الدين بين الهلال والصليب
قامت المسيحية الأصيلة على أسس 3 هي
الفقر والعفة والطاعة (1) فهذه أدوات
الطهارة وتطهير البدن من شرور الدنيا
وآثامها ومن الدنيوي بصفة
عامة.والمسيحية اليوم بقيادة البابا
الأرجنتيني الجنسية جعلت من أولوياتها
الاهتمام بالفقراء لتكون للمسيحية
الصبغة الإنسانية.فالقديس والقسيس وأي
متكلم باسم المسيحية يكون محتوى خطابه
هو الدعوة إلى محبة الإنسان باعتباره
المخلوق الرباني المفضل عند الله
سبحانه ونشر السلام بين البشر.ولا
نستغرب اليوم أن تكون الدعوة إلى إنهاء
الاقتتال اليوم صادرة من الفاتيكان
المقر الرئيس .بينما الوجه الذي نقدمه
للبشرية وللعالم نحن كمسلمين هو ولعنا
بالدماء وسفكها.وشبقنا إلى الذبح
والقتل والاقتتال والتخريب والتدمير
’وإعدام ماهو جميل في الخلق الالاهي من
البشر والحيوان والطبيعة,.ولعل الصورة
التي يبرزها الإعلام الغربي الصهيوني
ونساهم فيها نحن بوعي أو بدون وعي هي
صورة القتل والدمار والخراب والتخريب
والسرقة .وكأنهم يقولون هذا هو المسلم.
إن الحرب هي الوجه البشع للإنسان والأمم
مصداقا لقول الله عزوجل (وقلنا اهبطوا
بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر إلى
حين ) من سورة المائدة آية36 .ولكن ما نأسف
له هو أن الأعداء هنا هم المسلمون
أنفسهم يقتلون بعضهم بعضا.فهم متفقون في
الأصول ومختلفون في الفروع.وبين الأصول
والفروع يقتل الأبرياء وتخرب البيوت
وتهدم الصوامع والمصانع والمستشفيات
وتقصف الجامعات والمدارس ومخابر البحث
العلمي وكل شيء له علاقة بمصالح
الناس.فهل ما يدفع إلى القتل والاقتتال
هو الدين أم السياسة أم الاقتصاد؟؟…
يبقى السؤال مطروحا إلى حين..
ما يثير الدهشة لدى الإنسان البسيط مثلي
هو هذا السيل من الفتاوى التي تأتي من كل
بقاع المسلمين وعلى اختلاف مشاربهم
واتجاهاتهم.وهي فتاوى تحمل من الغرابة
ما يسيل له لعاب الكلب’والى حد يعتقد
فيها من يطلع عليها أنها لا تصدر إلا من
إنسان مريض فاقد للاتزان النفسي
والعقلي والسلوكي.ونذكرها على سبيل
المثال والتفكير والتدبر لا على سبيل
الحصر والإحصاء.
1) فتوى جواز الاستقراء بالعدو (حتى لو
كان الشيطان نفسه) ضد دولة عربية
وغالبية سكانها من المسلمين (حرب الخليج
ضد العراق _والآن ضد سوريا)
2) جواز الجهاد في دولة مسلمة بغطاء أنها
دولة علمانية تؤمن بالقومية العربية
3) إصدار قتل المسلمين في موسم الحج
الماضي 2012 بمبرر أنهم من الشيعة
الرافضة.
4) فتوى إغلاق المعابر الحدودية بين غزة
ومصر عبر الأنفاق .وتلجأ الدولة المصرية
في عهد الإخوان إلى سدها بمياه الصرف
الصحي.
5) جواز أخذ الفوائد البنكية عن الأموال
المودعة والانتفاع بها على أنها أموال
حلال ناتجة عن توظيفها في مشاريع
اقتصادية مدرة للربح يقوم بها البنك.
