ارتسامات مشارك سابق في الإحصاء العام للسكان والسكنى .
شاركت كمواطن مغربي في الإحصاء العام للسكان والسكنى الذي نظمته المندوبية السامية للتخطيط سنة 2004 والذي كان يروم وقتئذ تحليل الأوضاع الديموغرافية والسوسيو – اقتصادية للساكنة ، واستغلال النتائج المتوصل إليها في وضع المخططات الاقتصادية والاجتماعية ووضع السياسات العمومية .
كانت دوافعي للمشاركة في هذا الإحصاء متعددة ، لكن يبقى الدافع المعرفي من أهم الدوافع ، فالمشاركة في الإحصاء تمكن من معرفة منطقة البحث على جميع الأصعدة جغرافيا وبشريا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا .
تلقيت ككل المشاركون في بداية الأمر تكوينا نظريا وعمليا حول الإحصاء تحت إشراف زملاء لنا من قطاع التعليم والمندوبية السامية للتخطيط ، فقد كنا نتقاسم المعلومات فيما بيننا بكل ديموقراطية ، وندلل كل العقبات بشكل جماعي .
انطلقت عملية الإحصاء في بداية شهر شتنبر 2004 بعد تقسيم المشاركين إلى فئتين : فئة تعمل بالعالم الحضري وفئة تعمل بالعالم القروي .كما تم تشكيل مجموعات ، وتتكون كل مجموعة من ثلاثة باحثين ومراقب ،تشتغل ضمن مجال جغرافي محدد ، ووفرت لها كل الإمكانيات البشرية والمادية واللوجستيكية للقيام بعملها على أكمل صورة .
تم تكليفي بالبحث في منطقة تندرارة الشرقية ، وهي مساحة واسعة جدا تمتد إلى الحدود الجزائرية شرقا ، وقد تعرفت خلال البحث على مواقع لم يسبق لي قط أن سمعت بها سواء في كتب التاريخ أوالجغرافيا أو في نشرات الأخبار ، كما تعرفت على قبائل المنطقة وهي قبائل تنمي الى كونفدرالية بني كيل ، واذكر من هذه القبائل أولاد فارس و أولاد علي بن ياسين وأولاد علي بن لحسن ولعلاونة ….الخ
كنا خلال البحث نستيقظ باكرا ، ونتوجه على متن السيارة المخصصة لنا رفقة السائق الى المكان المحدد بتنسيق مع السلطات المحلية ، وكان البدو يستقبلوننا بالحفاوة والكرم الحاتمي ، في خيامهم المصنوعة من شعر الماعز ، لتقيهم قساوة الطبيعة .
كان العمل جماعيا ، فعمل الفريق يقتضي منا الاشتغال كفريق النحل دون اتكالية أو تقصير أو تهاون ، لهذا تمكنا من انجاز العمل المطلوب منا كباحثين في ثلثي المدة .
بعد انتهاء عملية الإحصاء كنت ازور مقر عمالة إقليم فجيج ببوعرفة للحصول على المعطيات المتعلقة بالإحصاء الذي شاركت فيه بحماس ، فالمعطيات الرسمية مهمة لمعرفة أوضاع الساكنة بالنسبة لكل الفاعلين ، إلا أنني كنت أجد الأبواب موصودة أمامي ، فهناك تكثم شديد على المعلومات ، كأن الأمر يتعلق بسر من أسرار الدولة التي يجب حراستها من الأشرار وذوي النيات السيئة .
مرت عشر سنوات على إحصاء 2004 وجاء إحصاء 2014 – المندوبية السامية للتخطيط تنظم الإحصاء كل عشر سنوات – وبينما أنا ابحث في إحدى المكتبات بوجدة – وهي مكتبة متخصصة في بيع الكتب القديمة والمستعملة بالكيلو – وقع نظري على تقارير تتعلق بالإحصاء بالجهة الشرقية ، وتقارير خاصة بكل اقليم على حدة ، كان من ضمنها تقرير يتعلق بالمميزات الديموغرافية والسوسيو – اقتصادية لسكان اقليم فجيج ، استفسرت عن الثمن فكان الجواب 5 دراهم سلمتها للكتبي دون مفاوضة وأنا مسرور بهذا الكنز الثمين الذي وجدته .
