لماذا سفراء التنمية؟ ولماذا في هذا الوقت بالذات؟؟
لماذا سفراء التنمية..ولماذا في هذا الوقت بالذات؟؟؟
المدرب:ذ. أحمد الجبلي
في الوقت الذي يقوم فيه جنود عرب بهدم المنشآت وسفك الدماء وإزهاق الأرواح وإرجاع الأمة إلى العهود البدائية البائدة، مستعملة لغة الغاب التي تنحصر في الفتك والافتراس..ينطلق جنود آخرون للبناء والتعمير والإحياء.
إن هؤلاء الجنود البنائين، أبوا أن يجعلوا اهتمامهم في اتجاه دائرة الهموم السوداء المظلمة، وفضلوا أن يجعلوها صوب دائرة التأثير التي تؤدي طبيعيا إلى البناء والتعمير والتنمية.
إن هؤلاء الجنود هم مدربو الأكاديمية العربية العالمية، الذين أبوا إلا أن يوحدوا الأمة العربية من الماء إلى الماء تحت راية واحدة هي راية العلم والتدريب، واستنهاض الهمم، وتنمية الذوات وتكوينها، لتعمل أكثر مما تتكلم، ولتنتج أكثر مما تنتقد ..ولتوقد شمعة عوض أن تبقى غارقة في لعن الظلام.
إن مطاردتنا للأفعى السامة التي لدغتنا لن يعود علينا بشيء سوى سريان السم في كل أعضاء جسدنا..فالأفضل في هذه الحالة اتخاذ التدابير اللازمة لاستخراج السم..إن الفعل والمبادرة والانطلاق خفافا وثقالا لإسعاف الأمة ليدخل ضمن فريضة الوقت التي يحتمها الواقع المعيش داخل الأمة المنهكة.
لقد كان من الممكن أن تقف الأكاديمية العربية كما وقفت العديد من المؤسسات والهيئات متفرجة على الوضع العربي، وعلى المخاض العسير الذي يعرفه، وتكتفي بالتألم والصراخ وطلب الاستغاثة ممن له مصلحة كبرى فيما يقع لأمتنا.
إن الأكاديمية العربية أبت ذلك، ولذلك انطلقت بمبادرة أقل ما يقال عنها أنها جريئة وذكية وواقعية وهي إعلانها لمشروع سفراء التنمية ..هذا المشروع الذي أقل ما يقال عنه أنه بمثابة ربيع عربي تنموي يهدف إلى ما تطمح إليه جميع الشعوب العالمية وجميع الدول التي تحترم نفسها ولا تنخرط في الهدم والدمار وقتل النفس البشرية التي تعد أهم مادة خام في عملية البناء والنماء.
إن الأكاديمية العربية العالمية سعت من خلال هذا المشروع إلى بعث رسالة مدوية في كل الآفاق عسى أن يلتقطها كل عربي يعي أن المرحلة هي مرحلة بناء وفعل، وربما هي مرحلة تأسيس جديدة بعد اندحار الأغلال وانطلاق الحرية في كل الآفاق. كما أنها مرحلة قام بتأسيسها الشباب، وقد وفق هذا الشباب إلى أبعد الحدود فيما أراد من انعتاق وكرامة وحرية.
ولكن ماذا بعد هذا الانعتاق وهذه الحرية؟ وللجواب عن هذا السؤال نقول: لم تمر على الأمة العربية مرحلة كانت فيها في أمس الحاجة لسواعد شبابها مثل هذه المرحلة التي تمر منها الآن. والسبب بسيط للغاية وهو أن الشباب يشكلون القوة الفتية الضاربة في كل مجال كان اقتصاديا تنمويا، أو سياسيا مؤطرا، أو علميا أكاديميا، أو اجتماعيا مدججا بالوعي والبصيرة والتمكن من خلق ثقافة بانية و مجتمع مسؤول.
إن القاعدة العريضة التي يشكلها الشباب ضمن سلم النمو الديموغرافي، تجعل هذه الأمة أغنى الأمم، ولكن بشرط،هو عندما تقوم بتدريب وتكوين هذه الفئة العريضة من الشباب. لأنها إذا ما جهلت تتحول إلى عامل هدم وتدمير لا عامل بناء وتشييد. مما يجعل هذه المرحلة من عمر أمتنا هي مرحلة يجب أن تكون ضمن أولى أولوياتها الاهتمام بالشباب ودعمه بكل ما من شأنه أن يجعله قويا في تفكيره..قويا في وعيه..قويا في تخطيطه..قويا في مهاراته..وقويا في بدنه ، على اعتبار أن التنمية أشمل من أن تختزل في جانب دون باقي المكونات الأساسية والحيوية لهذا الشباب.