6) فتوى الاستلاء على نساء سوريات في
الأراضي المحررة على أنهن غنائم
حرب.ويجوز الاستمتاع بهن بمبرر(ما ملكت
أيمانكم)
7) فتوى جهاد المناكحة تحرض بموجبه نساء
مسلمات فتيات على الذهاب الى ساحة
القتال بسوريا لامتاع المجاهدين .(هذا
يعتبر مشاركة من قبلهن في الجهاد )
8) فتوى قتل وقتال أطر الدولة السورية من
أطباء وأساتذة ومهندسين وأئمة وعلماء
وجنود وضباط الخ. بمبررأنهم عملاء
النظام السياسي
9) جواز أكل الميتة من الحيوان والبشر
اذا كان ذلك ينقذ الحياة .بمبرر (الضرورة
تبيح المحظورة)
10) جواز تخلي الفتاة والمرأة المسلمة عن
لباسها المحتشم وحجابها في ديار المهجر
اذا ألزمت على ذلك
11) جواز مضاجعة الزوج لزوجته الميتة قبل
دفنها.
12) جواز زواج المتعة
هذه عينات من عجائب الفتاوى وغرائبها
,وكأن العقول العربية المسلمة لا تبتكر
ولا تخلد اسمها الا في هذه الممرات
القذرة. مبتعدين كليا عن جوهر الاسلام
وروحه الذي هو دين يسر وليس دين عسر.ان
هده فوضى عارمة تعج بها السوق
الدينية,وهي لاتخلو من الطابع السياسي
والطائفي.
لا ننسى ان العدو الأساسي للأمة هي
أمريكا بمذهبها المسيحي الجديد وهي تضع
مظلتها على العدو الصهيوني ومعه.وتجعل
دولة اسرائيل في مامن من جاراتها عن
طريق تامين القوة والغلبة لها.ولقد
اعتبر الرئيس الفنزويلي الراحل (هوغو
تشافيز)ان اسرائيل هي الذراع القاتل
للولايات المتحدة الأمريكية.وفي كل حرب
تكون للولايات المتحدة الأمريكية ضد
دولة عربية الا وتكون اسرائيل
وراءها,(فكما يقول المثل الفرنسي :اذا
رأيت الضفدع فان الثعبان قريب) .الدولة
الصهيونية لا تشعر بالأمان الا اذا
لاأشعلت الفتن بين العرب(والتاريخ منذ
عهد الرسول محمد عليه السلام يشهد
بذلك).ولكن بعد كل هذا نتساءل+هل هذا هو
الاسلام الحقيقي كما أنزل ومن أجله نقدم
دماءنا ومالنا وروحنا من اجله.؟؟.
ّ 1نحن نقر أننا أمة عربية قبل أن تكون
مسلمة .ووجد العرب قبل مجيء الاسلام.أي
كان العرب وجاء النبي محمد(ص) .ولهذا ما
يجمعنا مع العرب أكثر ما يجمعنا مع سائر
المسلمين من اجناس أخرى.فما يجمعنا هو
اللغة المشتركة والدين المشترك والمصير
المشترك والعادات والتقاليد
المشتركة’والعلاقات الاجتماعية
العائلية والعشائرية والقبلية
المشتركة…
2كما نقر كذلك أن أمريكا تناصر
ديكتاتوريات عشائرية ومشيخات خليجية
وتعادي أيضا ديكتاتوريات أخرى لأنها
مرتبطة استراتيجيا بروسيا والصين.فهل
الحرب القائمة الآن هي باسم الدين أو
باسم السياسة أوباسم الاقتصاد…
بعد اكتشاف حقول النفط والغاز على
السواحل الاقليمية للدولة السورية
(حوالي 13بئر من احتياطي النفط
والغاز)وتوجد لدى الولايات المتحدة
المريكية خرائط لهذه الآبار’حتى أن بعض
الخبراء العرب الذي أعلن عن هذه
المعلومة وصف هذا الاكتشاف الجديد
بالنقمة وليس بالنعمة على
السوريين,لأنها ستفتح شهية الطامعين
أكثر.فالمحرض على الحرب هو الاقتصاد
بلباس ديني’وليس المبرر لا
اليكتاتورية ولا العلمانية ولا النزعة
القومية…
3كما نقر أن الديموقراطية لا وجود لها في
أي بلد عربي .فكل بلد (بخلاف الملكيات
الوراثية)يمسك فيه الرئيس بزمام الأمور
السياسية والاقتصادية والأيديولوجية
بيديه وأسنانه.وليس مستعدا عن التنازل
