من هم العبيد الجدد بجرادة ؟؟
قرأت في جريدة الأخبار ليوم الخميس 6 مارس 2014 على الصفحة 12 « تحقيق اليوم » تحقيقا حول عمال آبار الفحم بجرادة .
مبدئيا أحييي هذه البادرة التي تناولت موضوعا حساسا استقطب ولا زال يستقطب اهتمام ساكنة جرادة وكل الغيورين وطنيا ودوليا ، واستحوذ على جانب من النقاش مند إغلاق مفاحم جرادة ، وشكل في بعض جوانبه مادة دسمة لمجموعة من المنابر الإعلامية منها France 24 ….. . ووقفت على العديد من الملاحظات ، منها : عنوان التحقيق » الأخبار تحكي قصة العبيد الجدد بجرادة » . وبما أن عنوان النص هو أهم النصوص الموازية للنص الأصلي ، وهو أكثر العتبات ارتباطا بهذا الأخير ، لأن معانيه فيها الكثير من الإيحاءات التي قد تؤدي إلى الإقبال على النص بنهم أو على العكس تؤدي إلى الإعراض عنه والاشمئزاز والنفور منه ، وبما أن الكتابات سواء كانت شعرا أو نثرا أو نظريات سياسية وفلسفية لا يمكنها إلا أن تمجد الطبقة العاملة وتاريخها ، لأنها هي البانية للأوطان ، وهي المنتجة للثروة ، أعتبر هذا العنوان مجحفا ومستفزا ، ومنفرا لا محفزا .
هؤلاء العمال الذين نعتوا بالعبيد الجدد، تستعمل الفحم الذي ينتجونه عدة مؤسسات عمومية وخاصة ، عبر التراب الوطني ، وتستعمل المحطة الحرارية بجرادة التي تولد الطاقة الكهربائية جزءا منه ، و يستخدم للتدفئة على نطاق واسع….. ، ومعنى هذا أنهم يسدون خدمات هامة لوطنهم ، وتعتبر رائحة عرقهم بالنسبة لنا كالمسك ، ويحلو لنا احتضانهم ، فمن عرقهم ومن سواد بشرتهم وملابسهم وهم يعملون ينبلج النور الذي يضيء سواد ليل جزء هام من وطننا ، وتعود الفرحة والدفء لعائلاتهم .
ومن هنا يصبح نعتهم بـ « العبيد الجدد » مستفزا ومنفرا من قراءة هذا التحقيق .
ونعتهم بالعبيد الجدد يوحي أيضا بكون أسلافهم من الطبقة العاملة كانوا عبيدا قدامى ، والتاريخ يشهد على أن الطبقة العاملة بجرادة ألهمت الأجنبي قبل المغربي ، ألهمت مثلا أرستقراطية المستعمر الفرنسي التي سكنت جرادة ، وأعطتها دروسا بليغة في الوطنية والنضال والعمل النقابي والتضحية والتضامن ، حيث كانت فدرالية المناجم وضمنها عمال جرادة ، تتضامن مع حركات التحرر في العالم وعلى رأسها القضية الفلسطينية ، وهزت نضالات هؤلاء نقابيي العالم ، حيث زارت جرادة شخصيات عمالية أجنبية ووطنية على امتداد تاريخ العمل المنجمي ، تضامنا مع نضالاتهم .
فالعبيد هم أولائك الذين وافقوا على إغلاق مفاحم جرادة رغم أن الوطن لا زال في حاجة إلى الفحم ، بدليل أنه يسوق الآن على الصعيد الوطني ، ويستخدم كما ذكرت في مؤسسات عمومية وخاصة ، وفي المحطة الحرارية بجرادة .
والذرائع التي أغلقت مفاحم جرادة بسببها ، من تلويث للبيئة ، وانتشار للمرض المهني السيليكوز ، والحوادث المنجمية ……….كلها لا زالت قائمة بل منها من استفحل كالتلوث البيئي والحوادث المؤلمة .
