المغاربة يرفضون الارتزاق بالأمازيغية كمحرقة من أجل خدمة العلمانية
المغاربة يرفضون الارتزاق بالأمازيغية كمحرقة من أجل خدمة العلمانية
محمد شركي
طلع مرة أخرى المدعو عصيد على موقع هسبريس ظهور دون كيشوط لمحاربة الطواحين الهوائية . ففي هذا الموقع الذي يفسح للفكر العلماني مقابل التضييق على غيره ومصادرته ومنعه، كتب أحدهم ينسب إلى عصيد قوله : » لم يعد هناك تنظيم سياسي أو مدني بالمغرب يجاهر برفض الأمازيغية » فهذه العبارة تتضمن مغالطة مكشوفة من خلال قوله : » لم يعد » وكأنه بالفعل كان هناك من يجاهر برفض الأمازيغية من قبل . والحقيقة التي يعرفها كل المغاربة هي تعايشهم مع الأمازيغية كلغة وكثقافة منذ آلاف السنين دون أن يخطر ببال أحد رفضها ، ولو كان هناك رفض لها لانقرضت كما انقرضت العديد من اللغات والثقافات . وكان الأجدر بعصيد لو كان منطقيا مع نفسه ، وهو أصلا لا منطق له أن يعترف بأن المغاربة إنما يرفضون ارتزاق أمثاله بالأمازيغية من خلال الإصرار على اختلاق خصوم وأعداء لها تماما كما كان يخيل لدون كيشوط أن الطواحين الهوائية خصوم وأعداء. فالمغاربة لا يقبلون ابتزاز عصيد وأمثاله من دعاة الطائفية المنتنة الذين يحاولون استغلال الأمازيغية وجعلها محرقة كمحرقة اليهود المزعومة من أجل العدوان والتسلط وهضم حقوق الغير . فعصيد ومن يزعم مزاعمه الفارغة يصرون على اختلاق خصوم وأعداء للأمازيغية من أجل خلق الأساطير المؤسسة لدولة العلمانية الأمازيغية تماما كما اختلق الصهاينة أساطير مؤسسة لدولة إسرائيل على حد تعبير المفكر المسلم الفرنسي رجاء جارودي. فعصيد وأمثاله يبحثون عن من يصدر منه ما يمكن اعتباره مؤشرا على اضطهاد الأمازيغ ليصير حبه قببا ، إلا أن المغاربة يتفرجون على عصيد وعصابته ويسخرون من هوسه العلماني الذي يحاول أن يموه عليه بادعاء الدفاع عن الأمازيغية . ويريد عصيد حسب موقع هسبريس الذي لا تفوته فرصة دون نشر هرائه على الصفحة الرئيسية الاحتفال برأس السنة الأمازيغية بصفة رسمية مع تخصيص يوم عطلة لذلك . وفي نظره الضيق بسبب الرؤية من ثقب إبرة العلمانية أن الاحتفال برأس السنة الأمازيغية سيربط المغاربة بهويتهم الأصيلة ومقومات ثقافتهم المغربية العريقة وتقاليدهم . فهذا الكلام يدل دلالة واضحة على أن عصيد يدوس على تاريخ المغاربة الذي قطعوا صلتهم بالوثنية عندما استقبلوا الإسلام وتبنوه ، ونقلوه إلى غيرهم لقناعتهم بأنه الحق الذي حل محل باطل ما يدعو إليه عصيد وأمثاله من تقاليد وثقافة وثنية باطلة . ويتحدث عصيد عن المغاربة وكأنهم لا هوية لهم حتى يحتفلوا برأس السنة الأمازيغية. وهو يطمح إلى إعادة الوثنية الأمازيغية البائدة من خلال إحياء ما سماه الرموز الثقافية . وهو يريد إدراج الأمازيغية في كل القطاعات ، وويل لمن عارض أحلام عصيد فإنه سيتهم بالمحرقة وبمعاداة الأمازيغية ، وسيحاكم بسبب ذلك .
