الكتاب الثالث الجهوية المتقدمة في خدمة التنمية الاقتصادية والاجتماعية ـ الجزء 1 ـ
في إطار تفعيل مشروع الجهوية الموسعة الذي أعطى صاحب الجلالة الملك محمد السادس انطلاقته،
سيتعين على الجهات لعب دور أساسي في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وفي هذا الصدد،
قامت اللجنة الاستشارية للجهوية بالتفكير في الشروط الواجب توفرها حتى يتسنى للجهات الاضطلاع
بشكل فعال بدورها في مجال صياغة وتنفيذ السياسات المحلية.
ولهذه الغاية، تم القيام بتشخيص شمولي للوضع القائم، من أجل التوصل إلى مقترحات واقعية حيث
تمت مقارنتها بالتجارب الدولية الأكثر نجاحا في هذا المجال. وقد مكنت هذه الحصيلة التشخيصية من
إبراز الإنجازات المحققة خلال العشرية الأخيرة وتسليط الضوء على الاختلالات والمعيقات التي تقف
أمام مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للجهات.
وعليه، ورغم تحقيق العديد من المنجزات الهامة، فإن الفوارق ما بين الجهات في مجال النمو
الاقتصادي والتنمية البشرية والاستفادة من الخدمات الأساسية لا تزال قائمة إلى اليوم. وُتظهر
المؤشرات تباينا كبيرا في النمو ما بين الجهات وتمركزا للثروة الوطنية على الشريط الساحلي الممتد
من طنجة إلى أكادير.
وإلى جانب ذلك، فإن دراسة المالية المحلية تشير إلى ضعف الموارد المالية التي تتوفر عليها
الجماعات المحلية بصفة عامة والجهات على الخصوص والتي لا تستفيد البرامج الهادفة إلى تعزيز
النمو الاقتصادي الجهوي إلا من جزء يسير منها. ينضاف إلى ذلك عدم استغلال الإمكانيات الجبائية،
وعجز الجماعات المحلية عن صرف كافة مواردها ومحدودية اللجوء إلى الاقتراض وتعقد المساطر
وضرورة تعزيز الموارد البشرية. في هذا السياق، تظل الدولة الفاعلَ الرئيسي في مجال التنمية
الاقتصادية والاجتماعية، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر من خلال المؤسسات العمومية التابعة لها.
وعلى ضوء مختلف هذه الخلاصات، استطاعت اللجنة الاستشارية للجهوية أن تحدد سلسلة من التدابير
الرئيسية الكفيلة بتقوية المكتسبات وخلق الظروف المواتية للنهوض بهذا المشروع.
وتصب هذه الاقتراحات في اتجاه تعزيز مبادئ الإنصاف وضمان انخراط المجتمع ككل في هذا
المشروع من خلال إحداث أدوات مالية من قبيل صندوق التأهيل الاجتماعي الذي يهدف إلى القضاء
على مظاهر العجز الكبرى المسجلة في القطاعات المتعلقة بالتنمية البشرية. وسيكون عبارة عن أداة
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 8
تندرج في إطار مبدأ أكثر شمولية يتعلق بالتضامن الترابي والمساهمة في تقليص التفاوتات الموجودة
Effets ) بين الجهات. أيضا، ينبغي لهذا التضامن أن يرتكز على تحسين التأثيرات الموا ِ زنة
للنظام الحالي لتحويل الموارد ووضع آلية ملاءمة قادرة على إعطاء محتوى ملموس (péréquatifs
ومباشر لهذا المبدأ.
ومن ناحية أخرى، فإن اللجنة الاستشارية للجهوية، اقتناعا منها بأن تعزيز دور الجهات في مجال
التنمية الاقتصادية والاجتماعية مرتبط بالوسائل التي ستوضع رهن إشارتها وانطلاقا من الحصيلة التي
توصلت إليها حول المالية المحلية، قد قامت باقتراح المحاور الأساسية للإصلاح التي يتعين تطبيقها
من أجل تثمين إمكانيات الجهات وملاءمتها مع مهامها المستقبلية. وفي نفس السياق، اقترحت اللجنة
القيام بتدابير حاسمة لتحسين تعبئة الإمكانيات الجبائية المحلية وتحسين عملية التحصيل وتثمين الموارد
الأخرى (الرسوم شبه الضريبية والممتلكات). وفي ما يتعلق بالموارد المتأتية من الاقتراض، أوصت
اللجنة بتعزيز قدرات صندوق تجهيز الجماعات المحلية وإسهام القطاع البنكي، لاسيما في مشاريع
الجهات القادرة على إفراز تدفق نقدي خاص بها، واللجوء إلى سوق السندات الداخلية ثم الخارجية في
وقت لاحق.
غير أن اللجنة الاستشارية للجهوية تعتقد أن تبسيط مساطر تنفيذ المشاريع التنموية وتعزيز قدرات
التدبير واللاتمركز تمثل شروطا ضرورية لضمان فعالية عمل الجهات ونجاعته.
وفي نفس الصدد، ترى اللجنة الاستشارية للجهوية أن نجاح هذا الإصلاح رهين أيضا بوضع إجراءات
مواكِبة من أجل ضمان حكامة أفضل على المستوى الجهوي. وتتعلق هذه الإجراءات أساسا بتنظيم
العلاقات بين الدولة والجهة عن طريق التعاقد، وتعزيز دور القطاع الخاص من خلال تحسين مناخ
الأعمال وتشجيع الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وإحداث نظام جهوي للمعلومات الإحصائية
يستجيب للحاجيات المتعددة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وإدماج البعد الجهوي في مشروع إصلاح
القانون التنظيمي لقانون المالية. يتعلق الأمر، إذن، بتحديد إجراءات الدعم التي ينبغي تفعيلها من أجل
مواكبة نموذج مغربي-مغربي للجهوية.
ومن تم، يتطرق هذا التقرير، من جهة، لأهم الاستنتاجات التي أفرزتها الحصيلة التشخيصية، بالإضافة
إلى الخلاصات والدروس المستقاة منها، ومن جهة أخرى، فإنه يعرض أهم مقترحات الإصلاحات التي
يتعين الشروع في تنفيذها.
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 9
خلاصة المقترحات
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 10
التأهيل الاجتماعي
توصي اللجنة الاستشارية للجهوية باعتماد التأهيل الاجتماعي للجهات كمبتغى أساسي وأولي لمشروع
الجهوية المتقدمة. فمن أجل ضمان الانخراط التام للسكان في إصلاح بنيوي من هذا الحجم، يتعين
تحقيق تحسن ملموس في ظروف عيش هؤلاء، وذلك في آجال معقولة.
ولتحقيق هذا الهدف، تم تقييم الحاجيات الضرورية لسد العجز الكبير المسجل في ميادين الصحة
والتربية والشبكة الطرقية والماء الصالح للشرب والكهرباء والسكن الاجتماعي. وتعتبر هذه القطاعات
المستهدفة ذات صلة مباشرة بالتنمية البشرية، كما تشمل جزءا كبيرا من الاختصاصات التي قد تخول
للجهات في إطار هذا الإصلاح. وقد تم تقدير الميزانية اللازمة لهذا الإصلاح، على أساس سيناريوهين
إثنين، في مبلغ يتراوح بين 128 و 215 مليار درهم. ومن المنتظر أن تم ّ كن هذه الإمكانيات المالية،
من ناحية، من تعميم الاستفادة من الماء الصالح للشرب والكهرباء ومن القضاء على دور الصفيح
والسكن غير اللائق، ومن ناحية أخرى، وفي ما يتعلق بقطاع الصحة والتربية والبنيات التحتية
الطرقية، إما من تقريب مستوى الجهات من المتوسط الوطني (السيناريو الأول) أو من ملاءمتها مع
المعايير الوطنية والدولية في هذه المجالات (السيناريو الثاني).
وتأكيدا منها على أن نظام التأهيل لا ينبغي اعتباره برنامجا للمساعدة الدائمة، بل كنظام للدعم من
شأنه، في آخر المطاف، أن يم ّ كن الجهات من التصدي لمختلف الاختلالات لديها، أوصت اللجنة بما
يلي:
• أن يتم تنفيذ التأهيل في أفق فترتي انتداب، وهو أجل ليس بالطويل كي لا تفقد الساكنة الثقة
في مشروع الإصلاح وليس بالقصير كذلك كي لا تتزايد حدة الضغوط على موارد الدولة
ويصبح من الممكن التكيف مع القدرة على مواكبة البنيات الجهوية الجديدة، من جهة أخرى؛
• أن يتم إدراج المبالغ المخصصة لهذا البرنامج في القانون، بغية إعداد برمجة متعددة
السنوات وضمان تتبع وتقييم مناسبين. ولهذا الغرض، ينبغي إنشاء صندوق للتأهيل ستعمل
لجنة مختصة على تحديد معايير توزيع ميزانيته وشروط الأهلية للاستفادة منها.
• أن يتم تطبيق المشروع مع مراعاة خصوصيات كل جهة.
الموارد
توصي اللجنة الاستشارية للجهوية باتخاذ التدابير الآتية:
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 11
• إعطاء الأولوية لتنفيذ إصلاح معمق للمالية المحلية. وينبغي أن يشمل هذا الإصلاح بنية هذه
المالية، وتبسيط مساطر التنفيذ ومواءمة تبويب الميزانية؛
• اعتماد المبدأ القائم على ضرورة مصاحبة أي نقل للاختصاصات إلى الجهات بالموارد
الملائمة، وترسيخ هذا المبدأ بنص قانوني، وتكوين لجنة مختصة للسهر على التحديد الدقيق
للاختصاصات والموارد على حد سواء؛
• في انتظار استكمال إصلاح المالية المحلية، ولتمكين الجهات من تنفيذ اختصاصاتها الذاتية
باعتبارها فاعلا رئيسيا في التنمية ومكلفا بالتجميع والتنسيق مع باقي الجماعات المحلية
وبالتنشيط إزاء القطاع الخاص، ينبغي تزويد الجهات بموارد إضافية هامة بمجرد إعطاء
الانطلاقة لورش الإصلاح الجهوي. ولهذا الغرض، قامت اللجنة الاستشارية للجهوية بتقييم
الغلاف المالي اللازم في هذا الصدد، والذي ُقدّر بحوالي 8 ملايير درهم، ستتم تعبئته عن
طريق إعادة توزيع الموارد بين الدولة والجهات؛
• وبخصوص الموارد المتأتية من الاقتراض، توسيع صلاحيات صندوق تجهيز الجماعات
المحلية وضمان مشاركة القطاع البنكي عن طريق تكامل هذين الطرفين، خاصة في ما
يتعلق بالمشاريع القابلة للاستفادة من التمويل البنكي؛
• تمكين الجهات من اللجوء إلى سوق السندات الداخلية، ثم الخارجية فيما بعد، شريطة أن
تستعد هذه الجهات لاعتماد نظام للتنقيط بالنسبة لإصداراتها كما هو الحال بالنسبة للدولة؛
• اتخاذ إجراءات حقيقية من أجل تعبئة أفضل للإمكانيات الجبائية، وتعزيز عمليات التحصيل
عن طريق توقيع اتفاقيات خدمات مع الدولة (الوعاء والتحصيل بالسعر الحقيقي)، وتبسيط
المساطر الرامية إلى تعزيز باقي الموارد الأخرى (المتعلقة بالأملاك والرسوم شبه
الضريبية)، وكذا ضمان تدبير جيد للخزينة؛
• تزويد الجهات بالموارد البشرية الملائمة (كمًّا ونوعًا)، وهذا شرط ضروري لضمان فعالية
ونجاعة عمل الجهات.
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 12
التضامن الترابي
ينبغي أن يعمل مشروع الجهوية المتقدمة على ترسيخ مبدأ التضامن بين الجهات، بهدف المساهمة في
التخفيف من الآثار الناتجة عن تمركز الثروات، والتأخر المسجل في مجال التنمية، والتنوع الجغرافي
وكذا الخصوصيات الديموغرافية للجهات.
وفي هذا السياق، توصي اللجنة الاستشارية للجهوية بما يلي:
• الإبقاء على النظام الحالي لتحويل الموارد من الدولة إلى الجماعات المحلية، مع تعزيز آثاره
الموا ِ زنة الرامية إلى تحقيق الإنصاف؛
• إنشاء صندوق للتأهيل الاجتماعي؛
• إنشاء صندوق للتضامن، تخصص له في مرحلة أولى 10 % من الموارد الجديدة التي ستمنح
للجهات بغرض إعطاء بُعد ملموس وفوري لتطبيق مبدأ التضامن.
آليات المواكبة
التعاقد
ترى اللجنة أن التعاقد يعد من أفضل وسائل تدبير العلاقات بين الدولة والجهات. فهو يم ّ كن من مساءلة
الفاعلين واستغلال الإمكانيات بشكل أمثل وتبسيط المساطر. وهكذا، وفي إطار مبدأ التعاقد، ستشكل
الجهات حلقة وصل مع الدولة، من جهة، وباقي الجماعات المحلية، من جهة أخرى. وبذلك، ستضطلع
الجهة بمهمة تنسيق وتصميم وإتمام المقترحات المشتركة ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي
قبل رفعها إلى الدولة.
ويتطلب هذا النهج التعاقدي، حسب اللجنة، توفر ثلاثة شروط: ممثل وحيد للدولة، وسياسة حقيقية
لللاتمركز وإنشاء هيئة وطنية مستقلة مكلفة بتتبع وتقييم السياسات الترابية.
تعزيز دور القطاع الخاص
في إطار الجهوية المتقدمة، يتعين على القطاع الخاص القيام بدور حاسم في تثمين المؤهلات وخلق
الثروات. ولأجل ذلك، ترى اللجنة الاستشارية للجهوية أنه سيكون من الضروري التغلب على العديد
من الإكراهات الهيكلية التي تعيق تنمية القطاع، وذلك من خلال تحسين مناخ الأعمال وتعزيز
الشراكات بين القطاعين العام والخاص على صعيد الجهة.
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 13
النظام الجهوي للمعلومات الإحصائية
إن نجاح الإصلاح الجهوي المنشود يقتضي تحسين فعالية النظام الوطني للمعلومات الإحصائية. وبهذا
الخصوص، توصي اللجنة الاستشارية للجهوية بالعمل على إحداث نظام جهوي للمعلومات الإحصائية
كنظام فرعي للنظام الوطني للمعلومات الإحصائية، وذلك بغية الاستجابة للحاجيات المتعددة التي تتزايد
مع تطور ديناميات التنمية الاقتصادية والاجتماعية. ولهذا الغرض، توصي اللجنة بالعمل على ضمان
لامركزية مساطر إعداد وإنتاج ومعالجة وتطوير الإحصائيات العمومية، بصفتها معطيات ضرورية
لإعداد الاستراتيجيات التنموية المناسبة ورسم أهدافها وتتبعها وتقييمها.
إصلاح القانون التنظيمي لقانون المالية
ينبغي أن يُدرج مشروع الجهوية المتقدمة ضمن مشروع إصلاح القانون التنظيمي لقانون المالية، الذي
يرسخ مبدأ الفعالية في تدبير الأموال العمومية وبرمجة النفقات وتطوير عملية افتحاص السياسات
العمومية، وذلك عبر إدراج البعد الجهوي في تقديم ميزانية الدولة. وعلاوة على ذلك، تؤكد اللجنة على
ضرورة تكييف الإطار المنظم لمالية الجهات مع المقتضيات الجديدة للقانون التنظيمي لقانون المالية.
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 14
الجزء الأول
الحصيلة التشخيصية للتنمية
الاقتصادية والاجتماعية الجهوية
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 15
الفصل الأول: وضعية مؤشرات التنمية السوسيو-اقتصادية الجهوية
شهد المغرب خلال السنوات العشر الأخيرة تحولات اقتصادية واجتماعية عميقة، سواء على المستوى
الوطني أو الجهوي. وتعكس مؤشرات التنمية الاجتماعية والاقتصادية التحسن الكبير الذي سُجل في
قطاعات التربية والصحة والبنيات التحتية والنمو الاقتصادي والذي يُتوّج الجهود الكبيرة التي بذلتها
الدولة والجماعات المحلية والقطاع الخاص.
على الصعيد الاجتماعي، حققت بلادنا تقدما في ميادين التربية والصحة ومكافحة الفقر. وهكذا، انتقلت
نسبة محو الأمية لفائدة السكان البالغين 10 سنوات فما فوق من 45 % سنة 1994 إلى 60,3 % سنة
2004 . وعلاوة على ذلك، ارتفعت النسبة الصافية لتمدرس الأطفال البالغين ما بين 6 سنوات و 11
سنة من 60,2 % إلى 90 % خلال نفس الفترة. أما تحسن الخدمات الصحية، فيظهر من خلال ارتفاع
أمل الحياة عند الولادة، إذ انتقل هذا المؤشر من 68 سنة في 1994 إلى 73 سنة في 2009 . كما
انخفضت نسبة وفيات الأطفال بشكل ملموس؛ حيث تقلصت من 57 وفاة لكل 1.000 مولود في الفترة
2009 . وإضافة إلى ذلك، تراجع عدد – 1991-1987 إلى 32,2 وفاة في الألف في الفترة 2008
السكان لكل طبيب من 2.933 نسمة سنة 1994 إلى 1.611 نسمة سنة 2008 . ومع أن هذه
التطورات همت مجموع البلاد، إلا أن بعض التفاوتات لا تزال قائمة بين الجهات.
وعلى الصعيد الاقتصادي، عرف المغرب خلال العقد الأخير نموا متواصلا وأقل تأثرا بتغيرات
المحصول الفلاحي. وقد انتقلت وتيرة النمو الاقتصادي كمتوسط سنوي من 3,3 % ما بين 1990
2008 . أما نسبة البطالة، فقد تراجعت من 13,8 % سنة – و 1998 إلى 4,3 % خلال الفترة 1998
1999 إلى 9,1 % سنة 2009 . أما على المستوى الجهوي، تستحوذ ثلاث جهات على 44 % من
الإنتاج الوطني، وهي جهة الدار البيضاء الكبرى وجهة طنجة–تطوان وجهة الرباط–سلا–زمور–زعير
بحصص تبلغ 21 % و 9% و 14 % على التوالي. ويتمركز في هذه الجهات الثلاث وحدها 72 % من
الإنتاج الصناعي الوطني و 67 % من اليد العاملة المشتغلة في هذا القطاع.
وإلى جانب الجهات الثلاث الأولى، تعدّ الأقاليم الصحراوية نموذجا خاصا حيث مكن المجهود الإرادي
للدولة، من خلال برامج التأهيل التي شملت على الخصوص قطاعات السكن، والصحة، والبنيات
التحتية الأساسية، والصيد، والسياحة، والصناعة، والفلاحة، من جعل الأقاليم الجنوبية تحقق نتائج
تنموية متميزة.
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 16
يهدف هذا الفصل بالأساس إلى تقييم التنمية الاجتماعية والاقتصادية بناء على المعطيات الجهوية
والإقليمية والجماعية المتوفرة. وسيتناول القسم الأول منه أهم الأحداث التي ميزت التنمية الاقتصادية
على الصعيد الجهوي، بينما سيلقي القسم الثاني الضوء على الفوارق المسجلة على مستوى التنمية
البشرية والاستفادة من الخدمات الأساسية. أما الجزء الثالث، فسيخصص لاستعراض مستوى التنمية
الاقتصادية والاجتماعية بالجهات الجنوبية.
1. أبرز المؤشرات التي ميزت النمو الاقتصادي الجهوي
اتسمت دينامية نمو الناتج الداخلي الإجمالي الجاري الجهوي ما بين سنتي 2000 و 2007 (رسم بياني
1.1.1 ) بمنحاها التصاعدي إجمالا، حيث قارب متوسط نسبة نمو الدخل الجهوي 7% في السنة. كما
حافظ توزيع الثروات بين السكان على منحىً يكاد يكون شبيها بنمو الناتج الداخلي الإجمالي بالأسعار
الجارية ما بين سنتي 2000 و 2007 ، أي بارتفاع سنوي يناهز 6% في المتوسط، وهو مستوى يظل
عاليا نسبيا بالنظر إلى سياق التنمية الاجتماعية والاقتصادية بالمغرب ومقارنة بباقي البلدان المتقدمة أو
الصاعدة.
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 17
وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن نظام المحاسبة الجهوية- الذي يوجد قيد الإعداد حاليا 1- لا
يم ّ كن من الحصول على مستوى كبير من التفكيك حسب الأقاليم والقطاعات والوسط الجغرافي
(حضري أو قروي)، مما من شأنه تسهيل تحديد المصادر الرئيسية لهذا الأداء. ومع ذلك، فإن
المعطيات الإحصائية المتوفرة والمتعلقة بالتوزيع الجهوي حسب قطاعات الأنشطة الكبرى للقيمة
المضافة والتشغيل تمكن من تصنيف الجهات حسب النشاط الاقتصادي الغالب فيها.
