هل المغرب يتقدم ؟
بين مغرب الواقع والمغرب المأمول
مسافة شاسعة . نظريا وإعلاميا يظهر
هذا المغرب بصورة خادعة . بلد إستطاع
لحد الان احتواء ضغط الشارع والتحكم
» ببراعة » في قواعد تسيير وتوجيه
اللعبة السياسية …
« أوراش كبرى » في كل مناطق المغرب
،لوحات إشهارية في مداخل المدن توحي
لك أن هذا المغرب يخطو فعلا خطوات
عملاقة قد تنشله من الواقع البئيس في
أقرب الاجال …
حتى الأزمة الإقتصادية العالمية التي
وجعت ضربات قاضية لدول كان تصنف
نفسها ضمن دول الحظوة والوفرة
واستطاعت كذلك تركيع الدول الأعظم
شأنا في العالم وإجبارها على ممارسة
نقد عميق لذاتها ،لم يكن لها كبير
أثر هنا …ظاهريا المغرب إستفاد من
مشاكل الاخرين ،فهاهي رونو تهجر
مصنعا عملاقا إلى المغرب رغم الضغوط
القوية التي مورست عليها في فرنسا
لإقامته على الأراضي الفرنسية ، لكن
الإغراءات االإقتصادية كانت الدافع
الأقوى للإختيار المغرب…
الإستقرار النسبي في الشارع المغربي
جعل سوق السياحة يستفيد من كساد
السوق التونسية والمصرية بفعل
التحول السياسي الذي عرفه البلدين ،
ويستقطب الكثير من السواح الدين
كانوا يفضلون هذه الوجهات …
التعديل الدستوري وتجربة الحكومة
الإسلامية التي قبلت على مضض ، سوق
كل ذلك على كونه إستجابه لمطلب
الشارع في التغيير بينما اعتبره
متتبعون أنه تفويت للمرحلة بأقل
الخسائر ،وعامل الزمن وحدة الكفيل
بالإجابة عما إذا كان ذلك خطأ سياسيا
قاتلا ، أم إستراتيجية ذكية لوضع
المغرب على سكة المستقبل .
المغرب الاخر الذي يعيشه المواطن
ويكتوي بالامه مختلف تماما…نظام
تربوي مفلس رغم امتصاصه لأموال طائلة
من ميزانية الدولة (تسييرا واستثمارا)
أصبح أداة لإنتاج الفقر والعطالة
والإقصاء الإجتماعي ، وفشلت كل محاولات
إصلاحه لحد الان من تلمس خارطة طريق
واضحة المعالم .
سرطان الفساد الذي ينخر هياكل
الدولة ، والفساد عائق حقيقي وعقبة
كأداء تحول دون قيام الدولة
بوظائفها بالشكل الأنسب ، وحرمانها
من موارد كبيرة كان بالإمكان توظيفها
لمحاربة الهشاشة والحرمان
والبطالة…
إن ما يطفو إلى السطح بين الحين
والاخر من ملفات فساد تتداولها وسائل
الإعلام ليس سوى جانب بسيط من أزمة
عميقة تخص تدبير الشأن العام مع غياب
الشفافية في التدبير وغياب المحاسبة
وتعطيل الاليات الزجرية
قطاع الضرائب مثال أيضا يوضح كيف
يساهم الفقراء ومتوسطي الدخل في
تقوية المداخيل الضريبية للدولة
(الضرائب غير المباشرة tva )بينما
يحرمها الأغنياء من دعامة مالية مهمة
جدا بانتشار ظاهرة التهرب الضريبي
(الضريبة غير المباشرة )…
في الوقت الذي يعيش فيه مغاربة
محظوظون حياة بذخ وترف وتزداد
حساباتهم البنكية الخيالية سمنة
وبدانة ، هناك مغاربة اخرون لا تلتفت
إليهم الأنظار ، مصنفون ضمن الأحياء ،
لكنهم في الواقع بين الحياة والموت ،
طعامهم شاي وخبز شعير …أجسادهم
النحيفة المرتعشة بردا ووجوههم تحكي
حكاية مؤلمة ، أن مغربيتهم لم تمنحهم
حقوقا بقدر ما ساهمت في تعميق جروحهم
… « أنفكو » التي تسللت خلسة إلى إحدى
نشرات قناة الجزيرة ذات يوم ليست سوى
مثالا لمئات أو الاف القرى المغربية
المهمشة التي تعيش على « بركة الله ».
هل المغرب يتقدم؟ربما إذا وفقط إذا
كان جسد هذا الوطن سليما معافى من
سرطانات الفساد وهدر المال العام
واللامساواة والزبونية …المغرب
سيتقدم فقط بجميع أبنائه ، وإذا ما
استخلص العبر والدروس من أمثلة عديدة
لدول فاشلة ، سقطت سقطة مدوية بعدما
عاشت على وهم أن الأمور على ما
يرام.
1 Comment
جوابا غلى السؤال في سطر
عندما يقدم كل مواطن مغربي واجباته قبل حقوقه يمكن للمغرب ان يتقدم والسؤال الحقيقي لهذا المقال
هل المواطن المغربي يقوم بواجباته قبل المطالبة بحقوقه؟