إذن إن الأكاديمية العربية العالمية ألزمت نفسها بأن تقوم بما لم تقم به العديد من السياسات الفاشلة. إذ بادرت إلى إطلاق مشروع سفراء التنمية مستهدفين به الشباب العربي كي يقطع مع التخبط في بحر الارتجال والعشوائية و السكونية والسلبية، ليتحول إلى واع بما له وما عليه، ويستطيع أن ينظر ببصيرة إلى مستقبله، ويستشرفه وفق مخططات دقيقة مقعدة علميا، ومدعمة مهاراتيا.
إن إعلان مشروع سفراء التنمية هو إعلان عن ربيع تنموي مزدهر يلعب فيه الشباب دورا حاسما من أجل بناء الذات وتطويرها وصقل مواهبها لتكون ذاتا حاضرة في عمليات التغيير نحو المنشود التي لا يختلف حول ماهيته اثنان إذ هو التقدم والازدهار والتنمية.
إن الشباب هو أفضل دخيرة تتسلح بها الأمة لتستعملها في مواجهة الكثير من الأعداد المتربصين بها وبمستقبلها، على رأسهم الفقر والبطالة والصحة والسكن والتعليم…
إن برنامج سفراء التنمية هو عبارة عن ورش كبير يجعل من كل الأمة بكل دولها وأقطارها كأنها قطر واحد وحدته اللغة ووحدته التنمية ووحده التدريب.
إن من أمهر المخططات في العالم التي وضعت من أجل القضاء على المخدرات كآفة فتاكة بالشباب والإنسان عموما، هي تحديد أن الفئة العريضة من الناس تملك القابلية لتكون مدمنة أو تتعاطى للمخدر إلا أن الله سلم ولم يجعل للمروجين لهم في طريقهم سبيل.
وبالتالي فأفضل وسيلة تنحصر في تدريب هذه الفئة العريضة على تنمية الذات والتخطيط وطرق اتخاذ القرارات حتى تكون حرة مستقلة في تفكيرها، تميز بين ما ينفعها وما يضرها..تعي أن اتخاذ قرار ما، يحتاج إلى تقليب أوجه المعطيات المتوفرة في ظل مقاربة بين المصالح والمفاسد. وبالتالي أوتوماتيكيا تبتعد عن المخدرات والتدخين وكل ما يشكل تهديدا للصحة النفسية والجسدية وبالتالي يضر بالوطن والمواطنين. إن مجرد أن يكون التدريب أذاة فعالة في صد الهجومات الآتية من مروجي المخدرات والساعين إلى توسيع قاعدة الأسواق بالترويج للمخدر..فهدا يجعل كل المدربين الصادقين المنتمين لهذا المشروع يتشرفون بكل خطوة يخطونها في اتجاه البناء وتنمية القدرات والطاقات لدى شباب الأمة. وما بالنا إذا كان التدريب، لا يسعى إلى تحقيق عملية التحصين هاته فحسب، بل يسعى كذلك إلى تحقيق أهداف أخرى أكثر سموا وأكبر حجما من حيث الرسالة التي يؤديها على رأسها تمكين الشباب من الإسهام في عمليات البناء وأن يصير جزءا لا يتجزأ من كل الفاعلين التنمويين الذين يشكلون السواعد القوية التي تبني للأمة سيادتها ومجدها و توفر لها اكتفاءها الذاتي من الغداء والدواء.
ونظرا للأهمية التي يكتسيها مشروع سفراء التنمية في بناء الأوطان وتنمية الأقطار العربية بتكوين شبابه وتنمية قدراته حتى يسهم بدوره في التنمية الشاملة لأمته، نهيب بكل المدربين العرب كانوا محترفين متمرسين، أو هواة متدربين، أن ينخرطوا بكل ثقل وقوة في هذا المشروع الجاد البناء والهادف، لأنهم، فقط، بانخراطهم يكونون قد عبروا، بما لا يدع مجالا للشك، من أنهم أبناء أحرار، وينتمون لهذه الأمة الخيرة، التي ميزها الله تعالى بمبادرتها تجاه الخير، وتصديها لكل ما من شأنه أن ينخر تقدمها وازدهارها وتنميتها.
Aucun commentaire