وهكذا، ُتبرز دراسة بنية الناتج الداخلي الإجمالي والتشغيل (رسم بياني 2.1.1 ) حسب الجهات في
سنة 2007 وجود ثلاث مجموعات:
• الدار البيضاء الكبرى، والرباط–سلا–زمور–زعير، وطنجة–تطوان التي تتميز بهيمنة
الأنشطة الصناعية والخدمات؛
• سوس–ماسة–درعة، والغرب–الشراردة–بني حسن، ودكالة–عبدة، والشاوية–ورديغة،
وتازة–الحسيمة–تاونات، وتادلة–أزيلال، وجهات الجنوب التي تتميز بهيمنة القطاع الأولي
والأنشطة الاستخراجية والمعدنية؛
• فيما تعرف فاس–بولمان، ومراكش–تانسيفت–الحوز، والجهة الشرقية، ومكناس–تافيلالت
تعددا للأنشطة الاقتصادية.
1 الندوة الصحفية التي نظمتها المندوبية السامية للتخطيط بتاريخ 16 مارس 2010
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 18
وتتميز مستويات التنمية في الجهات المغربية بتباينها الكبير. وتظهر المؤشرات الجهوية فوارق شاسعة
من جهة لأخرى سواء من حيث الناتج الداخلي الإجمالي بالأسعار الجارية، أو الدخل حسب الفرد أو
بنمو التشغيل.
فقد تجاوزت حصة خمس جهات من الناتج الداخلي الإجمالي بالأسعار الجارية المتوسط الوطني،
ويتعلق الأمر بجهات الدار البيضاء الكبرى، والرباط–سلا–زمور–زعير، ومراكش–تانسيفت–الحوز،
وطنجة–تطوان، وسوس–ماسة–درعة؛ فيما كان أداء الجهات الأخرى دون المتوسط الوطني، وكانت
أدناها على الإطلاق جهتا تازة–الحسيمة-تاونات والغرب–الشراردة–بني حسن.
ولم تعرف هذه الوضعية أي تطور يذكر ما بين سنتي 2004 و 2007 بالرغم من وجود بعض الفوراق
في نسب النمو التي سجلتها مختلف الجهات (رسم بياني 3.1.1 ). وهكذا، ظل الإنتاج الوطني
متمركزا على الشريط الساحلي الممتد من طنجة إلى أكادير، فيما لا تزال جهتا الدار البيضاء الكبرى
%21 من الناتج الداخلي الإجمالي في 2007 ) والرباط–سلا–زمور–زعير ( 14 %) تستحوذان على )
أكبر الحصص من الناتج الداخلي الإجمالي. وهذه الوضعية تكاد لا تختلف عن مثيلتها المسجلة خلال
. سنة 2004
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 19
وبالطبع تتسم كل جهة من الجهات بمميزات اقتصادية واجتماعية خاصة تحدد مستوى ديناميتها. ومع
ذلك، فإن بعض هذه الجهات قد استفاد تاريخيا ولا يزال يستفيد من مزايا التكتل 2 الناتجة عن
التخصص والتمركز اللذين جعلا بعض أنواع الأنشطة الاقتصادية تتطور داخل نفس الجهة. ومن
العوامل المساهمة في خلق هذه التفاوتات نتائج السياسات العمومية غير المتكافئة بين كافة أنحاء
التراب الوطني وعدم استهداف التنمية الاقتصادية وفقا لمقاربة مجالية. ففي سنة 2007 ، بلغ معامل
التغير 59 3 % بالنسبة للناتج الداخلي الإجمالي الجهوي بالأسعار الجارية وحوالي 30 % بالنسبة للناتج
الداخلي الإجمالي الجاري الجهوي لكل نسمة. وتبين هذه الأرقام الحجم الكبير للفوارق في المداخيل
التي تراكمت عبر السنين.
إلى جانب العناصر السالفة الذكر، ما هي العوامل التي تجعل بعض الجهات منتج ً ة أكثر من غيرها؟
في المغرب، وعلى غرار العديد من البلدان، هناك مجموعة من العوامل التي تفسر اختلاف النمو
الاقتصادي بين الجهات. فقد بينت الدراسات والأبحاث التي أنجزت في هذا الإطار أن العوامل
الرئيسية وراء النمو الجهوي تتمثل في الرأسمال البشري والبنيات التحتية واقتصاديات التكتل، إضافة،
ربما، إلى متغيرات أخرى غير ظاهرة وتتعلق بالأساس بمناخ الأعمال والخصوصيات المحلية لكل
. جهة 4
2 كان ألفريد ويبر أول من استعمل هذا المفهوم للدلالة على عملية تمركز البناء والأنشطة الاقتصادية في مكان محدود مما يعطي لهذا المكان
قوة ويوّلد آثارا خارجية إيجابية على مجاله الترابي.
3 معامل التغير عبارة عن مقياس للتوزيع النسبي يتم حسابه من خلال نسبة الانحراف المعياري إلى المعدل. وكلما ارتفع هذا المعامل، تزايدت
التفاوتات مقارنة بالمعدل.
4 يرجى الاطلاع على الوثيقة الصادرة عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تحت عنوان « كيف تنمو الجهات: توجهات وتحليل » والتي
نشرت سنة 2009 ، بالإضافة إلى مذكرة فريق العمل الخاص بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية التابع للجنة الاستشارية للجهوية، والتي نشرت
في أبريل 2010 تحت عنوان « النمو الاقتصادي الجهوي: مميزات ومحددات ».
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 20
2. التنمية البشرية والاستفادة من الخدمات الأساسية
1.2 مستوى متباين للتنمية البشرية والاجتماعية
فقر متباين وتفاوتات مهمة بين الجهات وداخلها
انخرط المغرب خلال السنوات الأخيرة في استراتيجية شاملة تهدف إلى محاربة الفقر والإقصاء
الاجتماعي وتصحيح الفوارق، خاصة في المناطق المعزولة من المملكة. ولهذه الغاية، أعطيت
الانطلاقة لأوراش مهيكلة، أبرزها برامج تعميم الاستفادة من البنيات التحتية الأساسية والمبادرة
الوطنية للتنمية البشرية.
على المستوى الوطني، تظهر الإحصائيات الخاصة بالفقر أن هذه الظاهرة عرفت منحىً تنازليا خلال
العشرية الأخيرة. إلا أنه لا تزال هنالك فوارق كبيرة في ظروف عيش السكان ما بين الجهات وداخل
نفس الجهة. ففي سنة 2007 ، تمثلت الجهات الأقل فقرا في المغرب في الدار البيضاء الكبرى
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 21
والرباط–سلا–زمور–زعير وجهات الجنوب، حيث بلغت نسبة الفقر 5 بها أقل من 6%، فيما سجلت
جهات الشاوية–ورديغة وطنجة–تطوان نسبا أدنى بقليل من المتوسط الوطني الذي يبلغ 9%. أما
الجهات الأخرى، فقد سجلت نسبا تفوق بكثير المتوسط الوطني، خاصة الغرب–الشراردة–بني حسن
ودكالة–عبدة ومكناس–تافيلالت التي تحتضن الساكنة الأكثر فقرا على صعيد المملكة.
ويتسم توزيع الثروة عبر الجهات بعدم التكافؤ وبارتباطه بعوامل اقتصادية (القدرة على التشغيل مثلا)
وديموغرافية (تدفق المهاجرين) وترابية (شساعة العالم القروي) خاصة بكل جهة. ويبدو أن هناك
ارتباط عكسي بين الفقر والفوارق كما يبين ذلك الرسم البياني 1.2.1 ؛ فبغض النظر عن بعض
الاستثناءات، تسجل الجهات الأقل فقرا أعلى مؤشرات التفاوت، بحيث تتجاوز المتوسط الوطني.
وبالمقابل، ينبغي التنبيه إلى أن الفقر يشكل عاملا اجتماعيا يقلص الفوارق في الدخل بين الأسر
المنتمية إلى نفس الجهة.
5 يتعلق الأمر بنسبة الفقر النسبي، وهي النسبة المئوية من السكان الذين يوجدون تحت عتبة الفقر النسبي وفقا لمعايير البنك الدولي والهيئات
المماثلة.
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 22
وفي سنة 2007 ، شكلت جهات الغرب-الشراردة-بني حسن، ودكالة-عبدة، وسوس-ماسة-درعة،
ومكناس-تافيلالت الجهات الأكثر فقرا وهشاشة 6. وعلى صعيد الوسط الحضري، تعدّ جهات سوس-
ماسة-درعة ومراكش-تانسيفت-الحوز من بين الجهات الأكثر فقرا. وبطبيعة الحال، يعتبر الوسط
القروي أكثر فقرا من الوسط الحضري.
مستوى متدن للتنمية البشرية والاجتماعية
لقد مكنت خريطة الفقر الخاصة بسنة 2004 ، التي نشرتها المندوبية السامية للتخطيط، من قياس
مستوى التنمية البشرية والاجتماعية انطلاقا من مؤشرين جماعيين: الأول (المؤشر الجماعي للتنمية
البشرية) يأخذ في الاعتبار الجوانب الخاصة بالصحة ومحو الأمية والرفاه الاجتماعي؛ والثاني
(المؤشر الجماعي للتنمية الاجتماعية) يعالج المعطيات الخاصة بالبنيات التحتية الأساسية في الوسط
القروي.
6 تعرَّف الهشاشة من خلال نسبة الساكنة التي لا تعاني من الفقر ولكنها تواجه بشدة خطر الوقوع في الفقر. وحسب مقاربة البنك الدولي، توجد
. هذه النسبة ما بين عتبة الفقر وحاصل ضرب هذه العتبة في 1,5
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 23
ويمكن الرسم البياني 2.2.1 من تحديد الجهات التي تواجه صعوبات في مجال التنمية البشرية:
ارتفاع معدل وفيات الأطفال، وضعف نسبة محو الأمية، وصعوبة ظروف المعيشة 7، إلى جانب
المعيقات الهيكلية على مستوى البنيات التحتية الأساسية في الوسط القروي (خاصة في ما يتعلق
بالاستفادة من خدمات التزويد بالماء الصالح للشرب والكهرباء والشبكة الطرقية). هذه الجهات هي
دكالة-عبدة، ومراكش-تانسيفت-الحوز، وتادلة-أزيلال، والجهة الشرقية، وتازة-الحسيمة-تاونات،
ومكناس-تافيلالت، والغرب-الشراردة-بني حسن. وتعاني هذه الجهات على وجه الخصوص من
مشاكل ارتفاع مستويات الأمية والهدر المدرسي.
وبناء على دراسة معمقة، تجدر الإشارة إلى وجود ترابط وثيق بين الفقر والمؤشرات الجماعية للتنمية.
ذلك أن ظروف المعيشة الصعبة على المستويين الجماعي والإقليمي تعرقل الجهود التي يتم بذلها في
مجال التنمية البشرية والاجتماعية. ومن أبرز الأقاليم المعنية في هذا الصدد: زاكورة، الصويرة،
الراشيدية، جرادة، شيشاوة، تاوريرت، فكيك، طاطا، أزيلال، بولمان، قلعة السراغنة، ورزازات،
تارودانت، مولاي يعقوب، سيدي قاسم، الحوز، خنيفرة، الفحص-أنجرة، شتوكة أيت باها، صفرو،
إفران، شفشاون، الخميسات، تازة، الجديدة، تاونات، مكناس، الحسيمة وبني ملال.
2.2 استمرار الاختلالات في قطاعي الصحة والتعليم
قطاع الصحة
ارتكزت السياسة الصحية خلال السنوات الأخيرة على ثلاثة أهداف رئيسية وهي: التقليص من الفوارق
الجهوية في ما يتعلق بالعلاجات الأساسية، والعمل على تخفيف التفاوت الحاصل في فرص الاستفادة
من هذه الخدمات بين الوسطين القروي والحضري، ثم مواكبة تدفقات المهاجرين.
وعلى المستوى الوطني، تم تحقيق تطورات إيجابية، أبرزها التراجع المهم لوفيات الأمهات،
والانخفاض الواضح لوفيات الأطفال، والقضاء على الأوبئة. ووفقا لمعطيات وزارة الصحة، تزايد عدد
المستشفيات العمومية على نحو ملحوظ بين سنتي 1998 و 2007 ، فيما تراجعت القدرة الاستيعابية،
التي يتم قياسها بعدد الأسرّة المتوفرة لكل 100.000 نسمة، بشكل كبير خلال نفس الفترة، إذ انتقلت
.( من 95 سرير سنة 1997 إلى 87 سرير سنة 2006 (رسم بياني 3.2.1
7 من حيث الفقر وقساوة المحيط، إلى غير ذلك.
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 24
أما على المستوى الجهوي، فتبين الإحصائيات مدى العجز والتفاوت الحاصل على مستوى الاستفادة
من الخدمات الصحية.
إذ تحتل جهة الدار البيضاء الكبرى المرتبة الأولى في قائمة الجهات من حيث
اكتظاظ المؤسسات الاستشفائية بواقع 33.029 نسمة لكل مستشفى، تليها جهة الرباط سلا-زمور-
زعير بواقع 21.225 نسمة لكل مستشفى. ويؤدي تحول هاتين الجهتين إلى قطبين رئيسيين إلى
إحداث ضغط إضافي كما يتسبب في المزيد من التكاليف بالنسبة للفئات الضعيفة أو الفقيرة أو ذات
الدخل المحدود.
وتظهر التفاوتات كذلك من حيث عدد السكان لكل سرير استشفائي ولكل طبيب ولكل صيدلية:
• تراجع عدد السكان لكل سرير استشفائي بين سنتي 2001 و 2007 ، خاصة في جهة الدار
البيضاء الكبرى، فيما ارتفع بشكل ملموس في جهات أخرى، مثل وادي الذهب-الكويرة،
؛( بفعل عوامل اجتماعية وديموغرافية ترتبط بالهجرة بين الجهات (رسم بياني 4.2.1
• عرف عدد الأطباء والصيادلة لكل نسمة تحسنا ملحوظا خلال الفترة الممتدة بين 2001
و 2007 (رسم بياني 5.2.1 )، وذلك بنسب بلغت 18 % و 20 % على التوالي. ويعزى هذا
التطور بالأساس إلى استراتيجية تكوين وإعادة توزيع الأطباء والصيادلة في إطار مشروع
؛ تكوين 20.000 طبيب في أفق سنة 2015
• أما بالنسبة للجهات التي تسجل عجزا من حيث الأطباء والصيادلة، فهي على الشكل التالي:
تازة-الحسيمة-تاونات، تادلة-أزيلال، دكالة-عبدة، وسوس-ماسة-درعة. وستبدو الفوراق
أكثر اتساعا إذا ما اعتمد توزيع هذه الجهات حسب التخصصات الطبية.
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 25
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 26
قطاع التعليم
توالت على المغرب إصلاحات تربوية عديدة نتيجة للتحديات البنيوية الذي واجهها نظام التربية
والتكوين. إلا أن الأوراش المختلفة التي رافقت إعداد الميثاق الوطني للتربية والتكوين « لم تحقق بعد
نتائج ملموسة بالقدر الكافي. غير أن المكتسبات المالية لا تزال ه ّ شة بسبب تفاقم العديد من الاختلالات،
. ما يستدعي بذل المزيد من المجهودات والتتبع المتيقظ » 8
وقد تمت بلورة « إصلاح » استعجالي ممثلا في العديد من المشاريع التي تندرج في إطار سياسة تربوية
يطلق عليها اسم « مدرسة النجاح 9″؛ حيث تم رصد غلاف مالي هام لهذا الورش الإصلاحي، للفترة
الممتدة من 2009 إلى 2012 ، بغرض الاستجابة للحاجيات الملحة المرتبطة بالتحديث وتعميم
التمدرس، وكذا تصحيح الاختلالات المستمرة في منظومة التربية والتكوين.
وتتصف مظاهر العجز والاختلال التي يشهدها المغرب على هذا الصعيد بتعّقدها وتنوعها. ذلك أنها
تشمل جوانب عديدة من بينها تعميم التمدرس وظاهرة الهدر والتكرار والأمية وجودة التعّلمات والبنيات
التحتية. وبالرغم من الإنجازات المحققة في بعض الميادين، لا تزال العديد من المعيقات تسجل على
. المستوى الوطني والجهوي معا 10
وفي سنة 2009 ، بلغ صافي نسبة التمدرس 11 ، التي تقيس درجة تعميم التمدرس، 94 % بالنسبة للسلك
الابتدائي و 48 % للثانوي الإعدادي و 24 % للثانوي التأهيلي. بهذا، فإن المغرب يبقى قريبا من بلوغ
التعميم التام للتمدرس في السلك الابتدائي، في حين لا يزال بعيدا عن إجباريته إلى المستوى الإعدادي.
أما نسبة الولوج للسلك الثانوي التأهيلي، فتبقى ضعيفة جدا. وفي السلك الأولي، وبالرغم من تزايد عدد
الأطفال المسجلين به من سنة إلى أخرى، فإنه لم يبلغ بعد مستوى التعميم 12 الشامل ( 60 % سنة
.(% 2007 )، خاصة في الوسط القروي ( 46
8 الجزء الأول من تقرير المجلس الأعلى للتعليم، . 2008
9 تندرج هذه السياسة الجديدة في إطار البرنامج الاستعجالي الذي صدر بعد عشرية الإصلاح كما نص عليها الميثاق الوطني للتربية والتكوين.
10 للمزيد من التفاصيل حول هذه المعيقات، يرجى مراجعة تقارير المجلس الأعلى للتعليم لسنتي 2008 و. 2009
11 لا يشمل صافي نسبة التمدرس التسجيل في مدارس بعثات أخرى (إسبانية، أمريكية، إلخ)، باستثناء مدارس البعثات الفرنسية.
. 12 كان الميثاق الوطني للتربية والتكوين ينص على تحقيق هدف تعميم التعليم الأولي في أفق سنة 2004
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 27
وعلى المستوى الجهوي، تشير مؤشرات التمدرس الصادرة عن المصالح الوزارية المعنية إلى وجود
تفاوتات مهمة. وتتزايد حدة هذه الفوارق بين الوسطين الحضري والقروي لنفس الجهة وتهم كل
الجوانب المرتبطة بالتعليم: التعليم الأولي وتمدرس الفتيات والدعم الاجتماعي والهدر المدرسي
والتكرار والتحصيل الدراسي، إلخ. ويرتكز التحليل الجهوي للمنظومة التربوية على نسبة التمدرس
بمختلف مستوياته (خلاصة كمية)، من جهة، وعلى أداء التلاميذ في إطار البرنامج الوطني لتقويم
الذي أعده المجلس الأعلى للتعليم سنة 2008 (خلاصة نوعية)، من جهة (PNEA) التحصيل الدراسي
أخرى.
ولا تزال الفوارق مستمرة على مستوى التمدرس في السلك الابتدائي، بل إن بعض الجهات بعيدة كل
البعد عن معدل التمدرس الوطني. ويتعلق الأمر أساسا بجهة تازة-الحسيمة-تاونات، والجهة الشرقية
وجهة تادلة-أزيلال. أما في السلك الثانوي التأهيلي، فتبقى نسب التمدرس متدنية جدا، سواء على
المستوى الوطني أو الجهوي. وقد سجلت أدنى نسبة في جهة تازة-الحسيمة-تاونات بحوالي 13 %، أي
أن ما يقارب 87 % من التلاميذ الذين من المفترض أن يكونوا في المستوى التأهيلي قد تم تسجيلهم
كمكررين في مستويات أدنى، أو يوجدون خارج المؤسسات التعليمية. أما أعلى نسبة تمدرس، فقد
سجلت في جهة الدار البيضاء الكبرى بحوالي 43 %. وبخصوص السلك الثانوي الإعدادي، حيث من
المفترض أن يتم تنفيذ إلزامية التعليم التي نص عليها الميثاق، لا تزال بعض الجهات تسجل مستويات
جد حرجة، كما هو الحال في جهات تازة-الحسيمة-تاونات ودكالة-عبدة ومراكش-تانسيفت-الحوز،
حيث بلغت النسب على التوالي 31,5 % و 36,7 % و 38,3 %. وعلى غرار باقي الأسلاك الدراسية،
سجلت جهة الدار البيضاء الكبرى أعلى نسبة (حوالي 73 %) بفعل مشاركة التعليم الخاص وشبه غياب
.( العالم القروي في هذه الجهة (رسم بياني 6.2.1
ويظهر من المنظور الكمي للمقاربة أن الأداء الضعيف في مجال التمدرس يعكس بجلاء فشل
السياسات التربوية في تحقيق الأهداف المسطرة في الميثاق الوطني للتربية والتكوين، خاصة في ما
يتعلق بنسب الاستكمال الدراسي ومحاربة التكرار والهدر الدراسي (ما يفوق 200.000 منقطع عن
الدراسة في الابتدائي سنة 2007 ). وتسجل هاتان الظاهرتان نسبا قياسية في بعض الجهات مثل
سوس-ماسة-درعة وتازة-الحسيمة-تاونات ومراكش-تانسيفت-الحوز.
