الملتقى الجهوي الثالث لهيئة الادارة التربوية الابتدائية بفجيج
الجمعية الوطنية لمديرات ومديري التعليم الابتدائي بالمغرب بالجهة الشرقية تنظم الملتقى الجهوي الثالث لهيأة الادارة التربويةبفجيجأيام 30 و31مارس 2012 تحت شعار : » الادارة التربوية واقع و آفاق »
في إطار سعيها لرد الاعتبار للمدرسة العمومية بشكل عام والادارة التربوية بشكل خاص ونظرا لكون هذه الأخيرة تعد الركيزة الأساسية لأي منظومة تربوية راسلت وزارة التربية الوطنية الجمعية في شخص رئيسها الوطني بغية اقتراح تصور للإطار قبل الانتهاء من إعداد مسودة النظام الأساسي لأسرة التربية والتكوين ، ووعيا منه بأهمية إشراك القاعدة دعا المكتب الوطني الفروع الجهوية لعقد ملتقيات قصد بلورة تصور عام يقدم قيمة مضافة دون المساس بالمكتسبات ،ومعلوم أن الملتقى المشار إليه بالجهة الشرقية يندرج في هذا الباب ، كما شكل فرصة للتداول في العديد من القضايا المرتبطة بموضوع الادارة
التربوية وسبل الارتقاء بهاحيث كانالبرنامج حافلا بمجموعة من الأنشطة سواء تلك المبرمجة في الجلسات العامة أو الخاصة بالورشات دون إغفال الأمسيات الفنية والترفيهية والجولات السياحية وكذا النقاشات التي كانت تجرى على هامش هذه الأنشطة الشيء الذي مكن أطر الادارة التربوية من أن تضيف إلى رصيدها المعرفي خبرة وتجربة في غاية الأهمية ، هذا وبالرغم من التباين الذي كان يبرز أحيانا في وجهات النظر من خلال مختلف التصورات والمقاربات والتمثلات المتصلة بالموضوع فإنها لم تكن قط لتشكل عائقا أمام الوعي التام بجسامة المسئولية التاريخيةالملقاة على عاتق ممثلي المديرات والمديرينفي هذا الملتقى حيث أبان المشاركون والمشاركات عن النضج العالي لتدبير الاختلاف والوصول بأشغاله إلى شط الأمان ليكلل أخيرا بالنجاح مما أشاع الأمل في النفوس وأيقظ الهمم والعزائم وأضاف شحنة إيجابية ستنير ولا شك السبيل نحو ممارسة إدارية وتربوية عقلانية تضمن معها جودة تدبير الشأن التربوي والإداري وفق منظور جديد للإدارة التربوية الذي تسعى كل الجهات المعنية ( الجمعية ، الوزارة ،الفرقاء الاجتماعيين….) إلى تحقيقه وترسيخه مترجمة بذلك فلسفة الميثاق الوطني للتربية والتكوين .
وبخصوص اقتراح تصور للإطار بالجهة الشرقية فقد استأثرت مقاربتين أساسيتين بالنقاش تتعلق الأولى بالتفكير في إطار جاهز ( متصرف ) تحت مبرر الاسراعواقتصاد الوقت والجهد بينما الثانية ترميإلى إحداث إطار جديد ( مدير مؤسسة التربية والتعليم )بهدف إعطاء الادارة التربوية موقعها الحقيقي ضمن هيكلة الوزارة من خلال خلق مديرية مركزية لها وتمثيلها جهويا وإقليمياليتحقق إقناع أغلبية المشاركات والمشاركين بضرورة تبني المقاربة الثانية مع رفع توصيات للجنة المنبثقة عن المكتب الوطني بالإستئناس في مشاوراتها التي انطلقت قبل أيام بالخبراء في المجالين القانوني والاداري في انتظارالتوصل بمقترحات مختلف فروع جهات المملكة للخروج بتصور عام والمصادقة عليه ورفعه للوزارة مع مد المكاتب الجهوية بالمستجدات خلال هذه السيرورة .
