هل توجد أحزاب معارضة في الوطن العربي؟؟
إن الأنظمة العربية، كلها، استفادت من سياسة الاستعمار ومن كتاب الأمير لمكيافيللي ومن تاريخ المغول والفيكينغ وقراصنة البحر في العصور المظلمة، كما استفادت من الاشتراكية والليبرالية و الإسلام. فهي أنظمة اشتراكية، بمفهوم ما، على اعتبار أنها تعرف تناقضات المجتمع والمتضادات الموجودة فيه وتعرف أن العمال يتحالفون ضد الطبق المترفة المالكة من أجل الثورة على الظلم والمطالبة بالحقوق كاملة..وهي أنظمة ليبرالية تعتمد على السوق الحرة ولذلك تركت أباطرة المال يحددون الأسعار بالشكل الذي يريدونه ومع تأسيس السوق الحرة تفاقم الوضع وازداد سوءا فازداد الفقير فقرا وازداد المترف غنى وثراء. وهي إسلامية على اعتبار أن الإسلام، كطقوس، لابد منه من أجل تدجين واستحمار الشعوب باسم الطاعة الواجبة وكفر الخارج على الإمام.
إن الأنظمة العربية تحسن القفز بالزنا، كما تحسن الرماية وركوب الشعوب والماراطون في الحوارات مع النقابات والهيئات والجمعيات وذوي الحقوق.
إن الأنظمة العربية تحسن القفز بالزنا، كما تحسن الرماية وركوب الشعوب والماراطون في الحوارات مع النقابات والهيئات والجمعيات وذوي الحقوق.
وهي مصارعة بامتياز حيث تنفق ملايير الدولارات على تدريب العصابات والبلطجية والأمن الخاص..لقد كنا مخطئين عندما كنا نظن أن الأمن الخاص هو قوة ضاربة لحماية الرؤساء من أن تصيبهم رصاصة غدر وقد دربوا على تلقي الرصاصة عوضا عن الأمير أو الرئيس..ولكن مع بداية سنة 2011 انكشف سر كنا نجهله وهو أن الأمن الخاص أولا ما هو إلا عصابة من المجرمين والسفاحين ومصاصي الدماء الذين لا ينتمون لهذا الشعب..إن لم أقل أنهم مجموعة من اللقطاء الذين لم يحضوا بأحضان أمهاتهم ولا شربوا حليب أثدائهن، ولذلك هم يفتقدون للرحمة والشفقة لموت الإحساس بالإنسان العربي أو المواطن. اكتشفنا أنهم مجرد آلات كالتي نراها في أفلام الترميناتور دربت على ركوب الجمال والحمير حتى تستطيع مطاردة المواطنين عندما تأتي ساعة الغضب والثورة. إن هؤلاء ككل مكون من مكونات الدولة تعمل الأنظمة على ترسيم خطهم ليكون وفق سياسة الأنظمة، وأما عن مكون الأحزاب فهي من المفروض أن تكون ضمير الشعوب والصوت العالي الذي يترجم ما خفت في حلقوم الفقير والمغبون والمظلوم. ولكن لا يوجد أي خيار في الوطن العربي أمام مثل هذه الأحزاب وبهذه المواصفات أن تكون حية ولها وجود وبالتالي لها تأثير وتستطيع أن تقوم بدورها كاملا في تأطير الجماهير وتعبئة الفئات المجتمعية. لأن الأنظمة العربية لا تقبل بأحزاب معارضة وقوية ولها الكفاءة والقدرة على التأثير في الشارع العام. ولذلك قد لجأت على العديد من السياسات حتى تفرغ هذه الأحزاب من مضمونها فتصير جوفاء خاوية لا مبادئ لها ولا قيم ولا حياء فتصير كجدع الشجرة المجوف الذي إذا نفخت فيه تسمع له صفيرا لكونه فارغا في العمق والقلب. ولهذا فكل خطابات الأحزاب ما هي إلا فقاعات تتبخر بمجرد خروجها من الأفواه السياسوية المفوهة. ومن هذه الأساليب التي اعتمدتها الأنظمة العربية في تعاطيها مع الأحزاب الجادة المناضلة التقسيم..والتقسيم يأتي بعد الاختراق والدس والتحريش وشراء القابلين للشراء وإخضاع البعض بالمال والوعد بتولي مناصب كبرى في هيكل النظام..ولهذا لا يوجد حزب واحد أو حركة إسلامية واحدة تأسست وحافظت على وحدتها في تناغم وانسجام. فسياسة الشق وتفريخ الجيوب من أجل الانشقاقات والتفريق سياسة محض عربية وقد أفلحت فيها الأنظمة العربية بامتياز. ففي بعض الدول العربية لا يوجد فيها إلا حزب واحد، في الحقيقة، ولكن انشقت منه بطون وأفخاض حزبية متعددة.
