السلك الثاني للممرضين ضيعة تفريخ المُسيرين الأشباح
شـــرح … مــلـــح ( 38)
السلك الثاني للممرضين
ضيعة تفريخ المُسيرين الأشباح
أول ظهور للتمريض بالمغرب كان سنة 1941 من خلال مدرسة الممرضات بالدار البيضاء التي كانت حكرا على الفرنسيات المقيمات بالمغرب، ثلاث سنوات بعد ذلك و تحديدا في 1944 تم إنشاء مدرسة الممرضين المسلمين بالرباط خاصة بالمغاربة مدة التكوين فيها سنتان و كل من حصل على معدل 12/20 عند التخرج يصبح ممرضا متمرنا، أما الحاصلون على معدل ما بين 10/20 و 12/20 يمارسون كممرضين مساعدين. في نفس السنة تم فتح مدرسة المساعدين الطبيين و الإجتماعيين المسلمين بالدار البيضاء، لكن التكوين الفعلي للمساعدين الصحيين المجازين من الدولة لم يبدأ سوى سنة 1960.
مدرسة الأطر أو السلك الثاني للدراسات الشبه الطبية كما يحلو لوزارة الصحة تسميتها هي نسخة من النُسخ الشبه الطبية (حتى لا نقول التمريضية) التي تفتحها و تغلقها وزارة الأطباء كلما أرادت ستر عورة من عوراتها التنظيمية و التقنية كما حدث إبان ثمانينيات القرن الماضي، و في ذات الصدد أتساءل إن كانت وزارة الصحة قادرة على إغلاق كليات الطب على هواها على غرار مدارس تكوين الممرضين!
بدأ التكوين على مستوى مدرسة الأطر و هي التسمية القديمة لها سنة 1963 ليتم تعديلها بالمرسوم الصادر سنة 1993 الخاص بإحداث معاهد تأهيل الأطر في الميدان الصحي و الذي لم يتضمن جديدا سوى التسمية. السلك الثاني للممرضين يضم سنة أولى جدع مشترك و سنة ثانية تخصُّص حراس المصالح الصحية أو المدرسون الدائمون، لتُعيد وزارة الصحة سنة 2013 إغلاق 6 ضيعات للسلك الثاني على المستوى الوطني و تبصم بذلك على شهادة وفاة نسخة من النسخ الشبه الطبية بعد أن نظفت بها بعضا من فضلاتها التسييرية و العبثية.
سأبدأ من حيث يبدأ طالب السنة الأولى للسلك الثاني أو التلميذ القاصر كما « يُبَهْدِلُهُ » القانون الداخلي لهذه المعاهد، يُستهل مسلسل التخويف الجماعي بتلقين 17 وحدة في السنة الواحدة إضافة إلى فترة مُعتبرة من التمرين الميداني. الغريب في الأمر هو أن التكتلات الإدارية الساهرة على تدبير هاته الضيعات التربوية هي أول نموذج سيء للتسيير و التلقين يكتشفه الطالب، حيث تنتحر جُل فصول القوانين المُؤطرة لهذه المؤسسة داخل دهاليز إدارتها قبل التشكل على أرض الواقع.
سأضرب مثالا بضيعة وجدة للسلك الثاني حيث تلمس كطالب التذبذب و عدم التنسيق الحاصل بين المُكونات المُؤطِّرة لهذا السلك، إذ غير ما مرة يُنتهك قرار وزير الصحة رقم 2360-03 بتاريخ 28 ماي 2004 و الذي يُحدد منهجية التكوين بالسلك الثاني للممرضين، حيث أنه في فصله السابع مثلا ينص على أن امتحان أي مادة يجب أن يتم قبل انصرام ثلاثة أشهر من انهاء تدريسها، الشيء الذي تم خرقه بالنسبة لأكثر من وحدة طيلة هذه السنة، كما ينص الفصلان 9 و 10 من نفس المصدر القانوني على أن تنقيط التقرير الذي يُودعه الطلبة لدى الإدارة بعد انتهاء فترة التمرين الميداني يتم بناء على مُحاورة أو نقاش مُبسط بين الطالب و المُؤطرين في حين أن الإدارة تفرض من خلال دليل التمرين أن يقوم طلبة السنة الأولى بعروض على شاكلة أُطروحة نهاية السنة، ناهيك عن امتحانات كتابية من المفروض أن تُبرز قدرة الطلبة على التحليل و التقييم غير أن أغلبها يُوثَّق بأسئلة مُباشرة ضيقة!!
لمخافر السلك الثاني بوجدة خصوصية من شأنها ضمان مكان لها في كتاب غينيس للغرائب و « الفَقْسَــاتْ » حيث يُقذَفُ بطلبة السنة الأولى في مصالح التمرين الميداني دون تلقينهم معظم أدوات و طُرق التحليل و التقييم التي لا يكتشفونها إلا بعد فوات أوانها، إذ تُبرمَج فصول طُرق التحليل و طرق البحث و كذا طُرق التواصل في نهاية السنة مباشرة بعد انتهاء فترة التمرين!!! زد على ذلك أن مُؤسسة من هذه الطينة تُعنى بتكوين مُسيرين و مُخططين صحيين ترسم أروع الأمثلة من خلال سوء البرمجة البيداغوجية و عدم الإلتزام بالأجندات الزمنية التي تُبلورها بنفسها و غياب الانفتاح و التشارك بينها و بين الطلبة المُوظفين للسلك الثاني … الــحــَــاصـــُول « لُوكَانْ كَانْ الخوخ يْداوي لُوكان داوَى رَاسُو ».
من بين العجائب و « الفڭْــعَاتْ » الأخرى أنه ضمن الأهداف التي سطّرها دليل التمرين لطلبة السنة الأولى تحديد قائمة أعمال حُراس المصالح الصحية المُزاولين و مدى مطابقتها للقوانين المعمول بها، إذ يتفاجأُ الطلبة (حراس المصالح الصحية المستقبليون) أن فئتهم لا تتوفر على قانون مزاولة أو اعتراف ضمني من طرف الوزارة الوصية أو نظام أساسي يُحدد و يُفصل اختصاصهم و دورهم داخل المنظومة الصحية، الأدهى من ذلك أن تسمية « حراس المصالح الصحية » غير واردة لا في النظام الأساسي للممرضين و لا في القانون الداخلي للمستشفيات، اللهم في مقامين اثنين أثبتا اعترافهما بهذه الفئة و هما الدورية الخاصة باجتياز مباراة ولوج السلك الثاني للممرضين أو بين طيات محاضر قضائية يُتابع فيها أحد الحراس الصحيين بتهمة مزاولة أعمال لا يكفلها أي قانون…
غياب الهوية القانونية التأطيرية و غياب المعادلة العلمية لهذا الدبلوم بالماستر الوطني و غياب التسوية الإدارية في السلم 11 و كذا غياب الحق في التباري على مناصب المسؤولية داخل وزارة الصحة… كلها عوائق تَحُدُّ من طموح هذه الفئة من الممرضين و تجعل منهم الأيادي الطويلة و النكرة للإدارة الصحية و تضفي عليهم طابع الأشباح المتخرجين من ضيعات و إقطاعيات النُسَخ الشبه الطبية. أما آن الأوان لكي يُصبحوا أصلا للتغيير و إطارا مُعتَرفا بخدماته قائما بذاته؟؟؟
و اغفروا زلات و شخدات أخيكم و رفيقكم محمد عبد الله موساوي.
Aucun commentaire