« الرياضة النسوية رافعة للتنمية » أكاديميون وباحثون يناقشون واقع الرياضة المغربية بصيغة المؤنث
ميلود بوعمامة
نظمت جمعية الشباب المتفائل بتعاون مع فريق الاتحاد الرياضي الإسلامي الوجدي لكرة اليد يوم الجمعة 29 ماي المنصرم ندوة وطنية تحت شعار « الرياضة النسوية رافعة للتنمية – الاتحاد الرياضي الوجدي نموذجا »، وذلك بمشاركة خبراء وأكاديميون مغاربة أغنوا بتجاربهم الطويلة في القطاع الرياضي فقرات الندوة ووضعوا بالتالي اصابعهم على مكامن الخلل الذي يعتري هذا المجال في غياب تام لسياسة رياضية وطنية واضحة المعالم في أجندة المسؤولين المتعاقبين على دواليب هذا القطاع الحيوي والمحوري في الآن نفسه.
تخللت الندوة، خمس مداخلات علمية وتقنية مهمة للغاية، شكلت لذى الطلبة الباحثين الشباب المهتمين بالتسيير والتدبير الرياضيين بمختلف الكليات والمدارس العليا المتخصصة في الرياضة فضاء خصبا و متنفسا، بالاضافة لحضور جمهور غفير غصت به قاعة المدرسة العليا للهندسة.
تناولت في بداية الندوة الجمعوية فاتن بربوشة رئيسة جمعية الشباب المتفائل الكلمة التي تخللتها فكرة تنظيم هذا اللقاء الوطني حول الرياضة النسوية، وعرجت بالمناسبة على مسارات المرأة الرياضية المغربية من خلال سرد أسماء عدد من البطلات المغربيات اللواتي حققن نتائج مبهرة في مسارهن الرياضي ك :نوال المتوكل وفاطمة عوام ونزهة بدوان والزهرة واعزيز وحسناء بنحسي في ألعاب القوى، ومنى بنعبد الرسول في التيكواندو، ونعيمة غواتي في الجومباز، وبهية محتسن في التنس، ووفاء العمري وهند بهاجي في الشطرنج، وسارة البكري في السباحة وغيرهن من النماذج النسائية الرياضية الناجحة.
سميرة العبدي، الخبيرة في القانون والتدبير الرياضي، والمديرة الإدارية السابقة لنادي المولودية الوجدية لكرة القدم استطاعت في مداخلتها القيمة تشريح الوضع الرياضي النسوي في بلادنا، إنطلاقا من بحث أكاديمي اعتمدت فيه على الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والقانونية والإدارية للممارسة الرياضية بدءا من التسيير الإداري و التقني للفرق والنوادي الرياضية الوطنية، وكذا ضعف الإمكانيات المرصودة لهذه الفئة الممارسة للرياضة، وطرحها بالمناسبة بعض الإكراهات البنيوية التي تقف حجرة عثرة في وجه الرياضة النسوية بالرغم من ما أنجز من إنجازات في هذا الإطار، لتخلص في الأخير لمجموعة من الإجراءات العملية (العلمية والتقنية) التي تستهدف هذا القطاع للرفع من تطويره وتجويده، وتبقى المرأة حجر الزاوية في المنظومة الرياضية المغربية سواء في التسيير أو الممارسة.
بينما اليزيد سعادي، عضو الاتحاد الدولي والإفريقي لكرة اليد، أشار إلى الدور الذي لعبه الطاقم الإداري والتقني لفريق الاتحاد الرياضي الإسلامي الوجدي لكرة اليد إناث، الفريق الذي كان مغمورا في بداية مشواره، لكن عاملي التحدي والإصرار جعل الفريق يتحدى كل الصعاب لأجل تحقيق نتائج استثنائية جهويا ووطنيا ودوليا، وذلك بإمكانيات جد ضعيفة وفي ظرف قياسي قلما تحققه فرق وطنية عريقة في هذا المجال. وأبرز سعادي من جهته الظروف الصعبة التي رافقت هذا الفريق استعدادا للمشاركات الدولية، وقال : « كنت من بين الأعضاء الجامعيين الذي وقف ضد طموحات هذا الفريق الفتي وكنت أظن أنه لا يمكن أن يسير بعيدا في البطولات الدولية بحكم حداثة تأسيسه و سن لاعباته وغياب التجربة والاحترافية، لكن بعد ذلك إتضح العكس، و ذلك من خلال متابعته عن كثب في هذه المنافسات، لما له من حماسة و ندية، و بالتالي توفره على كل مقومات الفريق المهيكل الذي يعي الأمور باحترافية وبعد نظر، خاصة أن المكتب المسير وفر كل الظروف المالية والإدارية والتقنية للاعبات، وكان الطموح والتحدي أقوى و أجدر- يضيف سعادي – من قرارات بعض المسؤولين في الجامعة الملكية المغربية لكرة اليد.
