إصلاح المدرسة ..الهم الأبدي
إن السؤال الكبيرالذي يظل غائبا في مناقشات إصلاح نظام التربية والتكوين هو ذلك الذي يتعلق بالمقررات ومحتوى التعليم،حيث ان معظم مجهودات الوزارة الوصية تنصب على المجالات المتعلقة بالنظام التربوي والمشاكل المرتبطة بالموارد البشرية،وهذا ما يوحي بالتأخر الكبير في مجال تنسيق مقتضيات الإصلاح.
الملف الذي نقترحه الآن حول أفكار الفيلسوفEdgar Morin
يهدف إلى دعوة استعجالية لنقاش جاد في موضوع البرامج والمحتويات والمعارف القابلة للتدريس.وقبل هذا وذاك يجب الإقراربأن هناك تقاليد لم تأت بجديد بقدرما أساءت في تمثل وضع وإقرار المحتويات،إذ حصرت نظرتها في مسألة الكم والإضافة حصرا.
وفي سياق الموضة وروح العصر،يتم من سنة لأخرى إدماج المعلوميات وحقوق الإنسان والشأن المحلي.. الى غير ذلك من "لوبيات"،تشكلها مواد تنزل بثقلها من أجل تحقيق تموضع مناسب في استعمال الزمن،ووزن ملحوظ في مختلف الممارسات التقويمية وفي سائر مستويات المسار الدراسي للمتعلم. هكذا واقع يقضي بأن تكون المهمة الأولى هي قبل كل شيء التفكير في إعادة بناء جزئيات المعرفة وإعادة تعريف شروط توصيلها. صحيح أن التقدم العلمي يفرض إدماج معا رف جديدة،ولكن ليس على سبيل الإستطالةالتي لا يمكن،على كل حال، مسايرتها الى ما لا نهاية .بل في أفق إعادة التنظيم والملائمة.فقد أصبح ممكنا في الوقت الراهن اعتماد مراجعة دورية للبرامج من أجل استيعاب وإدماج المعارف التي أسفرت عنها اكتشافات العقل البشري. لكن وكما أكدته لجنة "بورديو/ Bourdieu"فكل إضافة وجب اشتمالها على حذف ما لا يناسب.فالتقليص ليس دائما إجراء سلبيا ومفقدا للقيمة كما يعتقد أنصار الكم،بالعكس فقد يمكن من رفع المستوى بالشكل الذي يتيح مثلا العمل لمدة اقل ولكن بتدخل أفضل في أنساق التعلم.وفي هذا الاتجاه نعتقد أن المدرسةيجب أن تدعم أكثر:
+الكفايات المستعرضة القابلة للتحويل مثل طلب المعلومة وتوثيقها ،الاستباق،التنظيم،التقويم…الخ
+الرفع الممنهج للقيمة الديداكتيكية والبيداغوجية في مجالات سيرورة التفتح والوضعية المسألة والتعلم الذاتي و البيني..الخ
هناك مؤلفان حديثان ل "Edgar Morin "
سيتيحان بلا شك موضوعا للتفكير ولإغناء النقاش حول محتوى التعلبم في بلادنا.إنهما(الذهن المصقول La tete bien faite) و (المعارف السبع الضرورية للتربية في المستقبل) الأول انبرى إلى تحديد التحديات التي تؤثث افق كل مشروع تربوي تعليمي،حيث هنالك عدم تلاؤم صريح،يلاحظ "إدكار موران"،من جهة ما بين معارفنا المنفصلة والمجزأة عبر المواد،ومن جهة ثانية،بين حقائق ومشاكل هي أكثر فأكثر متعددة الخصوصيات والأبعاد،شاملة وكونية.ولكن بدل ان يواجه نظامنا التعليمي هذه التطورات بالتصحيحات المناسبة،يفضل الإذعان والمطاوعة.
إن المدرسة تعلم عزل الأشياء وفصل المكونات، إذ تبقى الغاية من تعليم بهذه المواصفات هي إزالة كل ما من شأنه أن يسيء إلى الترتيب ويحدث تناقضات في فهمنا الجمعي .غير أنه إذا كان لكل معرفة أن تدعي ما تدعيه من ملائمة فلا بد وأن تكون قادرة على وضع كل معلومة في سياقها وإن أمكن في المجموعة التي تندرج فيها. ويبقى تحدي التحديات هو في آخر المطاف،هو إصلاح الفكر الذي يمكن من الاستعمال الأمثل والكامل للذكاء من أجل رفع هذه التحديات .ولا يتعلق الأمر هنا بإصلاح "مقرراتي" بل بإصلاح "براديكماتي paradigmatique " يهم كفاياتنا من أجل تنظيم المعرفة.وبكلمة واحدة فإن إصلاح التعليم يؤدي إلى إصلاح الفكر،وإصلاح الفكر يؤدي إلى إضلاح التعليم.
3 Comments
الأستاذ محمد أقباش المرجو منكم ارسال الصورة على العنوان التالي
kaddouri@oujdacity.net
اشكر صاحب المقال و اتفق معه في ان المحتويات يجب ان تراجع. الا يفكر واضعو البرامج في الصعوبات التي يطرحها برنامج معقد يحسس التلميذ بالعجز و يضغط على سير العملية التعلمية مما ينتج معه اهمال من المتعلمين و عنف داخل المؤسسات؟
الطرح الذي اشرت عليه لا يجد تحققه على مستوى التطبيق، لأن مشكلة المشكلات في المنهاج المتوفر حاليا يتحدد في العطب الذي طال و لا زال يطال الذات المنفذة لمقتضيات المنهاج نفسه ،فالأستاذ الممارس داخل الفصل بإمكانه أن يكيف محتويات المنهاج وفق تصوره الخاص حسب خصوصيات كل فصل، الملاخظ حاليا أن الفاعل الأساس في المثلث البيداغوجي غائب عن المباذرة وعن التقدم بمقترحات تصب في هذا المنحى،لأن الزورق الذي يركبه منخور من أسفله، على الفاعل سد تلك الثغرة الموجودة في اسفل الزورق قبل الحديث عما يقتضيه الاصلاح..المنهاج الحالي اكثر من جيد، الذي سيطزره هو الغائب عن الفعل التربوي.
ممارس تربوي