لماذا عزف الكثيرون عن الترشح لمنصب نائب التعليم ؟؟؟؟؟؟
فتحت وزارة التربية الوطنية باب الترشح لمنصب نائب التعليم في عدة نيابات شاغرة. مبادرة جريئة وإيجابية,إن استكملت باختيار لجان نزيهة , وانتقاء مترشحين وفقا لمعايير موضوعية , لما يخدم مصلحة منظومة التربية والتكوين , ويحقق درجات متقدمة في مجال التعليم.
ورغم ترشح الكثير من رجال التعليم , ومن ضمنهم أطر كفأة ممن يتوفرون على كفاءات وقدرات معتبرة. يبقى أن الكثير من الأطر القادرة على تحمل هذه المسؤولين بكل ما تحمل من معنى قد تريثوا وتراجعوا. ومن هذا المنبر سأحاول أن أبرز وجهة نظري حول سبب هذا العزوف البين. حيث يتضح أن منصب نائب التعليم أصبح مليئا بالأشواك,لعدة اعتبارات ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
1- تعرض الكثير من نواب التعليم لاهانات شتى ومن فئات شتى.أحيانا سب وشتم وقذف,الى درجة أن أحد الآشخاص هدد نائبا للتعليم بالقتل دون أن تحرك السلطة ساكنا و لا الجهات العليا للتعليم. ونائب آخر تعرض للسب من موظف وبكلمات لا تليق بالمقام.ونائب آخر رفض موظف نعته بهذه الصفة وناداه باسمه الشخصي وكأننا في مقهى للعب الورق.ونائب ينقل من منصبه لأنه فتح ملفات الفساد ووقف في وجه مسؤول أعلى. والقصص لا تنتهي. وآخر اتخذت السلطة موقفا منه لاعتبارات , وزد على ذلك من مواقف في مواضع تبعث على الاحباط وتقلل من العزائم ….
2- لم تعد لنائب التعليم صلاحيات واسعة لتحقيق برنامج طموح ,بل عليه انتظار ما تجود به الأكاديمية من اعتمادات ,وبالتالي تجده يتخبط وسط برك مائية دون أن يتوفر لديه غواصون وأجهزة انقاذ.
قد يقول قائل وهل تريد العودة الى أيام زمان عندما كان نائب التعليم مطلق السلطات وقليل الفاعليات.أجيب وباختصارعلى أن زمن التسلط انتهى ,وزمان النواب المتعجرفين قد بان- بمعنى أكل عليه الدهروشرب- منظومتنا الحالية تتوفر على الكثير من النواب النزيهين الجيدين المجدين,لكنهم مقيدين بتعليمات فوقية وشراكات صورية وضغوطات حزبية ونقابية واضرابات متتالية وتلاميذ متهاونين وآباء شبه غائبين وسلطات ومنتخبين متفرجين- ولو أن القاعدة ليست عامة ولكنها تبقى طامة- ومجتمع مدني سلبي و….و…..
3- تفشي ظاهرة الميوعة باسم حقوق الانسان واستغلالها في غير محلها,جعل نائب التعليم , مكبل بضغوط ومواقف تنتظر هفواته للنيل منه,أكثر منه للتعاون معه.
4- عدم توفره على الامكانيات المالية لتحقيق طموحاته بالاقليم الذي يشرف على تدبير شؤونه التربوية. خلاف ما وصلت اليه الدول الراقية في هذا المجال , حيث تحدد الميزانية وفق المشروع الذي يقدم , والنتائج التي يلتزم بتحقيقها, بدل منح لا تسمن ولا تغني من جوع . عندما تتسلم نيابة تعاني من اكتضاض في قاعات الدرس دون أن توفر لك الجهات المسؤولة الوسائل المادية لتحقيق توازن مقبول بين مؤسسات التعليم. فماذا تفعل؟ وعندما تلاحظ عزوف الفتيات عن الدراسة في العالم القروي , ولا تملك الامكانيات للحد من هذه الظاهرة بإنشاء مدارس جماعاتية أو توفير النقل المدرسي أو داخليات خاصة بالإناث.فماذا ستفعل؟ وعندما تشرف على نيابة بها أكثر من 50 مدرسة بدون سياج ولا عون ولا مرافق صحية ولا أطر كافية. فماذا ستفعل؟……
5- ضغوط بعض ممثلي النقابات لتصفية بعض الملفات على حساب الموضوعية والمصداقية. وإلا….. مما يوقع نائب التعليم في مساومات لا قبل له بها وعمليات ليس مقتنعا بها. بطبيعة الحال ليس الأمر عاما , لما تتوفر عليه الكثير من النقابات من ممثلين في مستوى المسؤولية, لكن المعضلة موجودة .
6- عندما لا يتوفر نائب التعليم على فريق متعاون في مستوى طموحاته, مما يجعل قدراته محدودة وابداعاته معدودة. أيضا هنا لا أنكر توفر الكثير من النيابات على موظفين أكفاء يعملون في الخفاء وبتفاني كبير,لكن موظفين آخرين غير قابلين لا للتأهيل ولا للمجارات.