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 28
13 التي تم إجراؤها مؤخرا إلى (PIRLS و TIMSS) وعلى مستوى الجودة، تشير التقويمات الدولية
النتائج المتدنية التي سجلها المغرب. هذه الخلاصة يؤكدها أيضا البرنامج الوطني لتقويم التحصيل
الذي يتولى تنفيذه المجلس الأعلى للتعليم، والهادف إلى بلورة تقويم وطني لمستوى (PNEA) الدراسي
تلاميذ السلكين الابتدائي والثانوي الإعدادي في مواد اللغات والمواد العلمية. فقد بلغ المتوسط الوطني
100 في / 100 في اللغة الفرنسية و 44 / 100 في اللغة العربية، و 28 / لمستوى السادس ابتدائي 36
100/ 100 و 29 / 100 ، و 33 / الرياضيات. أما بالنسبة للمستوى الإعدادي، فتصل هذه النتائج إلى 43
على التوالي. وتكشف هذه النتائج الضعيفة مدى القصور البنيوي الذي تعانيه جودة منظومتنا التربوية
.( والتكوينية (رسم بياني 7.2.1
وعلى الصعيد الجهوي، تثير عمليات التقويم الأخيرة هذه عدة تساؤلات حول نجاعة عمل الأكاديميات
وبصرف النظر عن طبيعة المادة المدرّسة أو المستوى الدراسي .(AREF) الجهوية للتربية والتكوين
.100/ للتلاميذ، فإن أفضل نتيجة محصلة في اختبار برنامج تقويم التحصيل الدراسي قد بلغت 51
الدراسة الدولية حول مدى تقدم القراءة في العالم) هي اختبارات دولية ) PIRLS الدراسة الدولية لتقويم الرياضيات والعلوم) و ) TIMSS 13
موحدة تهدف إلى قياس مستوى التحصيل الدراسي لدى التلاميذ عبر العالم.
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 29
100 ) لدى تلاميذ جهة مراكش-تانسيفت-الحوز / وسجلت أدنى نتيجة في مادة اللغة الفرنسية ( 25
(القسم السادس ابتدائي) وجهات الجنوب (السنة الثالثة إعدادي). وتظهر هذه النتائج السلبية بشكل
صارخ في الجهات التي يغلب عليها الطابع القروي؛ هذا مع ملاحظة أن الانتشار الكبير للتعليم الخاص
في بعض الجهات، مثل جهة الدار البيضاء الكبرى، وجهة الرباط-سلا-زمور-زعير وجهة طنجة-
تطوان، يؤدي إلى تفاوت في النقاط المحصل عليها كما يفاقم من مشكلة عدم التكافؤ في مجال التعليم
. ( (رسم بياني 7.2.1 و 8.2.1
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 30
وتظهر هذه المؤشرات مجتمعة أن جودة المنظومة التربوية والتكوينية أصبحت تمثل ضرورة ملحة
واستعجالية. وتتجلى التحديات المطروحة على الخصوص في المدرسة بجميع مكوناتها، وفي ضمان
استجابة التكوين المهني للحاجيات الفعلية للاقتصاد، وفي مواءمة التكوين الجامعي مع توقعات سوق
الشغل وكذا محو الأمية لفائدة شريحة مهمة من الساكنة المغربية، لا سيما الفئة العمرية القادرة على
العمل.
وفي إطار البحث عن الاستراتيجيات الكفيلة بتحسين المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية للجهات الأقل
تطورا، وبالتالي، محاربة الأمية والبطالة والفقر والإقصاء، يمكن الاسترشاد بالنتائج الإيجابية التي
حققتها الأقاليم الصحراوية. فبعد أن كانت هذه الأخيرة تعد ضمن الجهات الأقل نموا في المغرب،
أصبحت الآن، إلى جانب الدار البيضاء الكبرى والرباط-سلا-زمور-زعير، الجهات الوحيدة التي
يتجاوز فيها مؤشر التنمية البشرية المتوسط الوطني، وذلك بفضل المجهودات التي بذلتها الدولة
والمؤسسات المحلية والقطاع الخاص. وفي هذا السياق، فإن الفقرة الموالية ستتطرق إلى التطورات
التي عرفتها هذه الأقاليم والتي جعلت منها نموذجا يحتذى في التقدم والتنمية.
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 31
3. الجهات الجنوبية نموذجا: جهود واعدة
منذ عام 1975 ، انخرط المغرب بعزم في عملية تنموية اقتصادية واجتماعية سعيا منه إلى تهيئة
الشروط الكفيلة بتحقيق جهات الجنوب لإقلاعها الاقتصادي والاجتماعي؛ ذلك أن المؤشرات الاجتماعية
والاقتصادية لهذه الجهات، مع نهاية الاحتلال الإسباني، تكشف عن تأخر على كافة المستويات مقارنة
بجهات المغرب الأخرى، حيث لوحظ شبه غياب للبنيات التحتية الأساسية، وعيش نصف الساكنة تحت
، عتبة الفقر، والتفشي الواضح للأمية، في حين بلغ مؤشر التنمية البشرية في عام 1975 حوالي 0,41
وهو مستوى أدنى مقارنة بباقي جهات المغرب.
ونتيجة لذلك، أولى المغرب أهمية خاصة لجهات الجنوب عن طريق إحداث وزارة الشؤون
الصحراوية في سنة 1977 ، التي أُوكِلت لها مهمة تنسيق مختلف الأنشطة القطاعية التي تقوم بها
الدولة في هذا الجزء من التراب الوطني. وقد ُتوّج التزام الدولة بالعمل من أجل تنمية هذه الجهات سنة
2002 بتأسيس وكالة الإنعاش والتنمية الاقتصادية والاجتماعية لأقاليم جنوب المملكة، هذه المؤسسة
التي أعطت زخما جديدا لعمل السلطات العمومية من خلال مقاربة تعتمد على القرب والإنصات
والتشاور مع الشركاء على المستوى المحلي والجهوي والوطني. هكذا، وفي سياق هذا التفاعل، تمت
بلورة برنامج يتضمن ما يربو على 226 مشروعا بغلاف استثماري إجمالي بلغ 7,20 مليار درهم
2008 . ويغطي هذا البرنامج سبعة محاور للتنمية من بينها تشجيع التشغيل، – يمتد طيلة فترة 2004
والرفع من القدرة الشرائية ومحاربة السكن غير اللائق وتعميم الاستفادة من الخدمات الأساسية
والتجهيزات الجماعية.
1.3 أداء اقتصادي مهم
مكنت الجهود المبذولة من تدارك المنطقة الجنوبية للتأخر الذي راكمته خلال فترة الاستعمار ومن
الرفع من الاستفادة من الثروات الطبيعية التي تزخر بها المنطقة. هكذا، بلغت مساهمة جهات الجنوب
سنة 2007 في الناتج الوطني ما نسبته 3,5 %، مع العلم أن نسبة سكانها لا تتجاوز 3% من مجموع
المواطنين المغاربة. إضافة إلى ذلك، ارتفع الناتج الداخلي الإجمالي (بالأسعار الجارية) للمنطقة
الجنوبية ما بين سنتي 2004 و 2007 بنسبة 9,2 %، وهي وتيرة نمو أكثر اطرادا مقارنة بتطور
الناتج الداخلي الإجمالي الوطني الذي ُقدّر خلال هذه الفترة بنسبة 6,9 %. إضافة إلى ذلك، بلغ نصيب
الفرد من الناتج الداخلي الإجمالي الحقيقي 24.000 درهم في سنة 2007 ، في الوقت الذي لم يتجاوز
فيه 20.000 درهم كمتوسط وطني. وعلى مستوى نفقات الاستهلاك النهائي للأسر، بلغ متوسطها في
الأقاليم الصحراوية 14.100 درهم، مسجلة بذلك أداء أعلى من المتوسط الوطني المحدد في 11.700
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 32
. درهم في سنة 2007
% غير أن النسيج الإنتاجي للمنطقة الجنوبية لا يزال يتسم بهيمنة القطاع الثالثي الذي يساهم بنسبة 70
من الثروات المنتجة. أما القطاع الثانوي، فيحتل المرتبة الثانية بنسبة 17 %، ويعتمد أساسا على
الصناعة الاستخراجية واستغلال مقالع الملح والرمال. ولا يساهم القطاع الأولي إلا بنسبة 13 % من
إنتاج الأقاليم الصحراوية حيث يظل يعاني من ضعف الأنشطة الفلاحية (تمثل المساحة القابلة للزراعة
%12 فقط من إجمالي المساحة) فيما تدعمه مع ذلك موارد الصيد البحري.
2.3 تطوير الخدمات الأساسية وتحسين ظروف العيش
لقد أعطت برامج التنمية الموجهة للأقاليم الجنوبية أهمية خاصة لتوفير البنيات التحتية التي كانت شبه
منعدمة خلال سنوات السبعينات. هكذا، مكنت الجهود التي بذلتها الدولة المغربية لفائدة المنطقة
الجنوبية من تدارك التأخر المسجل مقارنة بباقي الجهات وتحقيق تعميم شبه شامل لخدمات الماء
الشروب والكهرباء بما يفوق المتوسط الوطني حيث بلغت نسبة التغطية 71,6 % في سنة 2004 ؛ بل
إن نسبة الاستفادة من هذه الخدمات، خلال نفس السنة، قد بلغت في بعض المدن مثل العيون وأوسرد
%93,2 و 75,9 % على التوالي. وبلغ مستوى تغطية خدمة التطهير السائل في أقاليم الجنوب
%50,1 فيما وصل المتوسط الوطني إلى 48,6 % في سنة 2004 . وقد سجلت الاستفادة من خدمة
الهاتف النقال نفس المنحى حيث وصل المتوسط الوطني للأشخاص الذين يتوفرون على هاتف نقال
إلى 61 % مقابل نسبة متوسطة في أقاليم الجنوب تبلغ 67 %. وتم أيضا تعزيز البنيات التحتية لشبكة
النقل الجوي في الجهات الجنوبية من خلال إنشاء مطارين في كل من العيون والداخلة إضافة إلى
ثلاث مدرجات لنزول الطائرات في كلميم وطانطان والسمارة. وعلى مستوى تجهيزات الموانئ، تتوفر
منطقة الجنوب على خمسة موانئ وهي: طان طان، والعيون، والداخلة، وطرفاية، وبوجدور. أما
. بالنسبة للشبكة الطرقية، فقد بلغت نسبتها 17 % من مجموع الطرق الوطنية في سنة 2007
كما همّ ارتفاع مؤشرات الأقاليم الصحراوية بشكل خاص البعد الاجتماعي. فبعد أن كانت نسبة أرباب
الأسر دون مستوىً دراسي تتجاوز 78 % في سنوات الثمانينات، انخفضت هذه النسبة منذ بداية العقد
الأخير إلى 50,6 %، وهي نسبة أدنى بشكل كبير من المتوسط الوطني البالغ 66,1 %. وقد شمل هذا
التحول في الرأسمال البشري أيضا تمدرس الأطفال. هكذا، بلغت النسبة الصافية للتمدرس في سنة
2009 حوالي 80 % في السلك الابتدائي و 52 % في الثانوي الإعدادي، مسجلة تطورا ملموسا خلال
السنوات الأخيرة وفي انسجام مع الدينامية الوطنية الهادفة إلى تعميم التمدرس. كما تم تحقيق تقدم كبير
على مستوى محاربة الأمية، إذ أصبحت نسبة الأمية لدى السكان البالغين 10 سنوات فما فوق لا
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 33
تتجاوز 40 % في بعض الجهات (خاصة وادي الذهب)، وهي نسبة أدنى من المتوسط الوطني الذي
. قارب 43 % في سنة 2004
وسجل النظام الصحي تطورا ملموسا تجلى بالخصوص في تقلص نسبة وفيات الأطفال، وارتفاع معدل
أمل الحياة عند الولادة في المنطقة الجنوبية إلى 73,5 سنة، متجاوزا بذلك المتوسط الوطني ( 71,8
سنة) في سنة 2006 . وعلاوة على ذلك، انخفض مستوى الفقر بشكل كبير من 29,4 % في سنة
1975 ، وهو أعلى مستوى سُجل على صعيد المملكة، إلى حوالي 6,2 %، لتصبح بذلك هذه المنطقة
من بين الجهات الأقل فقرا في المغرب.
لقد مكنت إذن الجهود التي بذلتها الدولة لفائدة المنطقة الجنوبية من جعل هذه الأخيرة تحتل الصفوف
الأولى في قائمة تصنيف الجهات المغربية من حيث التنمية البشرية، إذ بلغ المؤشر الخاص بهذه
. الجهات 0,71 ، وهو مستوى يفوق بكثير المتوسط الوطني الذي بلغ 0,65 في سنة 2007
3.3 الرهانات والتحديات
لقد حققت جهات الجنوب بما لا يدع مجالا للشك تقدما ملموسا. إلا أن هذه المنطقة لا تزال تواجه
تحديات متعددة من بينها التطور المحدود لمبادرات القطاع الخاص حيث يعتمد النمو الاقتصادي للجهة
بالأساس على الإدارة العمومية. وتشكل هذه التبعية عائقا بالنسبة للأقاليم الصحراوية التي تعرف نسبة
بطالة مرتفعة نسبيا وصلت إلى 13,7 % في سنة 2009 ، مقابل 9,1 % كمتوسط وطني. ومن شأن
النهوض بالأنشطة الاقتصادية الأخرى مثل السياحة أو صناعة الطاقات المتجددة أن يساعد الجهة في
مواجهة هذا التحدي خاصة وأنها تعرف تدفق موجات الهجرة ودينامية كبيرة من الناحية الديموغرافية.
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 34
الفصل الثاني: أدوات عمل الجماعات المحلية: دراسة الموارد والنفقات
في العديد من البلدان، تعكس اللامركزية رغبة الدولة في خلق دينامية للتنمية على المستوى المحلي.
وانطلاقا من ذلك، ُ خوّلت للجماعات المحلية اختصاصات كانت تابعة للدولة لاسيما في قطاعي الصحة
والتعليم.
وفي المغرب، ساهمت الجماعات المحلية التي تنتشر فوق مجموع التراب الوطني- والتي يبلغ عددها
الإجمالي 1.594 جماعة (منها 16 جهة و 13 عمالة و 62 إقليما و 221 جماعة حضرية و 1.282
جماعة قروية)- في دينامية التنمية الاقتصادية الجهوية خلال العقود الثلاثة الماضية، غير أن دورها
بقي ضعيفا نسبيا مقارنة بدور الدولة والمؤسسات العمومية. فاستثمارات الجماعات لم تشكل سوى
%7,9 من مجموع الاستثمارات العمومية سنة 2009 ، إلا أنه لا ينبغي إغفال كون الموارد التي تتوفر
عليها هذه الجماعات تبقى محدودة نسبيا.
جدول 1.1.2 : ميزانية الجماعات المحلية سنة 2009 مقارنة بالدولة
المبلغ بملايير
الدراهم
الحصة مقارنة
بالدولة
الحصة مقارنة بالناتج الداخلي
الإجمالي
%4,27 %16,62 الموارد مع استثناء الفائض 31,66
%3,62 %14,25 النفقات 26,83
المصدر: الخزينة العامة للمملكة وبنك المغرب، 2009
ولدراسة هذا الجانب بشكل أكثر تفصيلا، سنقوم أولا بتحليل موارد ونفقات الجماعات المحلية قبل أن
نتطرق في قسم ثا ٍ ن إلى الاستنتاجات التي تفسر ضعف أداء الجماعات المحلية في مجال التنمية
السوسيو-اقتصادية.
1. مالية الجماعات المحلية
1.1 مصادر التمويل
يُبرز تحليل مداخيل الجماعات المحلية وجود ثلاثة موارد رئيسية هي: الموارد الذاتية والموارد
المحوّلة والموارد المتأتية من الاقتراض.
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 35
1.1.1 الموارد الذاتية
أ – الجبايات المحلية
يم ّ كن تحليل مساهمة الضرائب المحلية في مجموع مداخيل الجماعات المحلية من إعطاء فكرة عن
درجة استقلاليتها المالية. وفي المغرب، تشمل الجبايات المحلية الضرائب التي تخضع للتدبير المباشر
للجماعات بحصة تصل إلى 38 % والضرائب التي تدبرها الدولة 14 لفائدة هذه الجماعات والتي تمثل
%62 . وهكذا، وصل مجموع مداخيل الجماعات المحلية المتأتية من الجبايات المحلية سنة 2009 إلى
31,66 مليار درهم). وقد ) 6,97 مليار درهم، أي 22 % من مجموع المداخيل مع استثناء الفائض 15
تبدو هذه الحصص هامة بالنظر إلى المعايير الدولية. ففي إسبانيا مثلا، تمثل الضرائب الخاصة
بالجماعات المحلية 17,67 % من مجموع مداخيلها 16 ، فيما تشكل هذه الضرائب 22,6 % من
. المجموع في إيطاليا و 31,5 % في فرنسا 17
جدول 2.1.2 : بنية الجبايات المحلية ما بين سنتي 2007 و 2009
2009 2008 2007
بملايين
الدراهم
كنسبة مئوية
من المداخيل
الإجمالية مع
استثناء
الفائض
بملايين
الدراهم
كنسبة مئوية
من المداخيل
الإجمالية مع
استثناء
الفائض
بملايين
الدراهم
كنسبة مئوية
من المداخيل
الإجمالية مع
استثناء
الفائض
الضرائب الخاضعة للتدبير
المحلي
%8 2.625 %10 2.500 %8 1.824
الضرائب الخاضعة للتدبير
لفائدة الجماعات المحلية
%14 4.347 %14 3.743 %17 4.089
%7 2.314 %8 2.057 % رسم الخدمات الجماعية 9 2.069
14 الرسم المهني ورسم السكن ورسم الخدمات الجماعية.
. 15 بلغت الفوائض السابقة للجماعات المحلية 16,28 مليار درهم سنة 2009
16 بما في ذلك الاقتراضات.
. 17 تتعلق الأرقام الخاصة بإسبانيا وإيطاليا بسنة 2005 وتلك الخاصة بفرنسا بسنة 2008
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 36
%1 291 %1 285 %3 رسم السكن 700
%6 1.742 %5 1.401 % الرسم المهني 6 1.320
%22 6.972 %24 6.243 % الجبايات المحلية 25 5.913
المصدر: الخزينة العامة للمملكة، 2009
وتتباين مساهمة الضرائب المحلية في مجموع المداخيل (مع استثناء الفائض) بين مستويات اللامركزية
الأربعة بالمغرب. فالجماعات الحضرية، التي تمثل عائداتها من الضرائب المحلية 33 % من مجموع
مداخيلها، تبقى بدون منازع أول مستوى من حيث تعبئة الضرائب المحلية؛ تليها الجهات، التي تشكل
الضرائب المحلية 30 % من مداخيلها. وتأتي الجماعات القروية في المرتبة الثالثة بضرائب محلية تمثل
%14 من مجموع الموارد فيما تحتل العمالات والأقاليم المرتبة الرابعة بضرائب محلية تشكل 2% من
المداخيل.
جدول 3.1.2 : حصة الضرائب المحلية مقارنة بمداخيل الجماعات المحلية حسب المستويات سنة
2009
الجهات العمالات والأقاليم الجماعات
القروية
الجماعات
الحضرية
الجماعات
المحلية
بملايين
الدراهم
كنسبة
مئوية
من
المداخيل
الإجمالية
مع
استثناء
الفائض
بملايين
الدراهم
كنسبة
مئوية من
المداخيل
الإجمالية
مع
استثناء
الفائض
بملايين
الدراهم
كنسبة
مئوية
من
المداخيل
الإجمالية
مع
استثناء
الفائض
بملايين
الدراهم
كنسبة
مئوية
من
المداخيل
الإجمالية
مع
استثناء
الفائض
بملايين
الدراهم
كنسبة
مئوية
من
المداخيل
الإجمالية
مع
استثناء
الفائض
الضرائب
الخاضعة
للتدبير المحلي
%8 2.625 %9 1.526 %9 610 %2 133 %24 356
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 37
الضرائب
الخاضعة
للتدبير لفائدة
الجماعات
%14 4.349 %23 3.893 %5 353 %0 0 %7 103
%6 1.742 %9 1.505 %3 237 %0 0 %0 الرسم المهني 0
رسم السكن
ورسم الخدمات
الجماعية
%8 2.607 %14 2.388 %2 116 %0 0 %7 103
الجبايات
المحلية
%22 6.974 %33 5.419 %14 963 %2 133 %30 459
المصدر: الخزينة العامة للمملكة، 2009
ب – الرسوم شبه الضريبية
تتكون الرسوم شبه الضريبية من مجموع أتاوى وواجبات ورسوم الجماعات المحلية، التي ُتفرض
مقابل خدمة إدارية أو صناعية أو تجارية (مثلا رسم الحالة المدنية والرسم المفروض على الذبح في
المجازر) أو مقابل استخدام الأملاك الجماعية (كالرسم المفروض على الاحتلال المؤقت للملك
1830 غير شاملة، حيث – العمومي). وتبقى لائحة أتاوى الجماعات المحلية الواردة في القانون رقم 89
إن أجور الخدمات التي تقدمها َت ِ رد في القرارات الضريبية الدائمة 19 (كالرسم المفروض على الولوج
إلى المحطات الطرقية).
وتشير الوضعية الإجمالية إلى أن حصة عائدات الخدمات التي أنجزتها الجماعات المحلية سنة 2009
20 من مجموع مداخيل الجماعات المحلية مع استثناء الفائض. % تصل إلى 2,15
30 لفائدة الجماعات الحضرية والقروية حصريا. – 18 أحدثت الأتاوى الواردة في القانون رقم 89
19 ينص القرار الضريبي الدائم على الواجبات والأتاوى والرسوم التي يُسمح للجماعات المحلية باستخلاصها وعلى طريقة تحديد وتعديل
أسعارها وتعريفاتها. ويعده الآمر بالصرف للجماعة المحلية استنادا إلى مداولة المجلس ويقدَّم لسلطة الوصاية بهدف المصادقة عليه.