ومن فلتات لسان عصيد حسب ما جاء في مقال هسبريس أنه أشاد بسلاح أمازيغ ليبيا ، وبتسيير شؤونهم خارج التوافق الحاصل فيها بعد سقوط نظام القذافي. ونسي عصيد أو تناسى أن القذافي كان يرتزق بالقضية الأمازيغية . وعبر عصيد عن مشاعر العنصرية ضد القومية العربية التي كان نظام القذافي يرتزق بها أيضا من أجل استفزاز العنصر العربي وجره إلى المجاهرة بالعداء للقومية الأمازيغية ، ومن أجل تهييء الظروف المناسبة لتسويق المحرقة الأمازيغية . ولقد وقع عصيد في فخ التصريح بتبني العنف في الثقافة الأمازيغية التي يريد نشرها. وكعادته حشر عصيد الإسلاميين في القضية الأمازيغية باعتبارهم خصوما لها وأعداء حيث أدان حركة الإخوان المسلمين والحركة السلفية في ليبيا ، وجعلهما في خندق واحد مع النظام الديكتاتوري الهالك . وحاول عصيد النفخ في الطائفية المنتنة عندما أعاد سبب الخلاف بين الإسلاميين في ليبيا خصوصا السلفيين وبين الأمازيغ إلى اختلاف العقائد حيث يتبنى أمازيغ ليبيا العقيدة الإباضية المتطرفة ، والتي تلبي رغبتهم إلى التطرف ، والانسلاخ من جسم الأمة الليبية على أساس عرقي وطائفي. وأخيرا لا بد أن نذكر عصيد أن المغاربة لهم هوية واحدة هي الهوية الإسلامية التي تعتبر اختلاف الألسنة والألوان من آيات الله عز وجل ، ولا تقيس الناس بألسنتهم أو ألوانهم، بل بنسبة التقوى في قلوبهم لقول الله تعالى مخاطبا البشرية جمعاء : (( يا أيها الناس إن خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عن الله أتقاكم )) فميزان الله عز وجل ومعياره ومقياسه هو التقوى وليست اللغات وما ينبثق عنها من ثقافات وتقاليد وأعراف . ولن يغير من مجرى الزمان أن تكون له رؤوس من بينها رأس أمازيغي . وفي حين عبر عصيد على أنه لم يعد بالمغرب تنظيم سياسي أو مدني يجاهر برفض الأمازيغية ، فإنه لا زال يبالغ في المجاهرة برفضه للعربية وللإسلام وبدعوته للعلمانية دون أن يجد من يخلع ثناياه ،وهو وأمثاله لحن ناشز في النسيج الاجتماعي المغربي ، ويعبر عن نشازه بمخالفته لالتفاف المغاربة حول راية واحدة قيل عن حمرتها أنه رمز لدماء الشهداء ، وعن نجمتها الخماسية الخضراء أنها رمز أركان الإسلام ، في حين يحمل عصيد وأمثاله أعلاما أخرى من أجل التعبير عن رفضهم للنجمة الخماسية الخضراء لدلالتها عن أمر يجتمع حوله المغاربة رغم أنف عصيد وأمثاله . ولا نستبعد أن يحذو عصيد وأمثاله حذو أمازيغ ليبيا في حمل السلاح من أجل إثبات الذات العلمانية الملفوظة عند المغاربة . وأخيرا أختم بما سبق أن ذكرته في مقالات سابقة بالقول : » إن عصيد يسلح ويخلط » كما يقول المثل الشعبي المغربي ، وهو بذلك أول مسيء للأمازيغية.
1 Comment
أشكركم على هذا المقال ، ولدي إضافة حيث يقال والله يعلم بأن الأمازيغيةأصلها عربي والسبب في تغييرها هو أن ظروف الإعتداء و هجومات القبائل فيما بينها دفعت بعض القبائل العربية إلى إبداع لهجة لا يعرفها إلا أصحابها و ذلك بإدخال تعديلات على اللغة الأم والتي هي العربية .وربما الدليل على ذلك هو وجود أكثر من لهجة أمازيغية بالمغرب .