تاريخ سهل أنجاد وثقافة سكانه (15)
تاريخ سهل أنجاد وثقافة سكانه (15)
الأستاذ: الفيلالي عبد الكريم
ذاكـرة الأمــكـنة
كنت قد نشرتُ مقالا سنة 2002 بعنوان: « النقطة الحدودية بين المغرب والجزائر«زوج بغال»: ذاكرة الاستعمار »[1]، فعنَّ لي إعادة نشره هنا مع توسيع المجال للتعريف بأمكنة أخرى لها دلالات تاريخية وتشكل ذاكرة لسكان المنطقة.
وتشكل مدينة وجدة أهم معلمة حضرية في بسيط أنـﯕاد، وفي الحقيقة قد مرت بمراحل طويلة في تاريخها، وقد تعرّضت للغزو والتدمير أكثر من مرة، وكان يعاد ترميم أسوارها، وسأحاول أن أعالج موضوعها بشكل مختصر، لأنه قد خُصّصت لها دراسات كثيرة.
1- مدينة إيسلي:
أشارت مجموعة من المصادر التاريخية إلى مدينة إيسلي، ومما ذكره صاحب الاستبصار قوله: «إيسلي: مدينة شرقي أرْشُجُول بمقربة من منها؛ وكانت مدينة قديمة عليها سور من صخر، وكانت حصينة ولها نهر يسقي بساتينها وثمارَها»[2].
وتحدث الحسن الوزان (كان حيا سنة 957ﮪ) عن القصر ووَصفَ حاله، إذ قال: «هو قصر قديم شيّده الأفارقة في سهل يحاذي القفر السابق، وتحيط به بعض الأراضي التي يزرع فيها الشعير والدُّخْن. وكان في القديم كثير السكان محاطا بأسوار متينة دُمّرت أثناء الحروب، فأمسى خاليا بعض الوقت، ثم سكنه من جديد رجال يعيشون على طريقة الزهاد المنقطعين، ويتمتعون باحترام كبير من ملك تلمسان ومن الأعراب، وهم يقدمون الطعام والشراب في غالب الأحيان مجانا وبسماحة إلى كل من مر من هناك، ولا يشتمل القصر إلا على أكواخ سيئة ذات جدران من الطين وسقوف من القش، ويمر بقربه جدول ماء يسقي المزروعات، إذ لا ينبت أي شيء في هذه البلاد دون سقي لشدة الجفاف».[3]
فالقصر قريب من وادي إيسلي، بدليل استمرار حمل الوادي لهذا الاسم، ويبدو أن القصر يوجد غرب وجدة بدليل حديث ابن الحاج النميري عنه بعد وجدة أثناء قدومه من تلمسان، ورد في رحلته: «فكان نزول مولانا السلطان بإيسلي والشمس مشرقة كالأفراح، حاسرة نقاب الغيم عن وجهها الوضاح، والسحب قد .. بعد الانفساح، والأنواء قد كتمت أسرار سقياها بعد الافتضاح»[4].
[1] ـ بيان اليوم. العدد: 3627. التاريخ: 9 أبريل 2002. ص: 3.
[2] ـ الاستبصار في عجائب الأمصار. لكاتب مراكشي من القرن السادس الهجري. تحقيق: سعد زغلول عبد الحميد. دار النشر المغربية. الدار البيضاء. 1985. ص: 134. وعنه نقل الحميري في: الروض المعطار في خبر الأقطار. تحقيق: إحسان عباس. مكتبة لبنان. ط: 2. 1984. ص: 58.
[3] ـ وصف إفريقيا. الحسن الوزان. (م س). 2/12.
[4] ـ فيض العباب وإفاضة قداح الآداب في الحركة السعيدة إلى قسنطينة والزاب. ابن الحاج النميري. تحقيق محمد بن شقرون. دار الغرب الإسلامي. بيروت. ط: 1. 1990. ص: 490.
Aucun commentaire