التعليم التقني… توصيات قديمة تنتظر التفعيل
أكد الميثاق الوطني للتربية والتكوين على المعرفة التقنية كمحرك أساسي لقاطرة التنمية على المستوى الوطني والجهوي والمحلي وكعنصر حيوي من عناصر إدماج الشباب في الحياة العملية، وبالتالي لايمكن تصور تنمية حقيقية أو اقتصاد قوي من دون هذه المعرفة التقنية اللازمة التي أضحت شرطا أساسيا من شروط تحقيق الحداثة الاقتصادية والاجتماعية وسبيلا من سبل الاستجابة لمتطلبات سوق الشغل الذي يراهن على المهارات التقنية العالية…
توصيات قديمة تنتظر التفعيل
هذه العبارات التي استأنس بها الحاضرون في الناظرة الأولى للتعليم التقني التي انعقدت يومي 14 و15 دجنبر 2004 ، وكانت تلك المناظرة خرجت بمجموعة من التوصيات، من بينها إعادة تكوين وتأهيل الموارد البشرية وإشراك المهنيين في بلورة سياسة موحدة للتعليم التقني التكوين المهني مع وضع إطار قانوني لهذه العملية، إضافة إلى ضبط ودعم العلاقات بين التعليم التقني والتكوين المهني والمجال السوسيو اقتصادي وإيجاد صيغ تعاون وشراكة مع الفرقاء الاجتماعيين كطرف في الحوار الوطني، هذا إلى جانب ضرورة انخراط المقاولات في التكوين التقني مع تطوير البحث العلمي في المجال التقني. ومن بين توصيات تلك المناظرة أيضا تسطير إستراتيجية العمل من أجل تنمية التعليم التقني، وخلق شراكات محلية ودولية، وأخيرا استغلال التجارب والإمكانات التي توفرها منظمات التعاون الدولي للنهوض بالتعليم التقني مع استشراف كل الإمكانيات والموارد التي تمنحها مؤسسات التعاون الدولي لدعم وتحقيق هذا المشروع.
تطوركمي محدود
وكان لحظتها سجل إدريس جطو الوزير الأول السابق في كلمة ألقاها في المناظرة المذكورة ،أن المؤشرات الخاصة بالتعلم التقني تبدو جد متواضعة بالنسبة لبلد يطمح إلى تقوية مؤهلاته التكنولوجية والعلمية للحاق بركب البلدان الصناعية المتقدمة، بالإضافة إلى الصعوبات التي تعترض خريجي التعليم التقني رغم قلة أعدادهم، للاندماج في سوق الشغل، هذا في وقت مازال فيه القطاع الإنتاجي بالبلاد متسما بضعف مستوى التأطير التقني ما يستدعي تعميق البحث قصد تشخيص مواطن الخلل والضعف في أفق إيجاد الحلول الملائمة لها.بعد مرور أربع سنوات على المناظرة، ورغم المجهودات التي بذلت ف تطوير التعليم التقني، فان واقع الحال يفيد أن التطور لم يسجل إلا على المستوى الكمي بالنظر إلى المشاكل البنيوية التي مازال يتخبط فيها هذا النوع من التعليم، بل إن التطورات الكمية ذاتها تخفي تناقضات وفوارق كبيرة بين الأكاديميات كمابين النيابات أيضا، الأمر الذي يطرح أسئلة كبرى حول تكافؤ الفرص في التعليم التقني التي تفرض ظروف العولمة أن يكون من بين الأولويات ، لكن الحقيقة توضح أن التعليم التقني مازال بعيد المنال بالنسبة لفئة واسعة من التلاميذ.
مشاريع في الأفق
نستأنس في هذا الإطار بواقع هذا النوع من التعليم بالجهة الشرقية، فحسب إفادات منشورات الدورة السادسة للمجلس الإداري، فان تلاميذ التعليم التقني لايمثل سوى 4.96 في المائة من مجموع تلاميذ الجهة، إذ بلغ عددهم 1990 تلميذا وتلميذة برسم السنة الدراسية 2006 /2007 محققا بذلك زيادة قدرها 16.10 في المائة مقارنة مع الموسم الدراسي الذي سبقها. أما خلال الموسم الحالي فلم تتطور الأعداد بشكل كبير، إذ لم تتجاوز 2422 تلميذا وتلميذة، وجاء في مخطط الأكاديمية(2008 )، أن هذه الأخيرة تعمل على اقتناء العتاد المكتبي والتجهيزات الأساسية والدعم الوثائقي والتجهيزات التعليمية الأساسية للثانويات المتواجدة بنيابة وجدة أنجاد وهي الثانوية التقنية وثانوية المغرب العربي وثانوية للا أسماء وثانوية عبد المومن، وثانوية الليمون بنيابة بركان التي سيتم تأهيلها بثلاث معامل، للثانويات الثلاث الموجودة بنيابة الناظور، أي ثانوية عبد الكريم الخطابي وثانوية طه حسين وثانوية المطار التي ستستفيد من 7 معامل، كما سيتم إحداث هذه الأقسام بثانوية الفتح بنيابة تاوريرت،أما بنيابة فجيج فسيتم احداث ثانوية لتستوعب التقني التجاري، وهذا يعني أن الأقسام التقنية ستخترق الثانويات التأهيلية، لكن الملاحظين يرون أن المواد التقنية يجب أن تدرس في ثانويات مختصة نظرا للمواصفات التي تتطلبها
