كلمة السيد الكاتب العام لولاية جهة الشرق الخاصة بندوة « العقار والتعمير والاستثمار »
كلمة السيد الكاتب العام الخاصة بندوة
« العقار والتعمير والاستثمار »
من 25 إلى 27 نونبر 2016
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين.
– السيد رئيس جامعة محمد الأول؛
– السيد رئيس مجلس جهة الشرق؛
– السيد رئيس المجلس العلمي المحلي؛
– السيد رئيس مركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية بوجدة؛
– السيد عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية؛
– السيد رئيس شعبة القانون الخاص؛
– السيد منسق ماستر قانون العقود والعقار؛
– السيد رئيس مخبر الأنظمة المدنية والمهنية؛
– السيد رئيس المجلس الجهوي للموثقين؛
– السيد رئيس المجلس الجهوي للعدول؛
– السيد رئيس جمعية المجزئين والمنعشين العقاريين بوجدة؛
– السيدات والسادة الأساتذة الأجلاء؛
– أعزائي الباحثون والطلبة
حضرات السيدات والسادة
يشرفني أن أشارككم اليوم انطلاق أشغال هذه الندوة العلمية برحاب هذا الفضاء العلمي الرائع، وأود في البداية أن أرحب باسم السيد والي جهة الشرق بكافة المشاركين والحاضرين معنا وضيوف وجدة الكرام، والذين يترجم تواجدهم اليوم اهتمامهم بالقضايا الأساسية للمجتمع.
كما أود أن أشكر جميع الذين سهروا على حسن تنظيم هذه الندوة وعلى رأسهم القائمين على رئاسة جامعة محمد الأول وعلى كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بوجدة التي تعتبر بالمناسبة من أوائل كليات الحقوق بالمغرب، والتي تخرج على يد أساتذتها الأجلاء آلاف الطلبة في فرعي القانون والاقتصاد، وتواصل حاليا حمل المشعل من خلال تخصصات جديدة في سلكي الماستر والإجازة المهنية تواكب متطلبات المجتمع وحاجيات الإدارة وسوق الشغل.
كما لا يفوتني أن أشيد بحسن اختيار موضوع هذه الندوة وأهميته، حيث يلامس ثلاث محاور من أهم ما تشغل المجتمع ألا وهي: العقار والتعمير والاستثمار.
ولعل كل كلمة في هذا العنوان العريض يمكنها أن تشكل موضوعا لأكثر من ندوة بالنظر لأهمية هذه المواضيع وراهنيتها بالنسبة للمجتمع المغربي.
حضرات السيدات والسادة؛
إن بلادنا تعرف نهضة تنموية واجتماعية غير مسبوقة منذ اعتلاء صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله وأيده، عرش أسلافه الميامين.
ومن أهم المجالات الترابية التي شملتها هذه النهضة جهة الشرق، خصوصا منذ خطاب 18 مارس 2003، الذي أسس لمبادرة ملكية سامية لتنمية الجهة، والتي مكنتها من أن تصبح في ظرف وجيز قطبا تنمويا واعدا يحفل بإمكانات كبيرة.
ولقد كان للسياسة العقارية والتعمير وتدبير الاستثمار الأثر البالغ لمناحي هذه النهضة، إضافة إلى البنيات التحتية وتأهيل العنصر البشري.
حضرات السيدات والسادة؛
إن أهم تحديات عصرنا الراهن هو تحقيق التنمية بمختلف مظاهرها وتجلياتها، ولعل خلق فرص الشغل وجلب الاستثمار يبقى أهم مرتكزات تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية ببلادنا.
وهنا لا بد من وقفة تأمل لتحديد المقصود بالاستثمار، فالأمر يتعلق بتوظيف مختلف الآليات الكفيلة بخلق الثروة وفرص الشغل والإنتاج، سواء تعلق الأمر برساميل وأصول مالية أو خبرات ومعارف وتقنيات أو قدرات تدبيرية…
والاستثمار لكي يكون متاحا ومنتجا يتعين أن تحتضنه بيئة مناسبة ومساعدة ومحفزة، لعل أولى مرتكزاتها الأمن والاستقرار بمفهوميهما الشمولي والقطاعي، أي الأمن العام وما يتفرع عنه من صنوف الأمن الأخرى، كالأمن القضائي والأمن العقاري…
وإن كل مشروع، فضلا عما تقدم، لكي يكتب له النجاح والسؤدد، هو في حاجة على الأقل إلى ثلاثية العقار، التمويل والتكوين
((le Foncier, le financement et la formation Les trois F.
وإن بلادنا عموما وجهة الشرق على الخصوص قد تبنت بنجاح هذه الرؤية وهذا التوجه، بحيث أنها توفر كافة الشروط الكفيلة بإقامة وإنجاح المشاريع الاستثمارية، في محيط جهوي وإقليمي ودولي يتميز بتنافسية شديدة، من خلال تعبئة العقار العمومي وسلاسة النظام المالي وتوفير يد عاملة مؤهلة ذات تكوين جيد في تخصصات مختلفة، فضلا عن التدابير التحفيزية، لا سيما في تهيئة المناطق الصناعية والتحفيزات الضريبية المتعلقة بالمناطق الحرة وبفضل المجهودات المبذولة من طرف مجلس الجهة ومختلف الفاعلين المحليين، مما كان له إسهام كبير في تشجيع وتحريك عجلة الاستثمار الداخلي، وجلب استثمارات نوعية في مجالات متعددة…
حضرات السيدات والسادة؛
لقد أضحى العقار يكتسي أهمية بالغة في وقتنا الحاضر نظرا للطلب المتزايد عليه في مختلف المجالات، سواء كان ذلك لغرض السكن أو الاستثمار والأنشطة الاقتصادية أو الفلاحية، إذ أنه يظل قطب الرحى بالنسبة لأي نشاط اقتصادي، وهو ما يتطلب منا نهج سياسة عقارية تتوخى تحقيق الأهداف الاستراتيجية للدولة وللجماعات الترابية وتبني رؤية استباقية لتوفير احتياطات عقارية استراتيجية تمكن في المستقبل من إنجاز مشاريع وتحقيق استثمارات مهيكلة برأسمال عمومي أو خاص أو بشراكة بينهما معا.