إن المرحلة الانتقالية التي تجتازها الادارة التربوية بخطى حثيثة لم تكن وليدة الصدفة بل تعد ثمرة نضال خاضه المديرات والمديرون بقيادة بطولية للجمعية الوطنية مما يمكن معه اعتبارإشكالية الادارة في مجال التربية والتكوين من الناحية التاريخية إحدى المحطات التي فرضت البحث عن المسعى الأكثر مصداقية وواقعية وفعالية الذي يمكن اتباعه في مقاربة هذهالإشكالية ( رد الاعتبار للإدارة التربوية والارتقاء بها ؟)لبدءمسيرة جديدة تفتح آفاقا جديدة وآمالا جديدة وتقطع مع صفحات الماضي لتبدأ صفحة جديدة تتبوأ فيها الادارة مكانتها الحقيقية في المنظومة التربوية .وإذا كنا لا نشك في وعود الوزارة فإننا نؤكد أن الشعوب والأمم لا تصنع تاريخها ومستقبلها بالنوايا الطيبة فقط لأنها لوحدها غير كافية ومجدية ، فكما رسمنا الطريق بالنضال سنشق طريق النجاحبالثبات والحوار الجاد والمسئول ، ولا بدمن الإشارة إلى أن المعارك التي خاضها الجيل الاداري الحالي ستظل مصدر فخر واعتزاز له وللأجيال اللاحقة ،حيث جهز هذا الجيل بالمعاول وسيوكل للآخرين إتمام مهمته ، وكما أن التاريخ قد يتوقف عند لحظة ليستأنف مسيرة سيرورته فإنه لا ولن يقف عندها أبدا ، لذا فلحظات التفكير والتحديث تظل قائمة والساحة تتسع لبناء الكثير .
الواقع لا أريد أن أنتهي من تحرير هذا الموضوع دون الإشارة إلى موقف بعض الإخوة المفتشين من خلال مقالات نشرتها وسائل الإعلام ( جرائد ومواقع إلكترونية )قوامه أن رد الاعتبار للإدارة التربوية يعد مساسا باختصاصاتهم وبالتالي فالمراقبة ورصد الخلل ومعالجته والحفاظ على نظام محدد للمؤسسةو و و و..هي كلهامهام خاصة بالمفتش لوحده . بل هناك من ذهب بعيداحيث اعتبر تمكين المدير من اختصاصات كانت لديه من قبل ( المراقبة ، استعمالات الزمن ،……….) هي تصريحات يراد بها التزلف للسيد الوزير من قبل المديرين ، بالله عليك ( صاحب الموقف ) أنسيتأن المفتش هو من يشتغل بدون معطيات زمنية متعاقد في شأنها مع الإدارة المشغلة ؟ أم هي عقدة المراقبة ؟ فصاحب الموقف يريد ربط تسمية التفتيش بالتخويف على غرار ما تترجمه هذه التسمية في الحقول والمجالات الأخرى كالجمارك والشرطة والحسابات و .. لأنها توحيبالبحث عن الأخطاء وتصيدها إذ يفترض مسبقا أن ثمة خللا ينبغي الكشف عنه ومعاقبة صاحبه سواء تم ذلك عن قصد أو عن غير قصد بهدف الإبقاء على الصورة الكلاسيكية للمفتش كونه يخيف لأنه يراقب ويعاقب في حين أنه لا يراقب – بفتح القاف – مهما حصل لأنه منزه عن الخطأ . وردا على هذا الموقف –وعلى الرغم من قلة أصحابه حيث يقتضي الأمر في الحقيقة التجاهل مصداقا لقوله تعالى » وأعرض عن الجاهلينصدق الله العظيم » – أقول إن مجال التربية والتكوين لا يكتفي فقط بما تراكم من خبرات وتجارب مختلفة بل باستيعاب طبيعة المرحلة ومقتضياتها ، وذلك بالتكيف مع الواقع ومتغيراته ومتطلباته لأن التمثل لا يمكنه أن يكون فعالا إذا ما اشتغل لوحده ، فإذا كان على حيوان ما أن يتكيف بنجاح فعليه أن يغيرسلوكه باستمرار بشكل يعترف فيه بمميزات وخصائص الواقع الذي يتعامل معه ، وفي إطار التسمية فقد أصبحنا نتحدث في عصرنا الحالي عن الإشراف التربوي والمشرف التربوي بدل تسمية التفتيش أظنه موضوع طويل من الناحية النظرية سنحاول أن نفرد له مقالا خاصا به ، أخيرا فإن على أسرة التربية والتكوين بمختلف مكوناتها وفئاتها أن تعطي للمكتسبات طابعها المتأصل والمندمج في سيرورة الإصلاح وهو ما سيوفر لا محالة تجدرها واستمراريتها ، ومهما كانت المؤاخذات ومهما كانت بواعثها فإن أسرة التربيةوالتكوين ستظل عظيمة عظمة السؤال التربوي إن لم نقل الأسئلة الأبدية التي ولدتها ومارستها وتمارس عليها التشقيق دون أن تطمئن لأي جواب حقا لقد مارست السؤال التربوي كتقوى للفكر .
