بدر المقري

كل ميثاق في السيرة الذاتية يوازيه ميثاق في السيرة الموضوعية. ولعل المتلقي يدرك ذلك في ما سأرويه له:
(بعثت في يناير 2010 رسالة إلكترونية إلى الأستاذ محمد عابد الجابري رحمه الله، أدعوه فيها إلى تقديم محاضرة أكاديمية بمدينة وجدة. وقد رويت له، من باب التشويق وخشية أن يغض الطرف عن الدعوة، قصة طريفة وقعت لي معه أيام الصبا: فقد رافقت والدي العزيزين في منتصف شهر مارس 1976، إلى تجمع غفير غصت به جنبات سينما فوكس بوجدة….وقد كان في منصة التجمع، محمد عابد الجابري ومحمد اليازغي ومصطفى القرشاوي…ومما ترسخ في ذهني أن والدي أخذ بيدي وقادني بعد أن انفض الجمع، إلى السلام على الضيوف الثلاثة…ولا أزال أتذكر أن الجابري سألني عن اسمي العائلي والشخصي، ثم استفسرني بحزم عن اختياري في الدراسة، هل سأتخذ سبيلي إلى العلوم أم إلى الآداب…فقلت بخجل: لا أعرف…ربت الجابري كتفي وقال: لا بأس عليك، لأن الإنسان الذي لا يخطأ إنسان جامد…
وكم كانت دهشتي كبيرة عندما أجابني الجابري في رسالة إلكترونية مقتضبة: أخي بدر… ذكرتني بالمكان الجميل وبالزمان الجميل…سألبي دعوتك لإلقاء محاضرة في وجدة بمجرد ما تتحسن صحتي، ثم أنزل إلى فجيج لزيارة الإخوان…كان ذلك في يناير 2010، وقدر الله أن يلتحق الجابري بالرفيق الأعلى يوم 3 ماي 2010…).
فعسى أن يكون ميثاق السيرة الذاتية، باب ميثاق السيرة الموضوعية، فيما يتصل بجوانب من ارتباط محمد عابد الجابري، إبن فجيج، بمدينة وجدة.
وعلامات ذلك، ثلاث:
1- كان الجابري سنة 1950، أحد تلاميذ مدرسة حرة، وضع أسسها بدرب العربي بوجدة سنة 1947، مربي الأجيال الأستاذ مصطفى المشرفي رحمه الله (1914-1959). وقد روى الجابري بعض ذلك في كتابه (حفريات في الذاكرة من بعيد، مركز دراسات الوحدة العربية-بيروت-ط2-2004 ، ص119-138). وقد أخطأ الجابري في اسم المدرسة، إذ هو زيري بن عطية، وليس التهذيب.

2- انتسب الجابري في بطاقة التعريف الصادرة سنة 1956 تحت رقم 6064، إلى مدينة وجدة.
3- كتب الجابري في جذاذة، لما كان مقيما في دمشق حوالي 1958-1959، رسالة قصيرة بالأمازيغية إلى جدته، يقول فيها: (بلادنا تشبه وجدة).