وهذا ما أكد عليه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله وأيده، في رسالته السامية الموجهة إلى المشاركين في المناظرة الوطنية حول السياسة العقارية، بتاريخ 08 ديسمبر 2015، حيث قال جلالته في هذا الشأن:
« إن العقار يعتبر عامل إنتاج استراتيجي، ورافعة أساسية للتنمية المستدامة بمختلف أبعادها. ومن ثم، فالعقار هو الوعاء الرئيسي لتحفيز الاستثمار المنتج، المدر للدخل والموفر لفرص الشغل، ولانطلاق المشاريع الاستثمارية في مختلف المجالات الصناعية والفلاحية والسياحية والخدماتية وغيرها.
وبالإضافة إلى ذلك، فهو محرك ضروري للاقتصاد الوطني، لأنه يوفر الأرضية الأساسية لإقامة مختلف البنيات التحتية، والتجهيزات العمومية. كما تنبني عليه سياسة الدولة في مجال التعمير والتخطيط العمراني، وهو الآلية الأساسية لضمان حق المواطنين في السكن » (انتهى النطق الملكي السامي).
حضرات السيدات والسادة؛
إن تعدد الأنظمة العقارية بالمغرب، بين أملاك خاصة وعامة وبين أملاك خاصة وعامة للدولة وللجماعات الترابية، وأراضي سلالية وأملاك حبسية وعقارات وقفية وعقار غابوي وبين عقار محفظ وعقار غير محفظ…، يطرح إشكالية التدبير الجيد للوعاء العقاري، وتعبئة وتنمية الأرصدة العقارية وجعلها في خدمة الاستثمار والتنمية والمجتمع والساكنة والبحث عن التوازن بين مختلف هذه المتطلبات من خلال سياسة عقارية فعالة وناجعة.
ولتحقيق ذلك لا بد من انتهاج سياسة محكمة في مجالي التعمير وتهيئة التراب، تستحضر التوزيع المجالي للأنشطة الراهنة وتستشرف حاجيات المستقبل في تناغم تام مع ما يفرضه كل ذلك من تحقيق تنمية مستدامة، ترتكز على مقومات المجال المادية منها واللامادية ونقط القوة فيه وتروم في نفس الوقت تطوير تنافسيته وإنتاجيته.
حضرات السيدات والسادة؛
وعيا من وزارة الداخلية بالعقار وأهميته القصوى في المجتمع والاقتصاد، فإنها عملت سنة 2014 على تنظيم حوار وطني حول الأراضي الجماعية، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، تحت شعار « الأراضي الجماعية. من أجل تنمية بشرية مستدامة »، احتضنت مدينة وجدة لقاءه الجهوي الأول (يومي 1-2 أبريل 2014).
وقد جاء تنظيم هذا الحوار الوطني في إطار النقاش المجتمعي حول الإشكالات المثارة بشأن واحدة من القضايا الأساسية بالمجتمع، ألا وهي الأراضي الجماعية، التي يتجاوز رصيدها 15 مليون هكتار، بعدد جماعات سلالية تتجاوز 4500 جماعة سلالية.
فالأراضي الجماعية، بحكم تنوع استعمالاتها واحتضانها لأنشطة مختلفة، واستيعابها ليد عاملة كبيرة، ومساهمتها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، أصبحت تستلزم أكثر من أي وقت مضى تدبيرا عقلانيا في إطار مقاربة شمولية تأخذ بعين الاعتبار مصالح المنتسبين للجماعات السلالية وكذا شروط التنمية المستدامة.
حضرات السيدات والسادة؛
لقد تسربت إلى المجال العقاري شوائب عدة من قبيل المضاربة العقارية، والترامي على ملك الغير، والاعتداء المادي، وكل الاختلالات والنقائص التي ترافق نزع الملكية لأجل المنفعة العامة، مما يفرض تعزيز الأمن العقاري وتحصين الملكية العقارية وجعل العقار رافعة للتنمية وليس مصدرا للنزاعات أو عائقا للاقتصاد والمجتمع.
لذا فإن الجميع من سلطات ترابية وقضائية ومصالح إدارية ومجالس منتخبة، مدعو، كل من موقعه ومسؤولياته، للعمل على حماية الملكية العقارية وتحصينها، والسعي لحسن تدبير العقار خدمة للمواطن وتعبئته لتشجيع الاستثمار وخلق فرص الشغل وتحقيق التنمية.
وأستغل هذه المناسبة للتأكيد على التزام سلطات الولاية والمركز الجهوي للاستثمار، بتعاون مع كافة الشركاء، بدعم ومساعدة جميع المشاريع الاستثمارية التي تعود بالنفع على الساكنة والاقتصاد الجهوي والوطني.
ولا يسعني في الختام إلا أن أتمنى لندوتكم هاته كامل النجاح، والخروج بتوصيات عملية تخدم مستقبل الجهة.
وفقنا الله جميعا لما فيه خير بلادنا تحت القيادة الرشيدة لمولانا صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله وأيده.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
Aucun commentaire