قيد أنملة عن صلاحياته .كما ليس هناك
رئيس عربي حدد الدستور مدة صلاحية بقائه
في الحكم في ولاية واحدة أو ولايتين أو
ثلاث ,ثم يتوارى عن الأنظار.انه العشق
النرجيسي للكرسي والحكم
4نقرأن من يتصارع ويقاتل هناك لأجل
تكوين الخلافة الاسلامية على كل الأرض
الاسلامية (ومن حقنا الطبيعي أن نتساءل
÷أي ثوب ديني وسياسي ستلبسه هذه
الخلافة؟؟هل هو الثوب الاخواني التركي
القطري؟؟.أم الثوب السلفي الجها دي
السعودي؟أم الثوب التكفيري القاعدي؟أم
الثوب الايراني الشيعي؟
هذا يعكس ان اتجاهات المسلمين الدينية
شتى .فكم يلزم من الوقت والموت والدمار
والخراب حتى ينتصر واحد من هذه
الاتجاهات ويؤسس الخلافة الاسلامية كما
يريدها…لقد أشار عمر بن عبد العزيز
الخليفة الأموي رضي الله عنه (ان هذه
الأمة لم تختلف في ربها ولا في كتابها
ولا في نبيها ,وانما اختلفت في الدينار
والدرهم)2
5ان الامام الورع المقتدر محمد الغزالي
رحمه الله الداعية والمفكر الاسلامي
المعروف (,وليس أبوحامد الغزالي صاحب
كتاب تهافت الفلاسفة الذي ناقش
الفلاسفة بعقلية الفقيه السني
الاشعري.)والذي كان يقدم دروسا كل يوم
اثنين ’نصح الشباب المسلم بالأخذ
بناصية العلوم كلها واللغات والصناعات
والتكنولوجيا والمعارف المختلفة على
اعتبار أن للدين فرسانه من العلماء
والفقهاء.فالأمة المسلمة في احتياج الى
علماء في مختلف التخصصات والى مقاولين
وطنيين وصناع يعيدون للأمة مجدها
وازدهارها ورفاهيتها وحضارتها بصفة
عامة .أي مكانتها بين الأمم كقائدة
للعالم كما كانت ذات مرة.فالتقدم أساسه
العلم .والعلم هو الحصن المحصن للقلوب
والعقول من التطرف والانحرافات
الدينية.ان العلم يؤكد الدين ويشهد له
.وكثير من الاكتشافات العلمية في
الانسان والحيوان والنبات والأرض
والفضاء لها اشارات في القرآن.وما نأسف
له حقا أن يتصدى بعض من علمائنا الى
القول (لقد سبق القرآن الاكتشاف العلمي
بالاشارة اليه)انه من المؤسف أن نبقى
عند حدود (هذا موجود في القرآن ) ونقبل أن
نكون من المتفرجين والمستهلكين !!
ونختم والله المستعان ’بهذه الآيات
ولصاحب لب وعقل ان يتدبر ’وهي آيات من
سورة المائدة(لعن الذين كفروا من بني
اسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم
وذلك بما عصوا وكانوا يعتدون)
وفي مقام آخر من نفس السورة (لتجدن أشد
الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين
أشركوا.ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا
الذين قالوا انا نصرى .ذلك بأن منهم
قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون) صدق
الله العظيم. وللتذكير فقط ان المسيحية
المذكورة في القرآن هي مسيحية الشرق
التي وجدت عند بزوغ فجر الاسلام .والآن
توجد مسيحية شرقية تعيش وتتعايش
بالجوار مع المسلمين ,ومسيحية أخرى
جديدة تتبنى الفكر الصهيوني
اليهودي.وبقي لنا أن نعرف من هو عدو
العرب والمسلمين الحقيقي؟
المراجع÷1) مقال :العيب والحرام في
حياتنا المستقبلة.د. نوال السعداوي
.مجلة دراسات عربية العدد 3السنة
16ينياير1980
2)نفس المجلة :مقالا القرامطة _دي خوي
والفرض الخاطئ.د.هادي العلوي
3)فجر الاسلام زأحمد أمين .دار الكتاب
العربي ,بيروت .لبنان.الطبعة العاشرة
1969م
Aucun commentaire