7- تناقص الموارد البشرية ,مما يسقط نائب التعليم في سياسة الترقيع على حساب التلميع والتشجيع. عندما تنطلق نيابة بناقص 80 أستاذا في سلك تعليمي واحد . ما هو الحل؟ إنه الجمع بين المستويات داخل الفصل الواحد.وعندما تنطلق نيابة ما باكتضاض يصل 50 تلميذا في القسم . فما هو الحل؟ قد يقول قائل,إن الاكتضاض من وحي خريطة تربوية غير عادلة,أجيبه بأن هناك مدن بكاملها تعاني من معضلة الاكتضاض , وليست مدينة بركان ولا تاوريرت ببعيدتان.أيضا تقولون ولماذا لم تبرمج ثانويات بتلك المدن. أجيبكم إسألوا أهل الميدان ليمكنوكم من معطيات حول هذه الاشكاليات …..
8- عندما لا تستطيع اتخاذ قرارات هامة ورغم اقتناعك بضرورة تنفيذها. ماذا عساك تفعل. مثلا, رجل تربية يتضح بعد التحري, تورطه أخلاقيا.أليس من الواجب توقيفه عن مهمامه حالا الى حين عرضه على لجنة تأديبية.وعندما تكتشف وأكرر دائما بعد التحقيق بواسطة لجان التحري,موظفا في وضعية اختلاس كانت مادية أو مالية.ولا تستطيع اتخاذ قرار في حقه, لتوفره على ركائز معينة. فماذا ستفعل؟ وعندما يصلك تقرير من لجنة حول عون شتم وقذف رئيسه , وترسل ملفه الى الجهات العليا دون اتخاذ قرار في حقه. فماذا ستفعل؟ وعندما تصبح كل قراراتك رهينة مكتبك ومراسلاتك . فماذا ستفعل؟؟؟؟؟
إن نائب التعليم لا يمكنه تحقيق برنامج طموح ونتائج طيبة ,إلا إن وفرت له ظروف معينة, ومنها:
– طاقم بشري مؤهل.
– قدرته على اتخاذ القرارات المبنية على استشارات ودون تجاوزات.
– عدم الضغط عليه من أي مسؤول كان.
– استقلالية عمله .
– توفير الموارد البشرية اللازمة.
– تعاون النقابات بما يفيد المنظومة التربوية.
– اعتبار مصلحة التلميذ فوق كل اعتبار.
– قدرته على تحقيق برنامجه والمحاسبة على هذا الأساس.
– تعاون السلطات المحلية والمنتخبين بما يفيد ويساهم في تحقيق نمو في مجال التربية والتكوين , وليس مسؤولين للمساءلة والتعكير لا أكثر. وهنا أشيد ببعض رجال السلطة ,منهم على سبيل المثال السيد والي الجهة الشرقية الذي ساهم بشكل كبير في انطلاق بعض المؤسسات التعليمية التي كانت متعثرة في مجال البناء,بل وعبر مرارا عن استعداده لحل أية معضلة تواجه رجال التعليم,كما أنوه بالسيد عامل اقليم بركان والذي أعجبني تواضعه وتواصله ,مما يعد نقلة نوعية في مجال اختيار المسؤولين المنفتحين.
حتى لا أطيل….. ما أحلم به قد يكون صعب المنال,لكن بقاء الحال بهذا الحال من المحال أن يحقق المنال.والله المستعان.
5 Comments
أنا متفق مع كل ما جاء في المقال ،إلا أنني أرى أن الانسحاب من تولي المسؤولية لايجوز خاصة من طرف من يأنس من نفسه القدرة على المساهمة في الإصلاح بقدر ما يستطيع مع تحياتي وتقديري.
أما أنا فأرى أنه من الضروري وأكثر من أي وقت مضى أن تستدعي الدولة والوزارة الوصية « نوابا وخبراء في التربية والتعليم » من فرنسا أو احدى الدول الاسكندنافية ولو أني أفضل ألمانيا من أجل انقاذ منضومتنا وتطوير تربية وتعليم أبنائنا ولا عيب في ذالك مادمنا نصدر لهم الفقهاء والأئمة وأما ان رفضوا سنمتنع نحن كذلك عن مدهم بعلمائنا ونشوفوها فين توصل.
طالما ان نيتهم سليمة وضمائرهم حية وينبدون الظلم فما عليهم الا ,اما المواجهةاما الانسحاب عن طيب خاطر. وبكل افتخار واعتزاز فالله سبحانه وتعالى يحاسب كل مسؤول اخل بواجبه فالانسان ما دام لايستطيع تحمل المسؤولية خوفا من هذا وذاك اوتحت ضغوطات نقابية او حزبية فما عليه الا اتخاذ قرار نهائي في مصير حياته العملية بدل ان يكون هو مصدر ظلم للابرياء كيفما كان نوعهم تلاميذ , تلاميذ موظفون, موظفات …لان هذا المنصب لاينفع صاحبه وهوواقف امام الله . ومن يدر قديعيش الانسان مآسي في حياته قبل مماته عقابا على عدم قيامه بواجبه امام الله.فما يجب ان يفكر فيه اي شخص وخاصة المسؤولين لان بسببهم قد يتعرض الكثيرون للاذى اقول ما يجب ان يفكر فيه المرء هو الصحة والسلامة , وان يرزقه الذرية الصالحة. فكي بستطيع الانسان ان يكمل بقية حياته وهو يرى ان الله غاضب عليه فلا يبارك له لا في ذريته ولا في رزقه ولا في ماله فماذا سيقدمه له المنصب ؟ فالدنيا لا تساوي جناح باعوضة……
لو اعطيت كامل الاستقلالية للنواب لتحول بعضهم الى طغات
لا يمكن منح كل الصلاحيات للنواب لان بعضهم يتحولون الى طغات ولا يحترمون مسؤليتهم