كانت الفرصة تاريخية أن يحضر جمع كبير من مفتشي المصالح المالية والمادية من كل أرجاء البلاد الى عاصمة الشرق لحضورملتقى وطني أيام 11/12/13 أبريل 2014. مناسبة سمحت لنا بلقاء أعزاء لم نراهم منذ سنين وأعوام .خلال حفل التكريم شاءت الأقدار أن أجالس عددا من المفتشين القادمين من مدينة الشموخ مدينة الدار البيضاء وأتعرف على طريقة تدبيرهم . وكانت الفرص حيث تبادلنا وجهات النظر حول الدور المنوط بمفتش المصالح المالية والمادية,تموقعه وأدواره …. ليشير لي أحد الإخوة الى أحد المفتشين الجالسين معنا ويتعلق الأمر بالسيد زكي المصطفى ,الذي كان يسير ثانوية ابن منصور بنيابة سيدي البرنوصي بالدار البيضاء قبل أن يحال على المعاش. شاهدت ملامح وجهه التي كانت مليئة بالحسرة والأسف,وعندما استفسرت الأمر من أحد المفتشين اللبقين والذي تقاعد منذ سنة 2004 ومع ذلك حصر الملتقى وكأنه ابن الخمسين من عمره, » أطال الله في عمره  » وهو السيد بري,رجل قل مثيل له من شدة تأدبه وغزارة فكره…. أوضح لي بصوت منخفض أن السيد زكي المصطفى متأسف ومتأثر لعدم توصله بشهادة منحتها وزارة التربية الوطنية بشراكة مع الجمعية المغربية لمفتشي المصالح المالية والمادية . ما كان مني إلا أن اتجهت الى السيدة رئيسة الجمعية دون علم المعني بالأمر ,لتوضخ لي أن الوزارة لم تسلم الشواهد سوى للمفتشين الممارسين دون المفتشين المسيرين.سكتت هنيهة وما كان علي سوى محاولة تضميد الجراح ,مع أنني في قرارة نفسي لم أهضم قرار الوزارة.لكن…..

   ما قاله السيد بري مفتش المصالح المالية والمادية والذي كان لي شرف مجالسته ولو لوقت قصير,في حق السيد زكي المصطفى خلال كلمة قدمها أثناء حفل التكريم يكفيه شرفا وتقديرا.وأضيف…

    أعتقد أن قليلا من الحاضرين يعلم أن السيد زكي المصطفى تقدم بطلب الى وزارة التربية الوطنية للعمل مجانا بعد احالته على المعاش. قد يقول قائل ,إنه رجل بدون عقل؟ وماذا يريد من هذه الوظيفة سيما في مجال التسيير؟ أجيب باختصار:

    تعرفت خلال مراحل حياتي على رجال تعليم يحبون مهنتهم الى درجة الهيام . وهنا أذكر السيد العربي مدير ثانوية إيسلي بوجدة الذي رفض أن تكرمه النيابة لأنه لم يستطع أن يقبل كلمة وداع لكثرة محبته لمهنته وتقديره لمسؤوليته. ولو شاءت الظروف وتعرفتم عليه لعرفتم قيمته.وحضرت حفل تكريم أستاذة باعدادية الدرفوفي بوجدة وزوجة الكولونيل اليعقوبي وقتها والتي أبت إلا أن تنهي مشوارها بالقسم دون أن يسجل عليها أي غياب يذكر.مع أنكم تعلمون وقتها ما كانت تفعلها زوجات من هذا القبيل.وتعرفت على السيد محمدين قدوري أستاذ الاجتماعيات بكل من ثانوية زيري وثانوية عبد الله كنون بوجدة والذي أبى إلا أن يتم السنة الدراسية مع تلامذته بالمجان رغم احالته على المعاش. وتعرفت على الكثير ممن صدقوا الوعد ولم يخلفوه.

   السيد زكي المصطفى مفتش المصالح المالية والمادية ,عندما تقدم بطلب التطوع للعمل مجانا رغم أننا في حاجة الى مثله نظرا لقلة المسيرين من هذا الوزن , ويمكنه فعل ذلك عن طريق التعاقد . إنما يدل هذا على ارتباطه بمهنته وربطه علاقات عمل كرست أهم مراحل حياته من الشباب الى الستينيات, ويدل ايضا على جيل من رجال التعليم أدوا مهامهم بإخلاص ووفاء وكرسوا حياتهم لخدمة بلدهم دون ملل ولا كلل .ولعل ملامح وجهه ترسم معالم رجل صادق وفي أبي .

    أرجو من الله أن يتم صحته ويصلح له ذريته ويطيل عمره ويجعل نيته في ميزان حسناته.تعلمون أم من نوى القيام بتضحية ما تحسب له في ميزان حسناته وإن لم يتممها لعائق خارج عن إرادته. فإن كان المثل يتعلق بفعل الخير.ألا نعتبر من فكر في العمل مجانا قد فعل خيرا ؟ . وكما يقول الشعراء : حب الأوطان من

.الإيمان. وفقه ووفقنا الله لما فيه خير البلاد والعباد.

محمد المقدم