أود أيضا أن أشير في هذه المقالة إلى كون أطر الادارة التربوية فوجئت بإصدار مذكرة إسناد منصب مدير دون أن تحمل أي جديد تماشيا مع المستجدات المرتبطة بإحداث الإطار خاصة في ظل المرسوم الذي تمت المصادقة عليه مؤخرا والمتعلق بإحداث معهد وطني لأطر الادارة التربوية . فهل يتعلق الأمر بمذكرة يتم استنساخها سنويا بحذافيرها دون مراعاة لمجريات الأحداث وبالتالي سقطت سهوا ؟ أم يمكن اعتبارها اختبارا للإرادة وحسن النوايا لتفعيل القرارات المتخذة ؟فلا أعتقد أنه سيختلف اثنان في أن المقاييس المعتمدة في إسناد هذا المنصب ليست بالموضوعية ولا بالعلمية سواء تعلق الأمر بالانتقاء أو بالمقابلة . فأما عملية الانتقاءفإن معيار الأقدمية في المجموعة المدرسية (الوسط القروي ) لا تعكس بالضرورة الكفاءة التدبيرية للمؤسسة التربويةوبالتالي فإنه معيار لا يمت إلى العلمية بصلةكما يعتبر حيفا في حق العاملين بالوسط الحضري وضربا لمبدأ تكافؤ الفرص الشيء الذي يعني أنه معيار لا يمت إلى الموضوعية بصلةأيضا . أما المقابلات التي تجرى بنيابات وزارة التربية الوطنية فإنها عادة ما تتسم بالطابع الشكلي والمزاجي لأعضاء اللجن التي يتم تشكيلها . إذ كيف يعقل أن يمثل في اللجنة أفراد لا أقلل من كفاءتهم في المهام التي يمارسونهالكنهم يفتقرون إلى تصور متكامل عن مهام الادارة التربوية فرئيس مكتب مثلا الذي يكون منشغلا بجزء من هذه المصلحة أو تلك لا يمكن أن يكون البتة ملما بكل الجوانب المرتبطة بتسيير مؤسسة تعليمية ونحن نعلم كم هي متشعبة وبالتالي فهو مطالببالتمييز بين زيد وعمرو وهذا يرسخ مقولة « فاقد الشيء لا يعطيه » وهو ما ينطبق أيضا على فئات أخرى يتم تمثيلها في اللجن بالرغم من أنها بعيدة كل البعد عن المعرفة والإدراك الصحيح لمفاهيم وأساليب الادارة العلمية الحديثة ولو تمكنت من إتقان المهام المنوطةبها تربوية كانت أو غيرها من هنا يمكن القول إن أية مهمة لا يتجرأ عليها إلا أهلها ، بناء عليه فإن إقرار » أهل مكةأدرى بشعابها » بات أمرا حتميا ، من هذا المنطلق نظن أن عين العقل تقتضي تكليف أطر الادارة التربوية بإجراء هذه المقابلات ومعلوم أن الساحة التربوية تتوفر علىكفاءات علمية وإدارية وتربوية في صفوف المديرين ولو اختلفت المستويات . ولو عدنا إلى معيار الوسطالقروي أضحى بوسعنا القول إنه حق أريد به باطل سواء تعلق الأمر بالحركة الأفقية( مدير – مدير ) أو حركة الإسناد ( أستاذ – مدير ) حيث يراد بإقراره تحفيز فئة معينة للاستقرار بهذا الوسط في حينأن الأصح هو التنصيص على تعويضات مادية خاصة بالعاملين في المجال القرويوترك ميدان التدرج في المهام للتنافس الشريف بتفعيل مبدأ تكافؤ الفرص واعتماد شبكة موضوعية وقريبة من العلمية من قبيل الدرجة (السلم 11 مثلا ) نقطة التفتيش( الامتياز ) الأقدمية ( في حدود سقف معين )الشهادات المحصل عليها ( إجازة ، ماستر ، …) وبعد إجراء عملية الانتقاء يتم تنظيم مباراة والاستفادة من سنة تكوينية بالمعهد على الأقل تتخللها فترات تدريبية ميدانية .
ختاما نقول إن الادارة هي الوظيفة الاجتماعية ذات التأثير في حركة المجتمع ، ولم يعد العقل الانساني في عالم اليوم يقبل الجدل أو النقاش حول ماهية الادارة وأهميتها وضرورة الأخذ بمفاهيمها وأساليبها المتطورة كأسلوب لتنظيم النشاطات الانسانية في مختلف مناحي الحياة .
ادريس عشورتاوريرت
Aucun commentaire