إلى سي محمد مهيدية، والي الجهة: لقد نجح المهرجان المغاربي للفيلم القصير
لا ريب يا صديقي أن أشياء كثيرة تبدلت في مغرب اليوم على مستويات عديدة، وسمت بالإيجابي والسلبي، نخص بالذكر منها رجال الإدارة، فلم يعد مسؤول الإدارة ذاك السلطوي القابع داخل مكتبه، يخشاه الجميع ومجرد وقع خطواته يجعل من حوله ينفضون كما لو أن كائنا مفزعا حل بالجوار.. اليوم ولله الحمد، شع نور عدد من أبناء هذا الشعب ولجوا سلك الإدارة وأخذوا مواقع حساسة في أجهزة الدولة، مشبعين بثقافة الشعب، تراهم في الميدان في احتكاك يومي مع هموم المواطن والوطن، طبعا ليس جميعهم، لكن البعض منهم، أي أن الترسبات الأفقيرية والبصرية، تراجعت بشكل كبير، وأضحى البلد ينعم بكثير من الحرية، ولو أن تلك الحرية زادت عن حدها فأضحى كل من خاصمته زوجته يحمل لافتة ويقف أمام إدارة احتجاج على الإدارة والمسؤولين .. كما أفرز الوضع حكومة لا وعي لها بجسامة مسؤولية تدبير الشأن العام..
هذا التحول لم يأت من فراغ أو هبة من جهة ما، بل بفضل ما قدمه رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، رجال غيبهم المخزن خلف الشمس، في أقبية سرية، دفعوا ضريبة الانتماء لقضايا الشعب والوطن، والمغرب ليس البلد الوحيد الذي كانت معاناة شعبه مضاعفة، إنها صيرورة التاريخ، ذلك التاريخ الذي تصنعه الشعوب لربط الماضي بالحاضر من أجل استشراف مستقبل أفضل، لأن طعم الحرية بدايته مرارة وألم … من هنا تأتي مقاربة رجل السلطة الذي ترعرع وسط هذا التحول، واع تمام الوعي بهذا السؤال الإشكالي الذي يحيل على المفهوم الجديد للسلطة؟ ومن رحم الإدارة انفلت عدد من الرجال والنساء مثقفين لهم بصمتهم في عدد من المناسبات، تحسب لهم لا عليهم، لأنه ليس من المنطقي اعتبار كل رجل إدارة راكبا على ظهر البهموت.
في هذا السياق أستحضر شخصية سي محمد مهيدية، والي الجهة الشرقية، في بلورة إشعاع ثقافي بالجهة، بحيث لا يمكن إنكار دوره الكبير في إنجاح وتوطين المهرجان المغاربي للفيلم الروائي القصير الذي تسهر على إخراجه جمعية سيني مغرب بوجدة، وهو الآن في نسخته الثالثة يرتقي كل دورة، فالرجل أبدا اهتماما كبيرا وتعاونا مع الجمعية مؤازرا إيها ماديا ولوجيستيكيا ومعنويا ومتابعة، ملتقطا إشارة موقع وجدة وما يمكن أن تضطلع به في التحام شعوبها، لاحتضان الحدث المغاربي الكبير، حيث التأم شمل ثلة من الفنانين والنقاد والمبدعين بوجدة طيلة أربعة أيام، لم يشعر أي طرف بالخصوصية الهوياتية لأن الهوية بدت واحدة، وقد سمحت لي ظروف الاشتغال من داخل هذا الإطار السينمائي أن أكون وسط الحدث فأطلع على كل ما صنعته جمعية سيني مغرب من حميمية في بساطتها وتوادد الأشقاء من مصر إلى ليبيا وتونس والجزائر والمغرب فموريتانيا ..
فتميزت الدورة بالمستوى الراقي للأفلام المشاركة في المسابقة والحضور النوعي للمتتبعين لكل العروض، ثم الأنشطة المصاحبة للمهرجان، خاصة الندوة والورشات واللقاءات والسهرات السينمائية المفتوحة .. لا زال نجاح المهرجان يتردد صداه محتفيا بالفعل السينمائي المغاربي بشرق المملكة وقد اتخذ لنفسه مكانة تليق به بين المهرجانات الأخرى …
الأمر يا صديقي لا يتعلق بإطراء أو مديح، بل هي كلمة جميلة يحق لرجل إدارة من طينة سي محمد مهيدية أن يسمعها، وواجب علينا أن نقولها له …
محمد حماس
1 Comment
و هل حقق المهرجان المذكور غايته أم كان سببا في صرف اموال كثيرة كانت المدينة بحاجة اليها؟ أربعة ايام متواصلة من الجهد و العناء و المال، و الجهة المستهدفة لم تعلم حتى
بوجود هاته المبادرة المغربية