. ويتوجس المواطنون كثيرا من الضرائب ، فلا يكاد سعاة البريد يطرقون أبوابهم ليسلموا لهم إشعارات بأداء ما عليهم من ضرائب حتى يحبسوا أنفاسهم ، ويخرجون ما في أعماقهم زفرات تعكس مدى شعورهم بالغبن من ضرائب لا يعرفون من حدد قيمتها، ولا كيف حددها ؟ وأخوف ما يخافه المواطنون ما تسميه مصالح الضرائب مراجعات لمتأخرات أداء ، والتي تأخذ شكل غرامات تضاف إلى قيمة الضرائب المفروضة . وحين يقصد المواطن مصالح الضرائب لتقديم شكايات يجد نفسه أمام خصم فيه الخصام وهو الخصم والحكم ، ولا يجد جهة أخرى تحميه أو تنصفه إن كان مظلوما ، أو على الأقل تقنعه إن كان ما يؤديه مستحقا لمصالح الضرائب . وبمناسبة الخطاب الملكي السامي تحت قبة البرلمان، والذي كان محوره هو ضرورة أن تكون الإدارة في خدمة المواطن ، فقد حان الوقت لخلق جهاز يمثل المواطن ،ويدافع عنه أمام مصالح الضرائب تحقيقا للعدالة . ولماذا لا يكون هذا الجهاز قضائيا على غرار القضاء الإداري الذي يبث في قضايا المنازعات بين الموظفين وإداراتهم ؟
. ووجود قضاء ضريبي يشرف عليه قضاة مختصون في الأمور المالية والاقتصادية والضريبية أمر من شأنه أن يجعل المواطن يشعر بالأمن والحماية ، ويؤدي ضرائبه وهو مطمئن بأنه يؤدي ما عليه حقيقة وفق ضوابط لا وفق تقديرات تنفرد بها مصالح الضرائب وحدها دون رقابة أو مساءلة . وتحكى عن مصالح الضرائب حكايات غريبة أهمها شيوع جريمة الرشوة حيث يستفيد المواطن من تخفيضات في الضرائب مقابل رشوة يدفعها لموظفي هذه المصالح ، وهذا كلام شائع لدى الرأي العام . وبالرغم من وجود ملصقات تحذر المواطن من الرشوة مقابل خدمات من حقه أن يستفيد منها أو مقابل أخرى ليست من حقه ، فإن ظاهرة الرشوة جريمة كانت في الماضي البعيد ولا زالت ، وستظل كذلك إلى نهاية العالم ، ولا يمكن أن يزعم أحد أنه بالإمكان القضاء عليها قضاء مبرما . وأكثر الأماكن عرضة لهذه الجريمة الشنيعة هي المصالح التي تتعامل بالأموال . ومعلوم أن الإنسان يكون أضعف ما يكون أمام أمرين اثنين : المال والجنس ، وهما معا يسيلان اللعاب إذا ما تعطلت القيم والأخلاق وفترت الرقابة الصارمة . وإذا كانت الفروج ليس عليها أقفال كما يقول ابن خلدون ، فصناديق الأموال كالفروج وإن وضعت عليها أقفال إذ قد يستبيحها من يقفلها ، كما يستبيه صاحب أو صاحبة الفرج فرجيهما . وكما يختلي المضاجعان ببعضهما ،يختلي أيضا جابي الضرائب بمن يؤديها ، فيستبيح هذا الأخير جيبه بدفع الرشوة ، كما يستبيح موظف الضرائب المال العام من خلال التصرف في قيمة الضريبة بسبب الحصول على رشوة . ولا تخلو أحاديث الرأي العام من الإشارة إلى ثروات وممتلكات العاملين بمصالح الضرائب في غياب تفعيل قانون التصريح بالممتلكات والثروات قبل ولوج العمل بهذه المصالح وبعده مع مواجهة السؤال المشهور : » من أين لك هذا ؟ « . ومما يستعمل لتبرير الرشوة والارتشاء كلمة « هدية » التي يراد بها شرعنة جريمة الرشوة . ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد حرم الهدية بهذا المعنى المغلوط حين جاء أحدهم إليه بغنائم فقال هذا لكم، وهذا أهدي لي ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم » هلا قعدت في بيت أمك وأهدي لك » . وهذا يعني أن كل موظف في وظيفة عمومية يتلقى أجرا على مهمته إذا ما حاز شيئا مهما كانت قيمته ولو قلما أو جريدة .., فإنه إنما يأخذ ذلك سحتا حراما . وأخيرا يلزم الدولة المغربية أن تلزم مصالح الضرائب على اختلافها أن تزود المواطنين بوثائق رسمية تتضمن كيفية احتساب مختلف الضرائب، فضلا عن وجود محاكم ضريبية ، وهيئة دفاع ضريبية أيضا . وحين يحدث هذا وما أظنه حادثا ،سيخطو المغرب خطوة نوعية نحو ترسيخ العدالة الاقتصادية ، وهي جزء من العدالة العامة التي تصون كرامة المواطن المغربي.
