إذا كان للمشرق الإسلامي « أردوغانه »، فنحن في المغرب لنا « بنكيراننا »
السيد رئيس الحكومة الأستاذ المحترم عبد الإله بنكيران، سلام الله عليكم وبعد،فيشرفني أن أتقدم لكم ولجميع مناضليكم بأحر التهاني والتبريك بمناسبة فوز حزبكم المناضل باستحقاقات 2011 المباركة، وكذلك بثقة جلالة الملك في سيادتكم، وتعينكم كأول رئيس حكومة في عصر الدستور الجديد، مما يدلل على أن الإرادة الملكية السامية استجابت لصناديق الاقتراع، معلنة عن ميلاد ملكية جديدة ،ومدشنة لواقع سياسي جديد، لقد كان بودي معالي رئيس الحكومة المحترم ،أن أساهم معكم في هذا النجاح الباهر الذي حققه حزبكم العتيد ومناضلوكم الأشاوس،إلا إنني لم أفعل، وقاطعت الانتخابات التشريعية، لا حبا في المقاطعة، ولا استجابة لدعوات الجهات التي دعت للمقاطعة، وإنما انطلاقا من مواقف مبدئية، طلقت العمل السياسي المؤسساتي طلاقا رجعيا منذ حكومة التناوب التي خيبت آمال الطبقات الشعبية،ولم أعد أثق لا في الصناديق الخشبية ولا الزجاجية،وأتمنى أن تغير حكومتكم المقبلة هذه المواقف من خلال تنزيل مقتضيات الدستور الجديد تنزيلا صحيحا ومقنعا،وجعل نهاية سعيدة لما سمي بمرحلة « الانتقال الديمقراطي » التي تم تأبيدها، إلى مرحلة جديدة تتسم بديمقراطية حقيقية، وأن تتم على أياديكم وفي عهدكم المأسسة الفعلية لدولة الحق والقانون ،..
.لقد تأكد الجميع أن أغلبية الشعب المغربي أوصلتكم إلى السلطة ، لا انتقاما من الأحزاب الوطنية التقليدية وإنما لثقتها في حزبكم،واقتناعا ببرنامجكم الانتخابي وحملاتكم الانتخابية النزيهة والنقية، لهذا كونوا حفظكم الله في مستوى هذه الثقة ، ولا تخيبوا الآمال العريضة للشعب المغربي في قيادتكم،ولا تكرسوا المثل الشعبي القائل »أولاد عبد الواحد كاع واحد »، صحيح إنكم تتسلمون مقاليد تدبير الشأن الوطني في ظرفية عالمية صعبة، تتميز بأزمة مالية خانقة، تزعزع أسس القارة العجوز ،وتنعكس سلبا على المواطن الأوروبي البسيط بشكل خطير جعلته يكفر بالوحدة الأوروبية،التي تبقى رغم ذلك إنجازا تاريخيا، عجزنا نحن العرب والمسلمين على تحقيقه، بالإضافة إلى الاستحقاقات الداخلية والتحديات الوطنية المعقدة والمركبة، التي تفسرها مرتبتنا المتدنية بالنسبة لمؤشر التنمية البشرية، بسبب ارتفاع نسبة البطالة والأمية و ضعف الدخل الفردي ومعدل التمدرس وعدم كفاية الأطر و التجهيزات الصحية و المرافق الضرورية بالإضافة إلى أزمة السكن وسوء التغذية، لهذا فأنتم مطالبون بالتصدي لمختلف مظاهر العجز الاجتماعي ،وتلبية الحاجيات الأساسية للمواطنين المغاربة،وتحقيق التنمية الاقتصادية، إنها لعمري معادلة صعبة، أنا أعلم أن حزبكم والأحزاب المتحالفة معكم تتوفر على أطر كفأة ومتخصصة، ومطلعة على مختلف الملفات، وستعرف كيف تتعامل مع تداعيات الأزمة المالية العالمية على الاقتصاد المغربي، واختلالات الميزان التجاري، وتراجع احتياطي العملة الصعبة،كما أن حكومتكم الموقرة مطالبة بالوفاء بالعهود، التي تضمنها برنامجكم الانتخابي، وفي مقدمتها رفع الحد الأدنى للأجور..
