يعتبر التدبير المالي من أحلك التدابير وأكثرها حساسية ,نظرا لصعوبته وتعقيد مساطره والعواقب الوخيمة التي تلحق كل خلل يشوبه. ولعل ما دفعني الى تناول هذا الموضوع ليس نكاية في أحد كما قد يعتقد من يظن دوما السوء,وإنما لما لاحظته في الميدان ومن خلال كتابة بعض الإخوة على رأسهم صديقي السيد محمد الشركي الذي لا يفتري على أحد ولا يكتب نكاية لأحد ,وإنما موضوع التأخر في صرف التعويضات والذي اشتكى منه حتى السادة من خلال ردودهم ,إنما يدل على تلكأ لا مبرر له.

    ولعل الكثير ممن يتتبع هذا المنبر يلاحظ تهربي من الخوض في هذا الموضوع,لأن ما يقوم به موظفون سواء بالأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين أو بعض النيابات يجعلني أقدر صعوبة مهامهم وكثرة ملفاتهم وقلة مساعديهم ,إلا أن المعضلة تبقى معضلة ,تدبير سيئ بدون خطة محكمة ولا مخطط شامل ولا برنامج كامل.إنها العربدة والتلكؤ  والتماطل .هذا ما سأحاول بسطه في هذا المقال وربما في غيره من المقالات.

     من علامات التدبير المالي السيئ يمكن أن أذكر:

1- كيف يعقل أن يصادق المجلس الاداري على ميزانية السنة الحالية منذ السنة الماضية ,في حين تأخر الترخيص الذي أجري على التعديلات التي في الميزانية إلا في الأيام الأخيرة.وبالتالي تأخرت أشغال الإصلاح بجل المؤسسات وتراكمت الصفقات,وأصبحت تدبر الأزمة أكثر مما يدبر المشروع.قد يقول لي من يتتبع هذا الجانب اختصاصا,وماذا نفعل مع وزارتنا ووزارة المالية. أقول لهم ما دمتم تتحملون مسئولية التدبير جهويا وما دمتم قبلتم بذلك,عليكم فرض نمط تدبيركم بكل جدية وندية,فكيف تقبلون أن تسند لكم اعتمادات إحداث المؤسسات في بداية يوليوز ؟ ألم يكن من الأجدر رفض هذا التفويض ما دام جاء متأخرا,وترك الوزارة تتحمل مسئوليتها ونتائج تلكئها ,بذل الدخول في دوامة قد لا ترحمكم؟ ومن جهة أخرى من حق الإدارة الجهوية معرفة الرد على الميزانية من وزارة المالية خلال أجل لا يتعدى شهرا واحدا,لا ثلاثة أشهر وربما أكثر من ذلك.ان تأشيرة وزارة المالية مجرد تأشيرة على صحة التبريرات  التي بوبت بها الميزانية , وليست مراقبة لمختلف العمليات والتي لم تنطلق بعد  .

      2- يقال في الأكاديمية أن الوزارة قد تحفظت خلال السنة الماضية على صرف 100 مليون سنتيم كتعويض عن تنقل سنوي ل 200 مفتش.أقول لهم ولم لم تتحفظ وزارة المالية على منح كل رئيس مصلحة يعمل بوزارة المالية  50  مليون كتعويض سنوي ,فهل يساوي كل رئيس مصلحة 100 مفتش في التعليم؟وكم من رئيس مصلحة في وزارة المالية؟وكم يتقاضى رؤساء أقسامها؟وكم يتقاضى مديرو الوزارة بها؟ وكم يتقاضى وزيرها؟ ولم لم تتحفظ عن أجرة شهرية تصل الى 200 مليون سنتيم لبعض المسئولين؟ كفانا لعبا بالكلمات ,وتبرير الادعاءات بادعاءات…..

    3- تدعي إدارة الأكاديمية أن النيابات تتلكأ وتتأخر وتتباطأ في صرف ميزانيتها الإقليمية,وهذا صحيح وسأعود له في مقال مقبل ان شاء الله تعالى…وتقول إدارة الأكاديمية في شخص مسئوليها عن المالية بأن وزارة المالية ترفض ضخ مبالغ مالية في حساب الأكاديمية بالخزينة ,وهذا صحيح وسأعود الى دور النيابات في هذا الخصوص,لكنني أقول لإدارة الأكاديمية ,ما دامت النيابات لا تتصرف في الاعتمادات المخولة لها والتي تركتها ضمن الباقي للأداء ,أليس بمقدور الأكاديمية إرسال لجان لتفحص هذا التأخر غير المبرر؟أليس بمقدورها التصرف في هذه الاعتمادات التي لم تصرف رغم أنها ضمن الباقي للأداء؟ أليس بمقدور الأكاديمية محاسبة النيابات التي لم تصرف كل الاعتمادات التي فوضت لها؟أليس من واجب الأكاديمية محاسبة النيابات التي ترجع فائضا دون صرفه؟ألا يعتبر ذلك تقصيرا؟أم أن الأكاديمية راضية على الفائض الذي يصل الى الملايير وصرفه فيما يحلو لها؟والأسئلة لا تنتهي …ولن تنتهي أبدا؟؟

    على أن أعود لاحقا الى بسط بعض من الخلل الذي يسود النيابات وينزل بثقله على المنظومة ومختلف الجهات .