2 Comments
تحليل دقيق..! ممتاز هو ذا الرمح المسموم الذي أصاب الكثيرين من المكرو خلايا الاقتصاد الوطني برمته وحصد بالتزحلق عبر السنين(من الأعلى إلى أسفل) عكس مايريده لها جلالته أعزه الله(الاستثمار في العنصر البشري). ولو أنه كلام الحين يقع من المتضرر كوقع الملح المبلل على الجرح المزمن نزيفه. وللنزيف بقية حتى اجتثاث الضرع ,فأبطال ملحمتنا تعد على رؤوس الأصابع ولها أذناب تتحكم في تحريكها رغم قصر القامة وطول المسافة إن هي شمت رائحة الدسم تتحرك الأنياب بالفتوى في الحلال والحرام وتطبق المسطرة القانونية بسلاسة في الأماكن المدهونة وتنقلب عسرا بجهة العرض للجهة الغير المدهونة فيأخذ من حسنات هذا المفلس حتى ينطفئ نوره ليتلألأ عند جاره السمين لذ ورغم أن مرور الزمن وبسرعة لصالح الكوكبة التي تقيس قيمة المواطن بمقدار ماله وعطائه من ملأ البطون. فرجائنا في الله وإليه نختصم يوم يكون العدل بيننا في القعور ولا نعترض القصاص ممن لم يتعض لقدر الله.
غياب الرقابة المالية يأسس لواقع الرشاوى المتفشي في قطاع الضريبة (فلا حسيب ولارقيب) ويعيق غيابها ايضا سلامة تنفيذ التوجيهات التي تضمن الحفاظ على اموال الدولة وحسن إدارتها فيحل مبدأ التفاوض (تفاهم معاية نتفاهم معاك او خلص وشكي و زيد و زيد) بدل مبدأ القانون.
فالحيل عديدة و متعدددة يلجأ الى استعمالها من الأجل الابتزاز ز بدأ من التوحيب بنسب مرتفعة وبعد التفاوض يتم التوجيب بالسب الصحيحة حيث يبرر صدور مبلغ الضريبة بالخطأ في التوجيب ووصولا الى اعتار كل سكن سكنا ثانويا بدعوى ات المالك لم يدلي بشهادة السكنى رغم عدم امتلاكه سكنا اخر في حين يتم محابات اصحاب المال والجاه والمعارف قلا سلطة تعلو فوق سلطتهم هدا ما اسس له كمفهوم جديد للضريبة في مدينة جرادة من طرف مسؤول تقسيمتها السابق و للمفارقة فقد تمت ترقيته واصبح مسؤولا جهويا موهما بذلك الإدارة المركزية بمصداقيته وجديته وكل هدا بسبب غياب الرقابة المالية الفعلية.