ألا يعتبر التلاميذ ضحية …..تعليم سيء ؟؟؟؟؟؟
في هذه الأيام يخوض التلاميذ امتحانات مرحلية للأسدس الأول من السنة الدراسية . ما أثار انتباهي جدية الكثير منهم وجهودهم في التحصيل . استوقفني تلاميذ كلية الطب,للمثال لا الحصر,حيث لاحظت منذ بداية السنة الدراسية تسابقهم على التحصيل الى درجة تواجدهم بباب الكلية على الساعة السابعة صباحا ,مع أن الدراسة لا تنطلق إلا في الثامنة,وما أن يفتح العون الباب الرئيسي حتى يتداخلون جريا للحصول على المقاعد الأولية ,والتي تمكنهم من الاستماع الجيد والتتبع الحسن,وحتى خلال الامتحانات التي ابتدأت هذه الأيام, فإنهم يحضرون الى الكلية بساعة قبل الوقت,أما الخزانة فخلال السنة كلها تجدها شبه مملوءة,وتجد التلاميذ يستعطفون أساتذتهم لتقديم حصص الدعم , وتجدهم يبحثون عن مقررات السنوات الماضية والمراجع والكتب لتقوية مستواهم , وتجد أساتذتهم يقدمون لهم كل الظروف المواتية للتحصيل والفهم والاستنباط….نفس النهج متواجد عند تلاميذ الأقسام التحضيرية بمختلف شعوبها , بل حتى الخاص منها….مجموع التلاميذ بالشعب التي ذكرت يفوق 500 تلميذ بالجهة الشرقية…إنها نخبة من خيرة التلاميذ وعصارة لجهود أساتذتهم السابقين من المرحلة الابتدائية الى الثانوية ,الذين وجدوا منتوج ناضج فأنتجوا.من هذه النماذج يمكن استنتاج ما يلي:
– من الخطأ القول بأن تردي المستوى يرجع الى التلاميذ على اعتبار ما يمكن أن يحققوا ,إن تظافرت جهود عديدة ووفرت ظروف مجيدة ساعدتهم على التفوق,فقد يكون للآباء دور,وقد يكون للأساتذة دور,وفعلا كان لهم دور,وقد يكون لشخصية التلميذ دور,وفعلا كان لها دور,وقد يكون للصحبة والرفقة دور, وقد يكون ….وقد يكون….
– ومن الخطأ القول بأن التلاميذ سبب فساد التعليم,على اعتبار ظروف تمدرسهم ,والتي تتميز باكتضاض في الأقسام والتي تصل أحيانا الى 50 تلميذا سيما إن تعلق الأمر بالأقسام النهائية ,وهي حالات كثيرة.فكيف لتلميذ يدرس بقسم من 25 تلميذا ,وقسم آخر من 50 تلميذا….فكم من الفرص تعطى لهذا دون ذاك؟
– ومن الخطأ القول بأن التلميذ سبب الفشل الدراسي ,إذا كان حظه تشكيلة قسمية من تلاميذ مكررين في غالبيتهم ومشاغبين في عمومهم,وتلميذ في قسم تنافسي على التحصيل انضباطي في التحميل.
– ومن الخطأ القول بأن التلميذ هو المتسبب في الانحراف الخلقي,إذا كنا نسمح ببيع المخدرات قرب المؤسسات ,وأحيانا داخل الفضاءات, بل من التلاميذ من يحملون الخمور الى قاعات الدرس….إسمحوا لي أن أقول بكل صدق بعض قاعات الدرس تمارس فيها كل الممنوعات,ليس لعيب في الأستاذ,وإنما لظروف شخصية أو صحية ألمت به ,وأرغمته على فقد السيطرة مع بعض المشاغبين ,وإن كانوا قلة فإنهم يزرعون جوا من اللامبالاة والفوضى والتسيب و الذي ينعكس سلبا حتى على النجباء, ويقلل من عزيمتهم.
– ومن الخطأ القول بأن التلميذ يساهم في انحطاط المستوى , إذا كانت الوزارة تثقل كاهله ببرنامج مستورد , وكتب تجارية, وإصلاحات صورية….إن المقررات لا تراعى مستواه ولا تنطلق من محتواه,والإصلاحات لا تتوافق مع حقيقة هواه, فقد يكون في حاجة الى وسائل تعليمية غير متوفرة بالمؤسسات العمومية,كما هو حال الحواسيب والانترنيت ,التي لازالت مغلقة في بعض مؤسساتنا,بل تستعمل للأغراض الخاصة من بعض مسيرينا.وهل حققنا مكتبة تلائم حقيقة رغبات التلاميذ كمركز للتوثيق يوفر ظروف التواصل والبحث العلمي الذي يقوم على المعلوميات بالوسائل التقنية التي تساير التطور التكنولوجي وتوابعه.
إن التلميذ الذي يعزف عن الدراسة,فلأنه ناقم, والتلميذ الذي يتغيب عن الحراسة فلأنه شارد, والتلميذ الذي يكره المدرسة فلأنه غاضب, والتلميذ الذي يخرب المؤسسة فلأنه غير راغب,والتلميذ الذي لا يتابع الدراسة فلأنه لا يحب مدرسيها,والتلميذ الذي يفعل كذا فلأنه كذا….وهكذا…..
صحيح أن الكثير من التلاميذ مقصرين ,لكن الأصح أننا لم نوفر لهم ظروف تمدرس جيد وفي مؤسسة جيدة وقسم جيد….بل لأن المشرفين على التربية يعتبرونهم سلعة للترويج ,وبضاعة للتتويج ….لا يستشارون ولا يشركون. وإن أشركوا فلمجرد التمثيلية والصورية أكثر منه المشاركة الحقيقية…
مصيرهم مصير أستاذتهم الذي يحاول المسئولون إلقاء اللوم عليهم أكثر مما يعملون على تصفية الأجواء وتهيئتها لعملهم في ظروف خير من ظروفهم….موضوع المقال اللاحق, إن شاء الله تعالى
Aucun commentaire