وسيم القرني يكتب عن الدورة الثانية للمهرجان المغاربي للفيلم الروائي القصيربوجدة
وسيم القربي – المغرب/تونس
احتضنت مدينة وجدة، « عاصمة الشرق » المغربي، الدورة الثانية للمهرجان المغاربي للفيلم الروائي القصير. وقد عاشت وجدة من 18 إلى 21 أفريل على وقع هذا الحدث السينمائي الذي جعلنا نكتشف مدينة حركية نهارا والتي تمتاز بهدوء سريالي ليلا من خلال رقصات الصورة داخل قاعات السينما. وإذا كان الفنّ فطريا في عاصمة الشرق، فإنّ هذا الحدث السينمائي قد جمع بين مختلف الفنانين من مختلف اختصاصاتهم والذين قدموا من كامل أنحاء المغرب، كما كان هذا المهرجان فرصة لمتساكني المدينة للقاء نجوم السينما المغاربية.
وجدة… اللفيف الجمالي
شهدت مدينة وجدة حركية دؤوبة بفضل احتضانها لهذا الحدث الثقافي الذي اختار إطلاق اسم محمد مجد على هذه الدورة تكريما للممثل الراحل. وباعتبار خصوصية هذا المهرجان الذي اختار أن يتخصص في توجهه للسينما المغربية، فقد انقسمت المسابقات إلى مسابقة ذهبية تهتم بالأفلام القصيرة المحترفة شارك فيها 18 فيلم محترف ، في ما اهتمّت المسابقة الفضية بأفلام الهواة التي أمّت 16 فيلم.
كان المهرجان فرصة لتنشيط ورشات تكوينية للشباب في مجال الإخراج والكتابة الفيلمية والمونتاج… خاصة في ظلّ قدوم العديد من الهواة ومحبّي السينما من كامل أنحاء المغرب.
وقد تمّ تكريم العديد من الوجوه الفنية المغاربية مثل الشعيبية العدراوي وأسماء الخمليشي من المغرب والفنان المتألق أحمد بن عيسى من الجزائر… كما حضرت العديد من الوجوه الفنية ونذكر بالخصوص الممثل الجزائري القدير حسان كشاش.
تكونت لجنة التحكيم من المخرج المغربي كمال كمال والممثلة المغربية فاطمة خير والصحفي المصري أحمد فايق والطاهر العجرودي من تونس وسليم هقار من الجزائر، وقد توزعت الجوائز كالتالي:
الجائزة الذهبية:
– جائزة أحسن إخراج للفيلم المغربي « الشقة 9 » لمحمد إسماعيل
– جائزة أحسن سيناريو للفيلم التونسي « بابا نويل » لوليد مطار
– تنويه خاص من لجنة التحكيم للفيلم التونسي الموريتاني « أزهار تيويليت » لوسيم القربي
– جائزة أحسن ممثلة لابتسام زمرة عن دورها في فيلم « اللعنة » لفيصل بوليفة
– جائزة أحسن ممثل لمحمد خيّي عن دوره في فيلم « اليد اليسرى » لفاضل شويكة
أما جوائز المسابقة الفضية فقد توزعت كما يلي:
– جائزة أحسن عمل متكامل لفيلم « الطابق السابع » لعبد الإله العلوي
– جائزة أحسن إخراج لفيلم « أمان » لسيرين ولّوت
– جائزة أحسن سيناريو لفيلم »مرآة شبابي » لنادية التازي
– جائزة أحسن ممثلة لرباب البقالي القاسمي عن دورها في فيلم » قليل من الكذب » لخالد أقلعي
– جائزة أحسن ممثل لزيواني صادق عن دوره في فيلم « التغيير » أحمد رفيق.
لقد شكّل المهرجان احتفاء بالسينما المغاربية حيث حضرت أحدث الأعمال السينمائية في المنطقة كانعكاس للحركية الفيلمية وتشجيع الإبداعية السينمائية، وترسيخ روح المنافسة الإقليمية. وفي هذا الإطار يقول مدير المهرجان الأستاذ خالد سلي أنّ « المهرجان المغاربي للفيلم الروائي بوجدة هو بمثابة الفضاء الذي يحتفي بالسينما المغاربية باعتبار أنّ وجدة تحمل في بعدها رمزا للوحدة المغاربية، والمهرجان بدوره هو انفتاح على سينما الشعوب، نحاول من خلال أن يكون الشرق المغربي فضاء للاحتفال بالإنتاجات السنوية في المنطقة المغاربية وتكريم أسماء فنية بارزة بالإضافة إلى الدور التكويني الذي يحمله المهرجان على عاتقه من أجل إفادة الناشئة ».
الجسر الجمالي وبناء الوحدة المغاربية
لطالما ارتسمت مدينة وجدة بالمخيّلة نظرا لرمزيتها المعبّرة باعتبارها مدينة حدودية مع الجزائر. هناك تقبع الحدود الجزائرية المغربية مغلقة منذ سنة 1994 نظرا لأسباب سياسية تفرّقت بسببها العائلات وتقطعت أكبادها بين الحدود. في هذا الإطار كان شعار هذه الدورة « السينما جسر جمالي من أجل بناء الوحدة المغاربية »، ففي ظل الأزمات المتفاقمة والحلم المغاربي تلوح السينما وسيطا ثقافيا يمكن أن يساهم في دغدغة عواطف المسئولين الذين حرمت خلافاتهم حق شعوب المنطقة من التنقل. وقد كان موضوع الندوة الدولية في المهرجان « المشترك الجمالي والسياسي في السينما المغاربية » وقد شارك فيها كل من حميد تباتو من المغرب والطاهر العجرودي ووسيم القربي من تونس وسعيد هادف من الجزائر. أجمع المشاركون أنّ السينما نقلت قلق الهوية موازاة مع ذلك القلق الإيديولوجي، حيث عكست السينما وجودا ثقافيا موحدا وهوية إبداعية مغاربية تجتمع في مفهومها العام وهو ما يجعل فتح الحدود بمثابة الأمل القائم باعتبار أنّ الشعوب المغاربية تنطلق من وجود مشترك وانتساب محفور في الذاكرة التاريخية.
وجدة… الرمز والرهانات… مهرجان مغاربي أمّنه أعضاء جمعية سيني مغرب وثلة من المولعين بالفنّ السينمائي والمؤمنين بذلك المصير المشترك على غرار قاسم مير وخالد سلي وفريد بوجيدة وعبد الإله الجوهري ومراد الفكيكي وبنيونس بوشعيب وميلود بوعمامة والقائمة تطول… جمعتهم حُرقة العشق السينمائي وجغرافية الإحساس. ولعلّ هذا المهرجان من خلال نجاح باهر لهذه الدورة يؤشر لدورة قادمة ستنافس حتما مهرجانات عالمية خاصة من خلال اجتماعات أفرزت ضرورة تخصيص حيّز هامّ للفيلم الوثائقي.
وجدة… الرمز والرهانات… تأملات ودعوات إنسانية في انتظار… فتح الحدود.
Aucun commentaire