تأبطت الكتاب وانصرفت لحال سبيلي ، حمدت الله أنني لم أشارك في الإحصاء هذه السنة ، فلو أنني شاركت هذا العام لكانت المهانة أفظع ، فبيع التقارير بالكيلو هو استخفاف وتحقير وتبخيس لمجهودات كل من ساهم في العملية ، كما حمدت الله أيضا أنني لم أترشح للمشاركة هذا العام ، فمن يدري لو أنني قدمت ترشيحي سيتم حذفي كما حدث بالنسبة لراغبين في المشاركة من أسفي ومدن أخرى .
هذه بعض الارتسامات حول إحصاء 2004 رغبت أن أتقاسمها مع الجميع ، وفي الأخير وبمناسبة الإحصاء العام للسكان والسكني لسنة 2014 ، ومن أجل ضمان نجاح العملية ، ولتحقيق أهدافها على المدى القريب والمتوسط والبعيد فإنني أتوجه إلى المندوبية السامية للتخطيط باعتبارها راعية الإحصاء ومعها الحكومة المغربية إلى الالتزام بما يلي :
– تقديم تقارير وطنية وجهوية ومحلية حول الإحصاء عبر الندوات الصحفية ومن خلال وسائل الإعلام ومدها لكل المعنيين .
– تقديم شواهد تقديرية لكل المشاركين اعترافا بمجهوداتهم ، وعدم اختزال الاعتراف في الجانب المادي المحض – تسليم نسخ من التقارير لكل المشاركين والمنظمات والإعلاميين والمكتبات تيسيرا لسهولة الوصول إلى المعلومات .
الصديق كبوري / مشارك في إحصاء 2004.
2 Comments
بداية تحية لجميع أسرة التعليم المشاركين في عملية الاحصاء.
و تحية للاخ الصديق كبوري لتقاسم تجربته.
من خلال تجربتي السابقة في عملية الاحصاء السابقة سأدلي ببعض الملاحظات.
بداية العملية بالنسبة للياحث فيها الكثير من المعيقات قد تصل في بعض الاحيان الى الاهانة و اهدار كرامة الباحث خاصة في يعض المناطق حيث يترك الباحث في مواجهة انماط من الناس يتلذذون بإهانته ( الله يسهل- بدل ساعة بأخرى – مادقش عليا فهاذ الساعة … ) بالاصافة الى كلمات لا استطيع ذكرها خاصة من بعض الشباب الذي يعتقد انه بإهانته للباحث فإنه يوصل رفضه للواقع الذي يعيشه.
استعانة السلطات بالخطافة في المناطق القروية و سيارات لا تتوفر على وثائق.
اضطرار الباحث اثناء العمل الميداني للتزود بالماء و بعض السندويتشات خاصة اذا رأى المقدم أو الشيخ يتدخل بطرق فضة ليفرض على هذا المنزل أو ذاك توفير غذاء للباحث.
لذا قررت ان لا أشارك هذه السنة فس العملية.
الا ان التجربة ايضا فتحت أعيني عن بعض الحالات الاجتماعية التي قد تبكي ( كاراجات تابعة للمتاجرين في الهجرة السرية يقطن بها بشر خاصة الافارقة بالعشرات – مساكن بها أشخاص من خارج المنطقة بالعشرات – نساء أرامل مع اطفال بدون عائل – اطفال يتامى بدون ابوين – مراحيض للسكن ….)
مغرب اخر لا تراه كل يوم بل تسمع عنه فقط…
شاركت في إحصاء ات سابقة ،غالبا ماتدفعني مفاهيم غير مثالية ،وأشارك هذه السنة لأصحح تلك المفاهيم ،وخاصة أني مقدم على إحصاء أحياء عشوائية تذكرني بالماضي ،كما يمكن أن
أتعلم فيهاالنقد الذاتي ومصادفة مواقف أخرى