عباس بن فرناس يظهر ببرشيد
التراث الشعبي المغربي غني بالحكم والأقوال المأثورة التي تنهل من ذاكرة جماعية لا ينضب معينها وموروث ثقافي هو عنوان للاستمرارية في الزمان والمكان.
وللطائرة مكانة خاصة في الوجدان , فالحلم بركوبها يسكن الفرد منذ نعومة اظافره , لذلك تغنى بها الشعراء والمغنون , ولعل للحجاج طرائف تؤرخ لركوبهم للطائرة قاصدين الاماكن المقدسة والتي كانت بمثابة فرصة العمر للسفر جوا , قبل ان يصبح استعمالها حاليا امرا عاديا كغيرها من وسائل النقل البرية والبحرية ,حتى اصبح من باب الدعابة والنكتة القول بان فلانا انتقل من » الحمارة الى الطيارة » .
ومناسبة هاته المقدمة ,هي ما تم تداوله مؤخرا بشكل واسع عن الشاب » مول الطيارة » بنواحي برشيد وكما تقول الاغنية الشعبية « / سطات يسطي, برشيد يداوي » , الذي استفاق ذات يوم عاقدا العزم على صنع – ولا اقول اختراع لان الاختراع مسجل في اسم جهات اخرى – طائرة تمكنه من التحليق عاليا في سماء برشيد معتمدا على قطع غيار من » الخردة » في ورشة للحدادة في ملكه بالدوار الذي يقطنه , ولا عيب في ذلك طالما ان الحلم مباح وان حرية الابتكار والمبادرة حرة , لكن صاحبنا كان يمني النفس بان ينال تشجيع جهات رسمية ولما لا تبني مشروعه هذا ؟ , رغم انه ليس فيه اي شيء من الجدة ولا يمكن ان ينافس الشركات المتخصصة في هذا المجال , إلا ان طموحه هذا اصطدم على صخرة الواقع بحيث سمع كلاما يحبط العزيمة ويدعوه للندم على ما صنعت يداه .
فالكاتب العام للعمالة وصف هذا » الاختراع » بالتخربيق , واللجنة المختلطة التي زارته حذرته من اية مغامرة محتملة للطيران رغم اقرارها باستحالة ذلك عمليا , اليس ذلك قمة التناقض ؟.
ويبقى الربح الوحيد الذي حققه وجناه هذا الشاب هو التعريف بجماعته القروية التي يجهل الكثيرين موقعها على الخريطة و كذا حاجتها الى البنية التحتية وتنمية بشرية حقيقية كما عبر عن ذلك احد رؤساء جمعيات التنمية المحلية , مستغلا توافد المنابر الاعلامية المختلفة والمتنوعة على مكان الحدث الذي صنعه احد ابناء المنطقة ربما عن غير قصد ,ليتحول الى عباس بن فرناس العصر الحديث رغم ان الاول ذهب ضحية اختراعه إلا ان اسمه اصبح مخلدا في التاريخ كأول انسان حاول الطيران بوسائل تقليدية ولم يحالفه الحظ في ذلك , إلا انه رسم الطريق لمن جاؤوا بعده لتحقيق حلم الطيران وبالتالي الانتقال الى زمن السرعة القياسية في طي المسافات والربط بين القارات المتباعدة وعبور البحار والمحيطات , الشيء الذي سهل التواصل بين الشعوب وتبادل الخبرات وتيسير المعاملات في كافة الميادين بدون ذكر المجال الحربي الذي يحمل الخراب والدمار للبشرية , وفي غير ذلك فليتنافس
المتنافسون ,وما اوتيتم من العلم إلا قليلا , وقل رب زدني علما . ,
2 Comments
في انتظار اشارة الاقلاع تبقى » الطيارة » جاثمة على ارضية » مطار » دوار الحساسنة , وقد يطول توقفها الاضطراري بسبب سوء الفهم الكبير الذي لا يسمح بالحلم بالتحليق في الاعالي وما على صاحب الموهبة الا ان يطبق المثل الشعبي الذي مفاده » اللي تلف يشد الارض » , ولله في خلقه شؤون .
الله الله وأي طيران أفضل من الشهرة له ولدواره؛ورغم ذلك على الجهات الرسمية ألا تحبط الآخرين في شخصه.
ألا تصلح طائرته حتى لمتحف الجماعة القروية التي حعلها مشهورة؟
تحياتي أخي