مسار يرد الاعتبار لابن بركان البار الفنان حسن الحسيني مبدع فن الركادة يكرم في « دوزيم »
ميلود بوعمامة.
بعد تحقيقها نسبة مهمة من المشاهدة خلال الأسبوع الأول من شهر رمضان الأبرك الحالي، اعتبارا للرهان الذي أخذه المشرفون على القناة في استقطاب عدد كبير من المشاهدين داخل وخارج الوطن، قدمت القناة المغربية الثانية 2M عددا مهما من البرامج التلفزيونية التي تساير الشهر الفضيل، بالإضافة لبثها عددا من الأفلام والأشرطة السينمائية والتلفزيونية، وعددا مهما من السيتكومات والمسلسلات المغربية والعربية والأجنبية والكبسولات الفكاهية، وأخذت نسبة برامج المنوعات حظ الأسد في البرمجة الرمضانية للقناة هذا العام كبث عدد من حلقات برنامج مسار الفني…
حلقة السبت 05 يوليوز الجاري خصصت لأحد رواد فن « الركادة » المنشق عن فن « المنكوشي »، ويتعلق بالأمر بالفنان المجدد حسن الحسيني مبدع هذا الفن ومالكه الشرعي، حيث ولد الفنان حسيني بدوار سيدي عبد الرحمان بمداغ ناحية بركان، درس القرآن الكريم في صغره « بالمسيد » على يد فقهاء المنطقة، تشبع بروح الزاوية القادرية البودشيشية التي تبعد عن سكناه بنصف كلم فقط، وكان من محبي الأوردة الصوفية، وكان يؤدي بعضها في المناسبات الدينية وغيرها، كما كان يؤذن في الناس بالمسجد التابع لدواره، وكان منذ صغره مولعا بالغناء والمواويل، امتهن الحسيني عدة مهن وحرف بسيطة لإعالة عائلته وكان مجدا ونشيطا في جل أعماله.
حسن الحسيني ملك فن الركادة بدون منازع، لأنه هو من طور هذا الفن وحافظ على « المنكوشي »، بإدخال عليه آلات نقرية كالبندير والكلال، بالإضافة لآلات أخرى نفخية « كالساكسفون والزامر » وآلات أخرى وثرية كالقيطار الكهربائية العصرية. حتى اشتد عود هذا النمط الغنائي الذي يؤدي عن طريق أشعار موزونة بالعربية الدارجة والأمازيغية، وأصبح يسمى بـ « الركادة » على اسم منطقة تتموقع بين أحفير وبركان، وهي منطقة فلاحية خصبة، تجمع ما بين الخضرة والماء، ولها حضارة وتاريخ قديم يضاف إلى ما تزخر به باقي ربوع المنطقة الشرقية للمملكة.
يعتز قبائل جبال بني يزناسن الشامخة بهذا الفن الذي له جذور، والذي استمر في الزمان والمكان عبر تحبيبه وتطويره، لينتقل عبر رواده من المحلية إلى العالمية، خاصة بفضل الفنان البركاني المتأصل حسن الحسيني وأمثاله الغيورين على هذا الفن، وذلك منذ سنوات الثمانينات من القرن الماضي إلى يومنا هذا، كما أنه يؤدى هذا النمط الغنائي وفق حساب مدقق وموزون، وأشعاره لا تخدش الحياء، وهي الميزة التي تميزه عن باقي الأنماط الغنائية الأخرى، لهذا، ارتضاه عدد كبير من الفنانين الشباب المغاربة والجزائريين خاصة شباب شرق المملكة والغرب الجزائري، وهذا ما أكده ضيوف حلقة مسار.
ضيوف وشهادات كثيرة وحية، في حق نجم الأغنية « الركادية » إن صح التعبير، منهم من جايل رواد فن المشيخة كالفنان الشيخ المهري، الذي جاور الفنان المقتدر صاحب « الباسبور الأخضر » محمد اليونسي رحمه الله، واستأنف طريق الفن رفقة الحسيني، هذا بالإضافة لشهادات أخرى مؤثرة، كالتي قدمها الأستاذ عبد الحميد الزياني رفيق درب الفنان، والعارف الشيء الكثير عن حسن الحسيني منذ كان تلميذا بالابتدائي في مدرسة ابن هاني الأندلسي بالحي الغربي بويقشار (القدس الحالي) ببركان، وتدرجه في جميع الأقسام، وتعرف الجمهور المغربي بالمناسبة عن هوايات الفنان الحسيني المفضلة في مسار، بالإضافة لعشقه للمواويل الغنائية كان حبه الشديد للمسرح، حيث لعب دور البطولة في مسرحية بعنوان « حفار القبور »، وأجاد دوره باقتدار وتمكن، ضف إلى ذلك شهادات كل من مصطفى الراجي مدير نشر أسبوعية « أخبار الشرق »، والمخرج التلفزيوني محمد السعودي الذي كانت له اليد الطولى في إبراز مقدورات الفنان الحسيني، وكذا شهادة نجله مهدي وآخرون .
تخللت ليلة الوفاء والاعتراف عدة فترات نسقها عتيق بنشيكر، وجمعت في فحواها أغاني بالعربية والأمازيغية ومن فن لكناوي والهيب الهوب في شكله المغربي، وفن الشعبي والركادة التي أدى إحدى أغانيها صديق دربه الفنان المختار البركاني الذي رافقه سنين عديدة، كما حضر تسجيل الحلقة مسبقا عدد كبير من أصدقاء المحتفى به، وبعض من عائلته ومحبيه.
إذن، هو مسار رجل فد راكم في فنه الشيء الكثير، شق طريقه الصعب بجهد المعاناة والمكابدة والحسرة، حيث لم يحظى الرجل بأي دعم أو تكريم معنوي قيد حياته، وهذه الالتفاتة القيمة تشكر عليها القناة المغربية الثانية 2M في شخص الإعلامي عتيق بنشيكر الذي تحمل مسؤولية النبش في الذاكرة الغنائية بالجهة الشرقية في انتظار التفاتة المسؤولين المباشرين على الشأن الثقافي والفني ببلادنا
Aucun commentaire