20 في غياب بند خاص بالرسوم شبه الضريبية في الوضعية المختصرة للعمليات المالية للجماعات المحلية التي تعدها الخزينة العامة للمملكة،
استخدم بند « إنتاج الخدمات » لتقديرها.
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 38
ج– عائدات الأملاك الجماعية
يشمل مفهوم الممتلكات مجموع الأملاك العقارية والمنقولة للجماعات المحلية. فعلى غرار باقي
الأشخاص المعنويين الخاضعين للقانون العام، تتوفر الجماعات المحلية على أملاك عامة مخصصة
لانتفاع العموم وعلى أملاك خاصة ليست مخصصة للاستخدام العمومي وهي تشكل أهم احتياطي
عقاري لها.
ومن الناحية النوعية، تبرز دراسة موارد الجماعات المحلية ضعف مساهمة عائدات الأملاك في
مجموع الموارد. ففي سنة 2009 ، بلغت هذه العائدات 1,7 مليار درهم، أي 5,4 % من مجموع
% الموارد مع استثناء الفائض. وتتراوح هذه المساهمة بين 8% بالنسبة للجماعات القروية وأقل من 1
بالنسبة للعمالات والأقاليم والجهات.
2.1.1 الموارد المحوّلة
تشمل الموارد المحوّلة إلى الجماعات المحلية حصة هذه الجماعات من منتوج الضريبة على الدخل
والضريبة على الشركات والضريبة على القيمة المضافة والرسم المفروض على عقود التأمين وأموال
. المساعدات 21
وعلى العموم، يبقى توزيع عائدات الضرائب المرصودة رهينا بشكل وثيق بالاختصاصات الممارسة
فعليا وبالنفقات المخصصة لكل مستوى من مستويات الجماعات المحلية. وهكذا، تحتل الجماعات
الحضرية، التي تتوفر على نفقات تسيير مرتفعة نسبيا، المرتبة الأولى بموارد محوّلة بلغت 5,86
مليار درهم سنة 2009 ، أي 36 % من مجموع المبالغ المحوّلة. وتستقطب العمالات والأقاليم 5,34
مليار درهم، وهو مبلغ يمثل 33 % من مجموع الموارد المحوّلة، لتحتل بذلك المرتبة الثانية. وتأتي
الجماعات القروية في المرتبة الثالثة، بحصة تبلغ 26 % من الموارد المحوّلة؛ مما يجعل الجهات تحتل
المرتبة الأخيرة بمبلغ 833 مليون درهم، أو 5% من مجموع الموارد المحوّلة.
21 تتكون من الأموال التي يقوم أشخاص معنويون أو ذاتيون بدفعها للمساهمة مع أموال الجماعات المحلية في نفقات تتعلق بالمنفعة العامة.
وتخصص هذه الأموال – التي تشمل أيضا عائدات الهبات والوصايا– لإنجاز مشاريع استثمارية.
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 39
أ. منتوج الضريبة على القيمة المضافة
من أجل تحسين وضمان استقرار وانتظام المساعدات التي تقدمها الدولة للجماعات المحلية، قررت
الدولة أن تحوّل لهذه الأخيرة حصة ثابتة تقدر بنسبة 30 % من منتوج الضريبة على القيمة المضافة.
وبغية عقلنة انتظارات المنتخبين المحليين والاستجابة لها، تمت في سنة 221996 مراجعة معيار
التوزيع، الذي كان يرتكز بالأساس على تغطية العجز في التسيير بشكل أولي (إمداد الموازنة). وهكذا،
فقد أصبح العائد السنوي لحصة الجماعات المحلية من منتوج هذه الضريبة يقسم إلى ثلاثة أجزاء 23
هي:
توزيع الجزء الأول:
يمثل هذا الجزء 80 % من المنتوج السنوي للضريبة على القيمة المضافة ويوزع بين الجماعات
المحلية 24 كما يلي:
%20 لفائدة العمالات والأقاليم؛ •
%28 لفائدة الجماعات القروية و 32 % لفائدة الجماعات الحضرية. •
وتتكون المنحة المرصودة لميزانيات العمالات والأقاليم من الحصص التالية:
• حصة تعادل مجموع رواتب وأجور الموظفين؛
• حصة جزافية دنيا ُتمنح بشكل متسا ٍ و بين العمالات والأقاليم؛
• حصة تحسب استنادا إلى عدد السكان القانونيين لكل عمالة أو إقليم، ويؤخذ بعين الاعتبار
في حسابها عدد من السكان القانونيين لا يقل عن 200.000 نسمة كحد أدنى؛
• حصة تحسب استنادا إلى مساحة كل عمالة أو إقليم، وتؤخذ بعين الاعتبار في حسابها مساحة
دنيا تبلغ 2.500 كلم 2 ومساحة قصوى تعادل ضعف معدل مساحات العمالات والأقاليم.
أما الحصة المخصصة للجماعات الحضرية والقروية، فتتكون من الحصص التالية مرجحة بمعاملات،
22 دورية وزارة الداخلية رقم 49 الصادرة في فاتح يناير 1996 والمتعلقة بتوزيع عائد الضريبة على القيمة المضافة بين الجماعات المحلية.
23 رسالة الجماعات المحلية رقم 3، يوليوز-غشت-شتنبر 2001 ، وزارة الداخلية (المديرية العامة للجماعات المحلية).
24 إذا كانت الحصة المرصودة للجماعات المحلية من منتوج الضريبة على القيمة المضافة تخصص بشكل صريح وحصري للعمالات أو الأقاليم
والجماعات، فإن الجهات تستفيد من منحة خصوصية لأجل التجهيز.
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 40
كما هو مبين في الجدول الموالي:
الحصص الجماعات الحضرية الجماعات القروية
%30 % الحصة الجزافية 15
%60 % الإمكانيات الجبائية 70
%10 % تنمية الموارد الذاتية 15
%100 % المجموع 100
وتوزع الحصة الجزافية بصرف النظر عن الحجم الديموغرافي للجماعات أو ثروتها الجبائية. أما
بالنسبة لحصة الإمكانيات الجبائية، فتعطى للجماعات التي تتوفر على ثروة جبائية تقل عن 125 % من
معدل كل فئة من فئات الجماعات المعنية (الهدف) بالنسبة لبعض الضرائب والرسوم التي تحسب من
خلال نسبتها إلى عدد السكان القانونيين، وذلك في حدود عدد يساوي، كحد أقصى، 2,5 مرات معدل
سكان الجماعات. وتحسب هذه الحصة بناء على إصدارات الأوامر بالمداخيل المنجزة خلال السنوات
الماضية في ما يخص:
• رسم السكن ورسم الخدمات الجماعية والرسم المهني بالنسبة للجماعات الحضرية؛
• رسم السكن ورسم الخدمات الجماعية والرسم المهني، ونصف منتوج العائدات الغابوية
ومنتوج الواجبات الخاصة بالأسواق الأسبوعية بالنسبة للجماعات القروية.
وفي ما يتعلق بحصة تنمية الموارد الذاتية 25 ، التي تحدد بناء على المداخيل المحصلة نسب ً ة إلى عدد
السكان، فتمنح للجماعات التي تبذل مجهودات لتحصيل مواردها الذاتية تفوق 65 % من المعدل لكل
نسمة في كل فئة من فئات الجماعات المعنية. وتقسم هذه الحصة إلى شطرين متساويين هما:
• شطر يوزع بشكل يتناسب مع حجم تحصيل الموارد؛
• شطر يوزع حسب نسبة الموارد المحصلة لكل نسمة.
25 بالمفهوم الضيق، أي الموارد التي تقوم الجماعات بتدبيرها بشكل مباشر.
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 41
توزيع الجزء الثاني:
يخصص هذا الجزء، الذي يمثل 5% من المنتوج السنوي للضريبة على القيمة المضافة، لتحمل النفقات
المحولة من الدولة إلى الجماعات المحلية، خاصة في مجال البنايات المدرسية. ويتوزع هذا الجزء بين
الجماعات المحلية حسب المحيط الترابي للمشاريع.
توزيع الجزء الثالث:
يوزع الجزء الثالث كما يلي:
• مخصص للنفقات المشتركة يمثل 10 % من منتوج الضريبة على القيمة المضافة ويخصص
لتحمل النفقات غير القابلة للتقسيم التي تتكفل بها الجماعات المحلية، لا سيما التجهيزات
المشتركة بين الجماعات، والوقاية المدنية، والمساهمة في إنجاز الدراسات المعمارية،
وتكوين الأطر الإدارية والتقنية، والمساهمة في تكوين المنتخبين المحليين، والمراقبة،
والتفتيش وتدقيق الحسابات، والبحث في مجال المناطق الخضراء، والمساهمة في إنجاز
المشاريع في إطار التعاون الدولي، والتجهيز، وتسيير المصالح التي تهم مجموعة من
الجماعات المحلية.
• حصة تقويمية تمثل 5% من منتوج الضريبة على القيمة المضافة وتخصص لمساعدة
الجماعات المحلية ومواجهة النفقات الظرفية التي تكتسي طابعا استثنائيا أو غير عادٍ.
ب. منتوج الضريبة على الشركات والضريبة على الدخل والرسم المفروض على عقود التأمين
نص القانون الصادر سنة 1997 والمتعلق بتنظيم الجهات على تخصيص 1% من منتوج الضريبة
على الشركات والضريبة على الدخل لميزانيات الجهات. وقد تم تكريس هذه الحصة لأول مرة في
. قانون المالية لسنة 2000
ولتقسيم هذه العوائد، تؤخذ ثلاثة معايير بعين الاعتبار، وهي:
؛% • المعيار الجزافي، ويشكل الجزء الأهم بحيث يمثل 50
؛% • معيار الساكنة بواقع 37,5
.% • معيار مساحة الجهة بواقع 12,5
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 42
وتستفيد الجهات أيضا من تحويل 13 % من منتوج الرسم المفروض على عقود التأمين. إلا أن هذا
المورد لا يرد في أي بند من بنود الوضعية المختصرة للعمليات المالية للجماعات المحلية التي تعدها
الخزينة العامة للمملكة.
جدول 4.1.2 : توزيع الموارد المحوّلة للجماعات المحلية سنة 2009
الجهات العمالات والأقاليم الجماعات القروية الجماعات
الحضرية
الجماعات المحلية
بملايين
الدراهم
كنسبة
مئوية
من
المداخيل
الإجمالية
مع
استثناء
الفائض
بملايين
الدراهم
كنسبة
مئوية
من
المداخيل
الإجمالية
مع
استثناء
الفائض
بملايين
الدراهم
كنسبة
مئوية
من
المداخيل
الإجمالية
مع
استثناء
الفائض
بملايين
الدراهم
كنسبة
مئوية
من
المداخيل
الإجمالية
مع
استثناء
الفائض
بملايين
الدراهم
كنسبة
مئوية
من
المداخيل
الإجمالية
مع
استثناء
الفائض
الحصة من منتوج
الضريبة على القيمة
المضافة
%47 15.038 %35 5.743 %56 4.009 %80 5.131 %10 155
الحصة من منتوج
الضريبة على
الشركات/الضريبة
على الدخل
%2 660 %0 0 %0 0 %0 0 %44 660
%2 558 %1 121 %3 207 %3 212 % أموال المساعدات 1 18
%51 16.256 %35 5.864 %59 4.216 %83 5.343 % الموارد المحولة 55 833
المصدر: الخزينة العامة للمملكة، 2009
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 43
3.1.1 الموارد المتأتية من الاقتراض
يمكن للجماعات المحلية الحصول على قروض من صندوق تجهيز الجماعات المحلية لتغطية نفقات
التجهيز التي تتكفل بها. وقد عرفت القروض التي تمنحها هذه المؤسسة نموا قويا حيث ارتفعت بواقع
%79 ما بين سنتي 2006 و 2009 (إذ انتقلت من 996 مليون درهم إلى أزيد من 1,77 مليار درهم
سنة 2009 ، أي 5,61 % من المداخيل مع استثناء الفائض). ومع ذلك، وبالرغم من هذا المنحى
التصاعدي، تبقى مديونية الجماعات المحلية ضعيفة. وتتأكد هذه الملاحظة إذا علمنا أن مديونية
الجماعات عبر العالم تمثل جزءا هاما من مواردها. فعلى سبيل المثال، شكلت مديونية الجماعات
المحلية سنة 2005 ما يعادل 31 % من مجموع المداخيل في إسبانيا و 34 % في إيطاليا.
وفي المغرب، ُتظهر بنية ميزانية الجماعات المحلية أن هذه الأخيرة تتحكم بشكل جيد في المديونية،
حيث مثل تسديد الدين بما في ذلك الأصل والفوائد كل عام -خلال السنوات الست الماضية- 10 % من
نفقات التسيير (رسم بياني 1.1.2 ). وبحساب خدمة الدين نسب ً ة إلى إجمالي المداخيل، يتضح أنها
مثلت 3,8 % سنة 2007 مقابل 3,3 % سنة 2009 . وعلى سبيل المقارنة، شكلت خدمة الدين الذي
حصلت عليه الجماعات المحلية في فرنسا سنة 2008 ما يعادل 8,23 % من نفقات التسيير، أي ما
يعادل 5,6 % من مجموع الموارد.
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 44
وتعد الجماعات الحضرية أول زبون لصندوق تجهيز الجماعات المحلية بمديونية بلغت سنة 2009 ما
يعادل 77 % من القروض التي منحتها هذه المؤسسة. وتأتي الجماعات القروية في المرتبة الثانية،
متبوعة بالعمالات والأقاليم، ثم الجهات بحصص أدنى بكثير بلغت 12 % و 7% و 4% على التوالي.
،(% وقد همت المشاريع التي اعتمد تمويلها على الاقتراض سنة 2009 مشاريع التهيئة الحضرية ( 75
والطرق الجماعية ( 14 %)، والتجهيز ( 5%)، والماء الصالح للشرب والكهرباء ( 2%)، وكذا التطهير
.( السائل والصلب ومشاريع أخرى ( 4%) (رسم بياني 2.1.2
2.1 بنية الميزانية
1.2.1 موارد الجماعات المحلية
وصلت مداخيل الجماعات المحلية سنة 2009 إلى 47,94 مليار درهم 26 ، أي 25,2 % من مداخيل
الدولة و 6,5 % من الثروة الوطنية. ولم تعرف هذه الحصص تغيرات تذكر خلال السنوات الثلاث
الماضية.
ومن جانب آخر، لا تزال حصة المداخيل الخاصة بكل مستوى من مستويات اللامركزية تتميز
% بالتباين. ففي سنة 2009 ، استفادت الجماعات الحضرية من 49 % من مجموع المداخيل مقابل 25
26 بما في ذلك مداخيل التسيير التي تبلغ 24 مليار درهم ومداخيل التجهيز التي تصل إلى 23,94 مليار درهم.
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 45
بالنسبة للجماعات القروية، و 19 % بالنسبة للعمالات و الأقاليم، و 7% بالنسبة للجهات. ويعزى هذا
الوضع إلى الموارد المحولة إلى كل مستوى من مستويات الجماعات المحلية وكذا إلى توزيع
الضرائب المحلية لصالح كل منها.
أ- مداخيل التسيير
تشمل مداخيل تسيير الجماعات المحلية على الخصوص ثلاثة مكونات تتعلق بالموارد المتأتية من
الجبايات المحلية، والموارد المتأتية من استغلال الأملاك المحلية و الرسوم شبه الضريبية، وكذا
الموارد المحوّلة من الدولة.
ويبرز تحليل بنية مداخيل التسيير أن منتوج الضرائب الوطنية المحوّلة لا يزال يشكل الجزء الأكبر
منها؛ حيث بلغ 12 مليار درهم سنة 2009 وساهم بما قدره 50 % من مجموع مداخيل التسيير. وقد
. شهدت هذه المساهمة منحى تصاعديا، إذ انتقلت من 48 % سنة 2006 إلى 50 % سنة 2009
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 46
جدول 5.1.2 : توزيع مداخيل تسيير 27 الجماعات المحلية حسب المستويات سنة 2009
الجهات العمالات والأقاليم الجماعات القروية الجماعات
الحضرية
الجماعات
المحلية
بملايين
الدراهم
كنسبة
مئوية
من
المداخيل
بملايين
الدراهم
كنسبة
مئوية
من
المداخيل
بملايين
الدراهم
كنسبة
مئوية
من
المداخيل
بملايين
الدراهم
كنسبة
مئوية
من
المداخيل
بملايين
الدراهم
كنسبة
مئوية
من
المداخيل
%38 9.113 %52 6.842 %26 1.625 %5 164 % المداخيل الذاتية 40 482
الضرائب الخاضعة
للتدبير محليا
%11 2.625 %12 1.526 %10 610 %4 133 %29 356
الضرائب الخاضعة
للتدبير لصالح
الجماعات
%18 4.349 %30 3.893 %6 353 %0 0 %8 103
الأملاك و الرسوم شبه
الضريبية
%9 2.139 %11 1.423 %11 662 %1 31 %2 23
%50 12.046 %35 4.584 %62 3.803 %83 2.999 % المداخيل المحوّلة 54 660
الحصة من منتوج
الضريبة على القيمة
المضافة
%46 11.055 %35 4.520 %60 3.677 %79 2.858 %0 0
الحصة من منتوج
الضريبة على
الشركات/الضريبة
على الدخل
%3 660 %0 0 %0 0 %0 0 %54 660
%1 331 %0 64 %2 126 %4 141 %0 أموال المساعدات 0
27 تشمل باقي موارد التسيير الحسابات الخصوصية والميزانيات الملحقة.
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 47
الحسابات الخصوصية
والميزانيات الملحقة
%12 2.849 %12 1.632 %12 706 %12 436 %6 75
مجموع مداخيل
التسيير
%100 24.008 %100 13.058 %100 6.134 %100 3.599%100 1.217
المصدر: الخزينة العامة للمملكة، 2009
وتجدر الإشارة مع ذلك إلى أن هذه الاستنتاجات تختلف حسب مستويات الجماعات المحلية (رسم بياني
3.1.2 ). فالأقاليم والعمالات، والجماعات القروية، والجهات تتوفر على استقلال مالي محدود نسبيا،
حيث تعادل المداخيل المحوّلة إليها 83 % و 62 % و 54 % على التوالي من مداخيل التسيير الخاصة
بها، فيما تعد الجماعات الحضرية أقل اعتمادا على مساعدات الدولة، إذ أن المداخيل المحوّلة إليها لم
. تتجاوز 35 % من مجموع مداخيل التسيير سنة 2009
ب. مداخيل التجهيز
تتكون مداخيل تجهيز الجماعات المحلية من الفائض الذي أفرزته السنوات الماضية، والمنحة
الخصوصية من الضريبة على القيمة المضافة، والاقتراضات، وباقي مداخيل التجهيز 28 . وأخذا بعين
28 تشمل أموال المساعدات والميزانيات الملحقة والحسابات الخصوصية ومنتوج استغلال الأملاك الجماعية.
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 48
الاعتبار كافة الجماعات المحلية، تبقى مداخيل التجهيز مرتفعة نسبيا إذ بلغت 23,94 مليار درهم سنة
2009 (منها 16,28 مليار درهم تأتت من فائض السنوات السابقة)، أي حوالي 50 % من المداخيل
الإجمالية. وباستثناء الجماعات الحضرية -حيث لم تتجاوز مداخيل التجهيز 44 % من الموارد- مثلت
مداخيل التجهيز 66 % من مجموع مداخيل الجهات، و 60 % من إجمالي مداخيل العمالات والأقاليم،
وحوالي نصف مداخيل الجماعات القروية.
جدول 6.1.2 : توزيع مداخيل التجهيز 29 حسب مستويات الجماعات المحلية سنة 2009
الجهات العمالات
والأقاليم
الجماعات
القروية
الجماعات
الحضرية
الجماعات
المحلية
بملايين
الدراهم
كنسبة
مئوية
من
المداخيل
بملايين
الدراهم
كنسبة
مئوية
من
المداخيل
بملايين
الدراهم
كنسبة
مئوية
من
المداخيل
بملايين
الدراهم
كنسبة
مئوية
من
المداخيل
بملايين
الدراهم
كنسبة
مئوية من
المداخيل
%68 16.288 %66 6.861 %83 4.761 %48 2.582 % فائض السنوات السابقة 88 2.084
المنحة الخصوصية من
الضريبة على القيمة
المضافة لأجل التجهيز
%17 3.983 %12 1.223 %6 332 %42 2.273 %7 155
%7 1.778 %13 1.348 %4 222 %2 131 % الاقتراض 3 77
%8 1.891 %9 970 %7 426 %8 435 % باقي مداخيل التجهيز 3 60
%100 23.940%100 10.402%100 5.741%100 5.421% مجموع مداخيل التجهيز 100 2.376
المصدر: الخزينة العامة للمملكة، 2009
وبالنظر إلى التجارب الدولية، خاصة منها فرنسا، نجد أن مداخيل تسيير الجماعات المحلية تأتي في
المرتبة الأولى حيث بلغت 166,8 مليار أورو سنة 2008 ، أي حوالي 80 % من المداخيل الإجمالية.
هذا وينبغي التنبيه إلى أن هذه البنية تعكس أهمية الاختصاصات المنقولة إلى الجماعات المحلية لاسيما
في مجال التعليم والعمل الاجتماعي (الدعم والخدمات الاجتماعية لصالح الأسر مثل خدمة التعويض
29 تشمل مداخيل التجهيز الأخرى أموال المساعدات والميزانيات الملحقة والحسابات الخصوصية ومنتوج استغلال الأملاك الجماعية.