.وبصفتي «معلما »، اسمحوا لي أن أوصيكم خيرا بنساء ورجال التعليم ،وألتمس من سيادتكم الإسراع في بلورة مخطط وطني لإنقاذ مدرستنا العمومية قبل فوات الأوان، ولا تولوا علينا رعاكم الله الغرباء، ولا اللاهثون وراء البيداغوجيات الأجنبية التي دمرت قطاع التربية والتكوين، وابعدوا عن قطاعنا المهرولين وراء المخططات الاستعجالية التي لم تترك للناس دين ولا دنيا،واجعلوا بيننا وبينهم سدا،وعينوا على رأس وزارة التعليم أحدا من أهل مكة، لأنه أدرى بشعابها، واحرصوا حفظكم الله على إرجاع أطفالنا ، أطفال حركة20 فبراير المنتفضين في الشارع إلى بيوتهم، واجعلوا حدا لمهرجانات الشطيح والرديح، التي هي مناسبات لهدر المال العام ، وتكريس الحكرة، ولا علاقة لها لا بالتراث ولا يحزنون… نحن نعلم أن الأوراش كثيرة ، والمهمة صعبة، ولن يتأتى لكم النجاح إلا بتحالف حكومي قوي منسجم وملتزم،يموت في الخط، ولا يأكل الغلة ويسب الملة،ويقفز من السفينة عند أول موجة،فاعلموا حفظكم الله أن طريقكم شاق وطويل، لهذا اختاروا « الرفيق قبل الطريق »، ونحن نعلم أنكم تملكون الشجاعة والإمكانيات والصلاحيات لتحقيق تطلعات ومطالب الشعب المغربي،أنتم تعلمون أن الذاكرة الشعبية تؤرخ بالأسماء الشخصية، فالآمال معقودة عليكم وعلى حزبكم، وإذا كان للمشرق الإسلامي « أردوغانه » فنحن في المغرب لنا « بنكيراننا »…والحالة هذه ،لا نملك لكم سيدي رئيس الحكومة الموقر سوى الدعاء، وكما قال أحمد بن حنبل رضي الله عنه وعفر لنا وله: »لو أعلم أن لي دعوة مستجابة لصرفتها للسلطان »، وبما أن الدعاء لأولياء الأمور من أعظم القربات، ومن أفضل الطاعات، نتمنى من الله عز وجل أن يمنحكم الصبر والقدرة على إيجاد الحلول المناسبة للمشاكل المطروحة،اللهم وفق ولاة أمورنا إلى ما فيه خير العباد والبلاد.
اللهم أنت تعلم ، أننا نحب هذا الوطن ولا نملك غيره ، ومستعدين أن نبدل الغالي والنفيس من أجله ،فإن كان خيره في السماء فأنزله، وإن كان في الأرض فأخرجه، وإن كان بعيدا فقربه، وإن كان قريبا فيسره، وإن كان قليلا فكثره ،وإن كان كثيرا فبارك لنا فيه، لا إله إلا أنت، لا شريك لك، لك الحمد ولك الملك، وأنت على كل شيء قدير،أمين.
وتقبلوا السيد رئيس الحكومة المحترم فائق الاحترام والتقدير والسلام.
2 Comments
مقال رائع أستاذي حومين
.
أطفال » 20 فبرير هم من فرضوا إجراء إصلاحات دستورية عجز عن فرضها من هم أكبر سنا، وعلى
رأس هؤلاء النخب التي تعد – يا حسراه- طليعة المجتمع.لذلك، مايمكن أن أطلبه شخصيا من السيد رئيس الحكومة،ما دام باب الطلبيات قد فتح، هو أن يرد الجميل لهؤلاء » الأطفال،عبر مواصلة محاربة الفساد والاستبداد من داخل المؤسسات، بعد أن بدؤوهاهم في الشارع،وبجرأة يشهد الجميع أنه لم يسبق وتوفرت لدى الأجيال »الحكيمة » السابقة لهم
مع التحية