بينما الأسباب الحقيقية للإغلاق كانت واضحة ، وعلى رأسها :
1 ـ انصياع بلدنا لتوجهات المؤسسات المالية كصندوق النقد الدولي الذي كان يدفع في اتجاه فض التجمعات العمالية الكبرى وتقليص عدد العمال الذي وصل أحيانا في مدينتنا إلى 7000 عامل .
2 ـ المكتسبات الهامة التي حققتها الطبقة العاملة كاستقرار العمل ( العمل مدى الحياة ) والضمان الاجتماعي ، والعطل السنوية الوطنية والدولية المؤدى عنها ، والعلاج ، والسكن ، والأجرة المحترمة ……..والتي استخسرها المسؤولون في طبقة عاملة صعبة الترويض والتدجين ، قضت مضاجعهم طيلة سنوات .
بالإضافة إلى أن الطبقة العاملة أوصلت النقابات الوطنية إلى السقف ولم تستطع مسايرة نضالاتها ، وأجهضت الضمانات التي كانت النقابات تعطيها في الكواليس ومن تحت الطاولة .ولم تستطع أجهزة الإخماد إطفاء جذوة نضالاتها .
والملاحظ أيضا أن أغلب من تطرقوا لهذا الموضوع اكتفوا بوصف واقع عمال الأنفاق الموضوعي المزري ، وما يواجهونه من متاعب صحية ومادية ومعنوية ،وما يحف حياتهم من أخطار ،وكأنهم يستدرون عطف القارئ ويلهبون ويحركون وجدانه ، وهذا كله في نظري تحصيل حاصل ، ولا يفيد هؤلاء العمال في شيء
. والواقع يفرض تحديد المسؤوليات ، والسعي رغم الصعوبات لإثبات وإقرار حقوقهم وحقوق ذويهم ، وتحديد الجهة أو الجهات المعنية الملزمة بضمان هذه الحقوق ، وفضح المناورات التي يحيكها الأباطرة ، عبيد المادة ، والجهات الأخرى التي ترتزق على عرق هؤلاء العمال ، وتلجأ إلى تفريقهم بشتى الوسائل كالإغراء المادي والمعنوي والترغيب والترهيب كلما شعرت أنهم على وشك تنظيم هذا النوع من العمل والتخلص من الاستغلال المفرط ، خاصة وأن المرض المهني السيليكوز بد أ يدب في جسد العديد منهم ، وبدأ ألنزاع حوله يظهر .
والأكيد أن هناك مناطق ظل وعثمة تحف هذا الوضع ، وقد سعى البعض إلى طمس الإرث الاجتماعي والثقافي والنضالي العمالي بالمدينة ،وكأننا إزاء عملية انتقام من ماضي الطبقة العاملة بجرادة ، وعمليات النهب المتلاحقة التي تمت علانية ، مند إغلاق مفاحم جرادة رسميا ، والتغاضي عنها ، دليل على ذلك .
طرح ويطرح هذا الوضع العام الذي صنفت جرادة بسببه كمدينة منكوبة بإلحاح مشكل البدائل ، خاصة وان الفحم سينضب لا محالة ، و البطالة والفقر يستفحلان في المدينة ، وتدمير البيئة كذلك ، ويتطلب كل هذا ، التعامل مع ساكنة المدينة كحالة خاصة وبعيدا عن الهواجس الأمنية
محمد بونيف
4 Comments
هناك خطأ في هذا المقال صدر عن غير ثصد 7000 عامل عوض 70000
ورد خطأ في هذا المقال أستسمح القارئ عليه 7000 عاملا عوض 70000
وصل عدد عمال جرادة سابقا إلى اكثر من 7000عامل وليس 70000 عامل كما ورد سهوا في المقال كما ان جرادة بها مناجم وليس آبارا
هذا من جهة اما من جهة أخرى فإن زلات بعض صحافيينا تعدت الحدود ولا من رقيب .وهبط المستوى في صفوفهم إلى درجة لا يمكن وصفها على جميع المستويات فلم يعودوا يفرقون بين الدال والذال وبين السين والصادوالعبد والأسود وغيرها من الزلات كثير سامحهم الله على ما يكتبون
تحية تقدير للاخ الكريم على المقال ،