الجماعات المحلية من الوصاية إلى الإستقلال.
تعد الوصاية ركن من أركان اللامركزية ، تمارسها الدولة على الجماعات المحلية بهدف حماية الصالح العام و الحفاظ على وحدة الدولة وضمان استمرارية الخدمات الجماعية المقدمة للمواطنين ، وترشيد التدبيرالجماعي وتعزيز مبدأ المشروعية من خلال فرض احترام القوانين
وقد تم التنصيص على فكرة الوصاية من خلال مختلف القوانين المؤطرة للجماعات المحلية حيث جاءفي المادة 68من الميثاق الجماعي رقم 0078على أن صلاحيات الوصاية المخولة للسلطة الإدارية بمقتضى هذا القانون تهذف إلى السهر على تطبيق المجلس الجماعي وجهازه التنفيذي للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل وكذا حماية الصالح العام وتأمين دعم ومساعدة الإدارة
وتتخد الوصاية على الجماعات المحلية عدة أنواع، من أبرزها الوصاية الإدارية والوصاية المالية . وتتجلى الوصاية الإدارية في الوصاية على الأعمال والوصاية على الأشخاص ؛ ويقصد بالوصاية على الأعمال تلك الرقابة التي تمارسها السلطة المركزية لفحص مشروع القرارات المتخذة من قبل المجالس الجماعية ومطابقتها أوعدم مطابقتها للنصوص والقوانين المعمول بها وإلا تتعرض للبطلان أو القابلية للبطلان أومراقبة ملائمة للوقوف على مدى ملاءمة القرارات المتخدة للواقع المحلي
أما بخصوص الوصاية على الأشخاص، فهي ذات طابع تأ ديبي على عضو من أعضاء المجلس بقبول استقالته أو إقالته أو توقيفه أو الحلول محل الرئيس وقد تمارس الوصاية على الأشخاص بصفة جماعية أي على المجلس ككل وكافة أعضائه ؛ كما حصل بمدينة مراكش مؤخرا
ويتمثل النوع الثاني من الوصاية في الوصاية المالية المباشرة التي تمارسها وزارة الداخلية وممثليها ووزارة المالية وممثليها كذلك من خلال عملية المصادقة على ميزانية الجماعات المحلية ورقابة القابض البلدي محليا والمفتشية العامة للمالية والمفتشية العامة لوزارة الداخلية مركزيا كما ان هناك الوصاية المالية الغيرالمباشر عن طريق الإمدادت والقروض المشروطة المقدمة من قبل السلطات المركزية للجماعا ت المحلية
استنادا إلى ماسبق ذكره بخصوص مضمون وهدف وأنواع الوصاية نتساءل عن مدى إمكانية ممارسة الجماعات المحلية لدورها التنموي في ظل الوصاية الممارسة عليها ؟ وأثر تطبيق الوصاية على حرية واستقلالية الجماعات المحلية؟
لعلنا قد نحصل على الجواب من خلال استقراء الواقع العملي الذي يوحي لنا بمعطى أساسي مفاده،أنه على الرغم من مختلف أشكال الوصاية الممارسة على الجماعات الحلية فإنها ما تزال تعاني وتشكو من أزمة التسيير وغياب سلطة تقريرية لديها وبالخضوع والتبعية للمركز وممثل السلطة المركزية على المستوى المحلي
فالمجالس الجماعية لاتتمتع بسلطات مطلقة في ممارسة اختصاصاتها تعوزها الإمكانات المالية والبشرية ، ومجال اختصاصها مقيد ، وهامش حريتها ضيق جدا بسبب ثقل الوصاية
فمحاولات الإصلاح التي طرأت على نظام الوصاية ظلت محدودة لكونها انحصرت في نقل بعض إختصاصات وزير الداخلية في مجال الوصالية إلى الولاة والعمال وتقليص آجال المصادقة . فهذه التعديلات لم تواكب الواقع العملي للجماعات المحلية ولم تتمكن من تجاوز الآثار السلبية للوصاية ولا في تقوية سلطة اتخاد القرار على المستوى المحلي ،وبالتالي فإن تحقيق الجماعات المحلية لدورها التنموي أصبح امرا غاية في الصعوبة
لهذا ومن أجل تخطي الوضعية الحالية للجماعات المحلية، فإنه يتعين إعادة النظر في الوصاية المفروضة على الجماعات المحلية والعمل على وضع نظام رقابي فعال ومعقلن يستمد نجاعته من المفهوم الجديد للسلطة الذي يقتضي التخفيف من وصاية الملاءمة ومنح استقلال إداري ومالي كبيرين للجماعات المحلية وتقوية اختصاصاتها وتقاسم سلطة التقرير وتشجيع روح المبادرة للمسيرين المحليين وتكوين المنتخبين الجماعيين وكذا العمل بمبادئ الحكامة الجيدة القائمة على التعاون والشراكة بين ممثلي الدولة والجماعات المحلية وعقلنة التدبير المحلي بهدف دعم الموارد الذاتية للجماعات المحلية وبالتالي تثبيت دعائم دولة الحق والقانون بالإتجاه نحو دعم الرقابة القضائية
ذ عزيز اعوينتي
Aucun commentaire