ولهذا، مخطئ من يظن أن في دولنا العربية أحزابا مناضلة معارضة. لأن المعارضة التي نعرفها ونتوحد على معانيها هي المعارضة بكل ما تحمل الكلمة من معنى وللمعارضة دور أساس هو خدمة طموحات الشعوب في أن ترى الحق يعلو ولا يعلى عليه، وترى محاسبة جدية للحكومات
ولهذا، مخطئ من يظن أن في دولنا العربية أحزابا مناضلة معارضة. لأن المعارضة التي نعرفها ونتوحد على معانيها هي المعارضة بكل ما تحمل الكلمة من معنى وللمعارضة دور أساس هو خدمة طموحات الشعوب في أن ترى الحق يعلو ولا يعلى عليه، وترى محاسبة جدية للحكومات، وترى أحيانا قضايا فساد من جراء الحساب والمعارضة تعرض على القضاء، وترى تدافعا عمليا وحوارا قويا ومساءلة عسيرة حول كل درهم ودينار أنفقته الدولة لأنه ملك للشعب ومن حقه أن يعلم كيف تصرف أمواله. إن الشعب ما صوت على هذه الأحزاب إلا لتكون مكانه كأنه جالس في مجالس التشريع يسمع ويرى ويتكلم. ولكن الأحزاب التي تشكل الحكومات والأحزاب التي في المعارضة كلاهما يلعب على الشعب الأدوار..كلعبة مسلية، تارة أنت تكون في الداخل وهو يكون في الخارج وتارة تكون في الخارج وهو من يكون في الداخل وهكذا تصير البرلمانات بالتداول..وبالتالي فالأحزاب التي تكون في المعارضة حتى إن بدت للشعب أنها تصرخ وتنتفض وترفض الكثير من السلوكيات وتعارض الكثير من المشاريع التي في آخر المطاف في إطار مساومات ومفاوضات تمرر. إنها عندما تستلم التسيير والحقائب الوزارية تقوم بنفس الأعمال التي كانت تعارضها أيام كانت في المعارضة. ويقف الشعب حائرا مشدوها: ولا يملك إلا أن يقول بدهشة:ما هذا؟؟؟؟
إن أحزاب المعارضة في الوطن العربي صارت تشكل الدرع الواقي للأنظمة، لأنها تسهم في تزيين صورة الديموقراطية المزيفة وتجمل المشهد السياسي بديكورات أهم ما فيها وجود معارضة واختلاف في الآراء والطرحات ووجود تنوع في التصورات والرؤى. وبالتالي وجود تناوب.
إنه المفهوم الحقيقي للتداول والتناوب..أي يتناوبون علينا بالدور وموضوع التناوب هو الميزانية..ولهذا السبب سمعنا عن وزراء يملكون فيلات وقصور في فرنسا ومعامل في أمريكا وفيلات فخمة في انجلترا وضيعات تعد بالعشرات في بلدانهم دون إحصاء الفيلات على أفخم شواطئ البحر. دون الحديث عن المعامل والمشاريع التي جاءت عن طريق الحصانة ليس غير. وهكذا من الطبيعي أن تبقى البلدان العربية جامدة في مكانها لا تتقدم، ويتراكم الغضب تلو الغضب لدى الشعوب، ويزداد الضغط يوميا في اطراد وتفاقم. فلا عجب إذن إذا فقدت الشعوب العربية الثقة في الانتخابات. وإن كانت هذه الشعوب، هي الأخرى، قد ساهمت في عملية البيع والشراء أثناء الحملات الانتخابية. فهي قد فعلت ذلك لأنها كانت تعلم أنها فرصة لا تعوض لتأخذ ولو القليل من هؤلاء السماسرة وهي تعلم أنهم لن يقدموا شيئا ولن يقوموا بشيء يعود بالنفع لهم ولأبنائهم. ولو كان الأمر على غير ذلك لرفضت الأحزاب كل بيع وشراء لكونها نزيهة صادقة في حبها لهذه الأوطان وفي حبها لهذه الشعوب. ولقامت بإعطاء دروس للشعوب حتى لا تبيع أصواتها لأنها أمانة وأن الذي يشتري منك صوتك اليوم فلا تستطيع محاسبته غدا لأنه قد اشترى منك مستقبلك ومستقبل أبنائك وقد فوضت له لينوب عنك في صفقات تعود بالنفع العميم عليه هو وأبنائه أما أنت فقد أخذت حصتك بالتراضي لأن مبلغ 50 درهما كان كافيا بالنسبة لك وزيادة.
إن أحزاب المعارضة في الوطن العربي صارت تشكل الدرع الواقي للأنظمة، لأنها تسهم في تزيين صورة الديموقراطية المزيفة وتجمل المشهد السياسي بديكورات أهم ما فيها وجود معارضة واختلاف في الآراء والطرحات ووجود تنوع في التصورات والرؤى. وبالتالي وجود تناوب.
لماذا في الوطن العربي لا نحلم أن يحصل حزب على الأغلبية من الأصوات وبالتالي يكون مرشحا ليشكل حكومته. إن وقوع هذا يعد ضربا من المستحيلات . ولهذا السبب بالضبط يتم الدخول على خط الانتخابات من أجل التزوير والبلقنة والفسيفسائية حتى توزع الأصوات والحقائب وتتعدد الصيحات وتختلف الأفكار وهذا هو المطلوب أي حتى يتفرق دم الشعب الضحية بين القبائل، عفوا، بين الأحزاب، ويضيع ثأره وحقه وتتبخر صيحاته. وهذا ما يشكل التوازنات التي تقوم عليها جميع الأنظمة العربية.
Aucun commentaire