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 49
الأمر الذي يجعل ،((RMA) والدخل الأدنى للنشاط (RMI) عن الإعاقة والدخل الأدنى للإدماج
مداخيل التسيير تتجاوز بكثير مداخيل التجهيز.
وفي المغرب، يبرز توزيع مداخيل التجهيز حسب مستويات الجماعات المحلية أن 43 % من هذه
المداخيل تعود للجماعات الحضرية، مقابل 24 % للجماعات القروية و 23 % للعمالات والأقاليم. أما
% الجهات، التي يعتبر اختصاصها الأول هو التنمية الاقتصادية والاجتماعية، فلا تستفيد سوى من 10
من هذه المداخيل. وعلى سبيل المقارنة، تستفيد الجهات في إيطاليا والجماعات المستقلة
في إسبانيا من نصف منح التجهيز الموجهة إلى القطاع العمومي (Communautés autonomes)
المحلي.
2.2.1 نفقات الجماعات المحلية
وصلت نفقات الجماعات المحلية سنة 2009 إلى 26,83 مليار درهم، وهو ما يمثل 3,62 % من
الناتج الداخلي الإجمالي الوطني و 14,25 % من نفقات الدولة. وعرفت هذه النفقات ارتفاعات هامة
. نسبيا، بلغت 38 % ما بين 2006 و 2009
وعلى سبيل المقارنة، تمثل نفقات الجماعات المحلية في إسبانيا 53,4 % من النفقات العمومية
% الإجمالية و 20,4 % من الناتج الداخلي الإجمالي. وفي إيطاليا، تصل هذه الحصص إلى 32,3
و 15,6 % على التوالي. وفي حين قد يبدو، من الوهلة الأولى، أن هذه الحصص متباينة نسبيا مقارنة
مع المغرب، إلا أنها تعكس أهمية الاختصاصات المخولة للجماعات المحلية في هذين البلدين
الأوروبيين.
ويتضح من تحليل نفقات الجماعات المحلية حسب المستويات وجود بنية غير متوازنة. فالجماعات
% الحضرية تحتل المرتبة الأولى بحصة تصل إلى 55 %، متبوعة بالجماعات القروية بحصة تمثل 22
من المجموع. وتأتي العمالات والأقاليم في المرتبة الثالثة حيث تصل مساهمتها إلى 18 %. أما
.% الجهات، التي تتمثل مهمتها الأساسية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، فلا تتجاوز حصتها 5
ومن حيث البنية، تشمل نفقات الجماعات المحلية بالمغرب نفقات التسيير ونفقات التجهيز. وقد بلغت
الفئة الأولى 16,5 مليار درهم سنة 2009 ، أي 62 % من إجمالي النفقات، فيما بلغت الفئة الثانية
10,32 مليار درهم، أي 38 % من المجموع. وباستثناء الجهات والعمالات والأقاليم، حيث تمثل نفقات
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 50
التجهيز 79 % و 52 % من الاستخدامات، فإن نفقات باقي مستويات الجماعات المحلية تتسم بهيمنة
.( تكاليف التسيير (رسم بياني 4.1.2
أ – نفقات التسيير
،% تشمل نفقات تسيير الجماعات المحلية نفقات الموظفين بنسبة 50 %، وخدمة الدين بواقع 10
والإعانات بنسبة 12 % وكذا نفقات التسيير الأخرى (العتاد، والمؤتمرات، والمبالغ المرصودة
.% للحسابات الخصوصية وللميزانيات الملحقة) التي تمثل 28
وخلال السنوات الأربع الأخيرة، ارتفعت هذه النفقات بوتيرة م ّ طردة، حيث انتقلت من 13,17 مليار
درهم سنة 2006 إلى 16,5 مليار درهم سنة 2009 ، وهو ما يمثل نموا بأزيد من 25 % خلال ثلاث
سنوات. ولا تزال هذه النفقات تتميز بجمود كبير حيث إن تكاليف الأجور وصلت سنة 2009 إلى
%50 من نفقات تسيير الجماعات المحلية 30 بمختلف مستوياتها وفاقت 70 % من نفقات تسيير
العمالات والأقاليم.
وبالفعل، يتضح من تحليل بنية تكاليف تسيير الجماعات المحلية أن نفقات الموظفين والإعانات تحتل
المركز الأول بالنسبة لكافة الجماعات المحلية بالمغرب بحصص تصل إلى 50 % و 13 % على التوالي
.( (رسم بياني 5.1.2
30 تمثل نفقات الموظفين 28 % من نفقات التسيير في إسبانيا و 11 % في إيطاليا.
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 51
ب – نفقات التجهيز
وصلت نفقات تجهيز الجماعات المحلية التي تم تنفيذها برسم سنة 2009 إلى 10,32 مليار درهم، أي
%38 من مجموع نفقاتها. وقد تبدو هذه النفقات هام ً ة مقارنة مع نفقات الجماعات المحلية بكل من
إسبانيا وإيطاليا، التي بلغت 20 % من مجموع النفقات سنة 2005 (حسب الأرقام المتوفرة).
جدول 7.1.2 : بنية نفقات تجهيز 31 الجماعات المحلية حسب نوع الاستخدامات سنة 2009
الجهات العمالات والأقاليم الجماعات
القروية
الجماعات
الحضرية
الجماعات
المحلية
بملايين
الدراهم
كنسبة
مئوية
من
المداخيل
بملايين
الدراهم
كنسبة
مئوية
من
المداخيل
بملايين
الدراهم
كنسبة
مئوية
من
المداخيل
بملايين
الدراهم
كنسبة
مئوية
من
المداخيل
بملايين
الدراهم
كنسبة
مئوية
من
المداخيل
الأشغال الجديدة
والإصلاحات الكبرى
%39 4.030 %32 1.493 %47 1.042 %46 1.153 %33 342
31 تشمل الإعانات والميزانيات الملحقة والحسابات الخصوصية.
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 52
المقتنيات المنقولة وغير
المنقولة
%13 1.337 %12 533 %15 340 %12 296 %16 168
%19 2.011 %36 1.637 %2 36 %9 220 % المشاريع المدمجة 11 118
%16 1.688 %8 371 %28 621 %21 532 % البرامج الوطنية 16 164
%12 1.259 %12 569 %7 156 %12 295 % باقي نفقات الاستثمار 23 239
%100 10.325 %100 4.603 %100 2.195 %100 2.496 % مجموع نفقات التجهيز 100 1.031
المصدر: الخزينة العامة للمملكة، 2009
ويتضح من هذا الجدول أن العمالات والأقاليم والجماعات القروية تخصص حوالي 47 % من
استثماراتها للأشغال الجديدة والإصلاحات الكبرى فيما ترصد الجهات نسبة تصل إلى 49 % من
مشاريع التجهيز للبرامج الوطنية والأشغال الجديدة والإصلاحات الكبرى.
وبالرجوع إلى بنية نفقات التجهيز حسب ميادين الأنشطة سنة 2009 ، يظهر أن النفقات المخصصة
للشؤون التقنية تمثل 40 %، تليها نفقات الإدارة العامة بحصة تصل إلى 30 %. ويعزى هذا الوضع إلى
المجهود الاستثماري الذي تبذله الجماعات المحلية قصد تأهيل التجهيزات المشتركة في ميادين الطرق،
والماء والتطهير، وبناء التجهيزات التجارية، وإعداد المساحات الخضراء.
ومع ذلك، فإن نفقات التجهيز المخصصة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية، والتي تعكس مساهمة
% الجماعات المحلية في مجهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية، لا تزال ضعيفة حيث لا تتجاوز 7,2
من نفقات التجهيز.
جدول 8.1.2 : توزيع نفقات التجهيز حسب ميادين الأنشطة سنة 2009
الاستخدامات المبلغ بملايين الدراهم النسبة المئوية
%5,0 الشؤون الاجتماعية 489
%0,7 الصحة والنظافة 70
%0,6 التعليم 59
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 53
%0,5 التعليم الابتدائي 46
%0,1 التعليم الثانوي 8
%0,1 التكوين المهني 5
%3,7 الأنشطة الرياضية والثقافية 360
%2,2 الأنشطة الرياضية 214
%1,5 الأنشطة الثقافية 146
%23,2 الدعم 2.273
%39,9 مجال الشؤون التقنية 3.915
بناء الطرقات والشبكات
وصيانتها والمحافظة عليها
%33,6 3.301
%6,3 التعمير والسكن وحماية البيئة 614
%29,8 الإدارة العامة 2.920
%2,2 الأنشطة الاقتصادية 216
%2,1 التجارة والصناعة 205
%0,1 الفلاحة 11
%100,0 المجموع 9.813
المصدر: الخزينة العامة للمملكة، 2009
2. أهم الخلاصات
1.2 مداخيل محدودة مقارنة بباقي البلدان
في سنة 2009 ، مثلت مداخيل الجماعات المحلية مع استثناء الفائض والقروض 15,8 % من مداخيل
الدولة و 4,03 % من الناتج الداخلي الإجمالي، وبلغت حصة الجماعات منها 74,1 %، والعمالات
والأقاليم 21,1 % والجهات 4,8 %. أما في إسبانيا، فقد شكلت هذه المداخيل في سنة 2005 ما يعادل
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 54
%50,9 من مجموع المداخيل العمومية و 20 % من الناتج الداخلي الإجمالي. وتعود نسبة 68 % من
هذه المداخيل للجماعات المستقلة و 23 % منها للجماعات و 9% منها للأقاليم. وفي إيطاليا، شكلت
مداخيل الجماعات المحلية في نفس السنة 33,5 % من المداخيل العمومية و 14,7 % من الناتج الداخلي
الإجمالي. وقد حصلت الجهات على حوالي 66 % من هذه المداخيل، والجماعات على 29 % منها،
وبلغ نصيب الأقاليم منها 5%. أما في فرنسا، فقد وصلت موارد الجماعات المحلية برسم سنة 2008
إلى ما يعادل 22 % من المداخيل العمومية و 10,5 % من الناتج الداخلي الإجمالي، موزعة بواقع
%55,7 للجماعات و 31,5 % للأقاليم و 12,6 % للجهات. وتبين هذه المقارنة ضعف مداخيل كافة
الجماعات المحلية بالمغرب وخاصة الجهات. ومع ذلك، ينبغي التنبيه إلى أن هذه المقارنة تبقى
محدودة بالنظر إلى التنوع الكبير للاختصاصات وأنظمة التمويل وكذا البنية التنظيمية للدولة (جهوية أو
.(Unitaire وحدوية
2.2 مساهمة ضعيفة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية
% وصلت استثمارات الجماعات المحلية في الشؤون الاقتصادية والاجتماعية سنة 2009 إلى 2,2
و 5% على التوالي من مجموع نفقات التجهيز. وقد همت هذه الاستثمارات مجالات الصحة والنظافة
%0,7 )، والتعليم ( 0,6 %)، والرياضة والثقافة ( 3,7 %)، والتجارة والصناعة وكذا الفلاحة )
.(%2,2)
ويختلف مجهود الاستثمار من مستوى ترابي لآخر. ففي سنة 2006 (المعطيات المتوفرة)، خصصت
الجماعات الحضرية والقروية، على التوالي، 22 % و 21 % من استثماراتها للشؤون الاقتصادية
والاجتماعية، فيما رصدت لها الجهات 18 % والعمالات والأقاليم 17 % من استثماراتها.
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 55
جدول 1.2.2 : بنية نفقات تجهيز الجماعات المحلية حسب المستويات سنة 32 2006
الجهات الأقاليم والعمالات الجماعات
القروية
الجماعات
الحضرية
%26 %33 %23 % الإدارة العامة 12
%16 %15 %16 % مجال الشؤون الاجتماعية 12
%48 %45 %38 % مجال الشؤون التقنية 42
%6 %6 %1 % مجال الشؤون الاقتصادية 6
%4 %1 %22 % مجال الدعم 28
%100 %100 %100 % مجموع نفقات التجهيز 100
المصدر: وزارة الداخلية، 2009
وبسبب ضعف المكون الاقتصادي والاجتماعي في نفقات تجهيز الجماعات المحلية، لا يمكن اعتبار
، هذه الأخيرة مستثمرا كما هو الحال بالنسبة للدولة. وحسب التشخيص الذي أنجزه البنك الدولي 33
يعزى هذا الأداء إلى تعقد المساطر وتعدد سلطات الوصاية 34 وضعف المبادرة الحرة. وتتمثل العوامل
التي تقف وراء هذه الوضعية في ما يلي:
• لا تتوفر الجماعات المحلية على أداة للتدبير الحديث ولا على قاعدة بيانات لتتبع تنفيذ
الميزانية والبرمجة المتعددة السنوات.
• تأخر برمجة الميزانية الخاصة بنفقات التجهيز ما دام تمويلها يتم على الخصوص من
.(n- الفائض الذي يستلزم حصر الحسابات في نهاية السنة السابقة ( 1
• تخضع نفقات التجهيز للموافقة القبلية لسلطة الوصاية، ولهذا يأخذ توفير الأموال وقتا طويلا
وتصبح مراحل إعداد وتنفيذ الميزانية معقدة. وبالإضافة إلى ذلك، تعيق الإجراءات الشكلية
32 بما أن توزيع نفقات تجهيز الجماعات المحلية حسب المستويات والقطاعات لا يمكن إنجازه سوى انطلاقا من معطيات وزارة الداخلية
. الخاصة بسنة 2006
33 « الميزانية المحلية والنوع في المغرب »، تقرير أنجز بشراكة مع صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة وصندوق الأمم المتحدة للطفولة سنة
.2005
45 المتعلق بالتنظيم المالي للجماعات المحلية حيز التطبيق، تم إلغاء وصاية وزارة المالية. – 34 منذ أن دخل القانون رقم 08
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 56
المتعلقة بالمعايير الإدارية والتقنية والمالية إعداد المشاريع كما تتطلب كفاءات لا تتوفر لدى
الكثير من الجماعات المحلية.
• ُتعارض مصالح القابض الجماعي تنفيذ نفقات التجهيز بناء على الفائض المتوقع، في غياب
ضبط دقيق للتوقعات. وإضافة إلى ذلك، لا تتوفر الجماعات المحلية على الخبرة الضرورية
لإعداد مخططات تقديرية لنفقاتها.
ومن جهة أخرى، يعزى ضعف مستوى الاستثمار أيضا إلى الاختصاصات المخولة للجماعات المحلية
والمصاغة بطريقة جد عامة لا تسمح بالتحديد الدقيق، سواء من حيث مجالات اختصاصها في ميدان
التنمية الاجتماعية والاقتصادية أو من حيث الأعمال التي ينبغي عليها إنجازها موازاة مع ما تقوم به
باقي الهيئات التابعة للدولة. وبالفعل، يلاحظ تداخل في العديد من الاختصاصات بين الجماعات المحلية
نفسها وبينها وبين الدولة أو باقي الهيئات العمومية، في غياب تحديد دقيق لنطاق تدخل كل هيئة.
وفضلا عن ذلك، يلاحظ -للأسف- عدم تعميم 35 اعتماد مخططات للتنمية الاقتصادية والاجتماعية
تحدد الأعمال الواجب إنجازها بناء على منهجية تشاركية. وينبغي أن يتضمن مخطط التنمية تشخيصا
يبرز ما تتوفر عليه الجماعة المحلية المعنية من مؤهلات اقتصادية واجتماعية وثقافية وكذا الحاجيات
ذات الأولوية التي تم تحديدها بالتشاور مع الساكنة والإدارات العمومية وباقي الفاعلين المعنيين، إضافة
إلى التقديرات الخاصة بالموارد والنفقات الضرورية لإنجازها.
3.2 إمكانيات جبائية مهمة في حاجة إلى الاستغلال
مقارنة مع بلدان أخرى حيث تمثل الجبايات المحلية أول مصدر للمداخيل، تتميز الجماعات المحلية
المغربية بضعف هذا المكون.
جدول 2.2.2 : مقارنة مساهمة الضرائب المحلية في موارد الجماعات المحلية بالمرجعية الدولية
الضرائب الذاتية كنسبة مئوية من
الموارد مع استثناء الاقتراضات
إسبانيا إيطاليا فرنسا المغرب
%13 %18 %31 % الجهات أو الجماعات المستقلة 35
%1 %34 %37 % الأقاليم 64
%19 %35 %34 % الجماعات 31
إسبانيا وإيطاليا)، تقرير مرصد المالية المحلية، 2008 (فرنسا) والخزينة العامة للمملكة، 2009 (المغرب) ) Dexia المصدر: 2005
. 35 استنتاج خلص إليه المجلس الأعلى للحسابات في تقاريره برسم سنة 2006 و 2007 و 2008
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 57
ويبقى مستوى المبالغ غير المحصلة من بين العوائق الكبرى التي تؤثر على تعبئة الضرائب المحلية
بالمغرب. وعلى العموم، عرف تحصيل الضرائب التي تخضع للتدبير لفائدة الجماعات المحلية،
والمنجز بناء على الإصدارات، تحسنا كبيرا خلال السنوات الثلاث الماضية حيث ارتفع بنسب قاربت
%75 . وبالمقابل، لا نتوفر على أية معطيات عن نسب تحصيل الضرائب التي تخضع لتدبير
الجماعات المحلية نفسها.
جدول 3.2.2 : نسب تحصيل الضرائب الخاضعة للتدبير لفائدة الجماعات ما بين سنتي 2007
و 2009
2009 2008 السنة 2007
نسبة التحصيل خلال السنة
الجارية
%76 %75 %74
المصدر: الخزينة العامة للمملكة، 2009
وبالإضافة إلى مشاكل التحصيل، يعكس ضعف الموارد المحلية أيضا عدم استغلال الإمكانيات
الجبائية. وفي هذا السياق، وفي غياب معطيات شاملة، تشكل الدراسة 36 المتعلقة بالإمكانيات الجبائية
للدار البيضاء 37 لسنة 2008 مرجعا لتقييم حجم النقص الذي ينبغي تداركه. وتبين الدراسة- التي
شملت الرسم المهني ورسم السكن والرسم على الخدمات الجماعية، باعتبارها أهم مداخيل الضرائب
المحلية 38 – وجود إمكانيات جبائية هامة. فالموارد المتأتية من رسم السكن والرسم على الخدمات
الجماعية يمكن أن تتضاعف إذا أصبحت القيم الكرائية تعكس تطورات السوق، من جهة، في حين
يوفر الرسم المهني إمكانيات لا تقل عن 50 %، من جهة أخرى. أما الموارد المتبقية، والتي قدرت
بمبلغ 400 مليون درهم، فتهم مجموع الضرائب الأخرى التي تقوم الجماعات المحلية بتسييرها.
36 تطرقت هذه الدراسة إلى استغلال الإمكانيات الجبائية المتوفرة ولم تتطرق إلى كيفية تطويرها.
.Charles Riley International Consultants 37 دراسة أنجزها مكتب
38 تعد الجماعات الحضرية المستفيد الرئيسي من هذه الضرائب لأن الجهات لا تحصل سوى على 5% من منتوج الرسم على الخدمات
الجماعية فيما لا تستفيد الجماعات القروية من رسم السكن والرسم على الخدمات الجماعية إلا إذا كانت تتوفر على مراكز محددة أو تقع في
مناطق خارجة عن محيط الجماعات الحضرية.
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 58
وفي ما يخص رسم السكن والرسم على الخدمات الجماعية، على سبيل المثال، يعزى النقص 39
المسجل إلى:
• القيام بالإحصاء بناء على رخص سكن لم يتم تحويلها، وتعديلات لم يتم الإبلاغ عنها،
وتغييرات في الم ّ لاك لم تؤخذ بعين الاعتبار وكذا إلى كون 30 % من العناوين خاطئة أو
غير دقيقة أو غير مكتملة؛
• ندرة التقييمات وكونها مستهدفة أكثر من اللازم بالنظر إلى قلة الموارد البشرية المتوفرة؛
• ندرة اللجوء إلى التحصيل الجبري.
ومن أجل إبراز الأثر الذي يمكن أن يخلفه استغلال الإمكانيات الجبائية للجماعات المحلية على مجموع
التي قامت بها مصالح الخزينة العامة (Simulation) مداخيلها الذاتية، نقدم كمثال عمليات المحاكاة
للمملكة لتقييم تطور الموارد الذاتية للجماعات المحلية خلال السنوات الخمس القادمة.
ففي المقاربة الأولى، تم اعتماد فرضية مفادها أن نسبة التطور تساوي نسبة النمو السنوية المتوسطة
للسنوات الثلاث الأخيرة مع صرف النظر عن الإمكانيات الجبائية الموجودة. وبناء على المستوى
الحالي للموارد الذاتية للجماعات المحلية والبالغ 9,45 مليار درهم سنة 2009 ، ستصل هذه الموارد
في سنة 2014 إلى 14,55 مليار درهم، وهو ما يمثل ارتفاعا بنسبة 54 % في ظرف خمس سنوات.