محدودية بنيات لاستقبال
في تفاصيل المشاكل التي يعاني منها التعليم التقني بالجهة الشرقية والتي تتقاطع في أغلبها مع باقي الجهات ، هو ظاهرة التمركز في منطقة حضرية كبرى كحالة مدينة وجدة، مايثير معضلة استقطاب التلاميذ لهذا النوع من التعليم من المناطق المحيطة، فكثيرة هي الأسر التي لاتبدي استعدادها للمغامرة في أجواء أخرى غريبة على المستهدفين، أي الداخليات التي تعرف مشاكل بالجملة، ودون الخوض في تلك المشاكل فان كثيرا من التلاميذ اختاروا التعليم التقني لكنهم عادوا إلى مدنهم الأصلية لمتابعة دراستهم في شعب أخرى، لما وجدوا أنفسهم يواجهون مشاكل التغذية والإيواء يشكل عام التي تضاف إلى مشاكل البرامج والمناهج.بل تفيد المعطيات، إلى أنه بالإضافة إلى عدم تكيف البعض مع أوضاع الداخليات، فان البعض الأخر لاتلبى رغباته في التعليم التقني لأسباب تتعلق بمعطيات الخريطة المدرسية وبنيات الاستقبال التي مازالت محدودة إلى حد الآن.من جهة أخرى يطرح التوجيه إلى الشعب التقنية خاصة من السنة الثالثة الثانوي إعدادي إلى جدع مشترك، إشكاليات عميقة،فالتلاميذ لم يستوعبوا بعد أهمية هذا النوع من التعليم، بل إن بعض الأسر تجهل تماما وجود مثل هذه الشعب وتفاصيلها، مايعني أن مجهودات كبيرة تنتظر إشعاع هذا المجال مع توفير الإمكانيات للموجهين لممارسة عملهم في ظروف ملائمة. أضف إلى ذلك أن المذكرة المنظمة لإعادة التوجيه أثارت بعض المشاكل في مقدمتها بروز ظاهرة الاكتظاظ في الأقسام التقنية التي يصل فيها العدد إلى 36 تلميذا وتلميذة كما هو الحال بالثانوية التقنية بدل 31 وماتحت المنصوص عليها في التعليمات الرسمية، ما سيؤثر سلبا على المردودية خاصة أن التلاميذ يدرسون وفق نظام المجموعات، وهو نظام يتطلب الضبط المدروس.
غياب التكوين وبطء في الأشغال
من جانب آخر ، طرح تغيير البرامج في اطار ما نص عليه الميثاق الوطني للتربية والتكوين، بل ان هذا التغيير تم بشكل جدري، ماطرح معضليتين حقيقيتين بالمواد التقنية، فهناك مواد جديدة لم يتم التكوين فيها ، هو مايطرح مشكلة التكوين المستمر بشكل عام، أما المعضلة الثانية المرافقة أن العتاد الديداكتيكي السابق أصبح غير ملائم، كمالم يتم استكمال تجهيز المعامل بالمعدات الجديدة، وكأن الأمر يتعلق بقدر اسمه البطء في كل شيء أصاب المنظومة التربوية. أما في حالة الثانوية التقنية بوجدة ، فتم التخلص من الآلات السابقة تم اقتناؤها في صفقة لفائدة الأملاك المخزنية بثمن جد بعيد على القيمة المادية التي اقتنيت بها في الأصل. وكان بالأحرى أن يتم الاحتفاظ بها لاغناء المتحف المدرسي الجهوي، إذ أن الأكاديمية كما جاء في مخطط 2008 تعمل على احداث متحف مدرسي جهوي بدعم من ولاية الجهة الشرقية ،وبتنسيق مع النيابات الإقليمية التابعة للجهة، قد تم اختيار مدرسة ابن حزم مقرا لهذا المتحف الذي سيضم مختلف الكتب المدرسية والمقررات القديمة والمعدات الديداكتيكية، وأدوات التدريس، ويهدف هذا المتحف إلى حفظ الذاكرة التربوية. وهناك مشكل اخرلايقل أهمية،ويتعلق الأمر بالإصلاحات الكبرى التي تعرفها بعض الثانويات الثقنية، وفي حالة الثانوية التقنية بوجدة فقد رصد لهذه الغاية من طرف الوزارة اعتماد يصل إلى 317 مليون سنتيم، وحددت له سنة واحدة كعقدة لانتهاء الأشغال، غير أن بعض أطر المؤسسة عبروا عن تدمرهم من البطء الذي تسير به تلك الأشغال بعد مرور عشرة أشهر، إذ لم يتم لحد الآن تجاوز سقف 10 ف المائة من الأشغال. غير أن ناجي شكري نائب وزارة التربية الوطنية أفاد في تصريح للصباح أن تعثر الأشغال كان في البداية ، لكن تم تجاوز الأمر بعد ذلك ،وأضاف أن الأشغال وصلت إلى سقف مابين 50 و60 في المائة، علما أن هناك أشغال تتطلب عدم التلاميذ كما هو الحال بالنسبة لاصلاح الداخلية، وخلص ناجي شكري أن الأشغال ستنتهي في موعدها المحدد.
1 Comment
GOODDDDD OKKKK WOW