وكما سبق أن ذكرت في مواقع سابقة , خططت وزارة التعليم لتمرير مخططها المستعجل بمؤشرات دولية مضخمة, لاصطياد الحكومة وانتزاع  ميزانية ضخمة فاقت 48 مليار درهم , زيادة على مساهمة بعض المنظمات,والتي أقنعوها كما عودونا بضرورة التمويل لتحقيق التحويل…..لكن للأسف تحقق التحويل الى …. وخرج التعليم خاوي الوفاض كما حصل عند سابقيهم…منذ انطلاق البرنامج الإستعجالي ,حاولوا البحث عن ضحية ,فكان الكبش هو المدرس نظرا لأن التهم التي يمكن إلصاقها به سهلة التبرير , والحجج التي يمكن تلبيسها له بسيطة التمرير…ولعل المتتبع للشأن  التعليمي قد لاحظ ويلاحظ الحملة  الشرسة التي قادتها أجهزة معينة لتحميل الأستاذ فشل النظام التعليمي ,كما هو حال المجلس الأعلى للتعليم الذي يتشكل من عناصر تسببت في الكثير من المآسي التي تعتري تعليمنا,ومن عناصر لا علاقة لها للتعليم ,مما جعله طابورا يلحق التهم المجانية كما حاول ذلك لتبرير ضرورة إصلاح التعليم من خلال برنامج استعجالي…ولعل بعض المؤشرات تبين مدى محاولة إلصاق التهم بالأستاذ ومنها:

  1- إشاراتهم الى كون تراجع نسبة المتمدرسين من مؤشر 100 تلميذ في بداية المسار الدراسي, الى مؤشر 13 تلميذ حاصل على الباكلوريا ,وما يتبع ذلك من تحميل مسئولية رجل التعليم حسب زعمهم في هذا التراجع المرتبط بالهدر المدرسي,وقلة تأهيل الأطر المدرسة,وضعف جهاز التفتيش,ونقص في الكفاءات الادارية……كل ذلك لتبرير ضرورة محاربة هذه الظاهرة,من خلال مشاريع البرنامج الإستعجالي…فهل تقدم الهدر المدرسي قدر أنملة واحدة؟ وهل تحسن الأداء في اي مجال كان ؟…..

 2- إشارتهم الى كون نسبة هامة من التلاميذ تنتقل دون أن تكون متمكنة من القراءة والكتابة والحساب….كل ذلك لتبرير إحدى مشاريع البرنامج الإستعجالي ,جلب ميزانية ضخمة ضمن ما يسمى جيل مدرسة النجاح….نحن في الجيل الثالث….أتحداهم إن تحسن مستواهم ولو بنسبة 1 في المائة.صرفوا أموالا ضخمة وزعموا أن هذا الجيل سيتقن القراءة وتوابعها ضمن مخطط شامل…..لكن الحقيقة صادمة في الميدان.قد يعتقد البعض أن الميزانية التي منحت للمؤسسات التعليمية هي حقيقة الميزانية….إنها الفتات…أما اللحم والعظم فالتهمه الملتهمون.

 3- إشارتهم الى ضرورة تكوين المدرس لإعادة تأهيله . فعلا ابتدأت اللعبة هكذا,لكنها سرعان ما تحولت الى مركزية بين يدي لوبي يمتص هذه الأموال وينهشها أمام أعين المسئولين الجهويين ,الذين اكتفوا بالتفرج لا أكثر.بل تطور الأمر الى الاستعانة بخبراء أجانب بدعوى حاجتنا الماسة الى مقاربات مستوردة جاهزة قادرة على تخطي التعثر….لكن الحقيقة أنها مجرد لعبة لتبرير نفقات ضخمة لمروجين أجانب نحلوا مقاربة كندية فاشلة ,هيأت أصلا للدول الإفريقية الفقيرة بدعوى محاربة الأمية,بتعليمهم الأصول الأولية للقراءة والكتابة والحساب.ألم يكن التلاميذ المغاربة من الأوائل في كل العلوم؟ ألا يوجد فطاحل مغاربة تخرجوا من المدرسة المغربية , وأصبحوا من كبار العلماء؟وإن كان  هناك جزء صحيح ما يقولون عن مبررات التردي,فمن الأكيد أنهم يتحملون مسئولية ذلك ,على اعتبار المقارنة والمقاربة بين الأمس واليوم…..

 4- أقحموا المدرسة المغربية بسيل من المذكرات الفوقية المتسرعة المرتجلة …والتي لم تدم سوى أياما وربما أحيانا ساعات…منها تلك المتعلقة بتقييم الأداء المهني للموظف, وتلك المتعلقة بتدبير الزمن المدرسي,وتلك المتعلقة بجداول الحصص,والتي ما هو غريب فيها تقرير 3 ساعات للحصص على الهواء ,وكأنهم يعيشون في كوكب غير كوكبنا.ألا يعلمون بأن الكثير من مؤسساتنا لا تملك حتى ساحة فبالأحرى فضاء؟ ولهم في مؤسسات البوادي عبرة إن كانوا يعتبروا….المذكرات عديدة ….والتطبيق ظل حبيس المكاتب…..كلها قرارات حسب زعمهم لتقييد المدرس وتقزيمه ومراقبته ….و….و….

 إن ما حاولوا تمريره ,لم يجد آذانا صاغية ,ولأول مرة في تاريخ التعليم تتم قرارات ماراطونية وتراجعات هتشكوكية …ولعل القارئ الكريم قد يتساءل ,وأين بيت القصيد؟

إن رجل التعليم لم يتغير وبل كان دائما معطاء ,محبا لتلامذته ومواظبا على حصصه,وملتزما بواجباته….لكن المخططين للتربية والتكوين لم يواكبوا التغيرات الحاصلة على البنية المجتمعية والبنية الاقتصادية , ومن التحولات العالمية ,التي فرضت إشراك المعنيين بالأمر في كل القرارات, والشفافية في الحسابات, والجدية فغي التعاملات,والمحاسبة بعد كل النهايات.

 رجل التعليم قادر على العطاء , إن وجد الظروف والفضاء……وقادر على الإبداع,إن وجد المهتمين والمتتبعين…..وقادر على رسم اللوحات الفنية ,إن وجد ذواقين شوا قين  تواقين للإصلاح والفلاح….وقادر على الكثير ,إن وجد الخير والبديل…..وفي نفس الوقت قادر التصدي ,إن وجد التحدي….وقادر على الممانعة ,إن وجد قلة المتابعة….وقادر على الرفض ,إن وجد التسلط والانفراد….