ولندرس الآن الفرضية التي تكون فيها الدار البيضاء هي الجهة الوحيدة التي تستغل إمكانياتها
(إمكانيات تعادل 100 % بالنسبة لرسم السكن والرسم على الخدمات الجماعية، و 50 % بالنسبة للرسم
المهني، و 50 % بالنسبة لباقي الموارد الذاتية). ففي هذه الحالة، سيتم تحقيق مكسب إجمالي (خلال
السنوات الخمس القادمة) قدره 8,51 مليار، أي 90 % من الموارد الذاتية للجماعات المحلية سنة
.( 2009 (رسم بياني 1.2.2
39 استنتاج خُلص إليه نفس المكتب.
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 59
والتي لا -Charles Riley وفي المقاربة الثانية، إذا قمنا بتعميم نتائج الدراسة التي قام بها مكتب
تغطي سوى الجماعة الحضرية للدار البيضاء- على الجماعات الحضرية الثلاث عشرة الكبرى
بالمغرب 40 ، سنجد أن المكسب الإجمالي سيناهز 21 مليار درهم خلال خمس سنوات، أي 2,22
.(. مرات الموارد الذاتية لسنة 2009 (رسم بياني 2.2.2
وكمقاربة أخيرة، سنقوم بتعميم الفرضيات المعتمدة في الدراسة على كافة الجماعات الحضرية، لنصل
إلى مكسب إجمالي يتجاوز 37 مليار درهم، أي 4 أضعاف الموارد الذاتية للجماعات المحلية سنة
.( 2009 (رسم بياني 3.2.2
40 أكادير والجديدة وفاس والقنيطرة ومراكش ومكناس ووجدة والرباط وآسفي وسلا وطنجة وتمارة وتطوان. ويعود اختيار هذه الجماعات إلى
كونها تمثل حوالي ثلثي ميزانية الجماعات المحلية كلها.
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 60
Charles Riley ومع ذلك يجب التأكيد، من جهة، على أن الفرضيات التي اعتمدتها دراسة مكتب
تحتاج إلى تحيينها والتأكد منها، ومن جهة أخرى، على أن تعميمها على الجماعات الحضرية يجب أن
يأخذ بعين الاعتبار خصوصيات وواقع هذه الأخيرة. ولهذا، سنعتبر الأرقام التي توصلنا إليها نسبية
خاصً ة وأنها لن تتحقق إلا بشكل تدريجي في جميع الأحوال.
ومن جانب آخر، فإن التخفيف من الاختلالات المرتبطة بالسمات الرئيسية للضرائب المحلية- مثل
ضيق المادة الخاضعة للضريبة، والطابع النوعي والقطاعي، وقلة الخاضعين للضريبة والعدد الهام
نسبيا من الإعفاءات- من شأنه المساهمة في تحسين موارد الجماعات المحلية. فعلى سبيل المثال،
فالضريبة على الأراضي الحضرية غير المبنية لا تطبق إلا على الأراضي الواقعة داخل محيط
الجماعات الحضرية والمراكز المحددة، مما يعزز الطابع الحضري الصرف للجبايات المحلية. ويبرز
الطابع القطاعي للجبايات المحلية من خلال وعائها الذي يعتمد بالأساس على أنشطة الاستخراج
والاستغلال (الرسم المفروض على استخراج مواد المقالع، والرسم المفروض على استغلال المعادن،
والرسم المفروض على المنتوج الغابوي) وأنشطة النقل (الرسم على النقل العمومي للمسافرين والرسم
على الخدمات المقدمة بالموانئ). ومن شأن توسعة هذا الوعاء ليشمل قطاعات أخرى المساهمة في
تحسين مداخيل الجماعات المحلية.
وعلاوة على ذلك، توجد ضرائب أخرى أحدثت بموجب النصوص المنظمة للجماعات المحلية، مثل
الرسم الإضافي إلى الرسم السنوي الخاص على السيارات (الطابع) الذي تنص عليه المادة 66 من
47 المتعلق بتنظيم الجهات. وإلى حدود اليوم، لم تستفد الجهة من منتوج هذه – القانون رقم 96
الضريبة.
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 61
4.2
إشكالية فائض الميزانية
تشير الوضعية المالية للجماعات المحلية إلى أن فائض التسيير والتجهيز 41 بلغ 19,21 مليار درهم
سنة 2009 ، أي ما يعادل 10 % من ميزانية الدولة و 2,6 % من الثروة الوطنية. وعلى سبيل المقارنة،
تسجل الجماعات المحلية للعديد من البلدان الأوربية إجمالا عجزا في بنيتها المالية. وهكذا، بلغت نسبة
العجز في ميزانية الجماعات المحلية 0,4 % من الناتج الداخلي الإجمالي في إسبانيا و 0,8 % منه في
. إيطاليا سنة 2005
وفي سنة 2009 وأخذا بعين الاعتبار مستويات الجماعات المحلية، سجلت الجهات، والعمالات
% والأقاليم، والجماعات القروية والجماعات الحضرية فائضا بلغ على التوالي 64 % و 46 % و 50
و 37 % مقارنة بمجموع مواردها.
وهذا الفائض لا يعكس في حقيقة الأمر وضعا ماليا مريحا، بل تقابله في الواقع عمليا ُ ت ترحيل من سنة
إلى أخرى لاعتمادات الاستثمار الملتزَم بها والمتعلقة بمشاريع توجد في طور الإنجاز أو التسوية،
وأموال قيد البرمجة المالية قصد إدراجها ضمن الميزانية الموجودة في طور الإنجاز بموجب قرار
ميزاني تعديلي (ترخيص خاص). وبالإضافة إلى ذلك، فإن متأخرات الأداء والأحكام الموجودة قيد
التنفيذ تساهم أيضا في تراكم الفائض في ميزانيات الجماعات المحلية.
ومن أجل تفادي ترحيل الاعتمادات من سنة إلى أخرى، سّنت الدولة منذ سنة 2006 مقتضيات على
مستوى قانون المالية 42 تفرض إلغاء اعتمادات الاستثمار المرحلة ابتداء من سنة 2000 فما قبل
باستثناء النفقات التي تشكل موضوع مساطر نزاع أو اعتراض. ومنذ سنة 2006 ، تم اعتماد نفس
. المقتضى سنويا في قانون المالية من أجل تصفية الاعتمادات المرحلة من السنوات ما بعد 432000
وتفرض إشكالية الفائض التفكير الجاد في مساطر الميزانية وآجال تنفيذ المشاريع؛ حيث يمثل تعزيز
الخبرة المالية ومستوى التأطير شروطا مسبقة لضمان التدبير الأمثل للمالية المحلية.
41 مع استثناء الميزانيات الملحقة والحسابات الخصوصية.
35 الخاص بالسنة المالية . 2006 – 42 المادة 43 من القانون رقم 05
43 يجب الإشارة إلى أن مشروع قانون المالية لسنة 2011 ذهب أبعد من ذلك حيث نص على إلغاء اعتمادات الاستثمار والتعهدات المتعلقة بها
والخاصة بصفقات تم إنهاؤها.
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 62
5.2 نظام تحويلات بأثر موا ِ ز ٍ ن محدود
يتمثل الرهان الأساسي للموازنة في تقديم المساعدة للأقاليم التي تعاني من صعوبات لا سيما في مجال
الاستفادة من الخدمات العمومية الأساسية. ورغم عدم وجود فوارق كبيرة في درجة ازدهار الأقاليم
التابعة لنفس المجال وطني، جرت العادة على اللجوء إلى الموازنة من أجل سد الثغرات النسبية بين
الحاجيات والموارد الضرورية لمواجهة الانتظارات الاجتماعية والاقتصادية للسكان في نفس الظروف.
2000 صندوق الموازنة والتنمية الجهوية تطبيقا – وفي المغرب، أحدث قانون المالية لسنة 1999
47 المتعلق بتنظيم الجهات. وتخصص مداخيل الصندوق- المتأتية من – لأحكام القانون رقم 06
مخصصات ميزانية الدولة ومساهمات الجهات التي تتوفر على موارد هامة- للجهات التي تعاني نقصا
في مواردها قصد تمويل مشاريعها التنموية. ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أنه لم يتم تفعيل هذا
الصندوق منذ إحداثه، مما جعله يُسَجَّل في ذاكرة قوانين المالية منذ ذلك التاريخ.
إذا كانت الموازنة لا تدخل صراحة ضمن معايير توزيع منتوج الضرائب الوطنية المحولة إلى
الجماعات المحلية، إلا أن تحليلا أعمق للوضع يفرض نوعا من الحذر والنسبية على هذه الخلاصة.
ويتضح من المقارنة الأولى بين توزيع الموارد المحولة إلى الجماعات المحلية حسب الجهات 44
وتوزيع الناتج الداخلي الإجمالي لكل نسمة 45 وجود شبه ترابط سلبي (رسم بياني 4.2.2 ). وهكذا،
وبالنسبة لبعض الجهات التي تتوفر على ناتج داخلي إجمالي مرتفع لكل فرد، تعد الموارد المحولة
ضعيفة. فجهتا الدار البيضاء الكبرى والرباط-سلا-زمور-زعير، على سبيل المثال، التي تعبئ
35.300 درهم و 33.439 درهم على التوالي لكل فرد أي 1,77 و 461,67 أضعاف المتوسط
الوطني، لم تحصل كتحويل للفرد برسم سنة 2009 سوى على 364 درهم و 414 درهم على التوالي،
وهو ما يعادل 72 % و 82 % من المتوسط الوطني للموارد المحولة لكل فرد. وفي المقابل، فإن الموارد
المحولة لكل فرد بجهات الجنوب (العيون-بوجدور-الساقية الحمراء، وكلميم-السمارة، ووادي الذهب-
الكويرة) – التي تنتج 24.000 درهم للفرد ( 120 % من المتوسط الوطني)- وصلت إلى 1.418
درهم، أي 2,82 أضعاف المتوسط الوطني. وأخيرا، فجهة تازة-الحسيمة-تاونات، التي تعد من بين
أفقر الجهات من حيث الإمكانيات بناتج داخلي إجمالي للفرد يعادل نصف المتوسط الوطني، تستفيد
44 تم القيام بالعمل التحليلي بالنسبة لكافة الجهات المغربية باستثناء جهات الجنوب التي تعتبر الملاحظات الخاصة بها استثنائية.
45 اعُتمدت المعطيات الخاصة بالسكان حسب الجهات في ما يخص سنة 2007 ، وهي آخر سنة تتوفر معطيات بشأنها.
46 تمثل هذه الأرقام، التي نشرتها المندوبية السامية للتخطيط، آخر التطورات من حيث الناتج الداخلي الإجمالي لكل جهة.
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 63
بشكل منطقي من تحويلات للفرد تصل إلى 407 درهم، أي حوالي 81 % من معدل التحويلات
المنجزة لكل فرد.
ومن جهة أخرى، يؤكد تحليل توزيع الموارد المحولة برسم التنمية البشرية ولو جزئيا 47 وجود علاقة
ترابط سلبي (رسم بياني 5.2.2 ). ويظهر بوضوح أن جهتي الرباط-سلا-زمور-زعير والدار
البيضاء الكبرى، اللتين تحتلان المرتبة الأولى من حيث التنمية البشرية (حيث يتجاوز مؤشر التنمية
بهما المتوسط الوطني بواقع 18 % و 14 %)، تضمّان جماعات محلية تعد الموارد المحولة إليها من بين
الأدنى بالمغرب ( 72 % و 82 % من المتوسط الوطني). وتستفيد جهة تادلة-أزيلال، التي توجد على
هامش التنمية (إذ يقل مؤشر التنمية البشرية بها عن 90 % من المتوسط الوطني)، من مبالغ محولة
تمثل 1,11 مرة معدل الموارد المحولة.
47 لأن التحليل همّ كافة جهات المغرب باستثناء جهات الجنوب.
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 64
وبالإضافة إلى ذلك، تم ّ كن دراسة توزيع الموارد مع استثناء التحويلات الضريبية للدولة وبحسابها من
التوصل إلى استنتاجين هامين، هما:
• يبين توزيع الموارد الضريبية للفرد دون حساب تحويلات الجماعات المحلية وجود نوع من
48 الذي بلغ 11 % سنة 2009 . وعلى سبيل (Gini) التباين، ويتعلق الأمر بمؤشر جيني
المقارنة، يبلغ هذا المؤشر 5% في أستراليا، و 14 % في إسبانيا و 10 % في كندا و 21 % في
إيطاليا.
• يشير توزيع الموارد الضريبية لكل فرد مع حساب التحويلات الضريبية للدولة إلى وجود
نوع من الموازنة من خلال إعادة توزيع الضرائب. وتؤدي هذه الآلية، ذات الأثر الأفقي،
إلى تقليص الفوارق في الميزانية بواقع 7 نقط مئوية، أي ما يعادل مؤشر جيني في حدود
%4 تقريبا سنة 2009 . ويبلغ معامل جيني بعد الموازنة 0% في أستراليا، و 4% في إسبانيا
.( و 7% في كندا و 10 % في إيطاليا (رسم بياني 6.2.2
% 48 يم ّ كن مؤشر جيني من قياس درجة التفاوت في توزيع الموارد في مجتمع ما. ويتراوح هذا المؤشر بين 0% و 100 %، حيث تعني نسبة 0
مساواة تامة (مداخيل متساوية بين الجميع) وتعني نسبة 100 % تفاوتا تاما (يستحوذ شخص واحد على مجموع المداخيل فيما لا يتوفر
الآخرون على أي شيء).
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 65
6.2 لجوء محدود إلى الاقتراض
كان إحداث صندوق تجهيز الجماعات المحلية سنة 1959 ضرورة فرضتها الحاجة إلى مواكبة
الجماعات المحلية.
وتتمثل الشروط الحالية للاستفادة من قروض صندوق تجهيز الجماعات المحلية في:
؛% • أن تكون نسبة المديونية (خدمة الدين مقارنة بالموارد العادية) أدنى من 40
• التوفر على ادخار كافٍ لتغطية مجموع الدين بأصله وفوائده؛
• المشاركة في تمويل المشروع المعني بنسبة 20 % من التكلفة. ويجوز أن تأخذ هذه المساهمة
شكل أموال ذاتية (موجودات سترصد للمشروع) أو مساهمة عينية (أرا ٍ ض تخصص
للمشروع) أو هبة أو دعم من الهيئات العمومية أو الخاصة، الوطنية أو الدولية؛
• التوفر على القدرة على تحقيق المشاريع التي يجب أن تستجيب لطلب فعلي ولمبدأ الأولوية،
وأن تكون ذات جدوى من الناحية الاقتصادية والاجتماعية وتستجيب لمعايير التكلفة الدنيا
وقابلية الاستمرارية المادية.
وفي بعض البلدان مثل إيطاليا وإسبانيا، يخضع لجوء الجماعات المحلية إلى الاقتراض إلى بعض
القواعد الاحترازية أيضا.
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 66
وهناك عدة أسباب قد تفسر اللجوء المحدود إلى الاقتراض كمصدر لتمويل التنمية الاقتصادية
والاجتماعية بالمغرب، منها على سبيل المثال لا الحصر، ضعف الوسائل البشرية والتقنية والمالية
الضرورية لإعداد وتنفيذ وتتبع مشاريع الاستثمار، والمساطر المتعلقة بالميزانية، وارتفاع تكلفة
القروض مقارنة بسوق الدين العمومي.
وتجدر الإشارة إلى أن تسديد الدين يعد من بين النفقات الإجبارية الواجب تقييدها في ميزانية
الجماعات المحلية. وهكذا، فالديون المعلقة الأداء الخاصة بصندوق تجهيز الجماعات المحلية تنشأ على
الخصوص من متأخرات الأداء ويتم عادة تحصيلها في السنة المالية الموالية. وفي هذا الصدد، يجب
التذكير بأنه، في إطار تحصيل الديون المتعثرة، لا يلجأ صندوق تجهيز الجماعات المحلية إلى
المتابعات القضائية ما دامت الاستحقاقات غير المؤداة عبارة عن متأخرات في التسوية، بل يتم
التفاوض بشأنها مع سلطة الوصاية من أجل تقييدها بشكل منهجي في ميزانية الجماعة المحلية المعنية.
ومن جهة أخرى، نادرا ما تلجأ الجماعات المحلية إلى الهيئات الخاصة لتمويل استثماراتها. وبالنظر
لأهمية الموارد اللازم تعبئتها، ارتباطا بالحاجيات المتزايدة من حيث التجهيز والبنيات التحتية
الأساسية، لا شك أنه سيكون من المفيد استغلال هذا المصدر التمويلي وكذا اللجوء إلى سوق السندات.
7.2 صعوبات في تدبير الممتلكات
يعكس ضعف مداخيل الأملاك الجماعية على الأرجح ظروف تدبير ممتلكات الجماعات المحلية التي لا
تسمح بتحسين مساهمتها في تمويل التنمية المحلية، وذلك لعدة أسباب.
أولا، يعود الإطار القانوني المنظم لهذه الممتلكات إلى عهد الحماية ويتميز بتنوع الأنظمة، مما يعّقد أي
محاولة للتدبير الأمثل. فالتدبير الجيد للأملاك الجماعية يعتمد كثيرا على وضوح وسهولة قراءة وفهم
الوثائق المنظمة لها.
ولهذا، فإن مواكبة الجماعات المحلية من خلال تعديل النصوص المنظمة لممتلكاتها ستمكنها من
مواجهة التحديات المطروحة في مجال تعبئة الوعاء العقاري الضروري لمشاريع التنمية الاقتصادية
والاجتماعية للجهة.
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 67
وعلاوة على ذلك، تواجه الجماعات المحلية صعوبات في التحكم في ممتلكاتها بسبب غياب إحصاء
شامل لمجموع هذه الأملاك يم ّ كن من تحديد مكوناتها وضمان تقييدها في سجل الأملاك العقارية. ولا
يتم مسك هذا السجل- بوصفه أداة لتدبير الممتلكات العقارية- بشكل منهجي كما لا يتم تحيينه بصورة
منتظمة. لذلك، غالبا ما تنقصه بعض المعلومات، مثل القيمة عند القيد، والموقع الجغرافي، والمراجع
الخاصة بالعقد 49 ، مما يصعّب عملية مسك محاسبةٍ خاصة بالممتلكات، رغم أن ذلك صار إلزاميا
بمقتضى المرسوم الصادر في 18 فبراير 2010 والمتعلق بالحسابات العمومية للجماعات المحلية.
ومن جهة أخرى، تخضع العمليات المتعلقة بشراء واستغلال وبيع الأملاك الجماعية لسلسلة من
المساطر المعقدة والتي غالبا ما تتسم بارتفاع تكلفتها سواء من حيث الوقت أو الموارد (المساطر
المتعلقة بنزع الملكية، مثلا).
8.2 مساطر ميزانية معقدة
1.8.2 من حيث الموارد
أ – مسطرة تقدير الميزانية
تحدَّد قواعد تقدير الميزانية وفقا للتوجيهات العامة التي تقررها سلطة الوصاية (وزارة الداخلية) في
إطار مذكرة دورية 50 توجه سنويا إلى مختلف الآمرين بصرف ميزانيات الجماعات المحلية.
وتختلف التقديرات حسب نوع الموارد. ففي ما يخص الموارد ذات المصدر الضريبي، أصبحت
. الطريقة المسماة » 33 » هي التي تستعمل للتقدير، وذلك منذ الدورية الصادرة في 13 أبريل 2000
وتنص هذه الطريقة على أن مبلغ أي عائد ضريبي ينبغي تقييده في الميزانية يساوي حاصل قسمة
مجموع المداخيل المحققة خلال السنتين قبل الأخيرة والعائدات المحصلة خلال الأشهر التسعة الأولى
. من السنة المالية الجارية على العدد 33
وفي ما يخص مداخيل التجهيز التي تشكل حالة خاصة، تجدر الإشارة إلى أن الفائض المتوقع الخاص
بالجزء الأول من الميزانية هو الوحيد الذي يقيَّد ضمن مداخيل التجهيز، بحيث إن الفوائض الاخرى لا
وسينتج عنها خلال سنة تنفيذ (n- يمكن تحديدها إلا بعد تسوية الميزانية الخاصة بالسنة السابقة ( 1
فتح اعتمادات عن طريق تراخيص خاصة. n الميزانية الخاصة بالسنة
49 حسب تقرير المجلس الأعلى للحسابات المشار إليه أعلاه.
50 يوجه وزير الداخلية في شهر شتنبر تقريبا من كل سنة دورية خاصة بالإجراءات الواجب اتخاذها لإعداد ميزانيات الجماعات المحلية.
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 68
ويبين تحليل نسبة الإنجازات والتوقعات (نسبة إنجاز تقديرات الميزانية) خلال السنوات الثلاث الأخيرة
أنه سيكون من المفيد تحسين قواعد تقدير مداخيل الجماعات المحلية من أجل تجنب الفوارق التي
لوحظت على مستوى الإنجازات.
، » وهكذا، لا تسمح التقديرات الخاصة بالعائدات الضريبية، والتي تعتمد على المنهجية المسماة » 33
بإدراج التعديلات الخاصة بقواعد الوعاء المتعلقة بالسنة الجارية وقواعد التحصيل وكذا تطور الظرفية
الاقتصادية.