وبعد هذه التجربة المريرة للفريق الذي يقوده إطار إداري مغربي شاب يعي جيدا مدى المسؤولية الملقاة على عاتقه وتخطيه كل الصعاب لتحقيق المنجزات منها : وصيف بطل العرب بالبطولة العربية للأندية البطلة بأبو ظبي الإمارات العربية المتحدة شتنبر 2013، و المرتبة الثالثة في دوري المجموعات بالبطولة لعربية للأندية الفائزة بالكأس بالمهدية بتونس مارس 2014، و وصيف بطل المغرب (بطولة وكأسا) غشت 2014، و شارك الفريق الاتحاد الرياضي الإسلامي الوجدي الذي يتوفر على مدرسة لتكوين الفئات الصغرى (فئات الصغيرات والفتيات التي يتجاوز عدد الرخص 256 فتاة وهي سابقة بالمغرب)، حيث يعمل النادي على إدماج فتيات الأحياء الهامشية إيمانا منه بدور الرياضة في التنمية المستدامة.
مداخلة نوفل قريش، رئيس الاتحاد الرياضي الإسلامي الوجدي لكرة اليد إناث (أصغر مسير لكرة اليد بالمغرب)، ركز فيها على الدور الذي يمكن أن تلعبه الرياضة النسوية في التنمية، وخلق دينامية رياضية داخل الأحياء المدارية من خلال إدماج عدد كبير من الفتيات ضمن الفريق سعيا لتطعيمه بعناصر جديدة تسير بالنادي نحو الاحترافية في المحافل الوطنية والدولية، وبالتالي إبعادهن عن بعض السلوكات التي يمكن أن تنجم عن انقطاع بعضهن عن الدراسة.
فرياضة كرة اليد يضيف قريش إحدى الأنواع الرياضية التي تمارس داخل القاعات المغطاة، فلهذا تسمح بعض العائلات فقط بإدماج هذه الشريحة في اطار الممارسة الرياضية الاحترافية، وكذا السفر بهن خارج مدنهن من أجل التباري وتحقيق الإنجازات، والإكراه الوحيد الذي نعيشه – يضيف قريش – هو ضعف الإمكانيات المالية التي تؤرق النادي في المشاركات و الوطنية و الدولية، هذا بالإضافة إلى بعض العائلات التي لا تسمح لبناتها السفر إلى الخارج، وهو الإكراه الذي نعيشه أحيانا بحكم أن المنطقة الشرقية من المناطق المحافظة التى لا تسمح بسهولة لممارسة الفتيات الرياضية، بالرغم من أن المنطقة الشرقية عرفت رياضيات مشهورات في مجالات رياضية مختلفة.
بينما مداخلة كيفن ديكو، مدرب المنتخب الوطني الغيني لكرة اليد إناث، والخبير الدولي في اللعبة، أشار من جهته أن رياضة كرة اليد النسوية بالدول الإفريقية تعرف بعضا من التطور، وتحتاج لتربة خصبة (ظروف سليمة للممارسة الرياضية) منها : البنيات التحتية المناسبة و الأطر التقنية المحترفة والقوانين المؤطرة لهذه الرياضة تأطيرا و ممارسة، مبرزا ما حققته منتخبات وفرق إفريقية معروفة ومنها الاتحاد الرياضي الإسلامي الوجدي لكرة اليد إناث نموذجا.
Aucun commentaire