جدول 4.2.2 : نسبة تحقيق الضرائب المحلية بين سنتي 2007 و 2009
2009 2008 السنة 2007
نسبة تحقيق تقديرات
الميزانية
%113 %122 %114
المصدر: الخزينة العامة للمملكة، 2009
ب – مساطر تحقيق الموارد
يتم تحصيل مداخيل الجماعات المحلية إما عن طريق الشساعة أو عن طريق المحاسبين العموميين
التابعين لوزارة المالية 51 ، وذلك بناء على الأوامر بالمداخيل الصادرة وفقا للقانون عن الآمرين
بالصرف. وفي هذا الصدد، ينبغي التمييز بين الأوامر بالمداخيل التي يصدرها الآمرون بالصرف
للجماعات المحلية والأوامر بالمداخيل التي تصدر عن مصالح المديرية العامة للضرائب في ما يخص
الضرائب الخاضعة للتدبير لفائدة الجماعات المحلية.
51 هناك فئتان من المحاسبين العموميين الذين يشاركون في تحصيل الأوامر بالمداخيل:
– يخول التكفل بالضرائب التالية وتحصيلها: الرسم المهني ورسم السكن والرسم على الخدمات الجماعية التي تصدرها عن طريق أمر
بالمداخيل المديرية العامة للضرائب من أجل دفعها للقابضين الجماعيين المكلفين بتدبير ميزانيات الجماعات المحلية؛
– للقابضين الجماعيين صلاحيات تحصيل الأوامر بالمداخيل التي تهم الديون الأخرى التي يصدرها الآمرون بالصرف في الجماعات المحلية
على إثر الصعوبات التي يواجهها الوكلاء الماليون في التحصيل بطرق ودية.
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 69
ويتولى وكيل المداخيل، بصفته موظفا تابعا للجماعة المحلية، تحصيل الواجبات نقدا 52 وكذا عائدات
الضرائب المصرح بها. وتدفع المداخيل التي يحصّلها وكيل المداخيل إلى القابض الجماعي وهو
المحاسب العمومي التابع لمصالح وزارة المالية، والمكلف بمراقبة محاسبة ذلك الوكيل.
ومع ذلك، تنحصر مسؤولية وكلاء المداخيل في التحصيل التلقائي للمداخيل، إذ أنهم غير مخولين
للجوء إلى وسائل التحصيل الجبري من أجل إلزام المدينين بأداء الدين. ولهذا، تقع مسؤولية التحصيل
على عاتق القابض الجماعي الذي يعد الطرف الوحيد المرخص له باللجوء إلى مساطر التنفيذ الجبرية
بناء على سند تنفيذي (أمر بالمداخيل)، وذلك طبقا لمقتضيات مدونة تحصيل الديون العمومية.
وقبل التكفل بالأوامر بالمداخيل، يقوم القابض الجماعي بإجراء عمليات مراقبة لقانونية الدين. وتتمثل
هذه العملية في التحقق من قواعد التصفية، والعناصر المحددة للمدين، والقيد بالميزانية، ووثائق الإثبات
والوثائق المتعلقة بمدى احترام قواعد التقادم. ويجوز له أن يطلب من وكيل المداخيل أيضا تقديم ما
يثبت الإجراءات التي تم القيام بها من أجل تحصيل الدين بشكل ودي.
ومبدئيا، لا يقوم الآمرون بالصرف بإصدار الأوامر بالمداخيل إلا في حالة رفض دافعي الضرائب أداء
المستحقات التي قيدها وكلاء المداخيل بذمتهم. ورغم ذلك وبفعل قلة الإمكانيات الموضوعة رهن
إشارة وكلاء المداخيل، عادة ما تكون ديون الجماعات المحلية في الواقع موضوع أوامر بالمداخيل
تصدر في بعض الأحيان بشكل متأخر، مما يؤثر على استيفائها.
وأخيرا، تجدر الإشارة إلى أن وكلاء المداخيل يجمعون بين وظيفتين متعارضتين من الناحية
الضريبية: تدبير الوعاء وتحصيل الضرائب، مما يؤدي إلى ضعف مستوى المداخيل التي يقومون
. بتحقيقها 53
2.8.2 من حيث تنفيذ النفقات
تتسم مسطرة تنفيذ نفقات الجماعات المحلية بتعقدها بسبب عدد العمليات التي يتطلب إنجازها تدخلَ
الآمر بالصرف والمحاسب العمومي كل بدوره. ويملك الآمر بالصرف صلاحيات الالتزام بالنفقات
وتصفيتها وتحرير أوامر بأدائها. ويزاول المحاسب نوعين من المراقبة: مراقبة قانونية الالتزام (عند
الالتزام بالإنفاق) ومراقبة صحة الدين (عند الأداء).
52 الرسوم التي تحصّل مباشرة لدى دافعي الضرائب مثل واجبات الحالة المدنية والأتاوى الأخرى المحصلة في أماكن البيع.
53 الدراسة التي قام بها البنك الدولي في مارس 2004 حول تمويل الجماعات المحلية المغربية وإصلاح الضرائب المحلية.
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 70
وتجدر الإشارة إلى أن مساطر التنفيذ لا تستخدم بالنسبة لكافة النفقات، إذ تطبق مساطر خاصة حسب
نوعية الإنفاق (موظفون، أو سلع وخدمات،إلخ) وطريقة التنفيذ (طلب عروض أو أذينة طلبية أو عقود،
إلخ).
وغالبا ما يؤدي تعقد مسطرة تنفيذ النفقات إلى تأخيرات في الالتزام والأداء، مما يساهم في تراكم
المتأخرات وترحيل الاعتمادات. وهكذا، ورغم أهمية المراقبة في عملية الإنفاق العمومي، إلا أن
المنتخبين والشركاء غالبا ما ينظرون إليها نظرة سلبية إذ يعتبرون أنها تتسم بالمبالغة في الدقة وبالتعقد
والبطء وانعدام الفعالية أحيانا.
9.2 بنية غير مناسبة من حيث الموارد البشرية
في سنة 2009 ، مثلت تكاليف الأجور 50 % من نفقات تسيير الجماعات المحلية. وهذه النسبة لا تعني
أن بنية الموارد البشرية تستجيب لحاجيات الجماعات المحلية. فقد بلغت حصة الأطر العليا 11 % من
المجموع سنة 2008 ، وهو ما يعادل نسبة تأطير 54 تبلغ 0,54 مستخدم لكل ألف نسمة فيما تصل
حصة اليد العاملة إلى 47 % من مجموع الموظفين المحليين.
ومن جهة أخرى، يبرز توزيع الموظفين حسب المستويات الترابية أن حصة الأطر المتوسطة والعليا
في الجهات تتجاوز 70 % من موظفيها، إلا أن هذه الأخيرة لا توظف سوى 1% من مجموع هذه
الأطر، وهي نسبة ضعيفة نسبيا بالنظر إلى اختصاصاتها في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وتستقطب الجماعات الحضرية 47 % من الأطر العليا و 56 % من الأطر المتوسطة، فيما لا تمثل
.( هاتان الفئتان معا سوى 28 % من موظفيها (رسم بياني 7.2.2
ويبرز توزيع الموارد البشرية حسب الجهات وجود تفاوتات كبرى. ففيما استطاعت جهتا الدار البيضاء
الكبرى وكلميم-السمارة رفع نسبة المستخدمين إلى السكان إلى 8 مستخدمين لكل ألف نسمة (وهو
مستوى يتجاوز بكثير المتوسط الوطني الذي يبلغ 4,8 مستخدم لكل ألف نسمة)، فإن جهات مراكش-
تانسيفت-الحوز وسوس-ماسة-درعة تجد صعوبة في تجاوز عتبة 4 مستخدمين لكل ألف نسمة.
54 نسبة عدد الأطر العليا للجماعات المحلية إلى عدد السكان.
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 71
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 72
الفصل الثالث: دور الدولة في التنمية الجهوية
تظل الدولة الفاعل الرئيسي في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية للجهات. وما فتئ دورها يتزايد
ارتباطا بالدينامية الحالية التي تعرفها الاستثمارات العمومية. فبالنسبة لسنة 2009 ، بلغت استثمارات
الدولة، بما في ذلك المقاولات والمؤسسات العمومية، ما يناهز 130 مليار درهم، أي ما يفوق 12
ضعفا قيمة استثمارات الجماعات المحلية بمختلف مستوياتها.
وعلى الرغم من الدور المحوري الذي تلعبه الدولة في التنمية الجهوية، فقد أصبحت تلجأ بشكل متزايد
إلى المؤسسات العمومية التي تقوم بإنجاز جزء كبير من الاستثمارات العمومية وتشارك في تحقيق
أهداف السياسات العمومية. كما أصبحت الدولة تتبنى أيضا مقاربة أكثر تشاركية من خلال برامج
وطنية تساهم فيها كل من الجماعات المحلية والمؤسسات العمومية.
وعلاوة على ذلك، تمثل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية مقاربة مبتكرة للحكامة وتدبير الشأن العام
منبثقة عن خيارات مجتمعية كبرى، وتشكل بذلك قطيعة مع السياسات السابقة من خلال جعل المواطن
في صلب اهتمامات الدولة. وتطمح المبادرة إلى تصحيح الاختلالات من خلال إضفاء بعد ترابي على
تدخلات الدولة عبر استهداف الجماعات القروية والأحياء المهمشة وتوظيف الآليات التعاقدية في
المشاريع التي تقوم بها الجماعات المحلية والدولة.
يتطرق هذا الفصل لحصيلة عمل الدولة في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية على المستوى
الجهوي. ويقدم القسم الأول نظرة عامة حول السياسات العمومية المتبعة في مجال التنمية الجهوية. أما
القسم الثاني، فيتطرق إلى تقييم حجم الاستثمارات العمومية التي تقوم بها المقاولات والمؤسسات
العمومية، ووكالات التنمية الجهوية أو في إطار برامج وطنية خاصة. ويخصص القسم الثالث لإلقاء
الضوء على المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
1.
السياسات العمومية للتنمية الجهوية
تستند السياسات العمومية المتبعة في مجال التنمية الجهوية، في جزء كبير منها، إلى مقاربة قطاعية
تتضمن برمجة التجهيزات والخدمات على شكل اختيار للمواقع (المخطط الأزرق، ومخطط إقلاع،
إلخ) أو مخططات لتعميم الخدمات العمومية (الخريطة الصحية والمخطط الهيكلي للطرق السيارة).
وبالنظر لحجم المبالغ الملتزم بها ضمن هذه السياسات القطاعية، يبدو أن هذه المقاربة هي الأكثر
فاعلية في الوقت الراهن.
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 73
1.1 الاستثمار العمومي الجهوي
تسجل استثمارات الميزانية العامة للدولة، منذ سنة 2006 ، توسعا كبيرا بلغ 23 % (رسم بياني
1.1.3 ). إلا أن هذه الاستثمارات لا تغطي كافة التراب الوطني إذا ما نظرنا إلى تطور الاستثمارات
اللاممركزة.
إن السعي وراء تحقيق الفاعلية والسرعة في إنجاز البرامج التنموية يفسر اللجوء إلى جعل اعتمادات
الميزانية والاستثمارات المطابقة لها غير متمركزة، وهو ما من شأنه تقريب أصحاب القرار من
المستفيدين وتسهيل عملية ترشيد وفعالية النفقات. إلا أن 16 % فقط من استثمارات الميزانية العامة
للدولة هي التي تمت لامركزتها في سنة 2009 ، وهو رقم في انخفاض حيث كان يقارب 24 % في
سنة 2005 . علاوة على ذلك، لا يبدو أن عملية اللاتمركز تؤتي الثمار المرجوة منها حاليا حيث إن
نسبة استهلاك اعتمادات الاستثمار اللاممركزة ضعيفة مقارنة بنظيرتها لدى المصالح الوزارية، أي
%42 مقابل 73 %. وتبدو التفاوتات بين الجهات واضحة في هذا المجال (رسم بياني 2.1.3 ) وقد
تعزى في جانب كبير منها إلى التباينات من حيث القدرات التدبيرية والموارد البشرية.
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 74
ولا تمثل الاستثمارات اللاممركزة سوى جزء من الاستثمارات المخصصة للجهات. إلا أن التبويب
الجهوي لنفقات الدولة لم يصدر إلا مع قانون المالية لسنة 2009 (رسم بياني 3.1.3 ) حيث سيكون
من السابق لأوانه صياغة استنتاجات بناء على ملاحظة تخص سنة واحدة فقط.
إن التباينات بين الجهات في ما يتعلق بالاستثمارات لا تجد تفسيرها انطلاقا من أرقام مطلقة، بل على
ضوء احتياجات هذه الجهات. وبالنظر لكون هذه الاحتياجات تتزايد بصورة تتناسب مع النمو العمراني
والضغط الديموغرافي للجهات، فسيكون من الأنسب استخدام مؤشر لنفقات الاستثمار حسب الفرد
.( (رسم بياني 4.1.3
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 75
ومن خلال دراسة التفاوتات الجهوية في مجال الاستثمار، تبرز الاستنتاجات التالية:
• تستفيد ثماني جهات من حجم استثمارات يفوق المتوسط الوطني. ويتحسن ترتيب الجهات
ذات الوزن الديموغرافي الضعيف عندما يؤخذ هذا البعد بعين الاعتبار، وخاصة جهات
الجنوب؛
• بالمقابل، فإن الجهات التي تستفيد من استثمارات تفوق المتوسط الوطني لا تتركز في منطقة
واحدة؛
• إن الجهات التي تقع ضمن نطاق وكالات التنمية الجهوية الثلاث تستفيد من الاستثمارات
بشكل يفوق المتوسط الوطني، مما يظهر أهمية تنسيق الجهود؛
• يعكس ترتيب جهة الرباط الجهود المبذولة خلال السنوات الأخيرة للنهوض بهذه الجهة.
2.1 المقاربة القطاعية
إن الهدف من السياسات القطاعية المطبقة لا يتمثل في النهوض بقطاع معين بحد ذاته، بل تمتد إلى
مجالات تدخل الدولة. وهي بالتالي تشمل السياسات الصناعية أو الفلاحية أو السياحية… إلى جانب
السياسات الرامية إلى تشجيع التشغيل أو التضامن الوطني. ورغم كونها لا تستند في بلورتها إلى
منطق ترابي، إلا أنه سيتعذر تنفيذها دون الارتكاز إلى منطقة ترابية يكبر أو يصغر حجمها حسب
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 76
طبيعة السياسة المعنية. على سبيل المثال، فإن السياسة الفلاحية تغطي، بالنظر إلى طبيعتها، مجالات
ترابية أوسع من السياسات القطاعية الأخرى.
ويمر تأثير السياسات القطاعية على التنمية الجهوية عبر الامتداد الترابي للخدمات العمومية والبنيات
التحتية الاجتماعية والاقتصادية. ويأتي هذا الامتداد نتيجة للتحكيم ما بين مبدأي الإنصاف والفعالية.
ويفترض المبدأ الأول المساواة في الاستفادة من الخدمات العمومية ويقتضي القيام بالتدخل لتحديد
موقعها من أجل تقليص المسافة التي تفصلها عن المستفيدين. إلا أن تطبيق هذا الأمر على أرض
الواقع يصطدم بمبدأ الفعالية، حيث أن التشتت المجالي للبنيات التحتية ليس دائما بالخيار الأفضل،
خاصة بالنسبة للبنيات التحتية التي يتسم إنتاجها بتوفير مبالغ كبيرة 55 . وسيختلف هذا التحكيم باختلاف
السياسة القطاعية المعنية، حيث أن مبدأ الإنصاف في السياسات الاجتماعية يعد العامل الحاسم مقارنة
بالفاعلية. أما في السياسات الاقتصادية فإن نتيجة التحكيم غالبا ما تكون لفائدة الفعالية.
إن تعدد السياسات القطاعية لا يمكن من القيام بتحليل شامل. لذا، فإن السياسات التي سنتطرق إليها في
هذا الفصل هي تلك التي تلعب دورا مهما في تقليص التفاوتات الجهوية في ما يتعلق بتوزيع أماكن
إنتاج الثروات وتلك التي تساهم في تعزيز المساواة في الفرص المجالية للمواطنين.
أ. القطاعات الاجتماعية
السياسة الصحية
في هذا المجال، يطبق مبدأٌ لإعداد التراب معروف على نطاق واسع ويهدف إلى مراعاة التحكيم ما بين
المساواة في فرص الاستفادة من الخدمات الصحية من جهة وفعالية هذه الخدمات من جهة أخرى.
ويتمثل في ضمان تقديم عرض متنوع من الخدمات الصحية للقرب (وحدات علاج متنقلة، وعمليات
استشفائية من المستوى الأول، ومصالح المستعجلات) فيما تتمركز الخدمات الصحية الأكثر تطورا في
مؤسسات من مستوى عال في التجمعات الحضرية الكبرى. واسترشادا بهذه المبادئ، تقوم وزارة
الصحة بمركزة الوحدات الاستشفائية الكبرى في المدن الكبرى وتقدم الخدمات الصحية للقرب في
المدن المتوسطة والوسط القروي.
إن تقييم مدى الإنصاف في النظام الصحي يعتمد على الوقت اللازم للولوج إلى المرافق الصحية أكثر
من حساب عدد الأسِّرة الاستشفائية أو الأطباء لكل فرد. وسعيا منها لتجاوز هذه المشكلة، شرعت
55 هكذا، يمكن إلى حد كبير تقليص المسافة التي تفصل ما بين المرتفقين ومؤسسات الرعاية الصحية الأساسية، إلا أنه سيتعذر ذلك بشكل كبير
بالنسبة للمراكز الاستشفائية الجامعية.
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 77
وزارة الصحة خلال السنوات الأخيرة في إعداد الخريطة الصحية التي تهدف إلى تخطيط وتنظيم
العرض من العلاجات العمومية والخاصة عبر مجموع التراب الوطني من أجل تحسين فرص
الاستفادة من العلاجات الصحية.
2012 التي – ولتصحيح الاختلالات التي يعاني منها هذا النظام، تبنت وزارة الصحة استراتيجية 2008
ترمي بالأساس إلى ضمان المساواة في الخدمات الصحية ما بين الجهات وما يبن الوسطين الحضري
والقروي وتسهيل الولوج إلى الخدمات العلاجية لفائدة الفئات الأكثر خصاصا، لاسيما الساكنة القروية.
ورغم كون آليات التغطية الصحية تنطلق من منطق تضامني يرتكز على استهداف الفقراء، فقد قام
الذي ينبثق أيضا من منظور إعادة التوزيع الترابي (RAMED) المغرب بإحداث نظام المساعدة الطبية
للخدمات الصحية. وبالفعل، فإن هذه التغطية تعطي الأولوية للعالم القروي ولقاطني الجماعات التي
.% تتجاوز فيها نسبة الفقر 30
إن تحقيق المساواة في مجال الاستفادة من العلاج يتطلب إلى جانب توسعة شبكة المؤسسات الصحية،
توفير تغطية أكبر من الطاقم الصحي المعالج، دون إغفال تزويد المستشفيات بالمعدات والأدوية. لذا،
من الضروري تخصيص نفقات لشقي الاستثمار والتسيير من أجل بلوغ هذا الهدف.
وتعتبر وزارة الصحة من بين الوزارات القليلة التي تتوفر على حسابات وطنية (الحسابات الوطنية
للصحة) تمكنها من جمع معلومات دقيقة حول تمويل القطاع. وتشير « الحسابات الوطنية للصحة » لسنة
2006 إلى أن تكلفة قطاع الصحة بلغت 30,6 مليار درهم، أي ما يعادل 5,3 % من الناتج الداخلي
الإجمالي، تساهم فيها الدولة بمقدار 6,5 مليار درهم ( 21 %) مقابل 17 مليار درهم بالنسبة للأسر
%57 ) و 5,2 مليار درهم بالنسبة لأنظمة التغطية الصحية ( 17 %). وتمكننا هذه الحسابات أيضا من )
تقييم التفاوتات الجهوية في نفقات الوزارة. وهكذا، يظهر تحليل النفقات الإجمالية (دون احتساب
المراكز الاستشفائية الجامعية، والمعاهد والمختبرات الوطنية والإدارة المركزية) حسب الفرد والجهة
(رسم بياني 5.1.3 ) بالنسبة لسنة 2006 فوارق مهمة.
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 78
وبلغت ميزانية وزارة الصحة 10,4 مليار درهم في سنة 2010 ، مرتفعة بنسبة 15 % في المتوسط ما
بين 2007 و 2010 ؛ لتمثل بذلك 4,7 % من الميزانية العامة للدولة في 2010 . وتتوزع هذه الميزانية
بين اعتمادات للاستثمار بنسبة 17 % ومعدات بنسبة 28 % ونفقات الأجور بنسبة 55 % (رسم بياني
6.1.3 ). ورغم حجم المبالغ الكبيرة المرصودة لهذا الركن الأخير من الميزانية، إلا أن العديد من
المستوصفات تظل غير مشغلة نتيجة الخصاص في الطاقم الطبي المعالج.
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 79
السياسة التربوية
تنطبق نفس مبادئ المساواة والإنصاف في مجال التربية والتعليم، حيث تقدم الخدمات التعليمية في
السلكين الابتدائي والثانوي الإعدادي بناء على توزيع جغرافي دقيق من أجل ضمان المساواة في فرص
الاستفادة منه. وبالمقابل، تتمركز مؤسسات التعليم العالي في المدن الكبرى تحقيقا للنجاعة، خاصة وأن
منح مساعدات مالية للطلبة القاطنين في أماكن بعيدة يمكنه حل مسألة المساواة في التوزيع الترابي
لمؤسسات التعليم العالي.
وتظهر مساعدات التسيير والاستثمار لكل تلميذ الممنوحة إلى الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين
2007 أن الجهات المستفيدة على الخصوص من هذه الإعانات هي جهات الجنوب – خلال الفترة 2003
والجهات الأكثر فقرا خاصة تادلة-أزيلال والشاوية-ورديغة ودكالة-عبدة، في ما يبدو أنه نوع من
التمييز الإيجابي المطبق عبر هذه الآلية. غير أنه ينبغي أيضا ملاحظة أن الموارد الممنوحة
للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين قد تعززت بالنسبة لجميع الجهات (رسم بياني 7.1.3
.( و 8.1.3
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 80
وفي إطار مواكبة البرنامج الاستعجالي الذي أُعدّ في الأصل بهدف تجاوز الصعوبات المسجلة في تنفيذ
بعض أهداف الميثاق الوطني للتربية والتكوين لسنة 2000 ، سجلت الاعتمادات المالية الممنوحة
لوزارة التربية الوطنية، والبالغة 41 مليار درهم في سنة 2010 ، ارتفاعا ملحوظا منذ بدء العمل
23 % في سنة 2009 و 7% في سنة 2010 ). وقد شمل هذا النمو نفقات ) بالبرنامج في سنة 2009
الاستثمار 56 (التي ارتفعت بنسبة 12 % في سنة 2010 و 122 % في سنة 2009 ) ونفقات التجهيزات
.( %12 في سنة 2010 و 114 % في سنة 2009 ) (رسم بياني 9.1.3 )
وتجدر الإشارة إلى أن هذا البرنامج يهدف إلى رفع الطاقة الاستيعابية في التعليم الإجباري من خلال
بناء 2.500 حجرة دراسية في السلك الابتدائي ما بين سنتي 2009 و 2012 ، منها 1.700 قاعة في
الوسط القروي، وكذا بناء 720 إعدادية خلال نفس الفترة، 80 % منها بالعالم القروي. كما يرمي أيضا
إلى بناء 650 داخلية في الوسط القروي، أو ما يعادل 73.000 سرير إضافي، ووضع 650 حافلة
مدرسية رهن إشارة التلاميذ.
. 56 بلغت نسبة الاستهلاك 66 % في سنة 2008
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 81
ب. القطاعات الاقتصادية
قطاع النقل والتجهيز
يعتمد تعزيز التنمية الجهوية أيضا على فك العزلة وتكثيف الربط ما بين المدن، كما أن توفر شبكة
طرقية فعالة لا يؤدي فقط إلى زيادة جاذبية الجهات بل يضمن كذلك التجانس الترابي ومحاربة الفقر
من خلال تمكين الساكنة المعزولة من الاستفادة بشكل متكافئ من الخدمات الاجتماعية الأساسية ومن
الولوج إلى الأسواق لبيع إنتاجهم.
وشهدت الشبكة الطرقية بالمغرب تطورا كبيرا، فيما ظل توزيعها إلى طرق وطنية وجهوية وإقليمية
دون تغير ما بين سنتي 2001 و 2008 . ورغم الجهود الحثيثة المبذولة لتوسعتها وصيانتها، تبقى
كثافتها معتدلة نسبيا ( 2,1 كلم لكل 1.000 نسمة) فيما تبدو أوجه التأخر أوضح في الوسط القروي.
وفي الوقت الراهن، تمت برمجة مجموعة من المشاريع في هذا القطاع، يتوقع أن تكون تأثيراتها
إيجابية في مجال التنمية الجهوية. ويتعلق الأمر على الخصوص بالطريق المداري المتوسطي الذي
يربط مدينة طنجة بالسعيدية، والبرنامج الوطني الثاني للطرق القروية والاستراتيجية الوطنية لتنمية
التنافسية اللوجستية.
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 82
ويظهر تحليل نفقات الدولة حسب التبويب الوظيفي 57 لسنة 2008 أن نفقات بند « الطرق والنقل
الطرقي » بلغت 1,1 مليار درهم (منها 20 مليون درهم برسم نفقات التسيير)، مقابل 0,7 مليار درهم
في سنة 2007 . وتصل الميزانية المخصصة لوزارة التجهيز والنقل إلى 6,2 مليار درهم في سنة
2010 ، يخصص 88 % منها للاستثمار 58 . وقد ارتفعت هذه النفقات ما بين سنتي 2007 و 2010
.( بنسبة 22 % كمتوسط سنوي (رسم بياني 10.1.3
السياسة الصناعية
يعد الميثاق الوطني للإقلاع الصناعي بمثابة الإطار الجديد لتطوير الأنشطة الصناعية، بما فيها تلك
في بعده الجهوي (Emergence) ويهدف برنامج إقلاع .(Offshoring) المتعلقة بترحيل الخدمات
إلى إنشاء أقطاب صناعية جهوية، مما سيعزز الإمكانيات الصناعية لمختلف الجهات من خلال تحديد
مشاريع مهيكلة. وسيتم في إطار هذه الأقطاب الجهوية إنشاء مناطق صناعية مندمجة، بهدف الرفع من
جاذبية الاقتصاد الوطني.
ويتميز ميثاق إقلاع بتغطيته الواسعة للتراب الوطني مقارنة بالسياسات الصناعية السابقة. إضافة إلى
ذلك، فقد استفاد بشكل كبير من التجارب المغربية والدولية في هذا المجال التي أثبتت بأن إنشاء
المقاولات لا يرتبط بالمزايا الضريبية الممنوحة بقدر ما يتطلب توفير البنيات التحتية والخدمات
اللوجستية الملائمة والقرب من الأسواق.
57 يتطرق هذا التبويب إلى النفقات المرصودة لوظيفة معينة، أيا كانت الوزارة التي قامت بها. في حالة الطرق على سبيل المثال، فإن وزارة
الفلاحة تتحمل أيضا نفقات بناء بعض المقاطع الطرقية في العالم القروي.
. 58 بلغت نسبة الاستهلاك 64 % في سنة 2008
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 83
لذا، فإن اختيار مواقع إنشاء المناطق الصناعية المندمجة يعتمد على عدة معايير من بينها توفر يد
عاملة مؤهلة تستجيب لاحتياجات الصناعات المعنية، وسهولة الولوج من الناحية اللوجستية وتوفر
رصيد عقاري قابل للاستغلال. ولن تتسنى الاستجابة لمثل هذه المعايير التي من شأنها ضمان نجاح
الاستراتيجية الصناعية إلا في إطار تجمعات حضرية كبيرة الحجم.
ووفقا لميثاق إقلاع، سيتطلب تمويل هذه السياسة الصناعية الجديدة 12,4 مليار درهم على مدار
2015 ). وسيمول هذا المبلغ من طرف وزارة الصناعة والتجارة – السنوات السبع المقبلة ( 2009
والتكنولوجيات الحديثة والوكالة المغربية لتنمية الاستثمار والوكالة الوطنية لإنعاش المقاولات الصغرى
والمتوسطة. وسجلت الميزانية المخصصة لوزارة الصناعة ارتفاعا بنسبة 173 % ما بين سنتي 2008
و 2010 ، وتبلغ حصة الاستثمار 56 % من ميزانية الوزارة 59 ، مقابل 27 % بالنسبة لنفقات الأجور
.( و 17 % للتجهيزات (رسم بياني 11.1.3
59 تم استهلاكها في حدود 68 % في سنة . 2008
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 84
السياسة الفلاحية
يمثل « مخطط المغرب الأخضر » حاليا إطار العمل الجديد للسياسة الفلاحية. ويتضمن ركيزتين،
تستهدف أولاها تطوير فلاحة عصرية من خلال استثمار صناعي ذي إنتاجية عالية؛ فيما تسعى
الركيزة الثانية، ذات الطابع الاجتماعي، إلى رفع المداخيل الفلاحية من خلال تحسين إنتاجية الزراعات
المعيشية.
ويعتبر هذا المخطط استراتيجية ذات بعد جهوي بامتياز. فقد تطلب تنفيذها إعداد مخططات خاصة بكل
جهة تأخذ بعين الاعتبار الخصائص المناخية والجغرافية. وهكذا، تم إنجاز 16 مخططا، ينطلق كل
منها من تشخيص نقاط قوة وضعف القطاع في الجهات المستهدفة. وبذلك، يمكن مخطط المغرب
الأخضر من القيام بتأطير شامل للتراب الوطني. ويتعلق الأمر هنا بمقاربة جديدة تختلف كليا عن
إطار العمل المتبع سابقا من طرف الوزارة والذي كان يعتمد على مفهوم مشروع المجال الترابي
ارتباطا بالأحواض المائية.
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 85
وتتطرق المخططات الجهوية في ذات الآن إلى كيفية الرفع من إنتاج مختلف القطاعات الفرعية
المحددة وتحسين جودة وظروف تسويق الإنتاج، إلى جانب الاهتمامات الاجتماعية الهادفة إلى محاربة
الفقر والهجرة القروية إلى المدن.
ومن أجل تحقيق اندماج جهوي أكبر للقطاع، سيتم إنجاز ستة أقطاب فلاحية (في إطار برنامج
إقلاع). ويتوخى مخطط المغرب الأخضر أيضا تطوير حجم ونوعية العرض من المواد الفلاحية
الأساسية المخصصة للصناعات التحويلية.
وتم أيضا إصلاح حكامة القطاع لمواجهة هذه التحديات الجديدة. ويتعلق الأمر بتعديل صلاحيات
المصالح الخارجية من أجل تعزيز اللاتمركز، وإحداث وكالة التنمية الفلاحية التي ستتولى تنفيذ مخطط
المغرب الأخضر وأخيرا إعادة تحديد مهام الغرف الفلاحية.
وتم إعداد خطة تمويلية لهذا المخطط من خلال تبني السلطات العمومية لبرنامج تمويلي متعدد السنوات
2015-2009 ، الذي حدد مبلغ الدعم الحكومي للاستثمارات في 66 مليار درهم على طول هذه الفترة،
علما بأن المبلغ الإجمالي للاستثمارات الواجب تعبئتها يصل إلى 121,25 مليار درهم. وقد خصص
لوزارة الفلاحة برسم قانون المالية لسنة 2010 غلاف مالي يصل إلى 7,6 مليار درهم، بارتفاع بنسبة
%20 مقابل 58 % في سنة 2009 ، وهي السنة التي عرفت بداية تطبيق المخطط (رسم بياني
12.1.3 ). وقد استفاد بند الاستثمارات 60 بشكل خاص من هذا الارتفاع حيث انتقلت حصته في
. النفقات من 40 % في سنة 2008 إلى 68 % في سنة 2010
60 تم تنفيذها بنسبة 69 % سنة . 2008
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 86
2. وسائل العمل من أجل التنمية الجهوية
سعيا منها لتحقيق فعالية أكبر، تلجأ الدولة بشكل متزايد للمقاولات العمومية من أجل إنجاز استثماراتها
وإلى تبني مقاربة تشاركية على نحو أكبر من خلال البرامج الوطنية التي تساهم فيها كل من الجماعات
المحلية والمنشآت العامة.
من ناحية أخرى، فإن الدولة، من خلال النشاط الذي تقوم به وكالات التنمية الجهوية الثلاث الممثلة في
وكالة تنمية أقاليم الشمال ووكالة تنمية أقاليم الجنوب ووكالة الجهة الشرقية، تستهدف بشكل مباشر
تطوير وتنمية الجهات.
1.2 المنشآت العامة
تلعب استثمارات المنشآت العامة دورا رئيسيا حيث تساهم على الخصوص في تقليص التفاوتات
المجالية في ما يتعلق بتوفير البنيات التحتية الأساسية (المكتب الوطني للكهرباء والمكتب الوطني للماء
الصالح للشرب، إلخ). وما فتئت مساهمة المنشآت العامة في الاستثمار العمومي تتزايد حيث انتقلت من
%45 سنة 2001 إلى 60 % سنة 2009 . ويعزى هذا التوجه في تفضيل إنجاز الاستثمارات من لدن
المنشآت العامة إلى طريقة التدبير الأكثر فعالية التي أبانت عنها هذه الأخيرة. هكذا، بلغت نسبة إنجاز
. استثماراتها 91 % في 2008 في حين بلغت نسبة إنجاز الاستثمارات الوزارية % 73
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 87
1.1.2 نظرة عامة
( في سنة 2008 ، بلغ عدد المنشآت العامة 716 منشأة، وتتكون من المؤسسات العمومية ( 256
والشركات الموزعة ما بين الشركات المملوكة للدولة ( 107 ) والفروع العمومية ( 106 ) والشركات
المختلطة ( 247 ). وقد ارتفع مجموع استثماراتها إلى 66,5 مليار درهم في 2008 ، بزيادة بنسبة
%33,5 مقارنة مع مبلغ 50 مليار درهم المسجل خلال سنة 2007 ، أو بنسبة 270 % مقارنة بمبلغ
، 18 مليار درهم المسجل في 1999 . وبلغت نسبة إنجاز هذه الاستثمارات 91 % بالنسبة لسنة 2008
مسجلة نموا بواقع 12 % مقارنة بنسبة 78,7 % في 2007 . وتشير التوقعات بالنسبة لسنتي 2009
و 2010 إلى بلوغ هذه الاستثمارات غلافا يصل إلى 84,9 و 111 مليار درهم على التوالي.
وخلال سنتي 2007 و 2008 ، شملت هذه الاستثمارات مختلف الجهات، كما يظهر من خلال الرسم
البياني 1.2.3 ، بالرغم من غياب الانسجام في توزيعها. وبالفعل، يمكن بوضوح ملاحظة تركز جزء
كبير من هذه الاستثمارات في ثلاث جهات (الرباط-سلا-زمور-زعير وطنجة-تطوان والدار البيضاء
الكبرى)، فيما بلغ المتوسط السنوي للاستثمارات المخصصة لثمان جهات أقل من مليار درهم.
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 88
2.1.2 الاستثمارات حسب القطاعات
تغطي المعطيات الواردة أدناه ثلاثة مجالات رئيسية وهي: النقل والبنيات التحتية، وإنتاج وتوزيع الماء
والكهرباء إضافة إلى الإسكان والتعمير. ورغم أن هذه المعطيات لا تتسم بالشمولية، إلا أنها تتناول
أبرز المتدخلين الذين تمثل استثماراتهم، في سنة 2008 ، ما يزيد عن 62 % من استثمارات كافة
المؤسسات العمومية. وتصل نسبة هذه الاستثمارات أيضا إلى ما يربو على 94 % من إجمالي
الاستثمارات المرصودة للمجالات الرئيسية الثلاثة السالف ذكرها، وتعكس بنياتها تبعا لذلك طبيعة
الأنشطة التي قامت بها المؤسسات العمومية في هذه المجالات. وبلغت هذه الاستثمارات 41,36 مليار
درهم سنة 2008 ، في حين تشير توقعات وتقديرات الميزانية بالنسبة لسنتي 2009 و 2010 إلى
بلوغها على التوالي 50 و 52 مليار درهم.
2010 ، يتوقع أن تبلغ الاستثمارات المنجزة والمتوقعة 54,61 مليار درهم في – وخلال الفترة 2008
مجال النقل والبنيات التحتية، و 52,32 مليار في مجال توزيع الماء والكهرباء، و 36,60 مليار في
مجال الإسكان والتعمير. وتجدر الإشارة، من ناحية أخرى، إلى أن بعض هذه الاستثمارات تندرج في
إطار مساهمة المؤسسات العمومية في بعض البرامج الخاصة، على غرار مساهمة المكتب الوطني
للماء الصالح للشرب في البرنامج الوطني للتطهير السائل أو مساهمة صندوق التمويل الطرقي في
الشطر الثاني من البرنامج الوطني للطرق القروية.
النقل والبنيات التحتية
تعتبر الاستثمارات في هذا المجال حاسمة بالنسبة للتنمية في المغرب حيث تمكن من تعزيز المكون
اللوجستي وتسهيل المبادلات. ومن بين أبرز المتدخلين في هذا المجال خلال الفترة الممتدة من سنة
2008 إلى 2010 ، نذكر:
• المكتب الوطني للسكك الحديدية: بلغ حجم استثمارات المكتب 3,904 مليار درهم بالنسبة
لسنة 2008 ، وشملت على الخصوص الخط الحديدي الرابط بين طنجة والميناء المتوسطي
وبين تاوريرت والناظور. وبالنسبة لسنتي 2009 و 2010 ، يصل حجم الاستثمارات المتوقعة
إلى 5 و 7,56 مليار درهم على التوالي، وتندرج في جزء كبير منها في إطار العقد
.2015- البرنامج الذي يربط الدولة بالمكتب خلال الفترة 2010
• شركة الطرق السيارة بالمغرب: بلغ حجم الاستثمارات في سنة 2008 حوالي 5,281
مليار درهم وبلغ طول الشبكة الطرقية المنجزة من طرف الشركة 916 كيلومتر مع نهاية
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 89
يناير 2009 . وبالنسبة لسنتي 2009 و 2010 ، تشير تقديرات الميزانية إلى بلوغ هذه
الاستثمارات 6,715 و 6,801 مليار درهم على التوالي، في إطار العقد البرنامج الذي
يربط بين الدولة وشركة الطرق السيارة والهادف إلى بناء شبكة طرق سيارة بطول 1.830
. كلم في أفق سنة 2015
• صندوق التمويل الطرقي: بلغت استثمارات الصندوق 1,524 مليار درهم برسم سنة
2008 ، وتشير التوقعات إلى بلوغها 1,216 مليار درهم في سنة 2009 و 1,759 مليار
. درهم في سنة 2010
• شركة استغلال الموانئ (مرسى المغرب): بلغ حجم الاستثمارات المنجزة 0,524 مليار
درهم في سنة 2008 ، فيما تصل التوقعات بالنسبة لسنتي 2009 و 2010 على التوالي إلى
0,414 و 0,402 مليار درهم. وتخصص هذه الاستثمارات بالأساس لاقتناء المعدات
وتطوير البنيات التحتية لموانئ الدار البيضاء والناظور والجرف الأصفر والعيون وأكادير.
• الوكالة الوطنية للموانئ: بلغ البرنامج الاستثماري للوكالة 1,074 مليار سنة 2008 ، وتتوقع
استثمار ما يناهز 0,664 مليار درهم سنة 2009 و 0,609 مليار درهم في 2010 . وتتعلق
هذه الاستثمارات على الخصوص بميناء الدار البيضاء.
، • المكتب الوطني للمطارات: بلغت الاستثمارات المنجزة 1,584 مليار درهم في سنة 2008
فيما تصل التوقعات بالنسبة لسنتي 2009 و 2010 على التوالي إلى 1,881 و 2,269 مليار
درهم. وتهدف بالأساس إلى تطوير وتحديث معظم المطارات الوطنية.
• مجموعة شركة الخطوط الجوية الملكية المغربية: قامت المجموعة في سنة 2008
باستثمارات بلغت 1,019 مليار درهم، ومن المتوقع أن تصل هذه الاستثمارات خلال سنتي
2009 و 2010 إلى 1,978 و 2,412 مليار درهم على التوالي. وستخصص بشكل رئيسي
لاقتناء طائرات من أجل تجديد الأسطول. وتجدر الإشارة إلى أنه تم إعطاء الانطلاقة سنة
2009 لمشروع يهدف إلى تطوير الرحلات الجوية الداخلية عبر تأسيس فرع يسمى رام
الذي سينجز برنامجا استثماريا لهذا الغرض يصل إلى 1,2 (RAM Express) اكسبريس
مليار درهم.
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 90
إنتاج وتوزيع الماء والكهرباء
من بين أبرز الفاعلين في هذا المجال، نذكر:
• المكتب الوطني للكهرباء: بلغت استثمارات المكتب الوطني للكهرباء 9,977 مليار درهم
برسم سنة 2008 في حين يتوقع استثمار ما يناهر 11,857 و 9,970 مليار درهم على
التوالي بالنسبة لسنتي 2009 و 2010 . وتهدف هذه الاستثمارات إجمالا إلى تعزيز القدرات
الإنتاجية وشبكة النقل والربط الكهربائي مع البلدان المجاورة، وكذا تطوير الطاقات
المتجددة. وتجدر الإشارة إلى أن هذه الاستثمارات تتضمن تلك المرتبطة ببرنامج الكهربة
القروية الشاملة.
• المكتب الوطني للماء الصالح للشرب: بلغت استثمارات المكتب في سنة 2008 ما قدره
3,876 مليار درهم في حين من المتوقع استثمار غلاف مالي يصل إلى 4,241 مليار
درهم و 4,118 مليار درهم على التوالي في سنتي 2009 و 2010 . ويهدف البرنامج
الاستثماري للمكتب إلى تحسين البنيات التحتية في الوسط الحضري، وتعميم التزوّد بالماء
الشروب في الوسط القروي ومواصلة ما تم إنجازه من عمل في قطاع التطهير السائل.
• وكالات التوزيع: بلغ حجم استثماراتها 1,745 مليار درهم سنة 2008 ، ومن المتوقع أن
يصل إلى 3,192 مليار درهم و 3,350 مليار درهم على التوالي في سنتي 2009
و 2010 . وهمت الاستثمارات المنجزة تطوير البنيات التحتية الأساسية (محطات المعالجة،
وقدرات تخزين الماء الشروب، ومراكز تسليم الكهرباء، إلخ) والشبكات، وكذا اقتناء وسائل
تشغيلية.
Aucun commentaire